«الآلية الثلاثية» تتراجع عن إلغاء الحوار بين الأطراف السودانية

سفير الاتحاد الأفريقي أكد لـ«الشرق الأوسط» وجود تباينات بداخلها... والخرطوم تستدعي الموفد الأممي

محمد الحسن ولد لبات الموفد الأفريقي إلى السودان (أ.ف.ب)  -  فولكر بيرتس الموفد الأممي إلى السودان (أ.ف.ب)
محمد الحسن ولد لبات الموفد الأفريقي إلى السودان (أ.ف.ب) - فولكر بيرتس الموفد الأممي إلى السودان (أ.ف.ب)
TT

«الآلية الثلاثية» تتراجع عن إلغاء الحوار بين الأطراف السودانية

محمد الحسن ولد لبات الموفد الأفريقي إلى السودان (أ.ف.ب)  -  فولكر بيرتس الموفد الأممي إلى السودان (أ.ف.ب)
محمد الحسن ولد لبات الموفد الأفريقي إلى السودان (أ.ف.ب) - فولكر بيرتس الموفد الأممي إلى السودان (أ.ف.ب)

برز انقسام داخل مكونات الآلية الثلاثية، الأممية – الأفريقية، التي تسهل وترعى الحوار بين الأطراف السودانية، يهدد استمرار العملية السياسية، وذلك بعد تسريب خطابات مزيلة باسم الآلية تتحدث عن إلغاء عملية الحوار، إثر إعلان قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، انسحاب القوات المسلحة من المفاوضات الجارية.
بيد أن الآلية الثلاثية عادت وأصدرت بيانا أوضحت فيه، أن المحادثات التي تيسرها، ستستمر وأن ما تم إلغاؤه هو الحوار بين العسكريين والمدنيين في الوقت الحالي، على أن يستمر مع جميع المكونات التي شاركت في الاجتماع الفني في 8 من يونيو (حزيران) الماضي.
وأكدت الآلية أن الخطاب الذي تم إرساله حمل عن طريق الخطأ توقيع مبعوث الاتحاد الأفريقي، محمد ودلبات، ومبعوث منظمة التنمية الأفريقية الحكومية (إيقاد) إسماعيل وايس، من دون استشارتهما في النص المحدد، لوجودهما خارج البلاد.
وفي غضون ذلك، استدعت وزارة الخارجية السودانية، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، رئيس بعثة «يونتامس» إلى السودان، فولكر بيرتس، وشددت على أهمية تحري الدقة في صياغة البيانات التي تصدر عن البعثة.
وقال وكيل وزارة الخارجية، السفير دفع الله الحاج علي، إن مثل هذه التصريحات تحدث تشويشاً وبلبلة للرأي العام. ودعا البعثة الأممية إلى الالتزام بالمهنية والحيادية، للوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف.
ومن جانبه، عبّر بيرتس عن أسفه للخطأ الذي صاحب إصدار البيان الأول للآلية، مشيراً إلى أن جهودهم في تسيير عملية الحوار لن تتوقف.
سفير الاتحاد الأفريقي في الخرطوم، المتحدث الرسمي باسم الآلية الثلاثية، محمد بلعيش، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن العملية السياسية التي تقوم بتسهيلها وتيسيرها الآلية الثلاثية لم ولن تتوقف، ولم يتم إلغاء الحوار بل تم فقط إرجاء عقد اجتماع مع الأطراف.
وقال سفير الاتحاد الأفريقي إن الحوار المدني - المدني سيستأنف مباشرة بعد عطلة عيد الأضحى المبارك، وأن البيان التوضيحي الذي أصدرته الآلية لرفع أي لبس أو سوء فهم في هذا الخصوص.
وحول ما إذا كانت هنالك خلافات داخل الآلية من عملية الحوار، اعتبر بلعيش أن التباينات في وجهة النظر داخل أي جسم مسألة عادية وطبيعية. أضاف: «المهم هو تجاوزها والتغلب على كل العوائق، حتى تستطيع الآلية أداء مهمتها، المنحصرة في التسهيل، وجعل الفرقاء السودانيين يمتلكون العملية السياسية وينجزون التسوية التي يرتضونها بالتوافق والتراضي».
وكان ائتلاف المعارضة الرئيسي (قوى الحرية والتغيير) قاطع المفاوضات المباشرة التي دعت لها الآلية الثلاثية في مطلع يونيو الماضي، ما دفع السعودية والولايات إلى التدخل العاجل والوساطة لإنقاذ العملية السياسية من الانهيار.
ولا يخفي مراقبون وجود خلافات داخل الآلية الثلاثية، التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي و«إيقاد»، حول إدارة العملية السياسية، رغم نفي الأطراف ذلك.
واصطدم «المكون العسكري»، الذي يحكم البلاد بإجراءات عسكرية منذ 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكثر من مرة بالبعثة الأممية، ورئيسها فولكر بيرتس، إلى حد أن القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، هدد بطرده من البلاد لتدخله في الشؤون السياسية، كما استدعته وزارة الخارجية السودانية بشأن تحذيراته للسلطات السودانية من استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين.
وضغط المكون العسكري على بعثة الأمم المتحدة المتكاملة في السودان (يونيتامس) والتي ابتدرت عملية الحوار -لإشراك الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد في مبادرة حل الأزمة السياسية في البلاد.
وفي المقابل تأخذ قوى معارضة مؤثرة في المشهد السياسي على الاتحاد الأفريقي عدم حياديته في التعاطي مع أطراف الأزمة، ولا تخفي اتهامه بشكل واضح انحيازه للمكون العسكري.
وتم أمس لقاء بين السفير السعودي في الخرطوم علي بن حسن جعفر، وبيرتس، لبحث إمكان دعم الحوار أو تعزيز جهود الآلية الثلاثية مع المكونات السياسية للوصول إلى حلول سلمية للأزمة السودانية.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الجزائر تتهم المخابرات الفرنسية بـ«زعزعة استقرارها»

عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)
عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر تتهم المخابرات الفرنسية بـ«زعزعة استقرارها»

عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)
عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)

إذا كان معروفاً بأن العلاقات الجزائرية - الفرنسية، تمر بأسوأ حالاتها منذ أشهر، فإن اتهامات جديدة صدرت عن الجزائر ضد باريس، تزيدها توتراً وتصعيداً، خصوصاً أنها تزامنت مع «قضية سجن الكاتب بوعلام صنصال» التي ما زالت تثير خلافاً حاداً بين ضفتي المتوسط، استدعي إليها التاريخ و«الحنين إلى الجزائر الفرنسية» ومواقف اليمين المتطرف من الهجرة.

ونشرت صحيفة «المجاهد» الفرنكفونية، أكبر الجرائد الحكومية في البلاد، بموقعها الإلكتروني، ليل السبت - الأحد، خبر استدعاء السفير الفرنسي لدى الجزائر ستيفان روماتيه، الأسبوع الماضي، «حيث تم توجيه تحذير شديد له، بعد الكشف عن معلومات خطيرة تتعلق بتورط جهاز الأمن الخارجي الفرنسي، في حملة لتجنيد إرهابيين سابقين في الجزائر، بهدف زعزعة استقرار البلاد».

السفير الفرنسي لدى الجزائر ستيفان روماتيه (حسابه الخاص بوسائل التواصل الاجتماعي)

ونقلت الصحيفة خبر استدعاء السفير عن «مصادر دبلوماسية موثوق بها»، مشيرة إلى «قضية المدعو عيساوي محمد الأمين»، وهو شاب ثلاثيني أكد في تصريحات بثتها قناة تلفزيونية عمومية، الخميس الماضي، أن مكتب المخابرات الفرنسية بالسفارة «وظفه لنقل معلومات إليه تخص الجهاديين الجزائريين بالعاصمة، الذين عادوا من مناطق الصراع في سوريا، ومعطيات عن شبكات الهجرة السرية بوهران»، بغرب البلاد.

وأكدت صحيفة «المجاهد»، أن مسؤولي وزارة الخارجية الجزائرية «أبلغوا السفير الفرنسي الرفض الصارم للسلطات العليا في البلاد لسلسلة الاستفزازات والأعمال العدائية الفرنسية تجاه الجزائر». كما نقلت عن المصادر نفسها أن السلطات تقول إن «هذه التصرفات لا يمكن أن تمرَّ دون عواقب». وحرصت الصحيفة على تأكيد أن حديث السلطات مع ستيفان روماتيه، بخصوص الموضوع «كان حازماً وقاطعاً».

وتناولت الصحيفة نفسها أحداثاً تؤكد، حسبها، «الاستفزازات الفرنسية تجاه الجزائر»، ومن بينها مصادرة أسلحة وذخيرة بميناء بجاية (250 كلم شرق العاصمة)، الصيف الماضي، قالت أجهزة الأمن يومها، إنها «جاءت من ميناء مرسيليا» بالجنوب الفرنسي، وبأنها كانت موجهة إلى عناصر تنظيم يطالب بالحكم الذاتي في القبائل الجزائرية (شرق العاصمة). وتتهم الجزائر باريس بـ«إيواء» رأس هذا التنظيم، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، اللاجئ السياسي فرحات مهني، الذي تطالب الجزائر باعتقاله لاتهامه بـ«الإرهاب».

الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «السبعة» الكبار بإيطاليا في 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

ونقلت صحيفتا «الخبر» بالعربية، و«لوسوار دالجيري» بالفرنسية، أيضاً، خبر استدعاء السفير وتأنيبه، وبقية التفاصيل عن المآخذ الجزائرية ضد الفرنسيين.

وضمت «أدلة الإدانة»، وفق ما ذكرت «المجاهد»، قضية اعتقال وسجن الكاتب الجزائري الفرنسي، بوعلام صنصال»، المتهم بـ«المس بالوحدة الوطنية وبالسلامة الترابية للبلاد»، إثر تصريحات أطلقها في فرنسا، عدَّ فيها أن مناطق واسعة من غرب البلاد، «اقتطعها الاستعمار الفرنسي من المغرب». وجرى اعتقال صنصال بمطار الجزائر العاصمة، يوم 16 من الشهر الماضي، بينما كان عائداً من باريس.

ولفتت الصحيفة نفسها إلى «هجوم إعلامي منسَّق في فرنسا ضد الجزائر»، بعد سجن الروائي السبعيني، مشيرة إلى «تصريحات مهينة تجاه المسؤولين الجزائريين، من طرف شخصيات فرنسية»، أظهرت تعاطفاً مع صنصال، وطالبت بالإفراج عنه، عادَّة إياه «سجين رأي».

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

وأكدت صحيفة «المجاهد» على لسان «المصادر الدبلوماسية الموثوق بها»، أن الجزائر «لن تبقى متفرجة على هذه الهجمات المتتالية التي تستهدف سيادتها؛ فهي مصممة على الحفاظ على كرامتها، وستتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة محاولات التدخل هذه». ويُفْهم من حدة اللهجة التي تضمنها المقال أن الخطاب نابع من أعلى سلطة في البلاد، ويرجَّح أنها الرئاسة.

وكانت الجزائر سحبت سفيرها من باريس في 30 يوليو (تموز) الماضي، «بشكل فوري» بعد إعلانها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، علماً أن الجزائر تساند «بوليساريو» في مطلبها «تقرير مصير الصحراء عن طريق استفتاء تنظمه الأمم المتحدة»، وترفض بحدة الحل الذي تقترحه الرباط.