محمد خضير: الثمانون تفضح خداعَ المعادلة التي تساوي بين الزمنين الإبداعي والعُمري

الوسط الثقافي العراقي يحتفي بثمانينيات صاحب «المملكة السوداء»

محمد خضير: الثمانون تفضح خداعَ المعادلة التي تساوي بين الزمنين الإبداعي والعُمري
TT

محمد خضير: الثمانون تفضح خداعَ المعادلة التي تساوي بين الزمنين الإبداعي والعُمري

محمد خضير: الثمانون تفضح خداعَ المعادلة التي تساوي بين الزمنين الإبداعي والعُمري

يحتفي الوسط الثقافي العراقي هذا العام بثمانينية القاص والروائي محمد خضير، الذي يعد أحد الشواخص الإبداعية والرائدة في القص العراقي والعربي، ومن الرموز المهمة في الثقافة العراقية، حيث صاغ لنفسه وعبر ستة عقود من الكتابة أسلوبه الخاص، وحضوره الأدبي المتميز.
ولد خضير في مدينة البصرة عام 1942، وحصل فيها على شهادة دار المعلمين. نشر أول قصة له في مجلة «الأديب» العراقية عام 1962، وصدرت له مجموعته الأولى «المملكة السوداء» عام 1972. نال عدداً من الجوائز منها جائزة سلطان العويس عام 2004، وجائزة «القلم الذهبي» من اتحاد الأدباء في العراق عام 2008. التقته «الشرق الأوسط» لإضاءة بعض تفاصيل تجربته في الكتابة.

> في وقت نحتفل فيه بثمانينيتك، نتذكر أن علينا الاحتفاء بستينيتك في الكتابة، حيث كانت أول قصة نشرتها عام 1962 في مجلة «الأديب العراقي»... عندما تنظر إلى الخلف وبمسافة ستين عاماً، ما الذي تتحدث فيه عن تجربتك؟
- الثمانون حد زمني افتراضي أستعيد من عنده محطات عُمرية سابقة، وذكريات هادئة وعنيفة، وأياماً حافلة بالدهشة والأسى اللذيذ. عندما ألتفت للوراء، ألفي الفتى الشاب وقد انتقل من عمل «النشرات الحائطية المدرسية» إلى كتابة القصة القصيرة، وسط مجرى اجتماعي مضطرب. لم يكن ذاك انتقالاً هادئاً، فقد كانت «الستون» قفزة فوق سياج المدرسة النظامية إلى شارع الثورة الصاخب. لم يكن ذلك الحد البعيد سنة التخرج فقط من الدراسة الثانوية، بل عاصر أيضاً محاولة اغتيال الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم، وتحليق يوري غاغارين في الفضاء، وتظاهرات التأييد الجماهيرية لثورة الجزائر. وحدث أن عُينت بعد سنة من تخرجي عام 1959 معلماً في مدرسة ابتدائية في ريف محافظة «الناصرية». حملتُ معي حماقاتي ولذاتي المدنية وخلطتُها بدهشة الأهوار وسكونها وعمقها الاجتماعي والطبيعي. ونتجت عن هذه الخلطة كتابة أول قصة ناضجة تحت عنوان «النيساني» نشرتها مجلة اتحاد الأدباء العراقيين عام 1962، اشتمل موضوع القصة على مناظر حصاد القمح الذي يشارك فيه عمال المزارع الوافدون من محافظات جنوبية مجاورة إلى جانب فلاحي الأهوار. كان عملاً جنيتُ منه فكرة اختيار شخصيات بأسمائها الحقيقية، وهو خلل بنيوي لم أكرره في قصصي التالية، التي احتوتها مجموعتي الأولى (المملكة السوداء) الصادرة عام 1972.
> في «كتاب العقود» يرى بعض النقاد أن النصوص التي تضمنته، هي مقتطفة من سيرتك الذاتية، وتحاكي حياتك، وإن حاولت نفي هذه «الشبهة» بجرعات من الخيال، وافتراض حيوات ومصائر... ماذا تقول في ذلك؟
- تضمن «كتاب العقود» بابين مهمين، مخصصين لسرد خبراتي الشخصية البعيدة. ففي باب «الثمانون» كتبتُ قصصاً تجري أحداثها تحت الأرض، أستبق بها حياتي التي يشاركني في تخيلها مجموعة سكان مدينة تحت لهب الشمس. أما باب «التسعون» الافتراضي فقد احتوى استباقاً من نوع آخر تحت تسمية «تجارب في الموت». والأهم من ذينك التصورين الخياليين ما حققتُه في البابين من ترابط روائي تجلى في كتبي الأخيرة، التي أنتجتها تحت شعور فلسفي ذاتي، وضحته في أحد مقالاتي. أعتقد أن حياة الكاتب العراقي، والعربي عموماً، تنقسم إلى فصلين، أو حدين افتراضيين، هما فصل «الكاووس» وفصل «الناموس». ففي الفصل الأول تتخذ حياة الكاتب منحى فوضوياً جامحاً، يأخذ به وبنصوصه إلى عنان السماء؛ لكنها تستقر وتهدأ ولا تغادر الأرض في فصل «الناموس». ولعل الفصل الثاني «الناموس» هو الذي طبعَ نصوصي الأخيرة بطابع السيرة الذاتية، حيث يتزود الكاتب لنصوصه السردية من خزين العمر المنسي والمهمل في زوايا السنين المواضي.
> بين «المملكة السوداء» مجموعتك المهمة الأولى، وسردياتك التي كتبتها أخيراً صلة ما... هل تعتقد أن هناك تواصلاً طبيعياً بينها؟ أم تراه نضجاً في الكتابة؟
- بل هو انتقال بنيوي أساسي في الرؤية والتشكيل يعكس بحث الذات الساردة عن مستقر أخير في خضم رحلة «الثمانين» المتعرجة بين الفصول والمحطات العُمرية. ولا أعني انتظام الحياة والكتابة في جوابي السابق عن فصلي «الكاووس والناموس»، إذ أنني لا أشعر بتطور تقني متجاوب قطعياً مع مرحلة متقدمة من عمري، بل عكس ذلك، فالثمانون تفضح خداعَ المعادلة التي تساوي بين الزمنين الإبداعي والعُمري. فقد يسبق الكاتب زمنَه التطوري بما ينتجه من نصوص «حكيمة» في شبابه، وقد يشعر بتيار السنين المتسارع في كهولته فينتج ما كان قد أبطأ في إنتاجه من قبل (عدد الكتب المنشورة في المدة الأخيرة وكثرتها قياساً إلى فترة الكاووس الأولى). ولكي أبرهن على هذا التداخل بين الحدين الافتراضين، الكاووس والناموس، أضرب مثلاً بصبي «الكُتاب» الذي يشعر باستباقه عمره ونموه الزمني عندما يختم القرآن الكريم (يحفظه عن ظهر قلب). إني في مرحلة ما من عمري ذلك الطفل - صبي الكُتاب - الذي تعملق بسبب «ختمته» القرآن فظن أنه عاش عمر واحدٍ من «أهل الكهف».
> اللغة هي الهاجس الأساس في عالم محمد خضير السردي، على حساب الحدث والحوار. في نصوصك منذ البدايات، جمل سردية مشحونة بالدلالة، أرى أنها خارج فن القصة القصيرة، بتعريفها المتعارف عليه... ما رأيك؟
- على العكس من ذلك، أعتقد أن اللغة السردية تكونت ونَمَت واستقرت على سُوقها (حقلها السردي الأخير خصوصاً، أي حقل النصوص السيرية الذاتية، بقوة وتمرس). والسبب في هذا الاتساق والنمو اللغوي يرجع إلى قوة المرجع الحكائي الذي شحنَ النصوص بالدلالة القصوى والمرمى البعيد. فاللغة كائن ينمو ويشتد عوده باستمرار التثقيف الذاتي والاختبار العمري للثيمات الفريدة التي لا يشترك الكاتب في صياغتها مع غيره. ومن دون ثيمة قوية، تتعطل اللغة ولا تؤدي دورها في الإشعار و«التشعير» - من الشِعرية - وتخمد كموقد النار. تصور معي ثيمة قصة «حكاية الموقد» من مجموعتي الأولى، هل لها أن تتقد بغير حكايات العجوز التي تزور أسرة الجندي الغائب بانتظام كل مساء؟ ليست الحرب من تؤجج موقد الحكايات، ولكن القلوب المكتوية بها هي من تكتب قصتَها بما تملك من مرجعيات الألم والفراق عبر لسان الجدات المعمرات فوق سن الثمانين، أو أن أولئك تجاوزنَ الأعمار فبلغنَ نهاية الحد الافتراضي للقول الحكائي المتوارث عبر القرون.
> في مجموعتك «المحجر» تتناول تظاهرات تشرين 2019، وتضع ثوار تشرين مقابل الثوار الألمان الذين أسقطوا جدار برلين عام 1989... إلى أي مدى أسهمت قصص «المحجر» في وصف هذه الحدث التاريخي؟
- في مقالة لي من كتاب «رسائل من ثقب السرطان» عنوانها «فوات ما فات وما يأتي» استعرضتُ «فواتات» كاتبٍ هرِم، عاصرَ أحداثاً مهمة كالثورة والحرب والديكتاتورية والحصار والاحتلال، طيلة قرن كامل، من دون أن يُدلي بشهادة قوية عنها. تركَ تلك الحوادث الخطيرة تذهب وكأنها طيف مرعب مسه في الحلم وسلبه إرادته ولسانه؛ فإذا هو في كهولته أمام حدثٍ من نوع خاص، احتجاج أو انتفاضة شعبية، لها طعم خاص يجمع نكهات الماضي «الفائت» مع «شعواط» الحاضر في مطبخ واحد. اندلعت حوادث تشرين 2019 لتؤجج النبرة الخافتة في نصوص سابقة دارت حول الواقع ولم تقتحمه من الداخل. أصبح الواقع جاهزاً على طبق من إعداد ماركس وحنة أرندت في نص المجموعة الأول «تحت الجسر»، واجتمعت شخصيات مركبة هبطت من «الفوات» الأعظم لحياة الكاتب الثمانيني. أعتقد أن قصص المحجر تعويض عادل، لا لكاتب النص الأول، بل لشخصيات ولِدت من رحم الأجيال الجديدة، وعاصرت الانقلاب الكبير في تعبير الأجيال القديمة الواقعي. صار كسر «التابو» الثوري ممكناً ومباحاً، من خلال تعويض الخيال الديستوبي بالخيال اليوتوبي الذي ساد زمناً في قصص الماضي. اشتغلت ثيمة الديستوبيا في الطبقة العميقة من نصوص «المحجر»، خصوصاً في القصة المفردة بهذا العنوان، من خلال المزاوجة بين الثورة والوباء (كوفيد - 19) لتدل دلالة مباشرة على مرحلتها.
> قلت لي مرة في أحد حواراتنا: إن من يساق إلى مشغل الكتابة مثل سجين محكوم بالأبدية، وهو قدر مخيف، لأنه يصلبني مثل بروميثيوس... هل هو ما يجعلك تميل إلى الجوهري والأساسي من التجارب والمعارف، وتؤمن بأن «ليس كل ما نكتبه ذا قيمة»؟
- في مراجعات عديدة (ضمنتُها سيرتي النظرية في ثلاثة كتب: الحكاية الجديدة/ السرد والكتاب/ الحديقة في الصيف) تساءلتُ عن جدوى الكتابة، فيما إذا لازمتْ جنساً أدبياً واحداً، وطريقة واحدة في رؤية الواقع. وفي هذا الحد الافتراضي - الثمانين - أطرح السؤال ذاته: أكتبنا شيئاً ذا قيمة؟ ألم نحصر ذواتنا في زاوية ضيقة، ولم نفتحها على إمكانات كثيرة أدركها كتاب مختلفون من العالم قبلنا؟ وما هذه الإمكانات في أقرب التسميات؟
لقد نبهنا تفكك نظُم العالم المركزية (الآيديولوجيات المهيمنة) إلى موت السرديات الكلاسيكية الكبرى: الواقعية والرمزية والسريالية، وشهدت السرديات الفرعية تحولاً أساسياً نحو «سرد الحقيقة»، وهو نوع يكسر حاجز التخييل ويزيح وهم المحاكاة الواقعية لصالح كتابة هي أشبه بالتقرير الصحافي، وفي أحسن الأشكال هو أقرب للسيرة الشخصية. وفي هذا النوع من السرد يتولى «الساردون الحقيقيون» تقديم شهادات مهمة عن عصرهم (كونديرا، ساراماغو، غاليانو، إيزابيل إليندي، كنزو بورو أوي، بول أوستر، كارول جويس أوتس...). وفي هذا الحد من الإزاحة الكبرى لمحاكاة الواقع، فقد يتحول اتجاه فن عريق، ومنضبط، كالقصة القصيرة وينحاز لسرد الحقيقة، الذي يتولاه سارد فعال، لا يختفي وراء ظهر راوٍ متخيل وحوادث مصطنعة. وبصفتي سارداً للقصة القصيرة، فقد جربت شكلاً ثانوياً من القص هو «السكيتش السردي»، محاولاً اكتشاف إمكانيته وإعادته إلى سكة السرد الرئيسة، بعد تطوير لطبيعته الصحافية. إنه انتقال شبيه بتطور فنون التشكيل والسينما، المستند إلى التجارب الجديدة في فن البوب والميديا الرقمية. كما أنه خلاص مؤقت من أزمات السرد وانسداد مجراه الحقيقي.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

نقابات هوليوود تنتفض ضد صفقة «نتفليكس - وارنر» البالغة 72 ملياراً

«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)
«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)
TT

نقابات هوليوود تنتفض ضد صفقة «نتفليكس - وارنر» البالغة 72 ملياراً

«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)
«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)

دقَّت نقابات هوليوود وأصحاب دُور العرض ناقوس الخطر بشأن صفقة الاستحواذ المُقترحة من «نتفليكس» على شركة «وارنر براذرز ديسكفري» بقيمة 72 مليار دولار، مُحذّرين من أنّ الصفقة ستؤدي إلى خفض الوظائف، وتركيز السلطة، وتقليل طرح الأفلام في دُور العرض إذا اجتازت مراجعة الجهات التنظيمية.

ووفق «رويترز»، من شأن الصفقة أن تضع العلامات التجارية التابعة لشركة البثّ العملاقة «إتش بي أو» تحت مظلّة «نتفليكس»، وأن تسلّم أيضاً السيطرة على استوديو «وارنر براذرز» التاريخي إلى منصة البثّ التي قلبت بالفعل هوليوود رأساً على عقب، عبر تسريع التحوّل من مشاهدة الأفلام في دُور السينما إلى مشاهدتها عبر المنصة.

وقد تؤدّي الصفقة إلى سيطرة «نتفليكس»، المُنتِجة لأعمال شهيرة مثل «سترينجر ثينغز» و«سكويد غيم»، على أبرز أعمال «وارنر براذرز»؛ مثل «باتمان» و«كازابلانكا».

وقالت نقابة الكتّاب الأميركيين في بيان: «يجب منع هذا الاندماج. قيام أكبر شركة بثّ في العالم بابتلاع أحد أكبر منافسيها، هو ما صُمّمت قوانين مكافحة الاحتكار لمنعه».

وتُواجه الصفقة مراجعات لمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة وأوروبا، وقد عبَّر سياسيون أميركيون بالفعل عن شكوكهم.

الصفقة تواجه أصعب امتحان تنظيمي (د.ب.أ)

وتُمثّل النقابة الكتّاب في مجالات الأفلام السينمائية والتلفزيون والقنوات الخاصة والأخبار الإذاعية والبودكاست ووسائل الإعلام عبر الإنترنت. وأشارت إلى مخاوف تتعلَّق بخفض الوظائف وتخفيض الأجور وارتفاع الأسعار بالنسبة إلى المستهلكين، وتدهور ظروف العاملين في مجال الترفيه.

وقالت «نتفليكس» إنها تتوقع خفض التكاليف السنوية بما يتراوح بين مليارَي دولار و3 مليارات دولار على الأقل، بحلول السنة الثالثة بعد إتمام الصفقة.

وحذّرت كذلك «سينما يونايتد»، وهي منظمة تجارية تُمثّل 30 ألف شاشة عرض سينمائي في الولايات المتحدة و26 ألف شاشة حول العالم، من أنّ الصفقة قد تقضي على 25 في المائة من أعمال دور العرض محلّياً.

وتُصدر «نتفليكس» بعض الأفلام في دور العرض قبل إتاحتها للمشتركين على المنصة، وقالت الشركة إنها ستحافظ على طرح أفلام «وارنر براذرز» في دُور السينما، وتدعم محترفي الإبداع في هوليوود. ووصف رئيس منظمة «سينما يونايتد» مايكل أوليري، الاندماج بأنه «تهديد لم يسبق له مثيل»، مُتسائلاً عمّا إذا كانت «نتفليكس» ستحافظ على مستوى التوزيع الحالي.

وقالت نقابة المخرجين الأميركيين إنّ لديها مخاوف كبيرة ستناقشها مع «نتفليكس». وأضافت: «سنجتمع مع (نتفليكس) لتوضيح مخاوفنا وفَهْم رؤيتهم لمستقبل الشركة بشكل أفضل. وفي الوقت الذي نقوم فيه بهذه العناية الواجبة، لن نصدر مزيداً من التعليقات».


8 علامات تشير إلى أن وظيفتك تضر بصحتك العقلية

الإرهاق يحدث عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل (رويترز)
الإرهاق يحدث عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل (رويترز)
TT

8 علامات تشير إلى أن وظيفتك تضر بصحتك العقلية

الإرهاق يحدث عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل (رويترز)
الإرهاق يحدث عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل (رويترز)

يُعبر كثير من الموظفين عن عدم رضاهم عن ظروف العمل في معظم الأحيان، فهناك دائماً جوانب في المكتب تُشعرك بالإرهاق. ولكن في بعض الأحيان، قد تكون وظيفتك ليست مُرهقة فحسب؛ بل سامة بالفعل وتستنزف طاقتك.

قد تكون الوظائف سامة لأسباب عديدة، ومُملة بشكل لا يُطاق. قد يكون الزبائن هم من يجعلونها سامة؛ مثل رواد المطاعم المُتطلبين، أو ربما يكون السبب المدير أو الزملاء غير المتعاونين، وفقاً لموقع «ويب ميد».

من المهم هنا التمييز بين الوظيفة السامة والإرهاق. يحدث الإرهاق عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل، ونُنهك تدريجياً. مع قسط كافٍ من الراحة، وربما منظور مختلف لعملنا، يمكننا التعافي من الإرهاق. ولكن إذا كانت الوظيفة بالفعل سامة، فلن تكفي أي راحة أو وقت فراغ بعد عودتك.

وإذا كنت تشعر حقاً بعدم السعادة في العمل، فابحث عن العلامات التالية التي تشير إلى أن وظيفتك سامة لصحتك النفسية والعقلية:

1. اختفاء المشاعر الإيجابية في العمل

تشعر بكثير من الفرح والراحة بعيداً عن العمل، لكن هذه المشاعر تختفي بمجرد دخولك مكان العمل. بدلاً من ذلك، تشعر دائماً بعدم الارتياح، أو التوتر، أو مجرد إرهاق عاطفي. ربما ينصحك زملاؤك بالتفاؤل، لكنك لا تستطيع سوى إجبار نفسك على الابتسام.

2. يستغرق الأمر عطلة نهاية الأسبوع بأكملها للتعافي

تتدهور صحتك النفسية طوال الأسبوع. بحلول يوم الثلاثاء، تكون مرهقاً، ولا تتخيل كيف ستصمد حتى يوم الجمعة. عندما تأتي عطلة نهاية الأسبوع أخيراً، بالكاد تتطلع إليها لأنك منهك للغاية. عندما تبدأ بالتعافي أخيراً، يحين وقت العودة إلى العمل.

3. تشعر بالتوتر والانزعاج ليلة الأحد

في ليالي الجمعة والسبت، يمكنك إبعاد العمل عن ذهنك، ولكن بحلول يوم الأحد، لن تتمكن من إنكار قدومه. من الصعب عليك التفاعل مع من حولك، ولا تستمتع بآخر يوم في عطلة نهاية الأسبوع، كما تترقب صباح الاثنين.

4. تحلم بالتقاعد - الذي قد يكون على بُعد عقود

لا يتوقف الأمر على عطلة نهاية الأسبوع - بل تحلم بإجازة دائمة من العمل. قد تبدأ حتى بالتخطيط لتقاعدك، أو التفكير في طرق للثراء حتى لا تضطر للعمل.

5. نوعية نومك تكون أسوأ بكثير في أيام العمل

العمل الضار يمكن أن يُفسد نومك تماماً. يشعر بعض الناس بالآثار في أيام عملهم (عادةً من الاثنين إلى الجمعة)، بينما قد يلاحظها آخرون تحسباً للعمل (من الأحد إلى الخميس).

6. تشعر بالمرض الجسدي

أظهرت دراسات لا حصر لها آثار التوتر المزمن على جهاز المناعة. إذا كنتَ مُسَمَّماً ببيئة عملٍ سيئة، فستشعر بآثارها ليس فقط على عقلك وروحك؛ بل على جسدك أيضاً. يبدو الأمر كأنك تُصاب بكل فيروسٍ منتشر، وتستغرق وقتاً أطول للتعافي من المعتاد.

7. تأخذ كثيراً من الإجازات الشخصية

حتى عندما لا تكون مريضاً جسدياً، قد تختار البقاء في المنزل قدر الإمكان. في بعض الأيام، تستيقظ وتبدو فكرة الذهاب إلى العمل مستحيلة. ربما تصل إلى حد ارتداء ملابسك وتناول الفطور، لكن فكرة القيادة إلى العمل تُشعرك بالغثيان.

8. لا تحب الشخص الذي أنت عليه في العمل

ربما يكون أبرز دليل على أن وظيفتك سامة أنها تُغيرك بطرق لا تُحبها. قد تجد نفسك منعزلاً، ومُركزاً على نفسك، ومتشائماً. وقد يمتد هذا إلى وقتك في المنزل مع عائلتك، وهو الجزء الأكثر إزعاجاً لك.

إذا كانت بعض هذه الأعراض تُؤثر عليك، ففكّر ملياً في مستقبلك بهذا المنصب. هل هناك طريقة لتغيير الوظيفة لتقليل تأثيرها عليك؟ أم أن الوقت قد حان لتغيير وظيفة أخرى؟ ناقش هذه الأفكار مع شخص تحبه وتثق به، وانتبه لمن تتواصل معه، خصوصاً من له مصلحة في قرارك. على سبيل المثال، زميل العمل الذي لا يريدك أن تترك الوظيفة، من المرجح أن يُعطيك تقييماً متحيزاً.


ميغان تعود إلى المطبخ ببيجاما العيد والأمير هاري يفضّل طهو أمّها

حلقة خاصة من برنامج ميغان ماركل بمناسبة الأعياد (نتفليكس)
حلقة خاصة من برنامج ميغان ماركل بمناسبة الأعياد (نتفليكس)
TT

ميغان تعود إلى المطبخ ببيجاما العيد والأمير هاري يفضّل طهو أمّها

حلقة خاصة من برنامج ميغان ماركل بمناسبة الأعياد (نتفليكس)
حلقة خاصة من برنامج ميغان ماركل بمناسبة الأعياد (نتفليكس)

حلقة ميلادية تقدّمها ميغان ماركل على «نتفليكس»، استكمالاً للموسمَين السابقَين من برنامجها الخاص بالطبخ، والشؤون المنزلية With Love، Meghan (مع الحب، ميغان). تَوقّع الجمهور مجموعة من الحلقات، إلا أنّ احتفال دوقة ساسكس بالعيد يقتصر على حلقة واحدة لا تتجاوز مدتها الساعة.

لا تحيد زوجة الأمير هاري عن التركيبة المألوفة للبرنامج. من أفكار لديكورات المنزل، إلى المهارات اليدوية، لتبقى الحصة الأساسية للطبخ إلى جانب أصدقاء، ومشاهير.

أين آرتشي وليليبيث؟

لموسم أعياد آخر السنة سحرُه الخاص، بالموسيقى، والأنوار، والزينة، والهدايا، فلا حاجة لبذل مجهودٍ كبير في صناعة صورةٍ جذّابة. مع العلم أنّ الصورة الأنيقة التي تتيح مشاهدة مريحة، هي أكثر ما برع فيه برنامج ميغان على مدى فصوله الثلاثة.

بحثاً عن شجرة العيد، تنطلق الدوقة في رحلتها الميلادية. هو تقليدٌ أميركي غالباً ما يجمع أفراد العائلة كلهم، حيث يقصدون مشتلاً لابتياع جذعٍ للتزيين. إلا أن ميغان تذهب بمفردها، بلا الأمير هاري، ولا ولدَيهما آرتشي وليليبيث.

يحضر الطفلان من خلال ذِكرهما فحسب، كأن تعدّ ميغان لهما روزنامة العيد مع اسمَيهما مطرّزَين عليها، وكأن تُخبر أحد ضيوفها بأنّ ليليبيث (4 سنوات) باتت تتصرّف كأنها سيّدة صغيرة حالياً. أما الأمير هاري، الذي أطلّ في الموسم الأول ثم غاب عن الثاني مثيراً التساؤلات حينها، فيظهر لـ5 دقائق في نهاية الحلقة.

الضيف الأول في الحلقة الشيف ويل غويدارا (نتفليكس)

هاري يكره الشمندر

في الجزء المخصص لتحضير أطباق العيد، وخلال استضافة ميغان الشيف طوم كوليكيو، تخبر الأخير بأن زوجها لا يحب الشمندر، ولا الزيتون، ولا الشمر، ولا سمك الأنشوفة. غير أنها تصرّ على جمع كل تلك المكونات في سلَطة واحدة. وعندما يطلّ هاري برأسه من باب المطبخ، يفاجأ بقائمة طعام ليست المفضّلة لديه، إلا أنّ ذلك لا يسلبه شيئاً من مزاجه المرح، وعفويّته، وبساطته أمام الكاميرا.

حتى إن الأمير لا يتردد في المبالغة بصراحته عندما يعلّق على مذاق طبق الـ«غامبو» التقليدي من تحضير زوجته، قائلاً لها إنه جيّد، لكن ليس أفضل من ذاك الذي تحضّره والدتها. يبقى كل ذلك في إطار المزاح، إذ يحرص الثنائي ضمن إطلالة هاري المقتضبة على إظهار القرب، والرومانسية بينهما.

إطلالة سريعة للأمير هاري في نهاية الحلقة (نتفليكس)

ميغان ماركل التلميذة المجتهدة

باستثناء الأجواء الميلاديّة التي تميّز هذه الفترة من السنة، لا يوجد شيء مميّز في الحلقة. أسماء ضيوفها ووجوههم ليست معروفة على نطاقٍ عالمي. كما فيها من التبسيط ما قد يدفع بقسم من المشاهدين إلى عدم الرغبة في المتابعة حتى النهاية. وفيها من المبالغة ما قد يصعّب على قسم آخر منهم التماهي مع ما يجري على الشاشة.

هل لدى ربّات المنازل والأمهات، ومعظمهنّ من الطبقة العاملة، متّسع من الوقت لدعوة أصدقائهنّ من أجل تحضير كل تلك الزينة الخاصة بالعيد؟ هل هنّ فعلاً مهتمات بتعلّم كيفية تغليف الهدايا بإتقان؟

تجلس ميغان وضيفها الأول الشيف ورجل الأعمال ويل غويدارا، تعلّمه كيف يصنع علباً صغيرة على هيئة هدايا تضمّ سكاكر، وألعاباً منمنمة للأطفال. ثم تستضيف لاعبة كرة المضرب ناومي أوساكا، المصنّفة 16 عالمياً، لتوجّهها في كيفية الرسم على الصحون، والأكواب.

من ضيوف الحلقة لاعبة التنس ناومي أوساكا (نتفليكس)

أمام احترافية ميغان في الرسم، وأمام خطّها الجميل في الكتابة، ينتاب ضيوفَها الخجل. تبدو أوساكا مرتبكة، ومترددة؛ وكأنه حُكم عليها بمباراةٍ لم تكن ترغب في خوضها. تكثر لحظات الصمت، وتحاول ميغان أن تكسرها ببعض المزاح، لكنّ شيئاً لا يكسر ما تعطيه من انطباع بأنها التلميذة المجتهدة التي لا يستطيع أحد منافستها على المرتبة الأولى.

حتى مع صديقاتها المدعوّات لتذوّق حلوى العيد، وتعلّم كيفية تحضير أكاليل الزينة الخضراء، لا يتبدّل ذلك الانطباع، رغم أن اللباس موحّد بينهنّ؛ البيجاما الحمراء.

حلوى نجمة العيد بالقرفة على طريقة ميغان ماركل (نتفليكس)

ميغان تخسر السحر...

لدى ميغان ماركل موهبة إضافية، وهي أنها تجعل كل الوصفات والديكورات تبدو سهلة التنفيذ، مع أنها ليست كذلك في الواقع. وهذا التبسيط لا يبرّر للبرنامج تغاضيه عن عرض مكوّنات الأطباق على الشاشة، على غرار ما تفعل كل برامج الطهو.

رغم محاولات الإيحاء بالعفويّة، تبدو الأمور على درجة عالية من التحضير، والتمثيل. ينطلق ذلك ربما من تمسّك ميغان بالمثاليّة، وهي تقرّ بذلك حين تقول: «أتوتّر كثيراً من أجل أن يكون كل شيء مثالياً، إلى درجة أنني أخسر السحر الذي يحدث حتى في الأخطاء».

ميغان ماركل تعلّم صديقتَيها كيفية تحضير ديكور العيد (نتفليكس)

من وصفات ميغان

* ميني كيش

تقدّم الكيش الصغيرة كمقبّلات، وهي عبارة عن عجينة مخبوزة ومحشوّة بالجبن، وبالخضار. ووفق وصفة ميغان ماركل، فإن النسخة الأولى من الكيش تحتوي على خليط جبنة الغرويير، والسبانخ، والزبدة، إضافة إلى الملح، والبهار. أما النسخة الثانية ففيها جبن البارميزان، والغرويير، واللحم المقطّع صغيراً، إضافة إلى الزبدة، والزعتر، والثوم، والبصل.

الميني كيش على طريقة ميغان ماركل (نتفليكس)

* غامبو

هي في الواقع وصفة ورثتها ميغان ماركل عن والدتها، والغامبو في الأساس طبق تقليدي من ولاية لويزيانا الأميركية، يحتفي بالجذور المتعددة لأهل تلك الولاية، لا سيّما منهم الأميركيون ذوو الأصول الأفريقية.

الغامبو يخنة مكوّنة من أفخاذ الدجاج، ونقانق اللحم، والجمبري، تُقدّم مع الأرزّ. أما طريقة التحضير فترتكز على مزيج الـ«رو»، وهو الطحين المطهو مع الزبدة، إضافةً إلى البصل، ومرق الدجاج، والفلفل الحلو، والكرفس، والبهارات.

الإجاص المشوي وفق وصفة ميغان ماركل (نتفليكس)

* الإجاص المشوي

أما للوجبة الأخيرة، فقد اختارت ميغان حلوى الإجاص المشوي. من أجل التحضير، يجب تفريغ الإجاصة من بذورها ووضع القليل من الزبدة في الوسط، ثم رش القليل من القرفة، والزنجبيل، ورش الليمون، وقطرة من العسل، وإدخال الفاكهة إلى الفرن لمدة 20 دقيقة. قبل التقديم، تنصح ميغان بتزيين الإجاص المشوي بالمكسّرات، والزبادي.