الهدنة اليمنية بين التمديد وعودة شبح الحرب

محللون: الاستمرار رهن التزام الحوثيين... وعودة المواجهات خيار «مكلف»

TT

الهدنة اليمنية بين التمديد وعودة شبح الحرب

قبل أيام من انتهاء الهدنة الأممية في اليمن، يرى محللون أن عودة المواجهات ستكون خياراً مكلفاً؛ لكنهم حذروا في الوقت نفسه من أن التمادي وعدم تنفيذ التزامات الهدنة قد يتطلب تعاملاً خشناً للضغط باتجاه تحقيق السلام المنشود.
وتفاوتت آراء ساسة ومحللين يمنيين بشأن فرص تمديد الهدنة الأممية التي أعلنت مطلع أبريل (نيسان) الماضي لمدة شهرين، وينتظر أن تنتهي في 2 يونيو (حزيران) المقبل.
ويرى لطفي نعمان -وهو سياسي يمني- أن من واجبات سلطات الدولة الشرعية استمرارها في خيار تقدير وتقديم معاناة المواطنين من استمرار المواجهات التي تعد خياراً مكلفاً للجميع؛ لكنه في الوقت نفسه ضاغط على من ينتهز استمرار الهدنة لإبداء اشتراطات وممارسة مزايدات.
وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «يدرك مجلس القيادة الرئاسي قدر الضغوط العامة على المواطنين جراء استمرار الحرب، وما اعترى مساره من فشل بعض الحلول، ولذا فإنه يصبر على ما يلاقي من الجانب الآخر من تأخير وتمنع عن أداء بعض الالتزامات، ومنها تأخير تسمية وتعيين وفده للتشاور على فتح معابر الحوبان».
وبينما يشير نعمان إلى أن «كل الخيارات مفتوحة ومطروحة» في حال لم تمدد الهدنة الأممية، لفت إلى أن «ثمة حدوداً للحِلم والصبر على داء (الدلال الميليشياوي) لدى سلطة الدولة -أي سلطة دولة- ومن طبائع النظم والسلطات دوماً أن من يمد يد السلم غير عاجز البتة عن أن يمد يداً أخرى تضغط في اتجاه السلم المُنتظر، وتدفع إلى السير في سبيل السلام لليمن».
من جانبه، يعتقد عبد الله إسماعيل -وهو كاتب ومحلل سياسي يمني- أن «مسألة تمديد الهدنة ستمثل نوعاً من أنواع مكافأة جماعة الحوثي لعدم تنفيذها أي بند من بنود الاتفاق». وتابع: «أعتقد أنه لا يجب على الشرعية أن تذهب باتجاه قبول تمديد الهدنة، ما لم يكن هناك خطوات جادة لتنفيذ حقيقي وليس تعهدات من الأمم المتحدة ومبعوثها، أو الدول التي ترعى العملية السياسية في اليمن».
المشهد شديد الوضوح –بحسب إسماعيل– الذي أضاف قائلاً: «مهما كانت هنالك تنازلات إنسانية من جانب الشرعية تستهدف مصلحة اليمنيين والتخفيف من معاناتهم، ففي المقابل ليس هناك أي تجاوب من جماعة الحوثي الإرهابية التي تعتبر مثل هذه التنازلات انتصارات كبرى وتسوق لهذا».
وتابع: «هذا المشهد العبثي يجب ألا يتكرر في هدنة قادمة، على الشرعية ألا تخطو خطوة أو توافق على التمديد حتى تكون هناك جدية حقيقية وواضحة، وليست مجرد تطمينات ووعود فارغة».
ويرى عبد الله إسماعيل أن الخيارات أمام الشرعية كبيرة جداً، مبيناً أن عليها التركيز الآن على «تنفيذ استحقاقاتها والتحرك بفاعلية في إطار توحيد الملف العسكري والأمني، والتحرك بشكل واضح في المسألة الاقتصادية، وتطبيع الحياة في المناطق المحررة، ثم التجهيز لاستكمال إعادة مؤسسات الدولة وكسر سلاح جماعة الحوثي».
بدوره، استبعد حسين الصوفي رئيس مركز البلاد للدراسات ومقره مأرب، أن تكون الهدنة نُفذت بمعناها الحقيقي منذ البداية، مستشهداً بالتقارير اليومية للخروقات الحوثية.
وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لم تكن هدنة بالمعنى الحقيقي، الصواريخ تستهدف المدن، والقنص والحصار في تعز مستمر (...) الكرة الآن في ملعب الشرعية، يجب أن يختلف التعامل كلياً، وأن يكون هناك تعامل خشن ينقذ الشعب اليمني، ويضع الأمور في نصابها؛ لأن كثرة التنازلات تعطي جماعة الحوثي جرعة لاستمرار ممارسة إرهابها».


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.