دمشق تحبط عملية جديدة لتهريب مخدرات في أكياس معكرونة

أعلنت ضبط شحنة 500 كلغ من حبوب «كبتاغون»

عنصران من الأمن السوري قرب شحنة «كبتاغون» ضبطت أمس في دمشق (أ.ف.ب)
عنصران من الأمن السوري قرب شحنة «كبتاغون» ضبطت أمس في دمشق (أ.ف.ب)
TT

دمشق تحبط عملية جديدة لتهريب مخدرات في أكياس معكرونة

عنصران من الأمن السوري قرب شحنة «كبتاغون» ضبطت أمس في دمشق (أ.ف.ب)
عنصران من الأمن السوري قرب شحنة «كبتاغون» ضبطت أمس في دمشق (أ.ف.ب)

أعلنت دمشق الثلاثاء، إحباط تهريب أكثر من 500 كيلوغرام من حبوب «كبتاغون» المخدرة مخبأة ضمن شحنة من أكياس المعكرونة كانت في طريقها إلى الخارج، في ثاني عملية من نوعها خلال أسبوع.
وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن «الجهات المختصة ضبطت اليوم كمية كبيرة من حبوب الكبتاغون المخدرة كانت موضوعة ضمن شحنة معكرونة معدة للتصدير إلى السعودية»، مشيرة إلى أن الشحنة تضمنت نحو 525 كيلوغراماً من الحبوب.
وخلال الأشهر الماضية، أعلنت السلطات السورية مراراً عن مصادرة شحنات من حبوب الكبتاغون، آخرها في 24 الشهر الماضي، تضمنت 525 كيلوغراماً مخبأة أيضاً في أكياس معكرونة.
وتم ضبط 180 ألف حبة الشهر الماضي أيضاً داخل علب حلاوة في دمشق، وأخرى في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، تزن 650 كيلوغراماً، أي أكثر من أربعة ملايين حبة تم ضبطها داخل سيارة على أوتوستراد حمص - دمشق.
وتعد حبوب الكبتاغون من المخدرات سهلة التصنيع، وتباع بسعر رخيص في الأسواق، ويرى فيها البعض بديلاً رخيصاً عن الكوكايين.
ويصنّف مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة الكبتاغون على أنّه «أحد أنواع الأمفيتامينات المحفزة»، وعادة هو مزيج من الأمفيتامينات والكافيين ومواد أخرى.
وصناعة الكبتاغون ليست جديدة في المنطقة، وتُعد سوريا المصدر الأبرز لتلك المادة منذ ما قبل اندلاع الحرب عام 2011، إلا أن النزاع جعل تصنيعها أكثر رواجاً واستخداماً وتصديراً.
وأوردت دراسة جديدة لمركز التحليلات العملياتية والأبحاث - كور (COAR) حول الاقتصاد السوري في زمن الحرب، أن سوريا تُعد «البؤرة العالمية لإنتاج الكبتاغون، الذي شهد تطوراً صناعياً وتكيفاً وتعقيداً تقنياً أكثر من أي وقت مضى».
وقدّرت الدراسة قيمة صادرات سوريا من الكبتاغون عام 2020 بأنها «لا تقل عن 3.46 مليار دولار أميركي».
وتنشط صناعة حبوب الكبتاغون في لبنان المجاور، الذي انتقلت إليه أيضاً خبرات سوريا خصوصاً خلال سنوات الحرب، كما يُصنّع في العراق.
وفي الأيام الماضية، أعلنت دول عربية عن عدة عمليات صد مهرّبي المخدرات تمكّنت خلالها من مصادرة آلاف من حبوب الكبتاغون المخبأة داخل فواكه مستوردة.
ولمواجهة هذه التجارة الضارة، نادت أصوات تشريعية في الولايات المتحدة بضرورة محاربتها، والوقوف ضدها ضمن سياسة البلاد المتبعة في العقوبات ضد النظام السوري. وعلى الرغم من أن «قانون قيصر» لم يشمل في طياته معاقبة أو تعطيل شبكات المخدرات السورية، فإن قانون تمويل الدفاع الجديد لعام 2022، حصل على بعض التعديلات التي تم إدراجها في التصويت الشهر الماضي، من أجل هذا الهدف.
وفي التعديل القانوني الذي تقدم به النائب فرينش هيل الجمهوري من ولاية أركانساس، طالب الإدارة الأميركية بوضع استراتيجية بين الوكالات الحكومية، لعرقلة وتفكيك تجارة إنتاج المخدرات، والاتجار بها، والشبكات التابعة المرتبطة بالنظام السوري، الذي لاقى دعماً بالأغلبية بالتصويت بالموافقة (316 صوتاً) من أصل 435 صوتاً في مجلس النواب، وهو مطروح أمام مجلس الشيوخ.
وأفاد التعديل، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، بأن «تجارة الكبتاغون المرتبطة بنظام بشار الأسد في سوريا، تشكل تهديداً أمنياً عابراً للحدود، ويجب على الولايات المتحدة أن تطور وتنفذ استراتيجية مشتركة بين الوكالات لتفكيكها، في موعد لا يتجاوز 180 يوماً من تاريخ سن هذا القانون».
وطالب فرينش من خلال التعديل، بأنه يجب على وزير الدفاع ووزير الخارجية ووزير الخزانة، ومدير إدارة مكافحة المخدرات، ومدير المخابرات الوطنية، ورؤساء الوكالات الفيدرالية الأخرى، أن يقدموا بشكل مشترك إلى لجان الكونغرس المناسبة تقريراً يحتوي على استراتيجية لتعطيل وتفكيك إنتاج المخدرات السورية، وبنية تحتية لأعمال تنفيذية ضد نظام الأسد، لا سيما من خلال الدعم الدبلوماسي والاستخباراتي.
وأضاف: «لا بد من استخدام سلطات العقوبات، والإجراءات المرتبطة بها، لاستهداف الأفراد والكيانات المرتبطين بشكل مباشر أو غير مباشر، بالبنية التحتية الخاصة بالمخدرات لنظام الأسد، وكذلك استخدام التفاعل الدبلوماسي الأميركي العالمي، المرتبط بحملة الضغط الاقتصادية ضد نظام الأسد، وذلك من أجل استهداف البنية التحتية الخاصة بالمخدرات».
وعلى الرغم من أن الطريق لا تزال طويلة أمام إقرار هذا المشروع، الذي لا يعد ملزماً في مجلس الشيوخ إلا إذا تبناه أحد الأعضاء في المجلس، فإن مواصلة العمل عليه والحشد لإقراره ربما يجعلانه ملزماً في القانون الجديد لإقرار ميزانية وزارة الدفاع لعام 2022.
وفي مقطع فيديو نشره النائب الجمهوري فرينش هيل، الداعم للتعديل القانوني، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، قال إنه «يجب على إدارة الرئيس بايدن عمل كل ما بوسعها من أجل وقف عمليات تهريب المخدرات الممنهجة في سوريا»، واصفاً نظام الأسد بأنه «نظام المخدرات».


مقالات ذات صلة

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

العالم تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

العصابات الدولية تعيد تشكيل خريطة الجريمة باستخدام التكنولوجيا والمخدرات، في وقت تبدو فيه الحكومات متأخرة عن مواكبة هذا التطور.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
أوروبا ساحة بلازا دي كولون في إسبانيا (رويترز)

إسبانيا: العثور على 20 مليون يورو مخبأة بجدران منزل رئيس مكافحة الاحتيال السابق

اعتقلت السلطات الإسبانية الرئيس السابق لقسم مكافحة الاحتيال وغسل الأموال في الشرطة الوطنية الإسبانية، بعد العثور على 20 مليون يورو مخبَّأة داخل جدران منزله.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا الأميركي روبرت وودلاند داخل قفص المحكمة (أ.ب)

رفض استئناف أميركي مدان بتهريب المخدرات في روسيا

تتهم واشنطن موسكو باستهداف مواطنيها واستخدامهم أوراق مساومة سياسية، بيد أن المسؤولين الروس يصرون على أن هؤلاء جميعاً انتهكوا القانون.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون صودرت شمال غربي سوريا أبريل 2022 (أ.ف.ب)

دمشق ترفع وتيرة القبض على شبكات ترويج المخدرات

تشهد سوريا ارتفاعاً ملحوظاً في نشاط حملة مكافحة المخدرات التي تشنّها الحكومة على شبكات ترويج وتعاطي المخدرات في البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».