مراهق هندي يصبح أصغر لاعب يتغلب على بطل العالم بالشطرنج

أستاذ الشطرنج الهندي راميشبابو براغناناندا (أ.ف.ب)
أستاذ الشطرنج الهندي راميشبابو براغناناندا (أ.ف.ب)
TT

مراهق هندي يصبح أصغر لاعب يتغلب على بطل العالم بالشطرنج

أستاذ الشطرنج الهندي راميشبابو براغناناندا (أ.ف.ب)
أستاذ الشطرنج الهندي راميشبابو براغناناندا (أ.ف.ب)

أصبح مراهق هندي أصغر لاعب يهزم بطل العالم بالشطرنج ماغنوس كارلسن، وفقاً لصحيفة «إندبندنت».
راميشبابو براغناناندا، البالغ من العمر 16 سنة، هو بالفعل أستاذ كبير في لعبة الشطرنج بالهند. واجه كارلسن في بطولة «ميلتواتر شامبيونز تور 2022» عبر الإنترنت والتي شارك فيها 16 لاعباً من النخبة يوم الاثنين.
في مقابلة بعد فوزه بـ39 حركة، قال براغناناندا إنه «سعيد حقاً»، لا سيما أنه كان مطلوباً منه البقاء مستيقظاً في وقت متأخر من الليل من أجل المشاركة بسبب فارق التوقيت.
وعندما سُئل عما سيفعله للاحتفال، قال المراهق: «علي فقط الذهاب إلى الفراش، لأنني لا أعتقد أنني سأتناول العشاء في الساعة 2:30 صباحاً».
هذا هو الانتصار الأول للمراهق على كارلسن النرويجي، مما جعله ثالث هندي فقط يهزمه، بعد فيسوإناثان أناند وبينتالا هاريكريشنا.
وغرد أناند: «فخورون دائماً بمواهبنا! يوم جيد جداً لبراغناناندا».
https://twitter.com/vishy64theking/status/1495750946873573376?s=20&t=dj7G_8cJf9qTPppzMlvz8Q
كما هنأ الحساب الرسمي للحكومة الهندية على «تويتر» المراهق، مضيفاً أنها كانت «لحظة فخر واحتفالات للهند».
https://twitter.com/mygovindia/status/1495820138633138176?s=20&t=T6fzRcvtDJ-yEiTFlBqz5g
وارتكب كارلسن، الذي أحرز لقب بطل العالم عام 2013. عدداً من الأخطاء غير المعهودة خلال البطولة والتي كلفته الفوز في النهاية.
كشف المدرب النرويجي يوم الإثنين، عن إصابته بـ«كورونا» قبل بدء البطولة وأنه لا يزال يشعر بتوعك.
قال لموقع الاتحاد الدولي للشطرنج: «لقد كان الوضع أفضل قليلاً اليوم، ولكن في اليومين الأولين كنت أشعر أنني بخير، لكن لم يكن لدي الطاقة، مما جعل التركيز صعباً، لأنه عندما حاولت التفكير - ارتكبت الأخطاء».
يبدو أن المراهق الهندي صُدم بفوزه، حيث غطى فمه مفاجأة عندما رأى أن فرصة الفوز كانت بين يديه.
وقام كارلسن بتسجيل الخروج فور خسارته المباراة، وبدا «محبطاً بشكل صارخ» من النتيجة، بحسب التقرير.
وأصبح براغناناندا أصغر أستاذ دولي في التاريخ بسن العاشرة عام 2016.


مقالات ذات صلة

رايتشرت: فهم التحول الإعلامي هو مفتاح مستقبل الدوريات الرياضية

رياضة سعودية رالف رايتشرت (يمين) بيتر هاتون (يسار) (الشرق الأوسط)

رايتشرت: فهم التحول الإعلامي هو مفتاح مستقبل الدوريات الرياضية

شهدت جلسة «مستقبل الرياضة: نظرة نحو العقد القادم» ضمن فعاليات منتدى كرة القدم العالمي في الرياض نقاشات موسعة حول التحولات العميقة التي يشهدها قطاع الرياضة.

لولوة العنقري (الرياض)
تكنولوجيا مغامرة غامضة لاكتشاف أسرار حضارة فضائية قديمة

عودة تتجاوز التوقعات في لعبة «ميترويد برايم 4: بيوند»

مغامرة ناجحة، وممتعة لفصل جديد، ومثير في تاريخ السلسلة المتميزة بالاستكشاف المنفرد، والجو الغامض

خلدون غسان سعيد (جدة)
رياضة سعودية فريق توِستِد مايندز يتوّج بلقب بطولة الأندية «كروس قيم» (الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية)

الدوري السعودي للرياضات الإلكترونية: «توِستِد مايندز» يتوج باللقب

توِّج فريق توِستِد مايندز بلقب بطولة الأندية «كروس قيم» في ختام البطولة الكبرى من الدوري السعودي للرياضات الإلكترونية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا سباقات عجيبة وممتعة فردياً أو مع الأهل والأصدقاء عبر الإنترنت

«كيربي إير رايدرز»: فوضى السباقات الممتعة وبساطة في التحكم

متعة الجمع والاستكشاف لإزالة خطر كوني

خلدون غسان سعيد (جدة)
رياضة سعودية فريق تيم فالكنز قدم أداءً مثالياً (الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية)

الدوري السعودي للرياضات الإلكترونية: توِستِد مايندز يهيمن على الأسبوع الثالث

تواصل البطولة الكبرى للدوري السعودي للرياضات الإلكترونية، تقديم منافسات نخبوية وأحداث مشوّقة في قلب سِف أرينا بالرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر: الكثبان الرملية تحاصر واحة الخارجة وتهدّد مركز إنتاج الحرير

وزارة الزراعة ومحافظة الوادي الجديد توقعان بروتوكولاً لحماية إنتاج الحرير (وزارة الزراعة المصرية)
وزارة الزراعة ومحافظة الوادي الجديد توقعان بروتوكولاً لحماية إنتاج الحرير (وزارة الزراعة المصرية)
TT

مصر: الكثبان الرملية تحاصر واحة الخارجة وتهدّد مركز إنتاج الحرير

وزارة الزراعة ومحافظة الوادي الجديد توقعان بروتوكولاً لحماية إنتاج الحرير (وزارة الزراعة المصرية)
وزارة الزراعة ومحافظة الوادي الجديد توقعان بروتوكولاً لحماية إنتاج الحرير (وزارة الزراعة المصرية)

في ظل التحديات البيئية المتزايدة التي تشهدها مناطق الصحراء الغربية بمصر، خصوصاً منخفض الخارجة، الذي تتقدم نحوه سلاسل من الكثبان الرملية تهدد الطرق والمنشآت والمساحات الزراعية، ومن بينها المنطقة التي يقع فيها مركز إنتاج الحرير، تم توقيع بروتوكول تعاون بين مركز بحوث الصحراء، ومحافظة الوادي الجديد، لتنفيذ مشروع «حماية المركز الإقليمي لإنتاج الحرير بواحة الخارجة من أخطار زحف الرمال».

ووفقاً للبروتوكول، تتولى محافظة الوادي الجديد تنفيذ عدد من الأعمال الأساسية الداعمة للمشروع، وتتضمن: «حفر بئر للري مجهزة بكامل مستلزماتها لتوفير المياه اللازمة لعمليات التثبيت والزراعة، وإنشاء شبكات ري متكاملة لخدمة الحواجز النباتية ومصدات الرياح، ضمن منظومة الحماية من زحف الرمال».

ويزرع في مركز إنتاج الحرير نحو 255 فداناً من شجر التوت، ويعد من أهم مشروعات التنمية الزراعية بمحافظة الوادي الجديد.

في المقابل، يتولى مركز بحوث الصحراء الجانب الفني والتنفيذي للمكونات العلمية والهندسية للمشروع، وتشمل: إنشاء الحواجز الأمامية في الاتجاهات الأكثر تعرضاً لحركة الكثبان الرملية للحد من سرعة الزحف، وإقامة الأحزمة الخضراء ومصدات الرياح حول مركز إنتاج الحرير، باستخدام أنواع نباتية مقاومة للجفاف، وذات قدرة عالية على التثبيت، وتدريب كوادر بمحافظة الوادي الجديد على إدارة منظومة الحماية، والتعامل مع التغيرات البيئية في المناطق الجافة، والإشراف الفني والصيانة والمتابعة الدورية لجميع الأعمال المنفذة؛ لضمان كفاءة وفاعلية منظومة الحماية طوال مدة المشروع»، وفق بيان لوزارة الزراعة المصرية، الثلاثاء.

وكان مجلس الوزراء المصري عقد اجتماعاً في مايو (أيار) الماضي، واستعرض خطة تستهدف توطين صناعة الحرير الطبيعي من خلال إقامة مراكز إنتاج الحرير في مختلف المحافظات.

وعرض اللواء محمد الزملوط، محافظ الوادي الجديد، الموقف التنفيذي لمبادرة إنتاج الحرير الطبيعي، حتى مايو 2025، موضحاً أن عدد المعامل المجهزة يصل إلى 32 معملاً، كما تصل المساحة المنزرعة إلى نحو 344 فداناً و14 صوبة زراعية، ويتم تنفيذ 25 مشروعاً في هذا الإطار، وفق بيان سابق لرئاسة مجلس الوزراء.

فيما أكد علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، حرص الوزارة على دعم الجهود التنموية في محافظة الوادي الجديد، وتعزيز قدرات المناطق الصحراوية على مواجهة المخاطر البيئية، خصوصاً حركة الرمال التي تمثل أحد أبرز التحديات أمام التوسع الزراعي والتنمية المستدامة في واحة الخارجة.

وأشار إلى أن ذلك المشروع سيسهم في زيادة إنتاجية مركز إنتاج الحرير، فضلاً عن تحسين الحركة على الطرق المحيطة بالمركز والمهددة بزحف الرمال، لافتاً إلى تخطيط وتنفيذ وإدارة برامج مقاومة زحف الرمال، بما يسهم في الخطة الوطنية لمكافحة التصحر بالصحراء الغربية.

من جانبه، أكد محافظ الوادي الجديد التعاون الدائم والمثمر بين وزارة الزراعة ومحافظة الوادي الجديد، في العديد من المجالات المرتبطة بتحقيق التنمية الزراعية المستدامة في المحافظة، مشيراً إلى أن المشروع يستهدف حماية هذه المساحات من التناقص نتيجة زحف الرمال، وضمان استمرار الإنتاج ودعم استدامته.


مصر للاهتمام بـ«السياحة الأدبية» واستثمار «زخم» المتحف الكبير

نجيب محفوظ تناول العديد من شوارع وحواري مصر الفاطمية في رواياته (متحف نجيب محفوظ على فيسبوك)
نجيب محفوظ تناول العديد من شوارع وحواري مصر الفاطمية في رواياته (متحف نجيب محفوظ على فيسبوك)
TT

مصر للاهتمام بـ«السياحة الأدبية» واستثمار «زخم» المتحف الكبير

نجيب محفوظ تناول العديد من شوارع وحواري مصر الفاطمية في رواياته (متحف نجيب محفوظ على فيسبوك)
نجيب محفوظ تناول العديد من شوارع وحواري مصر الفاطمية في رواياته (متحف نجيب محفوظ على فيسبوك)

من مبنى ذي طابع تراثي بحي الجمالية، يحمل اسم أديب نوبل نجيب محفوظ، بدأ الخبير السياحي المصري، بسام الشماع، في شرح طبيعة المكان بشوارعه ومبانيه التاريخية وحواريه وأزقته وشخوصه التي تبدو كأنها خارجة لتوها من إحدى الروايات الأدبية.

مجموعة السائحين الذين اصطحبهم الشماع إلى هذا المكان كانت لهم أسئلة «مثيرة للاهتمام»، وفق قوله لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «لقد سألوني عن تاريخ المكان وعن شخصيات في روايات نجيب محفوظ مثل شخصية (سي السيد) التي ظهرت في ثلاثيته الشهيرة (بين القصرين – قصر الشوق – السكرية)»، مؤكداً أنهم كان لديهم فضول لمعرفة المزيد عن هذه الأماكن.

وبعد الزخم الذي حققه المتحف المصري الكبير في جذب السائحين منذ افتتاحه، تسعى مصر إلى تسليط الضوء على نمط سياحي جديد، يتمثل في السياحة الأدبية. ويعتمد هذا النمط على ربط السائح بالأحياء والمواقع التي ذُكرت في الأعمال الأدبية ذات الشهرة الواسعة، مثل أعمال أديب نوبل نجيب محفوظ، وروايات إحسان عبد القدوس، وغيرهم من رموز الأدب العربي.

«كأنك تتجول بداخل رواية»، هكذا يصف الخبير السياحي المصري، محمد كارم، فكرة السياحة الأدبية التي يراها غير مستغلة في مصر بالقدر الكافي، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمر يحتاج إلى 3 خطوات ليأتي هذا النمط بالمستهدف منه، وهي أن يكون هناك اعتراف رسمي بالسياحة الأدبية كمنتج له مسارات وبرامج، والشراكة بين السياحة والثقافة والقطاع الخاص لتحويل الأماكن الروائية إلى تجرية حية، بالإضافة إلى تسويق ذكي دولياً يستهدف السائح المثقف خصوصاً في أوروبا وأميركا اللاتينية، وهو ما سيكون لها مردود سياحي كبير».

مشهد من حي الجمالية بالقاهرة الفاطمية (صفحة خريطة مشروعات مصر)

وتزخر مصر بالعديد من الأماكن الحيوية والتراثية التي تم ذكرها في روايات وأعمال أدبية متنوعة، كما توجد متاحف لأدباء كبار لهم شهرة عالمية مثل متحف نجيب محفوظ في حي الجمالية بالقاهرة الفاطمية، ومتحف قسطنطين كفافيس في الإسكندرية، ومن قبلهما متحف أحمد شوقي «كرمة ابن هانئ» ومتحف طه حسين «رامتان» في الجيزة.

وتعمل وزارة السياحة والآثار على الترويج لهذا النمط السياحي خلال الفترة المقبلة، بعد أن ركزت عليه خلال منتدى نظمته بالشراكة مع منصة «TripAdvisor» العالمية، وعدّت نمط السياحة الأدبية، له مردود اقتصادي مهم وقادر على جذب أعداد كبيرة من الزائرين. وفق بيان للوزارة.

ولفت الشماع إلى أن الزخم الذي حققه المتحف المصري الكبير منذ افتتاحه يشجع على ترويج العديد من الأنماط السياحية الجديدة ومنها السياحة الأدبية، متوقعاً أن يسهم المتحف المصري الكبير بزيادة عدد السائحين الوافدين لمصر هذا العام لأكثر من 20 مليون سائح.

ووفق إحصاءات حكومية وتصريحات للمسؤولين، وصل متوسط عدد زوار المتحف الكبير في أول أيام افتتاحه إلى 19 ألف زائر يومياً، أكثر من القدرة الاستيعابية التي قُدرت من قبل بنحو 15 ألف زائر يومياً، وتستهدف مصر زيادة عدد السائحين إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2031، ومن المتوقع أن تحقق الحركة السياحية بنهاية هذا العام ما يقرب من 19 مليون سائح، وأن يزيد عائدها على 18 مليار دولار.

وتراهن مصر على التنوع في منتجاتها السياحية، وفق كارم، الذي يلفت إلى أن «الأماكن التي كتب عنها نجيب محفوظ مثل الجمالية والحسين وبين القصرين وخان الخليلي وزقاق المدق، يمكن أن تتحول لمسارات سياحية متكاملة تربط الروايات بالمكان»، مشيراً إلى «أهمية استغلال الزخم الذي حققه المتحف المصري الكبير في التأكيد على التنوع والابتكار في المنتجات والمقاصد السياحية المصرية».

وسبق أن أطلقت مصر حملة ترويجية لمقاصدها السياحية حملت عنوان «مصر... تنوع لا يضاهى» للتأكيد على تنوع المنتجات السياحية الموجودة بها مثل السياحة الثقافية والشاطئية والعلاجية والبيئية وسياحة السفاري والمغامرات وسياحة المؤتمرات... وغيرها.


رحيل أيقونة الغناء السوداني ونقيب الفنانين عبد القادر سالم

صورة أيقونية للراحل (صفحته على «فيسبوك»)
صورة أيقونية للراحل (صفحته على «فيسبوك»)
TT

رحيل أيقونة الغناء السوداني ونقيب الفنانين عبد القادر سالم

صورة أيقونية للراحل (صفحته على «فيسبوك»)
صورة أيقونية للراحل (صفحته على «فيسبوك»)

في مشهد غلبت عليه مشاعر الحزن والأسى، ودَّع السودانيون أحد أبرز وجوههم الثقافية والموسيقية، الدكتور عبد القادر سالم، الذي توفي في العاصمة الخرطوم بعد معاناة قصيرة مع المرض، عن عمر ناهز 77 عاماً.

وُلد الراحل في مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان عام 1946، ويعد من أبرز الأصوات الغنائية التي عرَّفت السودان، خصوصاً غربه، على العالم، من خلال مشروع فني وغنائي، جمع بين الروح الشعبية والبناء الأكاديمي، والإبداع الموسيقي الممزوج بإرث غني من الإيقاعات والإحساس.

وتعبيراً عن الفقدان، قال الصحافي محمد الأسباط لـ«الشرق الأوسط»: «أفقت من نومي اليوم على خبر فاجع، أصابني بحزن عميم، كأنما فقدت شخصاً من العائلة، فعبد القادر سالم لم يكن مجرد فنان، بل أيقونة للغناء الكردفاني والسوداني، وخسارته خسارة كبيرة تضاف لخسائر الناس الذين أفنتهم مأساة الحرب».

من الدلنج إلى أوروبا

نشأ عبد القادر سالم في بيئة غنية بالتقاليد والموسيقى المحلية، حيث مثلت ولاية كردفان مخزوناً لا ينضب من الإيقاعات والمفردات الشعرية، وبدأ بالغناء في محيطه المحلي، قبل أن ينتقل إلى الخرطوم، حيث أتيحت له فرص أوسع للظهور والانتشار».

بدأ مع الفرقة الغنائية الشهيرة «فرقة فنون كردفان»، وشارك معها في مهرجانات الثقافة أواخر الستينات، وهناك عرفه الجمهور السوداني بصوته المختلف.

عندما صدح سالم على خشبة المسرح القومي بـ«اللوري حل بي»، وهي الأغنية التي أصبحت لاحقاً من الأغنيات الخالدة في الوجدان السوداني، يقول صديقه الشاعر التجاني الحاج موسي لـ«الشرق الأوسط»: «كان صوت عبد القادر سالم جديداً في طبيعته، كان حضوره قوياً، ومليئاً بالدفء الإنساني».

نقل إيقاع «المردوم» إلى مسارح العالم

لم يكتفِ سالم بالغناء داخل السودان، بل حمل فنه إلى العواصم الأوروبية، مشاركاً في مهرجانات ومناسبات فنية وثقافية، عرَّف خلالها الجمهور الأجنبي على الإيقاعات السودانية، مثل: «المردوم، والنقارة، والكرن»، وهي إيقاعات ميَّزت تراث غرب السودان.

كان أول فنان سوداني تنتج له شركة بريطانية «أسطوانة»، وسجل عدداً من البرامج الإذاعية والتلفزيونية في الخارج.

وتعد أغنية «ليمون بارا» إحدى أشهر أغنيات سالم، فقد لاقت رواجاً كبيراً، حتى إن بعض المغنين الأوروبيين حاولوا تقليده، وأداءها وبعض أعماله بأساليبهم.

بين الفن والعلم

جمع سالم بين التعليم والفن منذ بداياته، فقد تخرج في معهد التربية بمدينة الدلنج، ثم عمل معلماً في عدد من مدارس كردفان، قبل أن ينتقل إلى الخرطوم، ليلتحق بكلية الموسيقى والمسرح، ويتابع مسيرته الأكاديمية والفنية بالتوازي.

كما عمل مدرساً في دولة تشاد، وهناك أسس المدرسة السودانية الثانوية، مساهماً في نشر التعليم وسط الجالية السودانية.

حصل سالم على درجة الدكتوراه في مجال الفولكلور الشعبي، وكان أستاذاً مشاركاً في عدة جامعات، ودرَّس لأجيال من طلاب الموسيقى، الذين أصبح بعضهم اليوم نجوماً في الساحة الفنية.

يقول وزير الثقافة والإعلام السابق جراهام عبد القادر لـ«الشرق الأوسط» عن الرجل: «لم يكن عبد القادر سالم فناناً فقط، بل كان مشروعاً ثقافياً متكاملاً»، ويتابع: «كان رجلاً أكاديمياً، وموسيقياً، وباحثاً، ومعلماً».

تجديد الغناء السوداني

تميز أسلوب الراحل الموسيقي، بقدرته على الانتقال السلس بين السلم الخماسي التقليدي الذي تقوم عليه موسيقى الوسط والشمال، والسلم السباعي العالمي الذي تتغنى به الجماعات الثقافية في غرب البلاد، مما منح أعماله جاذبية خاصة، وجعلها قادرة على عبور الثقافات.

وأدخل الآلات الغربية دون أن يفرّط في أصالة موسيقاه، وكان حريصاً على أن يحافظ على الطابع السوداني في كل ما يقدمه، فكان بحق أحد المجددين الحقيقيين في الموسيقى السودانية الحديثة.

فنان ونقابي

لم يقتصر نشاط سالم على الغناء والتدريس، بل كان ناشطاً في العمل الثقافي العام، إذ شغل رئاسة اتحاد المهن الموسيقية لفترة طويلة -اتحاد الفنانين- وكان عضواً بارزاً في لجان المصنفات الأدبية والفنية، وداعماً لحقوق الفنانين وتنظيم العمل الموسيقي في البلاد.

شارك في عدد من المؤتمرات الإقليمية والدولية، الخاصة بحماية التراث الموسيقي والفولكلوري، وكان له حضور معتبر في مناقشات تطوير السياسات الثقافية.

حضور إنساني

في زمن الحرب والانقسامات، ظل عبد القادر سالم حاضراً إلى جانب الناس، لم يغادر الخرطوم رغم ما شهدته من دمار ومعاناة منذ اندلاع الحرب قبل زهاء ثلاث سنوات، متضامناً مع زملائه، ومشاركاً في دعمهم مادياً ومعنوياً، وأطلق عدداً من المبادرات لمساندة الفنانين المتضررين من الحرب.

يقول وزير الثقافة جراهام عبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «في وقت اختار فيه كثيرون مغادرة الخرطوم، بقي عبد القادر سالم، مشاركاً في الحياة العامة، ومبادراً لدعم زملائه في المحنة».

إرث فني ووجداني

من أشهر أعماله التي لا تزال تتردد حتى اليوم: «مكتول هواك يا كردفان»، و«ليمون بارا»، و«غاب تومي»، و«بسامة»، وهي أغنيات تمثل وثائق وجدانية تحافظ على اللغة والمكان والوجدان السوداني، وتدرَّس اليوم في كليات الموسيقى بوصفها مراجع فنية وتراثية.

شارك بأعمال غنائية مع شعراء مرموقين، أبرزهم عبد الله الكاظم، وفصيلي جماع، وترك بصمته في مكتبة الإذاعة السودانية بعدد من الأعمال الخالدة.

نعي رسمي وشعبي

نعت الدولة الراحل رسمياً، وقال مجلس السيادة في بيان: «عبد القادر سالم كان من أبرز أعمدة الموسيقى في البلاد، وصوتاً شغوفاً بالتراث، حيث صال وجال في مختلف دول العالم معرِّفاً بالإرث السوداني، خصوصاً الكردفاني الأصيل»، وتابع البيان: «لقد شهدت له المسارح ودور الفنون بمثابرته واجتهاده، في البحث الأكاديمي المرتبط بالموسيقى».

لكن ما هو أبقى من النعي الرسمي، هو ما زرعه في وجدان الناس، حيث لا يزال صوته يتردد في البيوت، وعلى أجهزة المذياع القديمة، ومشغلات الصوت الحديثة، وفي الحفلات المدرسية، وجلسات الطرب، وذاكرة شعب بأكمله.

يقول محمد الأسباط: «لقد أطفأت الحرب الكثير من قناديل الفن، لكنّ منارات مثل عبد القادر سالم لا تنطفئ، إنها تبقى هادية، لمن يأتي بعده».