«مضادات دبابات» بريطانية وأميركية تغير المعادلة العسكرية في أوكرانيا

جنود أوكرانيون يتدربون على استخدام صواريخ مضادة للدبابات في كييف (نيويورك تايمز)
جنود أوكرانيون يتدربون على استخدام صواريخ مضادة للدبابات في كييف (نيويورك تايمز)
TT

«مضادات دبابات» بريطانية وأميركية تغير المعادلة العسكرية في أوكرانيا

جنود أوكرانيون يتدربون على استخدام صواريخ مضادة للدبابات في كييف (نيويورك تايمز)
جنود أوكرانيون يتدربون على استخدام صواريخ مضادة للدبابات في كييف (نيويورك تايمز)

في مقاطع فيديو التقطت في أوكرانيا، يشير نفث من الدخان ووميض قصير من الضوء إلى سقوط مجموعة أخرى من الدبابات الروسية.
في بعض الأحيان، لا يستغرق الأمر سوى جزء من الثانية قبل أن ينتقل الضوء إلى دبابة أو عربة مدرعة تنفجر فجأة مسببة دخاناً ولهباً، وغالباً ما تنفجر من الداخل مع انفجار الذخيرة التي تحتويها.
غالباً ما تُظهر مراجعة مقاطع الفيديو هذه جنوداً أوكرانيين قبل الهجوم يقومون بدوريات إلى موقع كمين حاملين على ظهورهم أنابيب خضراء كبيرة، حصلوا عليها كهبة من بريطانيا. ربما في 15 ثانية، وأحياناً أقل من ذلك، يمكن للجنود فك السلاح، وفتح نطاق التصويب، انتظاراً لظهور الفريسة.
الأنابيب الخضراء تسمى NLAW، وهي اختصار لعبارة الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات من الجيل التالي، وهي نتاج عقود من البحث لتصنيع صواريخ موجهة صغيرة وخفيفة الوزن ربما تكون قد أعادت توازن القوى في القتال بين الدبابة والجندي على الأرض.
بالمقارنة مع سلاح «Javelin» المضاد للدبابات الأميركي الصنع، والذي أشاد به المسؤولون في البنتاغون والبيت الأبيض وأرسلوه إلى أوكرانيا بالآلاف، فإن «NLAW» يزن نحو نصف الوزن، وتكلفته أقل بكثير، ويمكن التخلص منه بسهولة، وقد تم تحسينه للاستخدام في المعارك قصيرة المدى نسبياً التي يخوضها الجنود الأوكرانيون مع القوات الروسية.
سلاح «NLAW» المضاد للدبابات هو من إنتاج شركة «Saab» السويدية، وقد جرى بيعه إلى عدد من دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) - بما في ذلك بريطانيا، التي تجمع الصواريخ في مصنع في بلفاست، آيرلندا الشمالية، لصالح الجيش البريطاني. ورغم أن الجيش البريطاني لديه أيضاً سلاح «Javelin» المضاد للدبابات، فقد بدأ في شراء سلاح «NLAWs» منذ نحو 10 سنوات وقام بإرساله إلى أوكرانيا بأعداد أكبر من أي وقت مضى.
وقال دبلوماسي بريطاني، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المساعدة الدفاعية، إن بريطانيا أرسلت أكثر من 4200 من هذه الأسلحة إلى أوكرانيا. استطرد الدبلوماسي قائلاً: «ما زلنا نراه أحد أفضل الأسلحة الدفاعية قصيرة المدى المضادة للدبابات».
يشتمل سلاحا «Javelin» و«NLAW»، اللذان يمكن لجندي واحد حملهما وإطلاق النار بهما، على ميزات لم تُشاهد سابقاً إلا في أسلحة أكبر بكثير وأكثر تعقيداً، وهي الأنواع التي عادة ما يجري نقلها في مركبات.
يمكن إطلاق كلا السلاحين مباشرة على أهداف مثل جنود العدو أو على مبنى، ولكن عند مهاجمة المركبات، يمكن أيضاً برمجتها لتصيب من الأعلى - حيث تمتلك الدبابة أو حاملة الجنود المدرعة دروع أقل. يمكن للسلاح الأميركي أن يطفو على السطح ثم يغوص ليصطدم وينفجر، بينما يطير الصاروخ البريطاني في مسار أقصر، حيث يعبر فوق هدفه ويطلق شحنته نحو الأسفل.
النتيجة، كما هو واضح في أوكرانيا، هي نفسها: عدد لا يحصى من الدبابات والناقلات المدرعة والشاحنات الروسية المدمرة.
نجحت الصواريخ رغم المساعي لإلحاق الهزيمة بها. وأفاد الجيش الروسي بأن نظاماً دفاعياً على أحدث دبابات «T - 90» كان قادراً على استشعار وتدمير الصواريخ المضادة للدبابات مثل صواريخ javelin وNLAW أثناء الطيران. وفي إجراء مضاد جديد على ما يبدو، تقوم القوات الروسية بوضع أقفاص مرتجلة من قضبان فولاذية متوازية فوق أبراج الدبابات، لكن أدلة الفيديو أظهرت فشل هاتين الطريقتين.
يتكون سلاح Javelin، الذي تم تصميمه في نهاية الحرب الباردة، من جزأين: قاذفة قابلة لإعادة الاستخدام تزن 33 رطلاً يستخدمها الجنود غالباً للاستطلاع والمراقبة، نظراً لما تحويه من مجموعة كاميرات حرارية يمكنها التكبير والتصغير للعثور على الأهداف، وأنبوب زنة 15 رطلاً يحتوي على الصاروخ نفسه.
بالمقارنة، يزن صاروخ «NLAW» الأحدث أقل بقليل من 28 رطلاً ولا يحتوي على كاميرا - وبه نطاق تصويب بسيط.
ورغم أنه يمكن لصاروخ Javelin تدمير الدبابات من مسافة تصل إلى ميلين ونصف، فإن صاروخها يطير أبطأ من صاروخ NLAW، وهو الأكثر دقة للأهداف التي تصل إلى نحو نصف ميل فقط. وبالنسبة للأهداف المتحركة، يمكن لصاروخ «Javelin» توجيه نفسه أثناء الطيران، وذلك بفضل الجهاز الباحث عن الحرارة في مقدمة الصاروخ، بينما يقوم الجندي الذي يطلق صاروخ NLAW ببساطة بتوجيه السلاح نحو مركبة متحركة، ويشغل نظام التوجيه ويتتبع الهدف لبضعة ثوان قبل إطلاق النار. ثم يطير الصاروخ إلى النقطة التي يتوقع أن يكون الهدف فيها.
قال الدبلوماسي البريطاني إن قدرات السلاحين تجعل من صاروخ «Javelin» أشبه ببندقية قنص لإسقاط المركبات المدرعة من مسافات بعيدة، في حين أن صاروخ NLAW أفضل للمعارك القريبة وسيناريوهات الكمائن.
أضاف الدبلوماسي قائلاً إنه بالنظر إلى أن الأوكرانيين غير قادرين على محاربة الدروع الروسية بدبابات، فيجب عليهم استخدام تكتيكات مختلفة، مضيفاً أن الأوكرانيين أظهروا الإرادة وقدروا على الاقتراب من الدبابات وتدميرها في هذه الهجمات الصاروخية.
في هذا الصدد، قال دبلوماسي: «أنت بحاجة إلى معرفة كيفية القتال، وتحتاج إلى الوسائل، ولكن هذه هي الإرادة - ما يوجد في قلب الأوكرانيين للقتال؟» إنهم يحاربون تهديداً وجودياً ولن يستسلموا. لذلك بناء على طلبهم كدولة ذات سيادة، فقد قدمنا لهم الأدوات اللازمة للقيام بذلك».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».