أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الأحد، في ذكرى الاستقلال أنّ بلاده باتت «تُسيطر» على «كوفيد 19»، إلا أنّه دعا في الوقت نفسه مواطنيه إلى تلقّي التطعيم ضدّ فيروس لم «يُهزم» بعد. وبعد خطابه، مساء الأحد، يلقي الرئيس جو بايدن، اليوم (الثلاثاء)، كلمة حول نجاح إدارته في محاصرة الوباء وما أسماه «الاستقلال» عن فيروس كورونا. ويأتي الخطاب في خضم مخاوف أعرب عنها خبراء الصحة وفريق مكافحة الوباء من تحور الفيروس «دلتا» الذي يهدد بإثارة موجة جديدة من الإصابات.
وتواجه إدارة بايدن معركة شاقة لزيادة معدلات التطعيم التي تباطأت في وتيرة غير مسبوقة منذ الشهر الماضي، والبحث عن حوافز جديدة لتشجيع المتشككين والرافضين لأخذ اللقاح على اتخاذ هذه الخطوة. وقال تقرير لمركز السيطرة على الأمراض إن 67 في المائة من السكان البالغين تلقوا جرعة واحدة على الأقل من لقاح «كوفيد 19» وتلقى 156 مليوناً جرعتين، أي نحو 47 في المائة من السكان. وتشحذ إدارة بايدن كل أسلحتها لمعالجة الإخفاق في تحقيق الوعد بتلقيح 70 في المائة من الأميركيين بحلول 4 يوليو (تموز) الحالي.
تراجع وتيرة التطعيم
وعندما أعلن بايدن عن هذا الهدف في مطلع مايو (أيار) الماضي، كان متوسط توزيع اللقاح يزيد عن 820 ألف جرعة في اليوم، لكن تقديرات مركز السيطرة على الأمراض تشير إلى أن متوسط توزيع اللقاح حالياً أقل من 300 جرعة يومياً. وتتباين معدلات توزيع اللقاحات في الولايات المختلفة؛ حيث تجاوز معظم ولايات الشمال الشرقي نسبة 70 في المائة من إعطاء اللقاحات للسكان البالغين ومن هم أكثر من 18 عاماً، بينما تتراجع النسبة بشكل كبير في معظم الولايات الجنوبية ما بين 50 و60 في المائة، ومن أبرزها ولايات مثل ولاية تنيسي حيث لم يتم تلقيح سوى 30 في المائة من السكان، وولاية ألاباما التي يفضل كثيرون من سكانها خاصة البيض المحافظين الانتظار ومراقبة تأثير اللقاح وآثاره الجانبية. ودفعت الإدارة لزيادة عدد فرق الأطباء ومواقع إعطاء اللقاحات في كل من ولايتي كولورادو وميسوري.
ويقول مسؤولو البيت الأبيض إن الرئيس بايدن منذ تنصيبه يعمل على خفض معدلات الإصابات بالفيروس، وتسريع معدلات توزيع اللقاحات والاستشفاء وتقليل معدل الوفيات وتحفيز الانتعاش بما يجعل الاقتصاد الأميركي واحداً من أقوى الاقتصادات في العالم. وقال مسؤول أميركي: «إننا نشهد اقتصاداً ينتعش وعودة للحياة الطبيعية وخلق فرص عمل قياسية، ومعدلات نمو هي الأفضل منذ 4 عقود».
التحديات المقبلة
ويلتقي بايدن، اليوم (الثلاثاء)، مع خبراء الصحة وفريق مكافحة الفيروس حول كيفية مواجهة التحديات المقبلة من متغير دلتا، وهو متحور أكثر قابلية للانتقال، بدأ ينتشر في الولايات المتحدة حيث أبلغت كل من ولايتي نيويورك وكاليفورنيا عن زيادة في معدلات الاختبار الإيجابية. وتتزايد المخاوف من أن انتشار متحور دلتا قد يحدث مزيداً من الفوضى في أجزاء كبيرة من البلاد والاقتصاد، ما لم يتم أخذ الاحتياطات اللازمة له. وينتقد الخبراء إسراع إدارة بايدن في إعلان السماح بالحشود في المباريات الرياضية والاستعراضات وحفلات الشواء وغيرها من الأنشطة الجماعية، فيما وصفوه بأنه «عودة أميركا معاً»، بينما لا تزال هناك تيارات واسعة من المعارضين لتلقي اللقاح والذين يعتقدون أن مخاطر اللقاح أخطر من مخاطر الفيروس.
وتشير التقديريات إلى أن الولايات المتحدة لم تسجل تراجعاً في عدد الإصابات الجديدة بفيروس كورونا منذ منتصف يونيو (حزيران)، كما يثير معدل التطعيم المنخفض وعدم إقبال كثير من سكان الولايات الجنوبية على تلقي اللقاح، قلق الخبراء. وقد تراجعت وتيرة تلقيح السكان في الولايات المتحدة بنحو الثلثين منذ أبريل (نيسان) الماضي، ويتم تلقيح نحو مليون أميركي يومياً. ويشير الخبراء إلى أن هذا المعدل سيستغرق 5 أشهر أخرى حتى يتم تطعيم 75 في المائة من جميع السكان. ويرفض اثنان من كل 10 أميركيين، أي 20 في المائة، أخذ اللقاح، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته جريدة واشنطن بوست وشبكة أيه بي سي. ولا يزال أكثر من 200 أميركي يموتون كل يوم بسبب «كوفيد 19».
تباين بين الولايات
ويحذر الخبراء من ظهور تيارين متباينين في الولايات المتحدة وفجوة بين الولايات التي ارتفعت فيها معدلات التلقيح بشكل جيد، وبدأ الفيروس ينقرض، والولايات التي تعد أقل تحصيناً حيث بداً متحور دلتا الجديد ينتشر بالفعل مع تراجع معدلات التلقيح إلى أقل من 30 في المائة بما يجعلها نقاطاً ساخنة قد تنشر الفيروس من جديد مع تخفيف القيود. ويواجه المشهد الأميركي انخفاض الطلب على اللقاحات رغم توفرها على نطاق واسع، ما يفتح الباب أمام فرص لمتغيرات فيروسية أكثر خطورة، في وقت تحاول فيه إدارة بايدن توفير الخدمات اللوجستية لإرسال اللقاحات الأميركية للخارج لمساعدة الدول الأخرى على التغلب على الوباء.
وأعلن بايدن، متحدثاً في حفل بالحديقة الجنوبية للبيت الأبيض الذي حضره أكثر من 1000 شخص، أن الولايات المتحدة حققت استقلالاً من فيروس كورونا، وحذر في الوقت نفسه من أنه لم يتم التغلب على الفيروس بشكل نهائي، داعياً الأميركيين إلى تلقي اللقاح باعتباره عملاً وطنياً يقومون به. وقال بايدن وسط هتافات من الضيوف المدعوين لحفل ذكرى الاستقلال: «يمكننا أن نقول بثقة إن أميركا تعود مرة أخرى، واليوم بينما لم يتم التغلب على الفيروس نعلم أنه لم يعد يتحكم بحياتنا، ولم يعد يشل أمتنا، وعلينا التأكد أن هذا لن يحدث مرة أخرى»، وناشد بايدن الذين لم يتم تطعيمهم أن يحصلوا على اللقاح، مشيراً إلى أن المعركة ضد الفيروس مكلفة للغاية حيث حصدت أرواح أكثر من 605 آلاف أميركي.