روسيا تسرّع عمليات التلقيح ضد «كورونا» مع بلوغ ذروة الانتشار

بوتين كشف عن تلقيه «سبوتنيك في» وحث مواطنيه على التحصن ضد الوباء

طاقم طبي يرافق مريضة بـ{كورونا} إلى مستشفى في ضواحي موسكو أمس (أ.ف.ب)
طاقم طبي يرافق مريضة بـ{كورونا} إلى مستشفى في ضواحي موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

روسيا تسرّع عمليات التلقيح ضد «كورونا» مع بلوغ ذروة الانتشار

طاقم طبي يرافق مريضة بـ{كورونا} إلى مستشفى في ضواحي موسكو أمس (أ.ف.ب)
طاقم طبي يرافق مريضة بـ{كورونا} إلى مستشفى في ضواحي موسكو أمس (أ.ف.ب)

مع بلوغ معدلات انتشار فيروس كورونا ذروتها في روسيا خلال الأيام الأخيرة، والإعلان أمس عن تسجيل أول إصابة بمتحور «دلتا بلس»، وسط توقعات متشائمة، اتجه تركيز السلطات الروسية إلى حث المواطنين على الإقبال بكثافة على مراكز التلقيح.
ورغم أن الأسابيع الأخيرة أظهرت «تقدماً إيجابياً» على هذا الصعيد، وفقاً لوزارة الصحة، فإن فقدان الثقة بشكل عام أفشل خطط الحكومة التي توقعت أن تصل البلاد مع حلول نهاية يوليو (تموز) إلى وضع «الحصانة الجماعية» بعد تلقيح نحو ثلثي السكان، وفقاً لتقديرات سابقة. وبات معلوماً أمس، وفقاً لمعطيات هيئة المراقبة المسؤولة عن مواجهة انتشار كورونا، أن نحو 26 مليون روسي تلقوا اللقاحات في روسيا حتى نهاية يونيو (حزيران)، وهذا الرقم ينقسم إلى نحو 12 مليوناً تلقوا الجرعتين و14 مليوناً تلقوا حتى الآن جرعة واحدة.
- تحول في درجات الإقبال
وتعد هذه النسب مخالفة لتوقعات الحكومة الروسية التي كانت ترغب في توفير درجة إقبال أوسع على اللقاح، واللافت أن الشهر الأخير أظهر كثافة واضحة في الإقبال على مراكز التلقيح، بسبب تصاعد معدلات الانتشار وبلوغها ذروتها القصوى خلال الأيام الأخيرة، بعد تجاوز عتبة الـ20 ألف إصابة يومياً، مع تسجيل أعلى معدلات للوفيات منذ نهاية العام الماضي.
ووفقاً للمعطيات الحكومية، فقد تلقى نحو 10 ملايين نسمة اللقاح بجرعة واحدة أو جرعتين خلال الشهر الأخير وحده، ما عكس تحولاً واضحاً في درجات الإقبال بسبب الخوف من الموجة الثالثة للعدوى. ولعبت الدعاية الحكومية الواسعة وإجراءات اتخذها عدد من الأقاليم الروسية لإطلاق برنامج التطعيم الإلزامي لبعض فئات الموظفين الحكوميين والمنتسبين إلى قطاعي التعليم والصحة والعاملين في الحقل التجاري دوراً بارزاً في تصاعد وتيرة الإقبال على التطعيم، رغم استمرار التفاوت الكبير بين أقاليم شهدت نشاطاً واسعاً على هذا الصعيد، وأقاليم ما زالت تشهد نكوصاً عن تلقي جرعات التطعيم.
- مواجهة حملات التشكيك
وسيطر هذا الموضوع على الجزء الأوسع من الحديث المباشر للرئيس فلاديمير بوتين مع المواطنين، إذ تلقى الرئيس عشرات الأسئلة على الهواء مباشرة حول مسار عمليات التطعيم في البلاد، وسعى بوتين إلى المشاركة في حملات التشجيع على الحصول على التطعيم من خلال إعلانه للمرة الأولى أنه تلقى في أبريل (نيسان) الماضي، جرعتي لقاح «سبوتنيك في» الروسي، بعدما كان قد أحجم في السابق عن إعلان طبيعة اللقاح الذي تلقاه بسبب «عدم الرغبة في تحويل الموضوع إلى دعاية لواحد من اللقاحات». علماً بأن روسيا أنتجت حتى الآن أربعة لقاحات.
ورغم تجنب بوتين سابقاً كشف اسم اللقاح، فإنه شارك أمس بطريقة غير مباشرة في الترويج الإعلاني له عندما أعلن أن «الجيش والمؤسسات العسكرية التابعة له اعتمدت لقاح (سبوتنيك في). وأنا بصفتي القائد العام للجيش من الطبيعي أن أتلقى هذا اللقاح».
وحمل حديث بوتين مع انتقاداته الحادة لحملات التشكيك الأجنبية باللقاحات الروسية إشارات واضحة بتوسيع حملات التلقيح في البلاد، رغم أنه أشار إلى أنه «ما زال مقتنعاً بضرورة مواصلة سياسة التلقيح الطوعي»، وعزا قرارات عدد من الأقاليم الروسية لإطلاق حملات التطعيم الإلزامي لفئات محددة إلى بند في القانون الروسي يمنح الأقاليم صلاحيات اتخاذ إجراءات خاصة في مواجهة تفشي وباء أو أمراض خطرة.
ودعا بوتين المواطنين الروس إلى «عدم الاستماع للشائعات حول التطعيم، والاسترشاد فقط بآراء المختصين في هذا المجال». وعكست الدعوة محاولة من الكرملين لمواجهة حملات تشكيك واسعة باللقاحات الروسية انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، وحمل بعضها دلالات تختلف عن التشكيك الغربي باللقاحات الروسية، إذ تمحورت حول «عدم فاعلية كل اللقاحات»، وتواجه السلطات الروسية بقوة هذه الحملات، وفرضت عقوبات على مطلقي «الشائعات».
- شهادات مزورة
لكن المشكلة الثانية البارزة التي باتت السلطات تواجهها مع إعلان قرارات التطعيم الإلزامي، برزت مع ظهور شهادات التلقيح المزورة التي تباع على الشبكة العنكبوتية، بسعر يقارب 4200 روبل (نحو 60 دولاراً) مع خدمات التوصيل المجاني إلى مشتريها. وعزا خبراء انتشار هذه الظاهرة إلى عدم رغبة كثيرين في تلقي اللقاح ولجوئهم إلى شراء هذه الشهادات لتجنب فقدان وظائفهم.
وشددت السلطات الروسية، أخيراً، العقوبات المفروضة على منتجي الشهادات المزورة ومستخدميها، وتصل أقصى درجات العقوبات حالياً، وفقاً للبيانات الرسمية، إلى السجن لمدة سنتين مع دفع غرامة تتراوح بين 80 و400 ألف روبل. وسُئل بوتين أمس عن هذا الموضوع أيضاً، فأجاب أنه «يدخل ضمن نطاق صلاحيات الهيئات المسؤولة عن تنفيذ القانون ولا بد من مواصلة التعامل معه بحزم».
وشكل موضوع اللقاحات عموماً في روسيا وآليات التعامل الشعبي معها، مادة دسمة لتحليلات الصحف الروسية خلال الأيام الأخيرة، وكتبت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الفيدرالية في افتتاحية أمس، أن «بوتين سيحاول على الأرجح إقناع المواطنين بأن اللقاح آمن وضروري وأنه من الأفضل القيام به الآن»، لكنها زادت: «لقد ضربت عمليات الإغلاق الاقتصاد. والمواطنون قلقون بشأن الوفيات القياسية والسلالات الجديدة. ولدينا مشكلة جدية، فالحكومة تبدو مستعدة لتصدير اللقاح بكميات صناعية. لكنها لم تخلق أساساً اجتماعياً نفسياً للتلقيح الجماعي داخل البلد. إن فكرة التطعيمات الإجبارية تسبب عدم الثقة لدى المواطنين، وتهدد بمقاومة نهج السلطات في هذا المجال، لذلك يجب إنهاء صراع محتمل في أسرع وقت ممكن و(الخط المباشر) لبوتين قد يكون مكاناً مناسباً لذلك».

- سلالة «دلتا»
على صعيد موازٍ، أكدت السلطات الصحية الروسية رسمياً، أمس، تسجيل أول إصابة بسلالة «دلتا+» لفيروس كورونا المسبب لعدوى «كوفيد – 19» في روسيا. وقالت رئيسة الهيئة الفيدرالية للإشراف على حماية حقوق المستهلك ورفاهية الإنسان، آنا بوبوفا، إن الجهات المعنية حللت بشكل دقيق المعطيات التي وردت، الأسبوع الماضي، حول رصد مصابة بهذه السلالة، مبينة: «تم تأكيد هذه المعلومات، الحديث يدور بالفعل عن نسخة دلتا+».
وأوضحت بوبوفا أن السيدة المصابة بهذه السلالة من فيروس كورونا أصيبت بشكل خفيف من المرض «وكل شيء انتهى جيداً بالنسبة لها». وشددت المسؤولة الروسية على ضرورة تنفيذ عمليات التحصين الجماعي في ظروف الانتشار المكثف للسلالات الجديدة لفيروس كورونا.
في الوقت ذاته، كشف ألكسندر غينسبرغ، مدير مركز أبحاث مركز «غاماليا» لعلم الأوبئة والأحياء الدقيقة، إن سلالة «دلتا» الهندية من فيروس كورونا تمثل نحو 90 في المائة من جميع حالات الإصابة المكتشفة في روسيا. ودعا مدير معهد «غاماليا» إلى ضرورة تطعيم الأشخاص الذين أصيبوا في وقت سابق بفيروس كورونا وتعافوا، بهدف رفع نسبة الأجسام المضادة في الدم، التي تعمل على تحييد الفيروس.
وزاد: «نحن نعلم الآن أن بلدنا لديه لقاح فعال ضد (كوفيد – 19)، وهو لقاح (سبوتنيك في)، الذي يجب استخدامه في أسرع وقت ممكن على نطاق واسع لإنهاء الوباء».


مقالات ذات صلة

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.