«ميدان الثقافة» بوابة تربط بين الماضي والحاضر في جدة التاريخية

معلم حضاري كبير رُوعي في تنفيذه الصحة العامة وتعزيز الاستدامة البيئية

يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)
يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)
TT

«ميدان الثقافة» بوابة تربط بين الماضي والحاضر في جدة التاريخية

يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)
يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)

يشكل «ميدان الثقافة» الذي أطلقه «برنامج جدة التاريخية»، التابع لوزارة الثقافة السعودية، بوابةً تربط بين الماضي والحاضر من خلال موقعه المميز الذي عكس تصميمه ووظائفه هذه الثنائية الزمنية ليمثل معلماً حضارياً كبيراً كإحدى الوجهات الثقافية المهمة بالمدينة الساحلية جدة (غرب السعودية).

ويأتي المشروع في إطار جهود إعادة إحياء المنطقة التاريخية، وتعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات الفنية والثقافية، وبما يوفر تجارب ثقافية وفنية ثرية متنوعة، تعزز من تجربة الزوار، وتسهم في جعل المنطقة وجهةً سياحيةً عالميةً، وذلك تماشياً مع «رؤية المملكة 2030».

يعد متحف «تيم لاب» الأول من نوعه ويقام وبشكل دائم في منطقة الشرق الأوسط (واس)

ويقع «ميدان الثقافة» الذي يضم مركز الفنون المسرحية (مسرح وسينما)، ومتحف الفنون الرقمية «تيم لاب بلا حدود» (حاصل على جائزة مكة للتميز في فرع التميز الثقافي)، على ضفاف بحيرة الأربعين، ويطل على منطقة جدة التاريخية.

ويقدم مركز الفنون المسرحية فعاليات ثقافية متنوعة تشمل عروضاً مسرحيةً، ومهرجانات عالمية، ودور سينما، وجلسات تجسد أجواء «المركاز»، إلى جانب مطاعم ومقاهٍ تمثل نقاط تجمع وحوار، أما متحف «تيم لاب بلا حدود» فيُبرز الطابع الحديث للثقافة، الذي يجمع بين الفن والعلم والتكنولوجيا. وفي قلب هذا المشهد الثقافي، يبرز «بيت أمير البحر» التاريخي متوسطاً مركز الفنون المسرحية ومتحف «تيم لاب بلا حدود»، ومطلاً على «شارع حمزة شحاتة» (الشاعر السعودي الراحل)، ليعكس الثراء الثقافي المتأصل في الموقع. وقد قام البرنامج وفي إطار جهوده للحفاظ على تراث المنطقة المعماري والثقافي بترميم «البيت» وإعادة تأهيله. ويتميز «بيت أمير البحر» بتصميمه المعماري الفريد، إذ يأتي على شكل هندسي ثماني، ويتكون من دور واحد، وهو محاط بنوافذ كبيرة على شكل أقواس، وقد استُخدم في الماضي مناراً لإرشاد السفن.

مشروع «إعادة إحياء جدة التاريخية» جعل المنطقة مقصداً للزوار من مختلف أنحاء العالم (واس)

ويجسد مشروع «ميدان الثقافة» الهندسة المعمارية التي تعكس القيم الجوهرية لجدة التاريخية، مع رؤية تجديدية دمجت بين الماضي والمستقبل في تناغم فريد، إذ مزج التصميم بين التراث المعماري الغني والنسيج الحضري المترابط، في استمرارية لهوية المنطقة وثقافتها. وفي الوقت ذاته تماشى التصميم مع فلسفة متحف «تيم لاب» التي تقوم على الانسجام بين الزائر والأعمال الفنية، وهو ما يظهر بوضوح في سطح المبنى المائل نحو المسطحات المحيطة، مما يعزز من فكرة الاندماج والانسجام.

ويشتمل «ميدان الثقافة» على مبنيين رئيسيين، بإجمالي مساحة بناء تبلغ حوالي 26 ألف متر مربع ويمتد مركز الفنون المسرحية والسينما على مساحة 16 ألف متر مربع، ويضم مقر مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ويتكون من مدخل رئيسي (الردهة)، وقاعة مسرح رئيسية بسعة 868 مقعداً، بالإضافة إلى خمس قاعات سينما بسعة 564 مقعداً، وردهة داخلية (غرفة متعددة الأغراض)، وتسع قاعات للجلسات الحوارية، و«سينماتيك»، ومطعم وثلاثة مقاهٍ.

الممثل ويل سميث يوثق زيارته للمنطقة التي تشهد إقبالاً من الزوار على مدار العام (جدة التاريخية)

فيما تبلغ مساحة متحف «تيم لاب بلا حدود» 10 آلاف متر مربع، ويضم قرابة 80 عملاً مستقلاً ومترابطاً، تُجسِد عالماً واحداً بلا حدود. ويجمع المتحف بين الفنون والتكنولوجيا والطبيعة في مساحة إبداعية مبتكرة، ويُشكل إضافة نوعية للمشهد الثقافي في المملكة.

وكان الحفاظ على الصحة العامة وتعزيز الاستدامة البيئية من الأهداف المهمة التي سعى إليها برنامج جدة التاريخية في تصميم وتنفيذ مشروع «ميدان الثقافة»، إذ تم استخدام وحدات تكييف عالية الجودة، مُجهزة بتقنية تُنقي الهواء بنسبة 100 في المائة، بالإضافة إلى تركيب مصاعد تعمل بدون لمس، وسلالم كهربائية مُزودة بتقنية تعقيم بالأشعة فوق البنفسجية، وذلك للحد من انتقال الفيروسات والجراثيم المسببة للأمراض.

ديفيد فيا نجم الكرة الإسباني خلال زيارة سابقة للمنطقة (برنامج جدة التاريخية)

كما اهتم البرنامج بالحفاظ على الموارد المائية من خلال استخدام نظام يعيد تدوير مياه التكثيف الناتجة عن وحدات التبريد لتلبية احتياجات الري، وهو ما يعزز من كفاءة استهلاك الموارد ويساهم في الحفاظ على البيئة.

وجاء مشروع «ميدان الثقافة» ضمن جهود برنامج جدة التاريخية في إعادة إحياء المنطقة، والحفاظ على تراثها المادي وغير المادي، وإثراء تجربة الزوار، ويعد الميدان معلماً حضارياً وبصرياً متميزاً في جدة، بتصميمه الذي راعى الحفاظ على النسيج الحضري في المنطقة، وجمع بين استخدام الهندسة المعمارية المعاصرة في بنائه، والحفاظ على الطابع المعماري التراثي الذي يستلهم من المباني التاريخية في المنطقة، ويأتي ضمن استثمار تاريخ المنطقة وعناصرها الثقافية المميزة وتحويلها إلى روافد اقتصادية، وجعل المنطقة وجهة مميزة على خريطة السياحة العالمية.


مقالات ذات صلة

«مجتمع ورث» يحيي التراث السعودي برؤية عالمية

يوميات الشرق «مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)

«مجتمع ورث» يحيي التراث السعودي برؤية عالمية

أطلق المعهد الملكي للفنون التقليدية «وِرث» مبادرته المتميزة «مجتمع وِرث»، يوم 4 يناير 2025، وذلك في مقره الرئيسي بمدينة الرياض

أسماء الغابري (جدة)
رياضة عربية الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان (واس)

القيادة السعودية تهنئ أمير الكويت بنجاح تنظيم كأس الخليج

بعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، برقية تهنئة، للشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، بمناسبة نجاح بلاده في تنظيم بطولة كأس الخليج

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة سعودية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان (واس)

خادم الحرمين وولي العهد يهنئان ملك البحرين بفوز بلاده بكأس الخليج

بعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ببرقية تهنئة، للملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، بمناسبة فوز المنتخب البحريني بكأس الخليج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد «قطار الرياض» ينطلق نحو وجهات جديدة عبر المسار البرتقالي (واس)

تشغيل آخر مسارات «قطار الرياض»

بدء تشغيل «المسار البرتقالي - محور طريق المدينة المنورة» من «قطار الرياض»، ليكتمل بذلك التشغيل التتابعي لمسارات شبكته، وفق الخطة المعلنة عند افتتاحه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق محافظة طريف سجّلت أدنى درجة مئوية في السعودية السبت عند واحدة تحت الصفر (واس)

السعودية: استمرار انخفاض درجات الحرارة... وأمطار على معظم المناطق

سجّلت محافظة طريف (شمال السعودية) درجة مئوية واحدة تحت الصفر، هي الأدنى في البلاد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.