مدعية المحكمة الجنائية الدولية: سنحقق بحياد تام في جرائم الحرب على غزة

إسرائيل تفتح معبر كرم أبو سالم لإدخال سولار إلى القطاع

مدعية المحكمة الجنائية الدولية: سنحقق بحياد تام في جرائم الحرب على غزة
TT

مدعية المحكمة الجنائية الدولية: سنحقق بحياد تام في جرائم الحرب على غزة

مدعية المحكمة الجنائية الدولية: سنحقق بحياد تام في جرائم الحرب على غزة

أعلنت فاتو بن سودا، المدعية العامة لدى المحكمة الجنائية الدولية، أمس في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أنها ستحقق «بحياد تام» في جرائم حرب، قد يكون ارتكبها الإسرائيليون أو الفلسطينيون في حال قررت فتح تحقيق بهذا الشأن.
لكن بن سودا أشارت في المقابلة الصحافية إلى أنها لم تتخذ قرارا بعد بفتح تحقيق في الأحداث بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ يونيو (حزيران) 2014. ومن بينها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأوضحت أن المحكمة الجنائية غير ملزمة بأي مهلة لاتخاذ قرارها.
وقالت بن سودا في المقابلة التي جرت معها إنها «مدركة تماما للتعقيدات السياسية لهذا النزاع القديم. لكن التفويض الموكل إلي هو تفويض قضائي، وكل ما يمكنني أن أفعله، وسأفعله، سيكون تطبيق القانون بالالتزام الكامل بنظام روما الأساسي (نص على قيام المحكمة الجنائية)، باستقلالية وحياد كاملين، مثلما فعلت بالنسبة لجميع الملفات». وشددت على أنه «بصفتي مدعية عامة، لم آخذ ولن آخذ يوما الاعتبارات السياسية في قراراتي... بالطبع سننظر في الاتهامات بارتكاب جرائم الموجهة إلى جميع أطراف النزاع، وهو ما قلته بوضوح سواء للإسرائيليين أو للفلسطينيين».
وإزاء تعذر وضع حد للاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية التي يتطلعون إليها، باشر الفلسطينيون مواجهة قانونية ودبلوماسية مع إسرائيل ستحسم أمام الهيئات الدولية ومنها المحكمة الجنائية. وقد أصبحت فلسطين في الأول من أبريل (نيسان) عضوا في المحكمة الجنائية الدولية المكلفة، ملاحقة أخطر الجرائم التي ترتكب بنظر القانون الدولي، سعيا لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين بتهمة ارتكاب «جرائم حرب» وعلى الأخص في غزة.
وكانت المدعية العامة قد قررت قبل ذلك في يناير (كانون الثاني) فتح تحقيق أولي في الأحداث بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ يونيو 2014، وفي طليعتها الهجوم العسكري على قطاع غزة الصيف الماضي. وذكرت في هذا الصدد أن «تحقيقا أوليا ليس تحقيقا»، لكنه يهدف إلى «تحديد ما إذا كان هناك أساس منطقي» لفتح تحقيق. موضحة أن المطلوب خلال هذه المرحلة هو جمع معلومات من «مصادر جديرة بالثقة» من الطرفين لاتخاذ قرار، مع تعويلها على تعاون تام من الجانبين.
من جهة ثانية، فتحت إسرائيل أمس معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم) الحدودي بشكل استثنائي لإدخال كميات محدودة من السولار الخاص بمحطة توليد الكهرباء، وغاز الطهي، إلى قطاع غزة، بحسب الإذاعة الإسرائيلية.
وقال نظمي مهنا، مسؤول المعابر والحدود في السلطة الفلسطينية، إنه يتم حاليا في كرم أبو سالم إنشاء معبر وخزانات لمختلف أنواع الوقود، وذلك ضمن المعايير الدولية، مما يتيح نقل الوقود إلى القطاع بطرق آمنة.
ويأتي إدخال السولار بعد مرور يومين على قيام إسرائيل بإدخال 14 ألف طن من مواد البناء من خلال معبر كرم أبو سالم إلى قطاع غزة، مما يشكل أكبر شحنة من هذه المواد منذ عملية الجرف الصامد العام الماضي.
وكانت «اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار» على غزة ذكرت في تقرير الأحد الماضي أن قطاع غزة لم يشهد بدء عملية إعادة إعمار حقيقية حتى الآن، رغم مرور 200 يوم على انتهاء الهجوم الإسرائيلي الأخير.
وكانت إسرائيل قد شنت هجوما عسكريا على قطاع غزة حمل اسم عملية «الجرف الصامد» استمر 50 يوما الصيف الماضي، مما أدى إلى هدم آلاف المنازل ودمار هائل في البنى التحتية في القطاع. وقد تعهدت الدول المانحة بتقديم مبلغ 5.4 مليار دولار للفلسطينيين خلال مؤتمر القاهرة للمانحين الذي عقد في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على أن يخصص نصف المبلغ لصالح إعادة إعمار قطاع غزة، إلا أن الحكومة الفلسطينية تقول إن أقل من 10 في المائة من هذه التعهدات هو الذي وصل بالفعل.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.