إردوغان: سنسحق رؤوس «الوحدات الكردية» في سوريا

إردوغان: سنسحق رؤوس «الوحدات الكردية» في سوريا
TT

إردوغان: سنسحق رؤوس «الوحدات الكردية» في سوريا

إردوغان: سنسحق رؤوس «الوحدات الكردية» في سوريا

صعدت القوات التركية من قصفها لمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن ما يسمى منطقة «نبع السلام» شمال شرقي سوريا بالتزامن مع العملية العسكرية «المخلب - القفل» التي ينفذها الجيش التركي في شمال العراق، وتعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بـ«سحق رؤوس» القوات الكردية في سوريا وتوسيع العمليات ضدها كما هو الحال ضد العمال الكردستاني شمال العراق.
وأعلن إردوغان، في كلمة أمام اجتماع نواب حزبه بالبرلمان أمس (الأربعاء)، أن القوات التركية ستوسع العمليات العسكرية التي تقوم بها ضد «قسد» في سوريا، تزامنا مع العملية العسكرية ضد العمال الكردستاني في شمال العراق، التي انطلقت فجر الاثنين. وقال إردوغان: «إن عاجلا أو آجلا، سنسحق أيضا رأس التنظيم الإرهابي، (قاصدا وحدات حماية الشعب الكردية)، الذي يستعد للنمو في مناطق في سوريا».
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردية السورية امتدادا في سوريا لحزب العمال الكردستاني، الذي تتمركز قياداته في شمال العراق ويوجد أيضا داخل أراضيها ويخوض على مدى أكثر من 40 عاما نزاعا مسلحا من أجل الحكم الذاتي لأكراد تركيا التي صنفته «تنظيما إرهابيا»، وتقول إنهما يشكلان تهديدا لأمنها القومي. وأكد إردوغان أن تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهابيين» في شمال العراق وشمال سوريا حتى القضاء نهائيا عليهم.
ونفذت القوات التركية، في ساعة مبكرة أمس، قصفا صاروخيا مكثفا على ريفي ناحية عين عيسى الشرقي والغربي، حيث تعرضت قرية مشيرفة والطريق الدولي حلب – اللاذقية «إم 4»، في الريف الشرقي للقصف، كما قصفت قريتي هوشان والخالدية في الريف الغربي لناحية عين عيسى بريف الرقة الشمالي.
في السياق ذاته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القوات التركية قصفت ريف تل تمر شمال غربي الحسكة، حيث سقطت 6 قذائف صاروخية في منطقة قبور قراجنة. واستهدفت طائرة مسيرة تركية منزلاً للاستخبارات التابعة لـ«قسد» عند الحزام الشمالي لمدينة القامشلي، قرب أحد المستشفيات في المنطقة.
في الوقت ذاته، قالت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس، إن قوات الكوماندوز التابعة للجيش التركي تمكنت من تحييد 10 عناصر من قسد شمال سوريا، خلال محاولتهم التسلل إلى منطقتي عمليتي «غصن الزيتون» و«نبع السلام» في شمال وشمال شرقي سوريا.
على صعيد آخر، قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، إنهم يدرسون تقييد السماح للاجئين السوريين المقيمين في تركيا بالتوجه إلى بلادهم من أجل قضاء عطلة عيدي الفطر والأضحى المقبلين.
جاء ذلك بعد مطالبة رئيس حزب الحركة القومية، شريك حزب العدالة والتنمية الحاكم في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، في «تحالف الشعب»، قال في كلمة أمام المجموعة البرلمانية لحزبه في البرلمان، أمس، إنه ليست هناك حاجة لعودة اللاجئين السوريين القادرين على الذهاب إلى بلادهم لقضاء العيد، مضيفا أنه عندما يتم القضاء على الظروف القاسية، التي تسببت في مغادرة اللاجئين السوريين لبلادهم، فإن أولويتنا وهدفنا هو توديعهم كما جاءوا بشكل آمن وطوعي.
وكانت تركيا تسمح للسوريين المقيمين على أراضيها بالتوجه إلى بلادهم لقضاء إجازات العيد في الأعوام السابقة، لكن الضغوط الشديدة من جانب المعارضة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة في يونيو (حزيران) 2023، جعلت حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان تلجأ إلى بعض التغييرات في ملف السوريين في تركيا.
واتهم صويلو زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، بانتهاج أسلوب استفزازي لتأجيج معاداة الأجانب في تركيا وطرح قضية اللاجئين مع اقتراب كل استحقاق انتخابي.
وكان كليتشدار أوغلو، جدد، أول من أمس، التأكيد على أن حزبه سيعمل على إعادة اللاجئين إلى بلادهم بإرادتهم مع ضمان سلامة أرواحهم وممتلكاتهم في حال وصوله إلى السلطة، قائلا: «سنرسي السلام مع ذاك البلد (سوريا) وسنرسلهم (اللاجئون) إلى بلادهم».
من جانبه، قال إردوغان، أمام نواب حزبه في البرلمان أمس، : «نحن حكومة تحتضن اللاجئين لا تطردهم، سنضمن عودتهم مع الانتهاء من بناء المنازل المؤقتة لهم شمالي سوريا… عندما تتوفر البيئة الآمنة لهم فإنهم سيعودون بشكل طوعي».



ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

مُسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في هجماتها ضد السفن (رويترز)
مُسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في هجماتها ضد السفن (رويترز)
TT

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

مُسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في هجماتها ضد السفن (رويترز)
مُسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في هجماتها ضد السفن (رويترز)

لم تمضِ سوى ساعات معدودة على احتفالات الجماعة الحوثية بإطلاق صاروخ باليستي على تل أبيب، حتى اضطر قادتها إلى الصمت، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي عن تمكّنه من اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله في غارات جوية على الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت.

وجاءت الهجمة الصاروخية الحوثية بعد ساعات من إبداء زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، في كلمته الأسبوعية عزمه وجماعته المضي قدماً في إسناد «حزب الله» وحركة «حماس» في مواجهتهما مع الجيش الإسرائيلي، وهي الكلمة التي أكد فيها أن «(حزب الله) في تماسك تام، وأقوى من أي زمن مضى»، متوعداً إسرائيل بالهزيمة.

وبينما كانت الجماعة تُعدّ هجمتها الصاروخية تلك تعزيزاً لحضورها في مشهد الصراع الإقليمي، وتأكيداً على مزاعمها في التفوق التكنولوجي والعسكري، جاءت الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع مهمة لـ«حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب لبنان، لتضع حدّاً لتلك الاحتفالات، خصوصاً بعد إعلان إسرائيل تمكّنها من اغتيال قائد الحزب، الأمر الذي يُمثل ضربة في مقتل لمحور الممانعة.

وتتزامن هذه التطورات مع تقرير سري قدّمه خبراء في الأمم المتحدة حول تحول الجماعة الحوثية من حركة مسلحة محلية بقدرات محدودة، إلى منظمة عسكرية قوية، بعد تلقي مساعدات وخبرات من «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» اللبناني ومتخصصين وفنيين عراقيين.

ولا يمتلك الحوثيون القدرة على التطور والإنتاج من دون دعم أجنبي وأنظمة أسلحة معقدة، وفق ما نقل الخبراء عن متخصصين عسكريين يمنيين ومقربين من الحوثيين، إذ إن نطاق عمليات نقل العتاد والتكنولوجيا العسكرية من مصادر خارجية إلى الجماعة غير مسبوق، وتشمل عمليات الدعم التمويل المالي والتدريب الفني والتكتيكي.

ولاحظ الخبراء تشابه الأسلحة والتكتيكات التي تستخدمها الجماعة مع تلك التي تمتلكها وتنتجها إيران، إلى جانب توصلهم إلى زيادة التعاون بينها و«تنظيم القاعدة» من جهة، وزيادة أنشطة التهريب المتبادل بينها وحركة «الشباب» الصومالية.

استبعاد الخلافة

تضع الضربات المتتالية التي تعرض لها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة الجماعة الحوثية أمام خيارات معقدة، خصوصاً أنها استفادت من المواجهات بين الحزب وإسرائيل في تسويق نفسها، من خلال التصعيد الذي تخوضه في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وصولاً إلى إطلاق صواريخ باليستية، تزعم أنها فرط صوتية، باتجاه إسرائيل.

ومن شأن التعامل الإسرائيلي العنيف تجاه «حزب الله» أن يدفع الأذرع الإيرانية في المنطقة، مثل الجماعة الحوثية، لتحسس رقابهم وفق إسلام المنسي، الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط، الذي يتوقع أن هذه الأذرع ستحسب حسابها لأي خطوة تصعيدية.

زوارق تابعة للجماعة الحوثية التي يقول خبراء الأمم المتحدة إنها تحوّلت إلى منظمة عسكرية (أ.ف.ب)

ويوضح المنسي لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية أصبحت الآن أبعد ما تكون عن الاستهانة بما يجري من تصعيد، بل إنها ستختار مساراً جديداً للتعامل مع ما فرضه هذا التصعيد، وذلك وفق لتوجيهات طهران التي تُحدد لكل طرف مهامه وأدواره، والأوامر تأتي عادة من قيادة «الحرس الثوري» و«فيلق القدس».

ولا يتوقع الباحث أن يكون هناك رد فعل انتقامي غريزي من أي ذراع إيرانية في المنطقة، دون النظر للحسابات الإقليمية والدولية، ومنها الملف النووي الإيراني والحسابات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، مستبعداً أن تسعى الجماعة الحوثية إلى وضع نفسها بديلاً لـ«حزب الله» في مواجهة إسرائيل.

ويرى المنسي، وهو باحث في الشؤون الإيرانية، أن الجماعة الحوثية لا تملك القوة أو الخبرة التي كان يمتلكها «حزب الله»، والذي تعرض لاختراق كبير من طرف إسرائيل، ومع احتمالية نشوء فراغ كبير بعد اغتيال نصر الله، فإن الجماعة الحوثية ليست مؤهلة لملئه، خصوصاً مع العوائق الجغرافية وبُعد المسافة عن مركز الصراع.

وعلى مدى 10 أشهر، تشّن الجماعة الحوثية هجمات متكررة بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية على سفن في ممرات الشحن المهمة في البحر الأحمر، تحت ما تسميه «دعم الفلسطينيين» في قطاع غزة، متسببة في تعطيل حركة التجارة البحرية العالمية.

حسابات معقدة

لم يصدر رد فعل من الجماعة الحوثية على إعلان الجيش الإسرائيلي اغتيال حسن نصر الله، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي التي ينشط فيها عدد من القادة الحوثيين على مدار الساعة، توقف غالبيتهم عن النشر، خصوصاً أنهم كانوا يحتفلون بالهجمة الصاروخية الأخيرة على تل أبيب.

لقطة شاشة لاعتراض الصاروخ الذي تبنّت الجماعة الحوثية إطلاقه على تل أبيب الجمعة الماضي (إكس)

ويتوقع الباحث السياسي صلاح علي صلاح، أن تكون الجماعة في حيرة من أمرها حالياً بين استمرار التصعيد أو التراجع عن ذلك، وأن ثمة انقساماً داخلياً حول اتخاذ قرار بهذا الشأن، خصوصاً أنها عانت مثل هذا الانقسام سابقاً في مواقف عدة، حتى وإن لم يظهر ذلك للعلن.

ولا يمكن للجماعة، وفق حديث صلاح لـ«الشرق الأوسط» أن تحسم أمرها بشأن التصعيد أو الانتقام لمقتل أمين عام «حزب الله»، والضربات التي تلقاها الحزب الذي قدم كثيراً من الخدمات والمعونات لها، وتمكنت بمساعدة خبراته من تحقيق مزيد من النفوذ والسيطرة محلياً، وتقديم نفسها لاعباً خطيراً على المستوى الإقليمي، يؤثر على مصالح كثير من القوى.

لكنه يستدرك بالإشارة إلى أن الجماعة ربما لا تدرك مخاطر التصعيد عليها وعلى المجتمع اليمني، وإن كان السكان تحت سيطرتها ليسوا في محور اهتماماتها، فإن الجناح العقائدي المتشدد فيها قد لا يكون في مستوى من الإدراك بما يمكن أن يعود به التصعيد عليها من آثار.

ويذهب صلاح إلى أن تأخر إسرائيل في الرد على الجماعة الحوثية ليس من قبيل عدم الاكتراث بهجماتها أو تجاهلها، بل إن ذلك يأتي من باب ترتيب الأولويات، فهي حالياً في طور التعامل مع «حزب الله»، قبل الانتقال إلى مصادر الهجمات التي تتعرض لها من سوريا والعراق، ثم التوجه إلى اليمن، حيث تؤثر الجغرافيا في ذلك الترتيبات.

تهدئة إجبارية

لم تتردد إسرائيل في الرد على التهديدات الحوثية، وفي العشرين من يوليو (تموز) الماضي، شنّت هجمة جوية على ميناء الحديدة على الساحل الغربي في اليمن الذي تُسيطر عليه الجماعة الحوثية، بعد يوم واحد من هجوم حوثي مميت بطائرة مسيرة على تل أبيب، ما أسفر عن احتراق منشآت وخزانات وقود وسقوط قتلى من عمال الميناء.

المخاوف تتزايد من تأثيرات مضاعفة للتصعيد الحوثي الإسرائيلي على الوضع الإنساني الكارثي في اليمن (رويترز)

ومن المرجح أن تؤثر عملية اغتيال أمين عام «حزب الله» على التصعيد الحوثي طبقاً لما يراه الباحث السياسي اليمني، عبد الرحمن أنيس، الذي يعيد التذكير بما نتج عن الضربة الإسرائيلية في ميناء الحديدة من تأثير كبير على العمليات الحوثية باتجاه إسرائيل لوقت ليس بالقصير.

ولم تلمس الجماعة الحوثية جدية في محاولة ردعها عن ممارساتها طوال أشهر من الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها مثلما شعرت بعد الضربة الإسرائيلية، طبقاً لإفادات أنيس، التي خصّ بها «الشرق الأوسط»، لدرجة أن الصاروخ الباليستي الذي أطلقته أخيراً لم يكن سوى محاولة للفت الانتباه بفرقعة إعلامية أكثر مما هي ضربة عسكرية.

ومن المؤكد، حسب أنيس، أن الجماعة الحوثية ستستقبل اغتيال أمين عام «حزب الله»، بجدية بالغة، وأن تلجأ إلى تخفيف حدة هجماتها، ليس فقط باتجاه إسرائيل، بل في البحر الأحمر أيضاً، وأن يتخذ قاداتها احتياطات أمنية شديدة لحماية أنفسهم، خوفاً من الاستهداف الإسرائيلي، في حين لن يطرأ أي جديد في التعامل الأميركي البريطاني معهم.