وزير سوداني سابق: الوثيقة الدستورية كرّست سلطة الجيش

تحالف المعارضة ينتقد تجربته في السلطة السابقة

TT

وزير سوداني سابق: الوثيقة الدستورية كرّست سلطة الجيش

أقرت «قوى الحرية والتغيير» التي كانت جزءا من الائتلاف الحاكم سابقا في السودان، بأن أكبر التحديات التي واجهت الوثيقة الدستورية المؤقتة أن الطرف الآخر، أي الجيش «لم يكن راغبا في وصول الانتقال الديمقراطي في البلاد إلى نهاياته، كما أن ضعف الحكومة المدنية أتاح للعسكريين التمدد في مساحات لم تكن متاحة لهم، ما خلق وضعا دستوريا غير متسق».
وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أطاح في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بـ«قوى الحرية التغيير»، الشريك الرئيسي في السلطة بموجب الوثيقة الدستورية، وأقدم على حل مجلسي السيادة والوزراء، في خطوات سمّاها «إجراءات تصحيحية للثورة» فيما عدتها قوى المعارضة «انقلابا عسكريا على الحكم المدني».
وقال وزير التجارة السابق مدني عباس مدني في ورقة نقدية خلال ورشة لـ«قوى التغيير» في الخرطوم لتقييم تجربتها في السلطة، «إن قادة الجيش انحازوا للتغيير بعد عزل رأس النظام السابق عمر البشير لكنهم سعوا في الوقت ذاته للحفاظ على الدور السياسي والاقتصادي للمؤسسة العسكرية الأمر الذي خلق مناخا مختلفا». وأضاف «أن المكوّن العسكري سعى للتغول على السلطة من خلال وجوده في مجلس السيادة، وحصل على صلاحيات تنفيذية وتشريعية واسعة وهيمنة على الأجهزة الأمنية، كما وضع تحت سلطته عملية السلام والمفوضيات، برغم أنها من صلاحيات السلطة التنفيذية». وأشار إلى أن «المشكلة الأكبر في الوثيقة الدستورية، أنها لم تحدد في نصّ أو مادة صلاحيات واختصاصات مجلس الأمن والدفاع واستخدم المكون العسكري كل ذلك لتغييب الجهاز التنفيذي». وأوضح «أن هذا الخلل في الوثيقة الدستورية منح مجلس السيادة الذي يتقاسمه العسكريون والمدنيون صلاحيات التشريع والأمن والتدخل في الحكومة التنفيذية والأجهزة العدلية، وبذلك استحوذ على كل السلطات».
وقال مدني «إن من أكبر التحديات التي واجهت الوثيقة الدستورية، كان عدم توحيد الأهداف النهائية لطرفي الوثيقة الدستورية، ما أنتج محاصصة دستورية أكثر من التركيز على الوصول إلى الانتقال الديمقراطي المدني» مشيرا إلى أن «العسكريين بدأوا في المراوغة وزرع نصوص لا تحتمل التأويل». وأضاف «من الصعوبة الوصول إلى إنجاز دستوري انتقالي من دون اتفاق بين الأطراف، وإغفال هذه التفاصيل سمح للمكون العسكري بالتمدد في مساحات لم تكن متاحة له، ما خلق وضعا دستوريا غير متسق». وذكر أن عدم إجراء توضيح للتعديلات على الوثيقة الدستورية بعد توقيع اتفاقية «جوبا» للسلام، وتمديد الفترة الانتقالية، خلقا تناقضا داخل النص، حول تسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين، «وساهم ذلك في التعجيل بانقلاب الجيش على الحكم المدني».
وقال «إن من سلبيات الوثيقة الدستورية أنها وضعت جهاز المخابرات العامة تحت سيطرة قادة الجيش وتجاهلت ولاية وزارة المالية على المال العام، ومن الإيجابيات تضمين إعلان قوى الحرية والتغيير ووثيقة حقوق الإنسان في الوثيقة». وأضاف «هناك حاجة ملحّة لنظام دستوري وترتيبات للفترة الانتقالية المقبلة، أهمها الاتفاق على نصوص محكمة لا تحتمل التأويل وتفصيل واضح للمواد، يتطرق إلى أهم القضايا، وهو دور المؤسسة العسكرية وخضوعها للسلطة التنفيذية».
ومن جانبه قال القيادي في «قوى الحرية والتغيير» طه عثمان إسحاق، إن «الحديث عن أن الوثيقة الدستورية كرست السلطة في يد العسكريين غير صحيح، لكن ضعف المكون المدني، وتنازله عن أداء مهامه، مكّنا قادة الجيش من التمدد في السلطة».
وأضاف «أن الوثيقة الدستورية لم تكن فيها عيوب، لكن العسكريين مارسوا سياسات النظام المعزول ذاتها، وفي المقابل كانت هنالك مجموعات مقربة من رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، تعمل بكل قوتها لإبعاد الاحزاب السياسية وعزلها من الشارع، وتغذية الخطاب الناقد لأداء قوى الحرية والتغيير في السلطة».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)
عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)
TT

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)
عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)

رحب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، توم فليتشر، اليوم (الثلاثاء)، بإعلان رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أمس، السماح لمنظمات الأمم المتحدة بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات بالبلاد.

وقال فليتشر عبر حسابه على منصة «إكس»، إن زيادة الرحلات الجوية الإنسانية ومراكز الإغاثة «سيسمح لنا بالوصول إلى مزيد من السودانيين لتقديم الدعم لهم».

من جانبه، قال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، اليوم، إنه التقى مع فليتشر وأبلغه بأن المجلس لديه «معلومات مؤكدة» عن استخدام قوات «الدعم السريع» لمعبر أدري الحدودي مع تشاد لأغراض عسكرية.

وأضاف عقار عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه طالب فليتشر خلال اللقاء «بتعزيز إيصال المساعدات إلى دارفور، لا سيما أننا بحاجة لمزيد من الدعم في غرب السودان».

وأشار إلى أنه طلب من المسؤول الأممي أيضاً بأن يبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، «بعدم وجود مجاعة في السودان كما يزعم البعض»، واصفاً إياها بأنها «دعاية سياسية».

كما بعث المسؤول السوداني برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، مفادها «أنهم إذا أرادوا التعاون وبناء الثقة والعمل المشترك مع حكومة السودان، فعليهم أن يكونوا أكثر دقة في تناول القضايا التي ترتبط بالأوضاع الإنسانية» في البلاد.

وأعلن مجلس السيادة السوداني، أمس، أن البرهان وجه بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام مطار مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان، ومطار مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، ومطار مدينة الدمازين في إقليم النيل الأزرق «مراكز إنسانية لتشوين مواد الإغاثة».

كما سمح رئيس المجلس بتحرك موظفي وكالات الأمم المتحدة مع القوافل التي تنطلق من تلك المناطق، والإشراف على توزيع المساعدات والعودة إلى نقطة الانطلاق فور الانتهاء.