تبون بحث مع إردوغان تعزيز العلاقات وتطورات أزمة ليبيا

في أول زيارة لرئيس جزائري إلى تركيا منذ 17 عاماً

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبلاً نظيره الجزائري في أنقرة أمس (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبلاً نظيره الجزائري في أنقرة أمس (أ.ب)
TT

تبون بحث مع إردوغان تعزيز العلاقات وتطورات أزمة ليبيا

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبلاً نظيره الجزائري في أنقرة أمس (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبلاً نظيره الجزائري في أنقرة أمس (أ.ب)

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع نظيره الجزائري، عبد المجيد تبون، سبل تطوير التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وفي مقدمتها الطاقة والتجارة والزراعة والسياحة. إلى جانب القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وأهمها الوضع في ليبيا والقضية الفلسطينية والأزمة الأوكرانية وتداعياتها.
وعقد الرئيسان جلسة مباحثات ثنائية، ثم ترأسا الاجتماع الأول لمجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين، حيث جرى توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبروتوكولات لتعزيز التعاون، ورفع حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 5 مليارات دولار. كما جرى خلال المباحثات استعراض وضع الشركات التركية في الجزائر والمشروعات التي نفذتها، والتي بلغت قيمتها 20 مليار دولار، والخطوات اللازمة لزيادة الاستثمارات المتبادلة.
وكان البلدان قد وقعا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اتفاقيات للتعاون في مجال الصحة البيطرية، وفي مجال العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، وإنشاء الغرفة الجزائرية - التركية للتجارة والصناعة، ومذكرة تفاهم بين المدرسة العليا للقضاء بالجزائر، وأكاديمية العدل التركية، وأخرى في مجال البيئة.
ويعقد اليوم (الثلاثاء)، في ختام زيارة تبون إلى تركيا، التي بدأت مساء أول من أمس، لمدة ثلاثة أيام، بدعوة من نظيره التركي، منتدى الأعمال والاستثمار التركي - الجزائري برئاستهما في مدينة إسطنبول، بهدف عرض الفرص المتاحة أمام رجال الأعمال الأتراك في ظل قانون الاستثمار الجديد الذي تعده الحكومة الجزائرية.
وعشية المباحثات، التقى تبون عقب وصوله إلى أنقرة ممثلي الجالية الجزائرية بتركيا، واستمع إلى شرح حول أوضاعهم واقتراحاتهم. وأكد قوة العلاقات التي تربط بين بلاده وتركيا، معرباً عن الاستعداد لتطويرها إلى أعلى مستوى.
ولفت الرئيس الجزائري إلى أن زيارته إلى تركيا كانت ضرورية، لا سيما في ظل التطور الملحوظ للعلاقات خلال العامين الأخيرين. وذكر أن الاستثمارات التركية في الجزائر تعد في المرتبة الأولى بين الاستثمارات الأجنبية، حيث بلغت أكثر من 4 مليارات دولار، مبرزاً أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين يتراوح بين 4 و5 مليارات دولار سنوياً، وسيتم العمل على زيادته.
وتعد زيارة تبون إلى تركيا هي الأولى لرئيس جزائري منذ 17 عاماً، وقد وصفتها السفيرة التركية لدى الجزائر، ماهينور أوزدمير جوكتاش، بأنها ستكون «نقطة تحوّل في العلاقات التركية - الجزائرية».
وبلغ حجم التبادل التجاري بين الجزائر وتركيا 4.2 مليار دولار في 2021، وبلغت قيمة الصادرات الجزائرية إلى تركيا 2.5 مليار دولار، فيما قُدّرت الواردات بـ1.7 مليار دولار. وتبلغ نسبة منتجات الطاقة من الصادرات الجزائرية 90 في المائة، وتتمثل في الغاز الطبيعي المسال والنفط الخام. وفي عام 2020، جدد البلدان عقداً يسمح للجزائر بإمداد تركيا بالغاز المسال حتى عام 2024.
وفي السنوات الأخيرة، اكتسبت العلاقات بين البلدين زخماً على جميع الأصعدة، أسهمت فيها اتفاقية الصداقة والتعاون، الموقعة بين البلدين عام 2006، وزادت نشاطاً منذ تولي عبد المجيد تبون رئاسة الجزائر نهاية عام 2019.
وينشط أكثر من 1300 شركة تركية في الجزائر، الأمر الذي أسهم في توفير أكثر من 30 ألف وظيفة.
أما على الصعيد السياسي، فهناك تنسيق بين الجزائر وتركيا في إطار مساعي إيجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا، إلى جانب تنسيق المواقف بشأن التطورات في فلسطين. وخلال زيارة الرئيس التركي إلى الجزائر في نهاية يناير (كانون الثاني) 2020، أكد تبون تطابق وجهات النظر بين البلدين بشأن تطبيق مخرجات مؤتمر برلين بشأن ليبيا لتحقيق السلام في البلد الجار. كما زار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الجزائر في أغسطس (آب) الماضي، وأجرى مباحثات مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة، أكدا بعدها تطابق وجهات النظر حيال القضية الفلسطينية، وتمسك بلديهما بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية، كما بحثا الأزمة الليبية وتطوراتها.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

لماذا لا تتدخل مصر عسكرياً في اليمن؟

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
TT

لماذا لا تتدخل مصر عسكرياً في اليمن؟

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)

أعاد نفي مصري لتقارير إسرائيلية عن استعداد القاهرة شن هجمات عسكرية ضد جماعة «الحوثي» في اليمن، تساؤلات بشأن أسباب إحجام مصر عن التدخل عسكرياً في اليمن، رغم ما تعانيه من تداعيات اقتصادية جراء هجمات «الحوثي» على السفن المارة في البحر الأحمر.

وأكد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر لا تفضل أن تقوم بأعمال عسكرية خارج حدودها»، وأشاروا إلى أن القاهرة «تدرك أن توترات البحر الأحمر سببُها استمرارُ الحرب في غزة»، ومن هنا فهي تُفضل «الطُرق الدبلوماسية لوقف الحرب».

ونفى مصدر مصري مسؤول، الأحد، ما تناولته تقارير إعلامية إسرائيلية عن «قيام مصر باستعدادات بهدف التدخل العسكري في اليمن».

وذكر المصدر المصري المسؤول، في تصريحات أوردتها قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن مثل هذه التقارير، وما تتضمنه من معلومات «مُضللة»، ليس لها أساس من الصحة.

وادعت تقارير إسرائيلية أن «مصر تستعد لضرب الحوثيين بعد تكبدها خسائر اقتصادية كبرى جراء تصاعد التهديدات ضد هيئة قناة السويس التي تعد شرياناً حيوياً للتجارة العالمية».

كما زعمت التقارير أيضاً أن مصر «أبدت رغبة متزايدة في لعب دور فعال في الصراع اليمني، مع تجهيز طائرات لتنفيذ عمليات جوية تستهدف الحوثيين، الذين أثاروا مخاوف متزايدة حول سلامة الملاحة عبر البحر الأحمر».

نيران اشتعلت في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر خلال وقت سابق (رويترز)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 غيّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة»؛ ما دفع شركات الشحن العالمية لتغيير مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر.

وعدَّ الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، التقارير الإسرائيلية، «محاولة للضغط على مصر ودفعها للعب دور في اليمن». وقال إن «مصر لن تشارك في أي عمل عسكري في اليمن»، مشيراً إلى أن القاهرة «تدرك أن السبب وراء التوترات في البحر الأحمر ليس في الحوثي أو في اليمن؛ بل في استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة». وأضاف فرج: «لو توقفت الحرب الإسرائيلية في غزة سوف تتوقف الهجمات على السفن بالبحر الأحمر».

واتفق معه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، وقال إن «المشكلة ليست في (الحوثي)، فما يحدث جزءٌ من حرب مفتوحة بين إيران وإسرائيل، و(الحوثي) مجرد أداة، والقاهرة لن تتعامل مع الأدوات ولن تتورط في هذا الصراع».

وأضاف أن «القاهرة تؤمن بالحلول الدبلوماسية لأزمات المنطقة، ولن ترسل قواتها خارج الحدود، لا سيما مع إدراكها حجم التوترات على جميع حدودها، سواء في غزة أو ليبيا أو السودان».

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2023 شكّلت الولايات المتحدة الأميركية، تحالف «حارس الازدهار» للرد على هجمات «الحوثي»، لكن مصر لم تعلن انضمامها له، وهو ما فسره خبراء آنذاك بأن القاهرة «تفضل المسار الدبلوماسي لحل الأزمة».

سفينة شحن خلال عبورها قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)

وحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور أحمد يوسف أحمد، فإن رفض مصر التدخل عسكرياً ضد «الحوثي» في اليمن «دليل على موضوعية السياسة المصرية». وقال إن «مصر هي الخاسر الأكبر من هجمات الحوثي، لكنها على مدار أكثر من عام لم تدنها، واقتصرت التصريحات الرسمية على التأكيد على ضرورة تأمين الملاحة في البحر الأحمر».

وأرجع أستاذ العلوم السياسية ذلك إلى أن «مشاركة مصر في أي تحالف حالياً ضد الحوثي قد ينظر له البعض على أنه دعم لتل أبيب في حربها على قطاع غزة».

وسبق وأشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي الذي يبدأ من يوليو (تموز) 2022 حتى نهاية يونيو (حزيران) 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي 2023 - 2024، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نهاية الشهر الماضي، إن «إيرادات قناة السويس شهدت انخفاضاً تجاوز 60 في المائة مقارنة بعام 2023، مما يعني أن مصر خسرت ما يقرب من 7 مليارات دولار في عام 2024».

وذكرت مجلة «إسرائيل ديفنس»، الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، في تقرير نشرته في أكتوبر الماضي، أنه «رغم ما تعانيه مصر من خسائر بسبب توترات البحر الأحمر، فإنها ترفض القيام بعمل عسكري ضد جماعة الحوثي»، وأشارت حينها إلى أن «القاهرة تضع الاعتبارات الاستراتيجية والخوف من التصعيد الإقليمي والعلاقات السياسية مع العالم العربي فوق أي اعتبار».