لا سقف لارتفاع أسعار المحروقات في لبنان

موزعو الغاز يطالبون بإخضاعه لتسعيرة يومية

ارتفاع أسعار المحروقات متواصل في لبنان (الوكالة الوطنية)
ارتفاع أسعار المحروقات متواصل في لبنان (الوكالة الوطنية)
TT

لا سقف لارتفاع أسعار المحروقات في لبنان

ارتفاع أسعار المحروقات متواصل في لبنان (الوكالة الوطنية)
ارتفاع أسعار المحروقات متواصل في لبنان (الوكالة الوطنية)

ترتفع أسعار المحروقات في لبنان أسبوعياً «بلا سقف»، فارضةً أعباء مالية إضافية على اللبنانيين مع تحرير أسعارها، وسط أزمة شح في الغاز المنزلي الذي يطالب موزعوه بأن يخضع لتسعيرة يومية، مع ارتفاع أسعار صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء.
ووصل سعر صفيحة البنزين إلى نحو 250 ألف ليرة (12 دولاراً) وسعر قارورة الغاز إلى 350 ألفاً في السوق السوداء (نحو 17 دولاراً أميركياً).
ويستغرب محمد بهلوان، صاحب محطة توزيع محروقات في منطقة بشامون: «كيف بمقدور الناس مواصلة تعبئة خزانات سياراتهم بالكامل، رغم ارتفاع أسعار البنزين بشكل كبير؟». ويرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المواطنين لم يتخطوا مرحلة الخوف من انقطاع مادة البنزين، وما زالوا يخزنونها رغم ارتفاع الأسعار»، وذلك في محاولة لتجنب سيناريو انقطاع المحروقات من المحطات الذي اختبره اللبنانيون في الشهرين الماضيين.
ورغم أن الدعم لم يرفع كلياً عن سعر صفيحة البنزين، يوضح عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات، جورج البراكس، لـ«الشرق الأوسط»، أن الدعم رفع بما نسبته 95 في المائة عن مادة البنزين. ويشرح أن سعر الصفيحة يتأثر بعاملين أساسيين: «سعر برميل النفط الذي تخطى 83 دولاراً للبرميل، وسعر صرف الدولار الذي تخطى 20000 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد».
ويؤكد البراكس: «إننا سنشهد خلال أسبوعين ارتفاعات جديدة في سعر صفيحة البنزين وسيتخطى سعرها 300 ألف ليرة لبنانية (15 دولاراً) ومن الممكن أن ترتفع أكثر من ذلك»، ويشرح أنه «لا يوجد سقف لسعر صفيحة البنزين لأن السعر باتجاه التحرر ورفع الدعم عنه ويتأثر بالسعر العالمي لبرميل النفط والدولار في لبنان».
ويقول: «اختفت الطوابير عن المحطات لسببين، أولاً سعر صفيحة البنزين أصبح مرتفعاً ويفوق قدرة المواطنين، وثانياً بسبب إعطاء مصرف لبنان اعتمادات لشركات عدة تزامناً». ويضيف: «لن نشهد طوابير لمدة شهر على الأقل».
من جهته، يوضح رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط جورج فياض لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة بصدد رفع الدعم تدريجياً عن البنزين في المدى المنظور. ويتفق فياض مع البراكس لناحية أن أسعار المحروقات في لبنان تتأثر بعاملي السعر العالمي للنفط وسعر الصرف بالسوق الموازية، لكنه يفيد بأن «لبنان يعتمد سعراً وسطياً للأربعة أسابيع السابقة، وبالتالي لم تتبين بعد مفاعيل ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً في لبنان بشكل كامل، وكل أسبوع ستدخل لائحة أسعار جديدة وسترتفع تدريجياً».
وظهرت أزمة أخرى تمثلت بتسجيل قارورة الغاز ارتفاعاً إضافياً. وفي حين رفضت معامل التعبئة تسليم الغاز لأيام الأسبوع الماضي، طالبة زيادة أرباحها، يشرح رئيس نقابة الموزعين في قطاع الغاز فريد زينون أن المشكلة في الآلية التي أصدرت جدول الأسعار على سعر 18600 ليرة لبنانية (أي نحو 0.80 سنت) في حين وصل سعر صرف الدولار اليوم إلى أكثر من 20800 ليرة لبنانية في السوق الموازية، مضيفاً: «بعد تحرير سعر الغاز ورفع الدعم فالمعامل لا يمكنها تحمل الخسائر».
وكانت وزارة الطاقة والمياه قد أصدرت ليل الخميس الماضي، جدولاً لتسعير الغاز، حدّد بموجبه سعر مبيع الغاز في مراكز التعبئة بـ206700 ليرة، ورفع عمولة التوزيع إلى 13000 ليرة. وحدّد عمولة المحل التجاري بـ500 ليرة والمبيع في المحل التجاري بـ220200 ليرة.
بالمقابل، تحديد السعر من قبل الوزارة لا يعني بالضرورة أن المحال التجارية والموزعين سيلتزمون به، فسعر قارورة الغاز يصل في بعض أحياء بيروت الإدارية إلى 250 ألف ليرة، ولا يقل في أي من المحال عن 235 ألف ليرة.
وفي حين يؤكد زينون أن المطلوب «إصدار تسعيرة يومية على سعر صرف الدولار في السوق الموازية»، يحذر من بدء انتشار السوق السوداء للغاز تماماً كما حصل وقت أزمة المازوت.
ومع توقف الموزعين عن تسليم مادة الغاز منذ أسبوعين نشطت السوق السوداء، ووصل سعر قارورة الغاز في السوق السوداء إلى 350 ألف ليرة لبنانية.
ويعد الغاز مادة حيوية وتدخل في صلب حياة المواطنين؛ خصوصاً في فصل الشتاء حيث يستخدم للتدفئة؛ خصوصاً في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وارتفاع أجرة المولدات.
ويقول زينون: «فاتورة الغاز 200 مليون دولار في السنة أي أقل كلفة من البنزين والمازوت، لذلك نحن نطالب بإعادة دعم الغاز وإصدار تسعيرة يومية للغاز على سعر صرف الدولار».
وعن إمكانية إعادة الدعم لمادة الغاز، يوضح فياض أن «الشركات المستوردة اجتمعت بالوزير مرة واحدة وتباحثنا بالأفكار العامة والاتجاهات التي يريد السير بها وفهمنا منه أن سياسة الوزارة رفع الدعم كلياً عن المحروقات». وإذ يستبعد إعادة الدعم على هذه المادة، يعتبر أنه كان باستطاعة الدولة تحمل كلفة دعمه لفترة أطول لأن تكاليفه ليست كبيرة.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.