تايبيه توقّع ثاني صفقة أسلحة مع واشنطن... وبكين تهدد بإجراءات صارمة

تقرير يحذّر من «عدم جهوزية» البنتاغون في حال غزت الصين تايوان

تايوان تعتبر دعامة أساسية لإنتاج أشباه الموصلات وتلعب دوراً مهماً في الاقتصاد الرقمي العالمي (رويترز)
تايوان تعتبر دعامة أساسية لإنتاج أشباه الموصلات وتلعب دوراً مهماً في الاقتصاد الرقمي العالمي (رويترز)
TT

تايبيه توقّع ثاني صفقة أسلحة مع واشنطن... وبكين تهدد بإجراءات صارمة

تايوان تعتبر دعامة أساسية لإنتاج أشباه الموصلات وتلعب دوراً مهماً في الاقتصاد الرقمي العالمي (رويترز)
تايوان تعتبر دعامة أساسية لإنتاج أشباه الموصلات وتلعب دوراً مهماً في الاقتصاد الرقمي العالمي (رويترز)

في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة درس خياراتها وخططها لمواجهة ما تعتبره «خطر الصين» المتعاظم في منطقة المحيطين الهادي والهندي، وافقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على ثاني صفقة لبيع معدات عسكرية وخدمات ملحقة بها إلى تايوان، فيما نددت بكين بالصفقة، قائلة إنها تقوض على نحو خطير أمن وسيادة البلاد.
وأعربت تايوان عن شكرها للولايات المتحدة، أمس الثلاثاء، بعدما وافقت على بيعها معدات بقيمة 100 مليون دولار لدعم أنظمتها للدفاع الجوي والصاروخي، في الوقت الذي تكثف فيه المقاتلات الصينية من توغلاتها في المجال الجوي للجزيرة. وستمكن الصفقة تايوان من صيانة منظومة «باتريوت» الصاروخية للدفاع الجوي التي تملكها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان إن الصين ستتخذ إجراءات صارمة لدعم مصالحها الأمنية.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التايوانية، كزافييه تشانغ: «هذه ثاني صفقة أسلحة لتايوان منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه، والمرة الأولى هذا العام». وأضاف «إنها تعكس الشراكة الصلبة بين تايوان والولايات المتحدة». وأشارت وزارة الدفاع التايوانية إلى أنه من المتوقع أن تدخل الصفقة حيز التنفيذ في مارس (آذار) المقبل. وتواجه تايوان التي تتمتع بحكم ذاتي، ضغوطا وتهديدات مستمرة من احتمال قيام الصين بغزوها، حيث تطالب بكين بالسيادة عليها وتعتبرها جزءا من أراضيها، وتعد بالاستيلاء عليها يوما ما، حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة العسكرية. وضاعفت الصين بشكل كبير من وتيرة توغلاتها الجوية في المجال الجوي التايواني في الأشهر الأخيرة، حيث شهد الربع الأخير من عام 2021 ارتفاعا كبيرا في عدد الاختراقات. وسجلت تايوان العام الماضي، 969 توغلا جويا لطائرات حربية صينية، بحسب وكالة «الصحافة الفرنسية»، أي ضعف توغلات العام 2020 البالغة 380، وأبرمت إدارة بايدن الصفقة الأولى مع تايبيه في شهر أغسطس (آب) الماضي، حيث وافقت على بيع الجزيرة أنظمة مدفعية ميدان، من طراز «هاوتزر».
في سياق متصل حذر تقرير أميركي، أنه رغم التحذيرات المتزايدة، من «وجود إشارات مقلقة بأن بكين تعيد النظر في نهجها السلمي وتفكر في ضم الجزيرة بالقوة»، فإن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، غير مستعدة بشكل كافٍ لغزو الصين لتايوان. وبحسب تقرير لمجلة «فورين أفيرز»، فإن البحرية الأميركية، التي تعد أهم عنصر في عمليات الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادي، كان من المفترض أن تحظى بخطة لتطوير قدراتها وتحديث معداتها، وزيادتها، وفقا لمشروع «باتل فورس 2045»، الذي أقره الرئيس السابق دونالد ترمب، مفترضا أن البحرية الأميركية يمكن أن تنتظر حتى منتصف الأربعينات للوصول إلى جهوزيتها. غير أن الرئيس بايدن، قام بتأجيل هذه الخطة، لتتراجع البحرية الآن بشكل كبير، عن تحقيق هدفها طويل الأمد المتمثل في الحفاظ على أسطول مكون من 355 سفينة. كما أن التخفيضات المتوقعة في ميزانية الدفاع العام المقبل، يرجح أن تؤدي إلى تقليص حجم الأسطول بشكل أكبر.

- تحديث القواعد والمخزونات
ويحذر التقرير من أن القواعد الأميركية، وتلك العائدة للقوات والدول الحليفة، لم يتم تحديثها، ولم يمول الكونغرس بعد، نظام دفاع جوي وصاروخي تمس الحاجة إليه في جزيرة غوام، التي تضم قاعدة جوية وبحرية «ستكون على الخطوط الأمامية لأي صراع حول تايوان». كما أن مخزونات الذخائر الموجهة بدقة، لدعم صراع طويل الأمد في القواعد المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة، لا تكفي. ويقول التقرير إن الولايات المتحدة في طريقها «لخسارة الحرب على تايوان تبعا للوضع القائم الآن، لكن الوقت لم يفت بعد لتغيير المسار». ويدعو التقرير إلى «إعادة التوجيه المستهدفة للموارد العسكرية الحالية والتي يمكن الحصول عليها بسهولة، والتخطيط الفعال، والاستفادة من التحالفات الحاسمة، حيث تتمتع الولايات المتحدة بالقدرة على منع، وإذا لزم الأمر، كسب الحرب على تايوان في منتصف هذا العقد». ويقول التقرير إنه بدلا من الرهان على «ضبط النفس» للحزب الشيوعي الصيني، أو على التكنولوجيا التي لن تكون جاهزة لأكثر من عقد من الزمان، يجب على الكونغرس والسلطة التنفيذية، تنفيذ استراتيجية دفاع جديدة في المحيط الهادي الآن.

- 3 أسباب لخوض النزاع
ويقول التقرير إن العديد من الأميركيين سيتساءلون بطبيعة الحال، عن سبب استحقاق القيام بالتزامات دفاعية قد تجر الولايات المتحدة إلى حرب جديدة، وخصوصا مع خصم «مسلح نوويا» للدفاع عن دولة صغيرة وبعيدة. ويقترح التقرير على القادة السياسيين في كلا الحزبين، للإجابة عن هذا التساؤل الحديث عن 3 أسباب:
- أولا، إذا سمح للصين بالسيطرة على تايوان، فإن الولايات المتحدة ستمنح الصين وسيلة جديدة لشن حرب اقتصادية على الأميركيين وعلى أوروبا والعديد من أنحاء العالم. فتايوان تعتبر الدعامة الأساسية لإنتاج أشباه الموصلات، وتلعب دورا مهما في الاقتصاد الرقمي العالمي. وتشغل أشباه الموصلات التايوانية اليوم عشرات الملايين من الأجهزة الاستهلاكية والمركبات والأنظمة العسكرية المتطورة. ومع تخلي شركات أشباه الموصلات الأميركية على مدى العقود الثلاثة الماضية، عن مرافق الإنتاج كثيفة رأس المال، أصبح اعتماد الولايات المتحدة على تقنيات تايوان الجديدة والناشئة أكبر من أي وقت مضى. ونظرا لأن الصين تستضيف بالفعل عددا متزايدا من شركات أشباه الموصلات، فإن سيطرتها على تايوان سيكسبها احتكارا خطيرا لتوريد أشباه الموصلات في العالم. وبحسب تحليل تجاري واقتصادي لمكتب القوات الجوية الأميركية، إذا غزت الصين تايوان، فستسيطر على ما يقرب من 80 في المائة من إنتاج أشباه الموصلات العالمي. وسيسمح ذلك للحزب الشيوعي الصيني باستخدام توريد أشباه الموصلات لكسب نفوذ قسري على أي شركة أو دولة أو جيش ينتقد انتهاكات حقوق الإنسان أو ممارساته الاقتصادية الجائرة أو تدميره للبيئة أو يتحدى سلطته ونطاقه.
- ثانياً، تعني حقيقة الموقع الجغرافي لتايوان في المحيط الهادي أن ما يحدث هناك لن يبقى هناك. فالجزيرة تقع في نقطة ارتكاز ما يسمى بسلسلة الجزر الأولى قبالة البر الرئيسي الآسيوي، وهي جزر تشمل كلا من اليابان والفلبين، وتشكل محيطا دفاعيا حاسما يمكن أن يساعد في حالة الحرب، على منع القوات الصينية من محاولة شن حملة أكثر اتساعا يمكن أن تهدد هاواي وغوام وأستراليا. وإذا ما احتلت تايوان سيصبح الالتزام الأميركي بحماية اليابان والفلبين أصعب.
- ثالثا، إذا فشلت الولايات المتحدة في الوقوف إلى جانب حلفائها الديمقراطيين عندما يتعرضون للتهديد من قبل خصم استبدادي، فإنها ستقوض مصداقيتها ونفوذها. وسيؤدي الفشل في الدفاع عن ديمقراطية قائمة، من الصين «القوة الاستبدادية الأولى» في العالم، إلى نهاية وضع الولايات المتحدة كقوة عظمى والضمانات المقابلة للازدهار والحرية وحقوق الإنسان التي جاءت معها. فالحزب الشيوعي الصيني ينتهج استراتيجية عالمية لتحل الصين محل الولايات المتحدة كقائد للنظام الدولي. إذا تخلت الولايات المتحدة عن تايوان، وهي ديمقراطية مزدهرة يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، فستكون بكين قادرة على استغلال هذا الفشل في تعزيز «حتمية» النموذج الصيني.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».