«اشتباكات أبنية» في درعا البلد... وهجوم مفاجئ على النظام في حماة

نزوح مدنيين من جنوب سوريا باتجاه حدود الأردن

دخان يتصاعد من درعا البلد جراء قصف من قوات النظام السوري أمس (تجمع أحرار حوران)
دخان يتصاعد من درعا البلد جراء قصف من قوات النظام السوري أمس (تجمع أحرار حوران)
TT

«اشتباكات أبنية» في درعا البلد... وهجوم مفاجئ على النظام في حماة

دخان يتصاعد من درعا البلد جراء قصف من قوات النظام السوري أمس (تجمع أحرار حوران)
دخان يتصاعد من درعا البلد جراء قصف من قوات النظام السوري أمس (تجمع أحرار حوران)

استمرت الاشتباكات بين قوات النظام السوري ومقاتلين محليين في أبنية درعا البلد جنوب البلاد وسط نزوح مدنيين باتجاه الحدود الأردنية، في وقت قُتل عنصران من الشرطة بهجوم مفاجئ في حماة وسط البلاد.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس بـ«نزوح مستمر لمئات العوائل من مناطق بريف درعا الغربي نحو مناطق حوض اليرموك على الحدود السورية - الأردنية، وذلك بعد توسع رقعة القصف على مناطق طفس والمزيرعة وجلين ومساكن جلين».
واستمرت المعارك على محاور درعا البلد بين قوات الفرقة الرابعة المدعومة بالميليشيات الموالية لها من جهة، والمسلحين المحليين من جهة أخرى، في ظل المحاولات المستمرة من قِبل قوات النظام لاقتحام أحياء درعا البلد بتمهيد ناري كثيف، بالإضافة إلى استمرارها بقصف أحياء درعا البلد بالصواريخ والمدافع، حيث تمكنت قوات النظام من إحراز تقدم على بعض الأبنية في محور البحار بدرعا البلد وسط معلومات عن انسحابها بعد إحرازها التقدم، كما وثّق نشطاء المرصد مقتل أحد العناصر المحليين خلال الاشتباكات الدائرة مع قوات النظام في درعا البلد.
كانت اللجنة المركزية للتفاوض في درعا البلد أعلنت مساء الأحد عن انهيار المفاوضات مع النظام السوري وتوقفها، وصرح الناطق الرسمي باسم لجنة درعا البلد المركزية، أن «انهيار المفاوضات بسبب تعنت النظام، وعدم تجاوبه مع الطروحات الروسية، واستمراره في محاولة فرض شروطه القاسية، وعدم احترامه لوقف إطلاق النار، وتقدم ميليشيات الفرقة الرابعة ومحاولتها اقتحام مدينة درعا من أكثر من محور»، ذلك وسط استمرار محاولات الفرقة الرابعة باقتحام المدينة من 3 محاور حتى الاثنين، وتمهيد ناري هو الأعنف منذ بدء الحملة العسكرية على الأحياء المحاصرة في مدينة درعا، مستخدمة صواريخ أرض أرض من نوع «فيل» بمعدل 20 صاروخاً خلال أقل من كل ساعة، أدت إلى مقتل شاب من درعا البلد وأحدثت دماراً هائلاً بالأبنية، بحسب ما أفاد به ناشطون من المدينة.
وسقطت العديد من قذائف الهاون في مناطق متفرقة بمدينة درعا المحطة، حيث المربع الأمني، صباح الاثنين، أدت إلى وقوع جرحى مدنيين.
ووجهت اللجنة المركزية في درعا البلد رسالة إلى أهالي حوران الاثنين لطلب «الفزعة» وقالت: «إن أبناء درعا البلد والسد والمخيمات يسطرون أروع الملاحم البطولية بالصمود والتصدي على كافة محاور المدينة، وأصبح القصف والتدمير جنونياً وبكافة صنوف الأسلحة الثقيلة، مما أدى إلى تدمير منازل المدنيين الآمنين والمساجد».
وشهدت المنطقة الغربية حالة من التوتر والنزوح بين الأهالي، حيث تعرضت قرية جلين ومساكن جلين والمزرعية ومدينة طفس وبلدة تل شهاب بريف درعا الغربي، للقصف أدى إلى وقوع ضحايا مدنيين، وحركة نزوح إلى المناطق الحدودية مع الأردن، بالتزامن مع هجومات متفرقة على نقاط عسكرية تابعة للنظام السوري في المنطقة الغربية ومدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، وسيطر مقاتلون محليون على الحاجز الرباعي الواقع بين بلدات الشيخ سعد ومساكن جلين بمنطقة حوض اليرموك غربي درعا، الذي تتمركز فيه قوات من الفرقة الرابعة والجيش السوري.
كما تمكن مقاتلون في درعا البلد من استعادة السيطرة على حي البحار بمدينة درعا البلد، بعد أن تقدمت إلية قوات الفرقة الرابعة مدعومة بالميليشيات الإيرانية صباح يوم الأحد، وسقوط عدد من القوات المقتحمة بين قتيل وجريح.
وخرج عدد من مناطق التسويات جنوب سوريا بمظاهرات مسائية قطعت الطرقات، تنديداً للهجمة العسكرية على مدينة درعا البلد، وطالب المتظاهرون بوقف العمليات العسكرية في درعا البلد ورفع الحصار عنها.
وقال عضو اللجنة المركزية لـ«الشرق الأوسط» أمس: «أعلنا انهيار المفاوضات بعد استمرار تصعيد الفرقة الرابعة بشكل مكثف وغير مسبوق خلال اليومين الماضيين على الأحياء السكنية والمدنيين في درعا البلد، ومحاولة اقتحام الأحياء المحاصرة، ورفض كل المقترحات الماضية التي كانت اللجنة المركزية تقدمها للحلول السلمية، وحتى المقترحات الروسية، فكنا نتفاوض صباحاً وعند المساء تبدأ عمليات القصف والاقتحام، مما أفقد مصداقية وجدية الطرف الآخر أمام الأهالي في درعا البلد، ولهذا السبب لم يحضر أحد من أبناء المدينة إلى مركز التسوية في قسم السرايا خلال الأيام الماضية، أو قبول التهجير قبل رفع الحصار عن المدينة، وإثبات جدية المفاوضات».
وأضاف: «الرسائل الأخيرة التي تدعو اللجنة للاعتراف بشرعية الانتخابات الرئاسية في سوريا أو الاعتراف بالجيش السوري على أنه السلطة الحامية للبلاد، تثبت ابتعاد الطرف الآخر كل البعد عن الواقع، فكيف لمدينة تقصف وتتعرض للحصار لأكثر من 60 يوماً من قبل قوة عسكرية محسوبة على الجيش السوري، وعانت ويلات الحرب خلال عشر سنوات ماضية وقدمت الشهداء ودمرت منازلها أن تقبل بأي اعتراف أو انتخابات في سوريا».
وكانت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري اقترحت على لجنة التفاوض بدرعا، الأحد «دخول الشرطة العسكرية الروسية وعناصر تابعين لفرع الأمن العسكري إلى الأحياء المحاصرة، وتسليم جميع الأسلحة، ورفع العلم السوري على مؤسسات الدولة، لإيقاف الحملة العسكرية على الأحياء المحاصرة».
في وسط البلاد، نقلت وكالة الأنباء الحكومية السورية (سانا) عن مصدر في قيادة شرطة حماة أن عنصرين من قوى الأمن الداخلي لقيا حتفهما «جراء اعتداء إرهابي بالرصاص على نقطة حراسة في حي المرابط بمدينة حماة». وأضاف المصدر أن «شخصين ملثمين يستقلان دراجة نارية أطلقا النار على نقطة الحراسة باستخدام بندقية آلية، مما أسفر عن ارتقاء عنصرين من قوى الأمن الداخلي».
وقال سكان في حماة، لوكالة الأنباء الألمانية، إنهم سمعوا فجر أصوات إطلاق رصاص في حي المرابط وسط المدينة.
يشار إلى أن مدينة حماة تشهد حالة من الهدوء والاستقرار منذ استعادة القوات الحكومية السيطرة على ريف حماة قبل نحو عامين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.