لماذا تريد روسيا إخراج العملية السياسية السورية من جنيف؟

وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لدى لقائه المبعوث الاممي غير بيدرسن في دمش في 22 مايو الماضي ( أ ف ب)
وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لدى لقائه المبعوث الاممي غير بيدرسن في دمش في 22 مايو الماضي ( أ ف ب)
TT

لماذا تريد روسيا إخراج العملية السياسية السورية من جنيف؟

وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لدى لقائه المبعوث الاممي غير بيدرسن في دمش في 22 مايو الماضي ( أ ف ب)
وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لدى لقائه المبعوث الاممي غير بيدرسن في دمش في 22 مايو الماضي ( أ ف ب)

أبلغت دمشق المبعوث الأممي، غیر بیدرسن، أنها لن ترسل وفدها إلى جنيف للمشاركة في الجولة التاسعة من أعمال اللجنة الدستورية في 25 يوليو (تموز) الحالي؛ أي تجميد مسار العملية السياسية السورية برعاية الأمم المتحدة.
السبب الفعلي لا يتعلق باعتراض دمشق على آلیة عمل «الدستورية» أو مضمون «المناقشات» بين وفدين؛ أحدهما مسمى من الحكومة، والثاني يمثل «هيئة التفاوض» المعارضة. واقع الحال أن قرار دمشق جاء بناء على توصية من موسكو. وهو لا يتعلق، أيضاً، باعتراض روسيا على مضمون جهود الإصلاح الدستوري السوري ومسائل مثل السيادة والأجندات الخارجية و«الاحتلالات»؛ بل یخص موقف سويسرا من الحرب الأوكرانية وطلاقها مع الحیادیة الأبدیة. باختصار، موسكو لیست راضیة عن «خروج سويسرا من حیاديتها بالانضمام إلى العقوبات الغربیة ضد روسیا» بسبب الحرب الأوكرانية.
في حال كهذه... ما الحل الروسي؟
معاقبة موسكو جنیف ومحاولة هز الوحدة الأوروبية ضدها بسبب أوكرانيا، وهي عاصمة أوروبية رئيسية للأمم المتحدة ومؤسساتها، شرط أن یكون هذا بأقل ثمن، لیس عبر انسحاب روسیا نفسها من مؤسسات الأمم المتحدة أو مقاطعة اجتماعاتها بشأن الأزمة السوریة. فالعقاب جاء من الخاصرة الرخوة؛ البوابة السورية. وعليه؛ طلبت موسكو من دمشق رفض المشاركة في اجتماعات اللجنة الدستوریة في جنیف تحدیداً، واقتراح سوتشي أو موسكو أو دمشق أو الجزائر أو مسقط أماكنَ ممكنة لاستضافة «المناقشات الدستوریة».
ما خلفیة الموضوع؟
لدى انتهاء اجتماعات الجولة الثامنة من «الدستوریة» في مایو (أیار) الماضي، اتفق بیدرسن مع رئيسي الوفدين؛ الحكومي أحمد الكزبري، والمعارض هادي البحرة، على عقد الجولة التاسعة بعد عطلة عید الأضحى المبارك، بین 25 و29 یولیو الحالي. وقتذاك؛ همس المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرینییف في الأروقة الأممیة أنه لم یكن راضیاً عن سرعة تعاطي السلطات السويسرية مع تأشيرات الدخول (فیزا) للوفد الروسي وبرود الاستقبالات والتشريفات.

ماذا يريد بيدرسن؟
أما بيدرسن؛ فإنه استند إلى ما هو متفق علیه بین السوریین والرعاة الإقلیمیین والدولیین في الجولة السابقة في يونيو (حزيران)، ووجه دعوات خطیة إلى الكزبري والبحرة والمجتمع المدني لـ«عرض بعض الأفكار حول كیفیة تسریع وتیرة عمل اللجنة لتحقيق الهدف المنصوص علیه في المعاییر المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلیة، للعمل بشكل سریع ومتواصل بهدف تحقیق نتائج وتقدم مستمر من دون تدخل خارجي أو أطر زمنیة مفروضة من الخارج». والهدف الذي حدده بيدرسن هو تقديم مقترحات عملیة لتعجیل المناقشات الدستوریة ضمن 3 خیارات: مناقشة أكثر من عنوان في الیوم، ومناقشة فصل من فصول الدستور في كل جولة، وتقدیم مسودات ومناقشة فصل واحد من فصول الدستور في كل دورة، حتى یتم استكمال الفصول كافة.
وبقیت الأجواء والاتصالات الدبلوماسية إیجابیة، توحي بأن الاجتماعات حاصلة. وقال مسؤولون سوريون إن وفدهم سیشارك في الاجتماعات في حال تم حل «مشاكل لوجيستیة للأصدقاء الروس».
بالفعل؛ سهلت السلطات السويسرية حصول الوفد الروسي على التأشيرات. لكن فجأة؛ وصل إلى جنیف من دمشق قرار المقاطعة بعد ساعات من «اختراق» تمثل في قبول غربي شروطاً روسية حول تمديد قرار مجلس الأمن لإیصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لـ6 أشهر فقط.
ما إشكالات الفيتو الروسي؟
المشكلة في قرار مقاطعة اجتماعات «الدستوریة» أن فیه إشكالات كثیرة. فهو بدایة یُظهر حقیقة الاجتماعات ومحدودیة جدیتها، ویصطدم بالخطاب العلني لموسكو، ویحرج دمشق التي لا تجد حرجاً في الخروج من المظلة الأممیة في مناقشة دستورها وشأن سیادي يتعلق بها. والأهم؛ أنه یتناقض مع وثائق العملية السیاسیة؛ إذ إن القرار الدولي «2254» نص على أن إصلاح الدستور السوري «عملیة بملكیة سوریة وقیادة سوریة» ولیست روسیة. وأكدت على ذلك خطیاً وثیقة معایير العمل المنجزة بین الأطراف السوریین في عام 2019، كما أن المؤتمر الوطني السوري في سوتشي الروسیة، بدایة عام 2018 نص على أن الإصلاح یجري نقاشه في جنیف، إضافة إلى ورود ذلك في بیانات عدة من «ضامني» عملیة آستانة، تشدد على أن عمل اللجنة الدستوریة یجب أن یتم «دون تدخل خارجي».
ما الخيارات؟
مبعوث دولة غربیة شارك في اجتماعات جنیف، قال بعد تلقیه رسالة من مكتب بیدرسن عن الإلغاء: «عندما تهاجم دولة أخرى ویكون استهداف المدنیین ركیزة أساسیة للاستراتيجية العسكرية، سواء أكان ذلك في أوكرانيا أم في سوریا، فإن النفاق السياسي یأتي میزةً أساسیة متضمنة في سیاستك الخارجیة». أما بالنسبة إلى المعارضة التي وجدت في «مسار جنیف» منصة تعطیها معنى سیاسیاً وندیة مع دمشق، فإن القرار وقع عليها مفاجأة. ویقول قیادي فیها إن الوفد الحكومي رهن المشاركة بـ«تلبية مطالب روسية. نحن أمام أزمة عمیقة للغایة ستستمر لأكثر من بضعة أشهر، دون عقد اجتماع للجنة الدستوریة. هذه الأزمة المصطنعة لیست من صنع أي طرف سوري، بل من طرف أجنبي هو روسیا. وهذا تدخل أجنبي صارخ في عمل ما یفترض أنه لجنة یملكها ویقودها سوریون. روسیا لیست طرفاً في اللجنة الدستوریة كي تقرر عدم سفرهم».
لا شك في أن القرار الذي أبلغته دمشق، نیابة عن موسكو، إلى جنیف، سیكون على طاولة رؤساء «ضامني» آستانة؛ الرؤساء: الروسي فلادیمیر بوتین، والتركي رجب طیب إردوغان، والإیراني إبراهیم رئیسي، في طهران الثلاثاء المقبل. صحیح أن طهران تبحث عن إنجاز في الملعب السوري، ومعها أنقرة في ذلك. لكن أغلب الظن أن العاجل والملح على المائدة الرئاسية سیكون مصیر العملية العسكرية التركية المحتملة في شمال سوریا، ومجالات «التعاون العدائي» بین أنقرة وموسكو في أوكرانيا، مع وجود رغبة إيرانية في طرح ملفات أخرى تخص دورها وجولة الرئيس الأميركي جو بايدن.
معروف أن اللجنة الدستوریة لیست لجنة ولا تعمل على الدستور، وهي ليست سوى ورقة توت تسمح لـ«اللاعبين» بالتظاهر بأن هناك عملیة سیاسیة لتبریر الخیارات العسكرية والهندسات الاجتماعية، وكذلك تمنع عملیة أخرى حقيقية من التبلور. فالثابت أن هناك من يريد عملیة دستورية دون مظلة أممية. وفي وقت تستخدم فيه روسیا سوریا و«عملیتها السیاسیة» ساحة لضبط شركائها ومعاقبة خصومها و«اختبار» منافسیها، فإن اللجنة الدستوریة مثال صغیر على ذلك. وهنا؛ «إذا عرف السبب بطل العجب».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

العليمي يندد بتورط الإمارات في دعم تمرد «الانتقالي»

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
TT

العليمي يندد بتورط الإمارات في دعم تمرد «الانتقالي»

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الالتزام بحماية المدنيين وصون المركز القانوني للدولة ووحدة قرارها العسكري والأمني، محذّراً من خطورة التصعيد الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتَي حضرموت والمهرة، ومندداً بما وصفه بتورط دولة الإمارات في دعم هذا التمرد وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال العليمي، في بيان وجّهه إلى الشعب اليمني، إن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، «تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بينما يخوض اليمن معركته المصيرية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ويكابد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم». وشدد على أن أي انزلاق إلى صدامات داخلية أو فتح جبهات استنزاف جديدة لن يخدم سوى أعداء اليمن ويقوّض فرص السلام.

وخاطب رئيس مجلس القيادة أبناء المحافظات الجنوبية، مؤكداً أن قضيتهم العادلة كانت ولا تزال في صلب مشروع الدولة الوطنية، وأن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية محل التزام كامل ضمن مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة مسؤولة تحفظ الكرامة وتؤسس لاستقرار دائم. وفي الوقت نفسه، حذّر من احتكار تمثيل القضية الجنوبية أو توظيفها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة على حساب وحدة الدولة وسيادتها.

توضيح الموقف

أوضح العليمي أنه، ومن موقعه الدستوري بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، أصدر توجيهات واضحة بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج إطار الدولة أو دون أوامر صريحة من القيادة العليا، «حرصاً على حقن الدماء ومنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية». غير أن هذه التوجيهات، وفق البيان، قوبلت بالتجاهل، حيث مضت التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» في تنفيذ تحركات أحادية، وُصفت بأنها تمرد على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأشار رئيس «مجلس القيادة» إلى أن «الدولة حققت خلال السنوات الأخيرة، وبدعم من الأشقاء والأصدقاء، إنجازات ملموسة في مكافحة الإرهاب، شملت تفكيك خلايا إرهابية وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية، إلى جانب نجاحات متقدمة في مكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات». وأكد أن مكافحة الإرهاب قرار سيادي تمارسه مؤسسات الدولة المختصة، وأنه لا يجوز استخدامه ذريعة لتبرير التصعيد أو فرض وقائع خارج إطار الشرعية.

معدات وآليات عسكرية في ميناء المكلا قدمتها الإمارات لـ«الانتقالي» دون إذن «التحالف» والشرعية (أ.ف.ب)

وبشأن حضرموت، أكد العليمي أن إجراءات إعادة التموضع في وادي حضرموت كانت في مراحلها الأخيرة ضمن خطة انتشار لقوات «درع الوطن»، أُقرت من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وصدّق عليها شخصياً، وبما يحقق الأمن والاستقرار دون الحاجة إلى أي تصعيد عسكري. وأضاف أن رئاسة الدولة، «حرصاً منها على تغليب الحلول السياسية، وجّهت بتشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى من قيادة الدولة والمكونات السياسية لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، غير أن هذه الجهود قوبلت بالتعطيل والإصرار على المضي في مسار التصعيد».

تحكيم العقل

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني دعوته قيادة «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى تحكيم العقل وإعلاء المصلحة العليا للشعب اليمني، وإلى تسريع انسحاب قواته من محافظتي حضرموت والمهرة دون قيد أو شرط، محذراً بأن استمرار التصعيد أفضى إلى إهدار مكاسب سياسية واقتصادية وتنموية، وفاقم من معاناة المواطنين.

وأكد العليمي أن الدولة ستواجه أي تمرد على مؤسساتها بحزم، وفقاً للدستور والقانون وقرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك رفع أي غطاء سياسي عن مرتكبي الانتهاكات، مشدداً على أن دماء اليمنيين «خط أحمر» لا تهاون فيه.

مسلح من أنصار «المجلس الانتقالي الجنوبي» (أ.ف.ب)

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بـ«الدور الأخوي الذي تضطلع به السعودية في دعم اليمن وشرعيته الدستورية وقيادة جهود خفض التصعيد، انطلاقاً من المصالح والتحديات المشتركة»، مؤكداً أن هذا الدعم سيظل محل وفاء وتقدير في الذاكرة الوطنية. وفي المقابل، أعرب عن «أسف بالغ للدور الإماراتي المتزايد في دعم تمرد المجلس الانتقالي»، مستشهداً ببيان «قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية» بشأن شحنات سلاح وعتاد عسكري وصلت إلى ميناء المكلا دون تصريح، وما تضمنه من دلائل على تقويض سلطة الدولة وتهديد وحدة الجمهورية وسلامة أراضيها.

وشدد العليمي على أن اليمن لا يحتمل فتح جبهات استنزاف جديدة، وأن طريق الخلاص تكمن في دولة المواطنة المتساوية، وسيادة القانون، والشراكة في السلطة والثروة، والسلام، واحترام مبادئ حسن الجوار.


المؤسسات اليمنية تصطف مع العليمي لمواجهة تمرد «الانتقالي»

العليمي يرأس اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي يرأس اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

المؤسسات اليمنية تصطف مع العليمي لمواجهة تمرد «الانتقالي»

العليمي يرأس اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي يرأس اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني (سبأ)

أعلنت مؤسسات الدولة اليمنية، وفي مقدمها مجلس الدفاع الوطني، والحكومة الشرعية، والسلطة المحلية في محافظة حضرموت ووزارة الدفاع وهيئة الأركان، اصطفافها الكامل خلف قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الهادفة إلى مواجهة تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي، وإنهاء الوجود الإماراتي ضمن تحالف دعم الشرعية، إلى جانب إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد، في ظل تصعيد عسكري غير مسبوق تشهده المحافظات الشرقية.

وجاء هذا الاصطفاف عقب اجتماع موسع لمجلس الدفاع الوطني، ترأسه الرئيس العليمي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وضم أعضاء مجلس القيادة، ورؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت؛ لمناقشة التطورات الخطيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، وانعكاساتها على الأمن والاستقرار ووحدة القرار السيادي للدولة.

وكرَّس الاجتماع، وفق بيان رسمي، لاستعراض تقارير ميدانية شاملة حول التحركات العسكرية التي نفَّذتها قوات تابعة للمجلس الانتقالي، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، شملت الاعتداء على مواقع للقوات المسلحة، والممتلكات العامة والخاصة، وصولاً إلى إغلاق مطار سيئون، في خطوة عدّها المجلس مخالفة صريحة لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وعلى رأسها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، فضلاً عن تقويض جهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية.

مؤسسات الدولة اليمنية أيَّدت قرارات العليمي (سبأ)

وجدَّد مجلس الدفاع الوطني توصيفه لهذه التحركات بَعدّها «تمرداً صريحاً» على مؤسسات الدولة الشرعية، وتقويضاً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتهديداً مباشراً للسلم الأهلي، محذراً من أن تداعيات هذا التصعيد تصبّ في مصلحة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، عبر تفجير الجبهة الداخلية وتشتيت الجهد الوطني في مرحلة بالغة الحساسية.

رفض فرض الأمر الواقع

حسب الإعلام الرسمي، بارك المجلس قرارات العليمي المتضمنة إعلان حالة الطوارئ، وإنهاء الوجود الإماراتي في اليمن، عادَّاً أنها تجسد المسؤوليات الدستورية لقيادة الدولة في حماية المدنيين، وصون مؤسساتها الوطنية ومركزها القانوني، مؤكداً الرفض المطلق لأي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية.

ودعا مجلس الدفاع الوطني دولة الإمارات إلى الالتزام الكامل بنص وروح قرارات القيادة اليمنية، واحترام سيادة البلاد، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ووقف أي دعم عسكري أو لوجستي لتشكيلات خارج إطار الدولة. وشدَّد على أن ما ورد في بيان قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية بشأن شحنات سلاح وصلت إلى ميناء المكلا دون تصريح رسمي يمثل تصعيداً خطيراً وانتهاكاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.

عناصر من القوات الانفصالية الجنوبية المدعومة من الإمارات يقفون بجوار مركبة عسكرية في عدن (أرشيفية - رويترز)

وفي الوقت نفسه، جدَّد المجلس التأكيد على أن القضية الجنوبية تظل قضية وطنية عادلة، ذات أبعاد تاريخية واجتماعية، وستبقى في صميم أي تسوية سياسية شاملة، وفق مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة حقيقية ومعالجة منصفة للمظالم، وتحقيق تطلعات أبناء المحافظات الجنوبية كافة دون احتكار أو إقصاء.

دعم جهود السعودية

أكد مجلس الدفاع الوطني اليمني دعمه الكامل لجهود الوساطة التي تقودها السعودية لخفض التصعيد، وحماية المدنيين، وإعادة الأوضاع في حضرموت والمهرة إلى ما كانت عليه، مثمّناً الدور السعودي في دعم اليمن وشرعيته الدستورية، والدفاع عن أمنه واستقراره، انطلاقاً من الترابط الوثيق بين أمن البلدين والتحديات المشتركة التي تهدّد أمن المنطقة.

وفي سياق متصل، أعلنت الحكومة اليمنية تأييدها المطلق لقرارات الرئيس العليمي، عادّة إعلان حالة الطوارئ إجراءً دستورياً مشروعاً تفرضه الضرورة الوطنية لمواجهة التمرد المسلح، وحماية السلم الأهلي، ومنع الانزلاق نحو الفوضى وتقويض مؤسسات الدولة.

المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى إلى إخضاع حضرموت والمهرة بالقوة والانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

ورحَّبت الحكومة اليمنية في بيان بالإجراءات التي اتخذتها قيادة القوات المشتركة، بما في ذلك تنفيذ ضربة جوية محدودة ودقيقة استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً غير مشروع في ميناء المكلا؛ بهدف حماية المدنيين ومنع عسكرة المواني والسواحل.

وحذَّرت الحكومة من أن التحركات العسكرية الأحادية للمجلس الانتقالي، وإدخال قوات وأسلحة خارج الأطر الرسمية، تمثل خرقاً أمنياً خطيراً يهدّد وحدة الدولة، ويعطل الإصلاحات الاقتصادية، ويقوّض جهود تحسين الخدمات وتخفيف المعاناة المعيشية عن المواطنين، مؤكدة أن وحدة الصف الوطني باتت اليوم ضرورة عسكرية وسياسية لا تحتمل التأجيل.

بدورها، أعلنت السلطة المحلية في محافظة حضرموت تأييدها الكامل لقرارات القيادة السياسية، واستعدادها للتنسيق مع قوات «درع الوطن» لتسلم المعسكرات والمواقع الحيوية، وضمان انتقال سلس وآمن للمسؤوليات العسكرية، داعيةً أبناء المحافظة والقوات المسلحة والأمن إلى الالتفاف حول القيادة الشرعية؛ حفاظاً على أمن حضرموت واليمن.

تأييد الجيش

في امتداد لاصطفاف مؤسسات الدولة خلف قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أعلنت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تأييدهما الكامل ومباركتهما للقرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي، عادَّتين أنها جاءت في «لحظة مفصلية» من تاريخ البلاد، واستجابة لتطلعات الشعب اليمني، وإنفاذاً للواجبات الدستورية والصلاحيات المنصوص عليها في الدستور ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

وأكد بيان صادر عن قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان أن القوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها تتمتع بروح معنوية عالية وجاهزية قتالية كاملة، تخولها تنفيذ مهامها الدستورية والوطنية في جميع الظروف، مشدداً على الالتزام التام بتنفيذ القرارات والإجراءات الصادرة عن القيادة العليا، بوصفها التعبير الشرعي عن وحدة القرار السيادي للدولة.

عناصر من مسلحي المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن (رويترز)

وأشارت القيادة العسكرية إلى أن القوات المسلحة ستظل على عهدها في حماية المكتسبات والثوابت الوطنية، والدفاع عن أمن اليمن ووحدته وسيادته، والتصدي للمؤامرات والمشاريع التخريبية كافة التي تستهدف استقرار البلاد والسلم الاجتماعي، مؤكدة أن المؤسسة العسكرية تمثل «القلعة الصلبة» في مواجهة محاولات تقويض الدولة أو فرض وقائع خارج إطارها القانوني.

وجدَّدت وزارة الدفاع وهيئة الأركان دعوتهما لليمنيين بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم إلى مساندة القيادة الشرعية، والوقوف صفاً واحداً إلى جانب مؤسسات الدولة والقوات المسلحة، وتعزيز التلاحم الوطني بما يحقق المصلحة العليا للبلاد في هذه المرحلة الحساسة.

كما أكدت القوات المسلحة التزامها الثابت باستكمال معركة استعادة الدولة، وتحرير الأراضي اليمنية من ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، إلى جانب التصدي للجماعات الإرهابية والمخططات التخريبية التي تهدّد أمن الوطن واستقراره.

وثمَّنت القيادة العسكرية عالياً جهود تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، ودوره في مساندة القوات المسلحة وتطوير قدراتها القتالية، مؤكدة استمرار التنسيق العملياتي بما يخدم المصالح المشتركة، ويدعم مسار استعادة الدولة، وإحلال الأمن والاستقرار في اليمن.


الحكومة اليمنية تؤيد قرارات «الرئاسي» وتثمِّن المواقف التاريخية للسعودية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي
TT

الحكومة اليمنية تؤيد قرارات «الرئاسي» وتثمِّن المواقف التاريخية للسعودية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي

أعربت الحكومة اليمنية عن ترحيبها الكامل وتأييدها المطلق لقرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رشاد العليمي، وفي مقدمتها إعلان حالة الطوارئ في عموم الأراضي اليمنية، واتخاذ الإجراءات السيادية اللازمة لحماية أمن المواطنين، وصون وحدة وسيادة الدولة، والحفاظ على مركزها القانوني، في ظل التطورات الخطيرة التي تشهدها المحافظات الشرقية.

وأكدت الحكومة في بيان صادر عنها، اليوم (الثلاثاء)، أن إعلان حالة الطوارئ جاء استناداً إلى الدستور ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وبناءً على توصيات مجلس الدفاع الوطني، كإجراء دستوري مشروع تفرضه الضرورة الوطنية، لمواجهة التمرد المسلح، وحماية السلم الأهلي، ومنع الانزلاق نحو الفوضى وتقويض مؤسسات الدولة.

ورحبت الحكومة، بالإجراءات التي اتخذتها قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، بما في ذلك تنفيذ ضربة جوية محدودة ودقيقة، استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً غير مشروع في ميناء المكلا، في إطار حماية المدنيين، ومنع عسكرة المواني والسواحل، والتصدي لمحاولات فرض وقائع بالقوة تهدد أمن حضرموت والمهرة، وأمن الملاحة الإقليمية والدولية.

وشددت الحكومة على أن التحركات العسكرية الأحادية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، وإدخال أسلحة وقوات خارج الأطر الرسمية، تمثل خرقاً أمنياً خطيراً، وانتهاكاً صارخاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية وجهود التهدئة، وتهديداً مباشراً لأمن المواطنين ووحدة الدولة، كما تعطل بصورة جسيمة عجلة الإصلاحات الاقتصادية، وتقوض جهود الحكومة الرامية إلى تحسين الخدمات، وتخفيف المعاناة المعيشية عن المواطنين.

وأكدت الحكومة أن تفجير الجبهة الداخلية وتشتيت الجهد الوطني في هذه المرحلة الحساسة يخدم بشكل مباشر ميليشيا الحوثي الإرهابية، ويمنحها فرصة لإطالة أمد الانقلاب، الأمر الذي يجعل وحدة الصف الوطني اليوم ضرورة عسكرية وسياسية لا تحتمل التأجيل.

وثمَّنت الحكومة عالياً المواقف التاريخية والثابتة للمملكة العربية السعودية، ودورها المحوري في دعم أمن اليمن واستقراره، وقيادتها المسؤولة لتحالف دعم الشرعية، وحرصها الدائم على حماية المدنيين، وخفض التصعيد، ومنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى صراعات تخدم أجندات معادية.

وجددت الحكومة دعوتها للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى الانسحاب الفوري وغير المشروط من محافظتي حضرموت والمهرة، وتسليم المواقع والمعسكرات إلى قوات «درع الوطن» والسلطات المحلية في المحافظات، والالتزام بمرجعيات المرحلة الانتقالية، والكف عن أي أعمال عسكرية أو تصعيدية تهدد أمن المواطنين وتقوض جهود التهدئة.