استمرار الخلافات بين الأطراف السياسية يزيد المشهد العراقي تعقيداً

الكاظمي يشرف على «وثبة الأسود»

أعضاء من جهاز مكافحة الإرهاب العراقي يشاركون في التمرين التكتيكي «وثبة الأسود» في بغداد (رويترز)
أعضاء من جهاز مكافحة الإرهاب العراقي يشاركون في التمرين التكتيكي «وثبة الأسود» في بغداد (رويترز)
TT

استمرار الخلافات بين الأطراف السياسية يزيد المشهد العراقي تعقيداً

أعضاء من جهاز مكافحة الإرهاب العراقي يشاركون في التمرين التكتيكي «وثبة الأسود» في بغداد (رويترز)
أعضاء من جهاز مكافحة الإرهاب العراقي يشاركون في التمرين التكتيكي «وثبة الأسود» في بغداد (رويترز)

فيما كانت قوى الإطار التنسيقي تأمل أن تكون عطلة العيد بمثابة فرصة لحوارات أعمق يتم من خلالها الوصول إلى توافقات، فإن خطب الجمعة التي ألقاها القادة الشيعة عبرت عن وجود تقاطعات حادة فيما بينهم. فبالإضافة إلى عدم الاتفاق داخل قوى الإطار التنسيقي حول مرشحهم لرئاسة الوزراء، فإنه وطبقا لما طرحه كل من زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم وزعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي بدا مختلفا عن سياق ما تسعى إليه باقي مكونات قوى الإطار. فمن جهة يتم تداول 3 شخصيات لمنصب رئيس الوزراء وهم نوري المالكي زعيم دولة القانون الذي بات يملك أغلبية برلمانية واضحة داخل قوى الإطار (44 نائبا) وهادي العامري زعيم تحالف الفتح وهو القوة الثانية بعد المالكي داخل قوى الإطار وحيدر العبادي الذي وإن لم يمتلك مقاعد برلمانية توازي مقاعد المالكي والعامري، لكنه أحد أبرز مرشحي التسوية في حال لم يتم الاتفاق على شخصية أخرى. الاختلاف في الرؤى بين قيادات قوى الإطار ظهر في خطبتي قيس الخزعلي زعيم العصائب الذي أعلن رفضه الصريح لبقاء حكومة تصريف الأعمال التي يترأسها مصطفى الكاظمي، بينما جاءت خطبة زعيم تيار الحكمة ورئيس تحالف قوى الدولة عمار الحكيم مختلفة تماما. فالحكيم أكد على وجود عناصر إيجابية في حكومة الكاظمي، داعيا إلى استمرارها بطريقة ما حيث أكد على أنه لا حاجة إلى إحداث تغيير جذري فيها. وحتى على صعيد الموقف من انسحاب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر فإنه في الوقت الذي بدا الخزعلي مرتاحا لهذا الانسحاب عادا إياه بمثابة بداية لفتح الانسداد السياسي، فإن رؤية الحكيم كانت مختلفة تماما، حيث إن هذا الانسحاب أدى إلى تعقيد المشهد تماما.

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يحضر تمرين «وثبة الأسود» لجهاز مكافحة الإرهاب في بغداد (رويترز)

قوى الدولة التي يتزعمها الحكيم والتي تضم رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي أعلنت أمس الاثنين رؤية جديدة لمعالجة الانسداد السياسي في البلاد بعد مضي نحو 9 أشهر على إجراء الانتخابات دون تشكيل حكومة. الناطق باسم ائتلاف النصر سعد اللامي أعلن في بيان له تحالف قوى الدولة، وأطلق مبادرة جديدة مبينا أنها «أكدت على ركيزتين وهما (المرحلة الانتقالية والحكومة الوسطية)، وأنهما ضرورتان لمن يريد الحفاظ على النظام السياسي، وسط مقاطعة واعتراض قوى سياسية مهمة». وأضاف البيان أن «تحالف قوى الدولة الوطنية مع التضامن الوطني، يعارض بشدة أي إقصاء أو تهميش لقوى فاعلة في المشهد السياسي، ويعتبر ذلك وصفة فشل أخرى لا يحتمل النظام السياسي تداعياتها». المتابعون للشأن السياسي العراقي يرون أن تحالف قوى الدولة بات يرهن تشكيل الحكومة القادمة بحصول ضمانات من مقتدى الصدر بأنه لن يقف عائقا ضدها. لكن الحصول على مثل هذه التطمينات يتطلب اتخاذ خطوات عملية من قبل قوى الإطار سواء على صعيد ترشيح الأسماء التي يمكن أن تكلف بتشكيل الحكومة دون أن تستفز الصدر أو حتى الوزارات والمواقع الأخرى من بينها موقع النائب الأول لرئيس الوزراء. وبينما تنتظر قوى الإطار التنسيقي صلاة الجمعة الموحدة التي ستقام برعاية مقتدى الصدر في العاصمة العراقية بغداد فإنه لا يوجد حتى الآن أفق واضح على صعيد إنهاء الخلاف بينهم على صعيد المناصب المهمة في الحكومة القادمة. ففي حال كانت الصلاة تضم أعدادا كبيرة مثلما يريدها الصدر فإن قوى الإطار التنسيقي سوف تكون مضطرة للتعامل مع المخاوف التي يمكن أن يمثلها هذا الحضور الجماهيري في الشارع، أما في حال لم تكن الأعداد مثلما يريدها الصدر فإن صقور الإطار التنسيقي سوف يمضون قدما في إجراءات تشكيل الحكومة بمن في ذلك عدم انتظارهم توافقا كرديا بشأن منصب رئيس الجمهورية. وعلى الأرجح فإن قوى الإطار التنسيقي سوف تجبر الحزبين الكرديين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) على الدخول بمرشحين اثنين إلى قبة البرلمان وإن الإطار سوف يصوت لمرشح الاتحاد الوطني الرئيس الحالي برهم صالح.
من جهته فإن رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي وبصرف النظر بشأن الجدول حول التمديد لحكومته من عدمها فإنه يواصل مهماته على مختلف المستويات. ففي الوقت الذي قام في أول أيام عيد الأضحى السبت الماضي بزيارة إلى مدينة الموصل حيث صادف الذكرى السادسة لتحريرها، فإنه أشرف أمس الاثنين على تمرين لجهاز مكافحة الإرهاب. وخاطب الكاظمي جنود الجهاز ومنتسبيه الذين كانوا ينفذون تمرين «وثبة الأسود» أن التاريخ سيروي التضحيات التي قدمها جهاز مكافحة الإرهاب وباقي القوات العسكرية الأخرى، خلال المعارك ضد «تنظيم داعش»، فيما تعهد بتوفير «كل الدعم» للمؤسسة العسكرية والأمنية. وقال الكاظمي: «نستذكر بطولاتكم وتضحياتكم عندما لبيتم نداء الوطن والواجب، هذه التضحيات بكل تأكيد سيرويها التاريخ، وتنال تقدير كل العراقيين ومحبتهم واحترامهم لكم، ولكل زملائكم في باقي الأجهزة العسكرية والأمنية». وأردف الكاظمي قائلاً: «أتابع كل تدريباتكم وإنجازاتكم على الأرض، في الصحاري والجبال والوديان وأنتم تدكون رؤوس العدو في المعارك اليومية كافة، نفتخر بهذه الإنجازات ونعتز بكم».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

بعد الإطاحة بالأسد... الجولاني يضع بصمته على الدولة السورية

رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)
رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)
TT

بعد الإطاحة بالأسد... الجولاني يضع بصمته على الدولة السورية

رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)
رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)

تفرض إدارة العمليات العسكرية في سوريا بقيادة أحمد الشرع المكنى «أبو أحمد الجولاني» سلطتها على الدولة السورية بنفس السرعة الخاطفة التي سيطرت بها على البلاد؛ ففي غضون أيام قليلة نشرت شرطةً، وسلَّمت السلطة لحكومة مؤقتة، وعقدت اجتماعات مع مبعوثين أجانب، مما يثير مخاوف بشأن ما إذا حُكَّام دمشق الجدد سيلتزمون بعدم إقصاء أحد.

ومنذ أطاحت «هيئة تحرير الشام»، تحت قيادة الشرع وبدعم تحالف من قوات معارضة، ببشار الأسد من السلطة، يوم الأحد، انتقل موظفوها الذين كانوا حتى الأسبوع الماضي يديرون إدارة إسلامية في شمال غربي سوريا إلى مقر الحكومة في دمشق.

وكان تعيين محمد البشير رئيس حكومة «هيئة تحرير الشام» في إدلب رئيساً انتقالياً جديداً للوزراء في سوريا، يوم الاثنين، بمثابة تأكيد على مكانة الهيئة باعتبارها الأقوى بين الفصائل المسلحة التي حاربت لأكثر من 13 عاماً لإنهاء سنوات الأسد الذي حكم بقبضة من حديد.

ورغم أن الهيئة كانت تابعة لتنظيم «القاعدة» قبل فك الارتباط معها عام 2016، فقد نجحت في طمأنة زعماء العشائر والمسؤولين المحليين والسوريين العاديين خلال زحفها إلى دمشق؛ بأنها ستحمي معتقدات الأقليات، وقد حظيت بدعم واسع النطاق. وساعدت هذه الرسالة في تسهيل تقدُّم مقاتلي الفصائل. ويكرر الشرع الرسالة نفسها منذ الإطاحة بالأسد.

وفي مكتب محافظ دمشق، حيث الجدران المزينة بشكل رائع بالخشب المطعَّم والزجاج الملوَّن، قلَّل مسؤول تم جلبه من إدلب لتولي المسؤولية من شأن المخاوف من أن سوريا تتجه نحو شكل إسلامي من أشكال الحكم.

وقال محمد غزال، وهو مهندس مدني يبلغ من العمر 36 عاماً ويرتدي نظارة طبية ولديه لحية كثيفة ويتحدث الإنجليزية بطلاقة تقريباً: «لا يوجد شيء اسمه الحكم الإسلامي. في النهاية، نحن مسلمون، ومؤسساتنا أو وزاراتنا مدنية».

وأضاف: «ليس لدينا أي مشكلة مع أي عرق أو دين. ومَن صَنع المشكلة هو النظام (السابق بقيادة الأسد)».

ورغم ذلك، فقد أثارت الطريقة التي اتبعتها «هيئة تحرير الشام» في تشكيل الحكومة المؤقتة الجديدة، من خلال استقدام كبار الإداريين من إدلب، قلق البعض. وقالت أربعة مصادر من المعارضة وثلاثة دبلوماسيين لـ«رويترز» إنهم يشعرون بالقلق إزاء شمول العملية حتى الآن.

وقال البشير إنه سيبقى في السلطة حتى مارس (آذار) فقط، إلا أن «هيئة تحرير الشام» (التي لا تزال مُصنَّفة جماعة إرهابية لدى الولايات المتحدة، والقوة الإقليمية تركيا، وحكومات أخرى) لم تفصح بعد عن التفاصيل الرئيسية للعملية الانتقالية، بما في ذلك تفكيرها في دستور جديد.

وقال زكريا ملاحفجي أمين عام «الحركة الوطنية السورية» الذي عمل في الماضي مستشاراً سياسياً للمعارضين في حلب: «(انت عم بتجيب من لون واحد. مفروض يكون في تشارك مع الآخرين)... هذه الطريقة ليست صحيحة. المفترض أن تأتي القوى السياسية والعسكرية إلى الطاولة، وترتّب، وتضع حكومة انتقالية بالتشاور مع الآخرين. هذا يعطي دعماً للحكومة».

وأضاف: «المجتمع السوري متعدد الثقافات، (فبصراحة هيك مقلق)».

«خراب... خراب... خراب»

لإدارة هيئات حكومية، قال غزال إنه قدَّم تطمينات للموظفين وحثهم على العودة للعمل. وقال غزال إنها «دولة منهارة. خراب، خراب، خراب».

وتتركز أولوياته للأشهر الثلاثة المقبلة في تشغيل الخدمات الأساسية وتبسيط البيروقراطية. كما ستتم زيادة الرواتب، التي يُقدَّر متوسطها بنحو 25 دولاراً في الشهر لتتماشى مع أجور حكومة الإنقاذ الذي يبلغ الحد الأدنى لأجورها 100 دولار في الشهر.

ورداً على سؤال حول كيفية تمويل هذا، قال: «سوريا دولة غنية للغاية. لكن النظام اعتاد على سرقة الأموال».

كما يتولى رجال شرطة قدموا من إدلب تنظيم حركة المرور في دمشق، في محاولة لاستعادة جانب من الوضع الطبيعي، بعد أن أمرت «هيئة تحرير الشام» الفصائل المسلحة بالخروج من المدينة. وقال أحد المسؤولين الأمنيين (لم يذكر اسمه) إن العبء أصبح كبيراً للغاية، مشيراً إلى أنهم كانوا في السابق يقومون بمهامهم في إدلب فقط.

ورغم أن «هيئة تحرير الشام» هي الأبرز بين الفصائل التي حاربت الأسد، فإن فصائل أخرى لا تزال مسلحة، خاصة في المناطق الواقعة على الحدود مع الأردن وتركيا.

وخلال سنوات الحرب، كانت تقع في كثير من الأحيان صدامات بين فصائل مسلحة، مما يترك إرثاً من التنافسية والعداء يُنظر إليه على أنه أحد المخاطر العديدة التي تهدد الاستقرار في سوريا ما بعد الأسد.

وقال يزيد صايغ، وهو زميل أول بمركز «كارنيغي» لـ«الشرق الأوسط» إن «(هيئة تحرير الشام) تسعى بوضوح إلى الحفاظ على الزخم على جميع المستويات»، مضيفاً أن أي مجموعة في موقفها تتولى السلطة من نظام منهار في بلد منهك، ستتصرف بشكل عام بالطريقة ذاتها.

وأضاف: «هناك مخاطر متعددة تكمن في تحديد (هيئة تحرير الشام) للأولويات، ووتيرة ما سيأتي بعد ذلك. أحد هذه المخاطر إنشاء شكل جديد من الحكم الاستبدادي، هذه المرة في ثوب إسلامي».

لكنه ذكر أن تقديراته تشير إلى أن تنوُّع المعارضة والمجتمع في سوريا من شأنه أن يجعل من الصعب على مجموعة واحدة احتكار النفوذ.

وقال إن «تركيا، الداعم المؤثر للمعارضة، حريصة أيضاً على أن تكون هناك حكومة قادرة على الفوز بالدعم الدولي».

«سنبقى حتى مارس»

قال مصدر من المعارضة مطَّلع على مشاورات «هيئة تحرير الشام» إن جميع الطوائف السورية سيكون لها تمثيل في حكومة تصريف أعمال. وأوضح المصدر أن من الأمور التي سيتم تحديدها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة ما إذا كان ينبغي أن يكون نظام الحكم في سوريا رئاسياً أم برلمانياً.

واندلعت الثورة السورية ضمن ما يُعرَف بانتفاضات الربيع العربي عام 2011 التي أطاحت بالحكام في مصر وتونس وليبيا واليمن، وأعقبتها فترات انتقالية مضطربة وعنيفة في كثير من الأحيان.

وفي مقابلة مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية نُشِرت أمس (الأربعاء)، قال رئيس الوزراء البشير: «سنبقى حتى مارس (آذار) 2025 فقط».

وأوضح أن الأولويات استعادة الأمن وسلطة الدولة، وإعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وتوفير الخدمات الأساسية.

وعندما سُئِل عما إذا كان الدستور السوري الجديد سيكون إسلامياً، قال إن «هذه التفاصيل» سيتم توضيحها خلال عملية صياغة الدستور.

وقال محمد علاء غانم، وهو ناشط سوري بارز مقيم في واشنطن وعلى اتصال بشخصيات بارزة من المعارضة، إن «هيئة تحرير الشام» مطالَبة بأن «تتحلى بالذكاء، وأن تنفذ الانتقال بشكل صحيح، لا أن يتملكها الغرور، وتهيمن بشكل كامل على الحكومة الجديدة».

وحثت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن «هيئة تحرير الشام» على عدم تولي القيادة بشكل تلقائي في سوريا، وإنما تبني عملية لا تقصي أحداً لتشكيل حكومة انتقالية، وفقاً لمسؤولين أميركيين ومساعد في الكونغرس مطلعين على الاتصالات الأميركية الأولى مع الهيئة.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن الانتقال في سوريا يجب أن يؤدي إلى «حكم موثوق وشامل وغير طائفي»، بما يتفق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم «2254».

ويدعو هذا القرار، الذي تمت الموافقة عليه في عام 2015، إلى عملية بقيادة سوريا تتولى الأمم المتحدة تسهيلها، والتأسيس لحكم غير طائفي في غضون 6 أشهر، وتحديد جدول زمني لعملية صياغة دستور جديد.

كما يدعو إلى انتخابات حرة ونزيهة.