بن مبارك لـ«الشرق الأوسط»: اليمن على حافة الهاوية... والحوثيون حركة عنف واستيلاء

وزير الخارجية اليمني قال إن معضلة البلاد طوال العقود الماضية الاستئثار بالسلطة والثروة

د. أحمد بن مبارك وزير الخارجية اليمني (تصوير: سعد العنزي)
د. أحمد بن مبارك وزير الخارجية اليمني (تصوير: سعد العنزي)
TT

بن مبارك لـ«الشرق الأوسط»: اليمن على حافة الهاوية... والحوثيون حركة عنف واستيلاء

د. أحمد بن مبارك وزير الخارجية اليمني (تصوير: سعد العنزي)
د. أحمد بن مبارك وزير الخارجية اليمني (تصوير: سعد العنزي)

رغم إقرار وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، بأن اليمن يقف اليوم على قمة حافة الهاوية، فإنه أكد أن ثقافة التحكيم والتسويات في العقلية اليمنية لن تسمح بالذهاب إلى أبعد من ذلك.
ويذكر الوزير بأن جماعة الحوثي جاءت بتحالفات مشوهة، واستفادت من ضعف كل المكونات السياسية اليمنية، كما يرى أن معضلة اليمن طوال العقود الماضية تتمثل في الاستئثار بالسلطة والثروة، واستخدام السلاح في حسم الأمور.
وفي حوار موسع أجرته معه «الشرق الأوسط»، لم يفك الوزير غموض الوساطة العمانية التي ما زالت حتى اليوم مجهولة النتائج، إلا أنه عد أن لدى العمانيين معطياتهم، وربما حرصهم، لبذل مزيد من الجهود، وربما عدم تحقيق اختراق حقيقي حتى الآن.
ويرى الوزير أنه من غير المنصف الحديث عن فشل الشرعية في تقديم نموذج للحياة في المناطق المحررة، مبيناً أن شبوة وحضرموت ومأرب والمهرة نماذج ناجحة، رغم بعض التحديات، فيما فشلت في عدن بسبب إجبارها على المغادرة مرات عدة.
وتحدث بن مبارك الذي شغل منصب سفير بلاده في واشنطن نحو أربع سنوات، قبل أن يؤدي القسم نهاية العام الماضي، عما قيل عن وجود خطوط حمراء لتحرير صنعاء، وأن إنفاذ سلطة القانون والدستور على كامل التراب اليمني قضية دستورية شرعية، لافتاً إلى أن عودة الرئيس ونائبه لليمن مرتبطة بتوفر الظروف المناسبة... وفيما يلي تفاصيل الحوار:
> اليمن اليوم يبدو كالمركب التي تتقاذفها الأمواج... إلى أين تسير دفة البلاد؟
- لا شك أن البلاد تواجه تحديات كثيرة، وهناك معطيات قد تبعث على التشاؤم، لكن رغم كل ذلك أرى كثيراً من الفرص أمامنا؛ الأرضيات المتعلقة بالحلول متوافرة، خاصة إذا ما قارنا ملف اليمن بملفات أخرى في المنطقة، فلدينا توافقات تحدد كثيراً من الأسس للمرحلة المقبلة، وما نحتاج إليه هو مراجعة بعض تلك الأسس وتحديثها وفقاً للمستجدات التي أنتجتها الحرب، ولا أرى أن اليمن سيذهب بعيداً عن هذه الأرضيات. التحدي الرئيسي أمامنا هو إيقاف الحرب، ومن ثم سيتم مناقشة خيارات اليمن المقبلة، وفق الأسس التي تحدثنا عنها.
ومن وجهة نظري، فإن إشكالية اليمن طوال السنوات الماضية كانت مسألة الاستئثار بالسلطة والثروة، واستخدام السلاح في حسم الأمور، لكن لدينا كثيراً من المشتركات للجلوس بعضنا مع بعض. باختصار ومن دون تفاؤل مفرط: هناك تحديات صعبة، وفي الوقت نفسه هناك فرص كثيرة، إذا ما استغلت يمكننا العبور.
> لكن وفقاً للمعطيات الحالية، برأيك هل تتجه البلاد نحو سلام أم ما يشبه الصوملة والحرب الأهلية؟
- الحقيقة أننا نعيش خيار الصوملة، فواقع الحال أن هناك احتراباً داخلياً اليوم وصراعات كثيرة، ولأول مرة بدأنا نرى صراع هويات، وهو جديد على المجتمع اليمني. لكن أعتقد أن الإرادة الجمعية لليمنيين لا يمكن أن تسمح بذلك، فإرث اليمن وبُعدها الحضاري وما لديها من مخزون وبنية اجتماعية وقبلية ودينية تحمي هذا الأمر، ولا تسمح بالذهاب إلى آخر الطريق؛ نحن على قمة حافة الهاوية، لكن ثقافة التحكيم والتسويات في العقلية اليمنية لا تسمح لنا بالذهاب إلى أبعد من ذلك.
> ماذا عن الغموض الذي يكتنف الوساطة العمانية حتى اليوم؟
- قد باركنا الوساطة العمانية، كما باركنا وسنبارك أي جهد يدفع باتجاه تحقيق السلام؛ ما هو مطروح اليوم يدفع باتجاه وقف إطلاق النار، والعودة إلى الجلوس على طاولة الحوار، وهو بداية طريق طويل في عملية السلام، وأي جهد من أي جهة نرحب به، لا سيما الأشقاء في سلطنة عمان الذين يربطنا بهم الجوار والتاريخ.
> هل أبلغكم الجانب العماني بما توصلوا إليه مع الحوثيين؟
- لم نبلغ رسمياً بأي تفاصيل متعلقة بنتائج زيارتهم إلى صنعاء.
> لماذا برأيك؟ وهل هو مؤشر على رد سلبي من الحوثيين؟
- قراءتنا أنهم لم يأتوا بشيء يمكن البناء عليه، وكذلك حرص من قبل الأشقاء في السلطنة عمان على بذل مزيد من الجهود لإحداث اختراق حقيقي، لكننا نؤكد على مباركتنا لأي جهد من أي جهة في مسار السلام.
> هل تتفقون مع القول إن سبب قوة الحوثي حتى اليوم هو ضعف الشرعية؟
- أتفق تماماً، لكن ليس بضعف المؤسسة الشرعية، بل بضعف كل المكونات السياسية اليمنية حتى قبل دخول الحوثي صنعاء؛ الحوثي ما كان له أن يدخل صنعاء ويحقق ما حققه لولا أنه لعب على كثير من التناقضات والخلافات التي كانت موجودة بين القوى السياسية اليمنية التي تناهض المشروع الإيراني في المنطقة، كذلك بسبب فتح العاصمة والمعسكرات لهم من حلفاء رئيسين لهم آنذاك. الحوثي لم يأتِ بقوته، بل جاء بتحالفات مشوهة. واليوم، وكل هذه الأطراف أصحبت تعاني من الحوثي، وموجودة خارج صنعاء، آن الأوان لكل القوى السياسية لأن تتجاوز خلافات الماضي، وتنظر لطبيعة التحدي الرئيسي، وتتحد من أجل ثوابت جميعنا ندافع عنها.
> بعد 6 سنوات من الحرب وانهيار البلاد... لماذا لا تزال القوى السياسية اليمنية غير موحدة؟
- لاشك أن هناك تحديات أمامها، وهناك جهد صادق يبذل من كثير من القيادات السياسية، لكنها لم توفق، وكثير من هذه القوى صادرة أحكام إعدامات ضدها، ونهبت ممتلكاتهم، وهم موزعون على قارات العالم الخمس، ويواجهون تحدي في العمل من المناطق المحررة. ومع ذلك، أعتقد أن هناك إشكالية تتطلب تجاوز كل إرهاصات الماضي، وعلينا جميعاً أن نسمو فوق هذه القضايا ونتجاوزها. أتذكر في مؤتمر الحوار الوطني الشامل أنني وصفته بالمحطة الجديدة، ولم يعد هناك ستون وسبعون (في إشارة إلى ساحة الستين وساحة السعبين إبان ثورة فبراير/ شباط 2011)، وأصبحت لدينا محطة واحدة هي الحوار. واليوم، بعد 7 سنوات من الحرب، لدينا محطة أهم على الجميع التوحد فيها ونسيان كل الخلافات.
> هل تعتقد أن بعضهم ما زال يفكر بعقلية المحاصصة والحزبية؟
- ما زال اجترار الماضي يؤثر أحياناً على بعض المواقف، لكننا نسمع من كل الأطراف نية جادة لتجاوز هذا الأمر، ولكن هذه النية لم تحول بعد إلى خطوات عملية.
> سؤال يطرحه كثير من اليمنيين: لماذا لم تنجح الشرعية حتى اليوم في تقديم نموذج إيجابي للحياة في مناطقها؟
- دعني أعطيك مثالاً واضحاً: في ديسمبر (كانون الأول) من العام المنصرم، عادت الحكومة إلى عدن، وأعطى ذلك نموذجاً للمحافظات المحررة، فقد ارتفع منسوب الأمل في أوساط الناس، وحصل تحسن في كثير من القطاعات، أهمها الريال اليمني، وبدأت العجلة تسير، ثم صادفنا تحدياً حقيقياً في الميدان (المسألة الأمنية)، واضطرت الحكومة إلى أن تغادر؛ المسألة الأمنية هي نتيجة وليست سبباً؛ نحن في مرحلة قائمة على الشراكة، ويستلزم ذلك المسؤولية المشتركة.
وليس من الإنصاف القول إن كل المحافظات المحررة ليست نموذجاً، فشبوة نموذج اليوم على الاستقرار والتنمية، إذ إن هناك تحسناً في ملفي التنمية ومكافحة الإرهاب، وقد قطعنا شوطاً في مسألة الأمن والتنمية. كذلك حضرموت، حيث إن الدولة هي الحاضرة. وفي المهرة، الخدمات اليوم أفضل من مستوى ما قبل الحرب، كذلك مأرب تقدم نموذجاً لولا الهجوم الحوثي منذ فبراير (شباط) الماضي، فحجم التنمية والخدمات والاستقرار الذي شهدته مأرب، والزيادة السكانية، أفضل منه قبل 10 سنوات، وهناك جامعة ومطارات تبنى، وتزود المحافظة كل اليمن بالغاز، بما في ذلك مناطق الحوثيين.
وبالتالي، فالحديث بشكل إجمالي عن أن الوضع سيئ غير منصف، ففي المناطق التي توفر للحكومة القدرة على السيطرة يحل الأمن والاستقرار. وفي عدن لم نستطع تقديم هذا النموذج لأن الحكومة كانت تأتي 3 - 4 أشهر ثم تجبر على المغادرة. أما الكهرباء التي يشتكي منها الناس، فإن قدراً كبيراً من دخل الدولة يذهب في المشتقات النفطية التي تغذي العاصمة عدن، والرواتب للقطاع المدني في كل المحافظات المحررة منتظمة بفضل الحكومة، وكل المشاريع عبر البنك الدولي والمؤسسات الدولية الطرف الرئيسي فيها الحكومة حتى في مناطق تحت سيطرة الحوثيين، وعليه فمن الإجحاف الحديث عن عدم وجود شيء.
> ماذا عن الوضع الحالي في مأرب؟ وهل هناك مخاوف من سقوطها؟
- لدينا قناعة كاملة مطلقة بأن مأرب لن تسقط، فهي التي أسقطت رهانات الحوثي عندما سقطت كل الدولة في فترة لم يكن فيها جيش وطني، ولا حشد وتنظيم، ولا التحالف العربي، وهي التي أوقفت التمدد الحوثي في فترة صعبة، فما بالك اليوم ومأرب فيها سلطة محلية مشهود لها بالكفاءة، وهناك جيش وطني وقبائل أبية، وتحالف عربي يدرك أهمية مأرب الجيواستراتجية ودورها في تغيير الصراع.
مأرب كما أسقطت الرهانات السابقة ستسقط وهم الانتصار العسكري الذي يراهن عليه الحوثيون، علماً بأن الحوثيين إذا وصلوا مأرب لن يتوقفوا عندها، فأطماعهم لا تقف عند حدود اليمن، بل ينظرون للجزيرة العربية كلها، وهم مستمرون في الحشد والهجوم على مأرب، ويتلقون الدعم سواء من إيران أو أداوتها، وقد سمعنا حسن نصر الله يصور معركة مأرب بكربلاء جديدة، لكن صمودنا في مأرب أسقط رهاناتهم جميعاً.
> هنا يطرح سؤال: لماذا لا تفتح جبهات أخرى لتخفيف الضغط على مأرب؟
- نحن اليوم حريصون على مأرب، وحجم خسائر الحوثيين فيها كبير جداً لا يمكن وصفه، وتركيز الجهد وإضعاف الحوثي في هذه المعركة يتطلب كسره فيها.
> هل هناك خط أحمر يمنع تحرير صنعاء... كما تحدث بذلك مسؤولين في الشرعية نفسها؟
- إنفاذ سلطة القانون والدستور على كامل التراب اليمني قضية دستورية شرعية لا خطوط حمراء فيها، فالقوانين الإنسانية والدستور اليمني والقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن جميعها تتحدث عن الدولة اليمنية المعترف بها، ووحدتها وأمنها واستقرارها وسيادتها على أراضيها؛ بالتأكيد نحن حريصون على أرواح المدنيين، وتجنيب المدن المكتظة بالسكان ويلات الحرب، ولذلك نمد أيدينا للسلام في أي فرصة. وفي الحديدة، كنا قاب قوسين من تحرير المدينة، ثم تعالت الأصوات واستجبنا، والاتجاه العام لدينا أن كل ذرة تراب في اليمن هي حق.
> هل أنتم نادمون على إيقاف عملية تحرير الحديدة؟
- أعتقد لسنا نحن فقط، بل المجتمع الدولي كله يراجع ما حدث في الحديدة. فبعد ثلاث سنوات من اتفاق استوكهولم، يبدو الوضع في الحديدة أسوأ إنسانياً وأمنياً وعسكرياً، وهي اليوم مركز لتصنيع القوارب المفخخة التي تهدد الملاحة الدولية. وطوال ثلاث سنوات، لم يسمح الحوثيون لأي مواكب إنسانية بالدخول لإعانة الحديدة، وأصبحت المدينة مقسمة لأشلاء عبر الأنفاق والخنادق والسواتر الترابية، وبعثة الأمم المتحدة منذ عامين غير قادرة على عقد اجتماع واحد، وقد استأجرت باخرة بملايين الدولارات لعقد اجتماعاتها في البحر.
لقد كان الهدف من اتفاق استوكهولم معالجة وضع مدينة وميناء الحديدة، وتنفيذها لليوم صفري، ورفع الحصار عن تعز كذلك صفر؛ الملف الوحيد كان تبادل الأسرى، وهو ملف نوقش قبل استكهولم، وأتُي به بصفته فاكهة جاهزة للقطف، ومع هذا تعنت الحوثيون بشأن هذا الملف في لقاءات الأردن الأخيرة.
على العالم مراجعة ما تم في استكهولم، وأن نضمن ألا يتكرر في أي اتفاق لاحق؛ علينا التركيز على النتائج وليس العمليات، المهم أن نرى نتائج مستدامة قابلة للتطبيق بوجود ضمانات.
> لماذا لا يعود الرئيس ونائبه إلى المناطق المحررة؟
- لا يمنع عودتهما سوى توفر الظروف المناسبة؛ تخيل لو كان الرئيس معنا في مطار عدن في ظل التفجير الإرهابي الذي حدث، وهو عمود الخيمة وشرعيتنا الدستورية التي نحرص على المحافظة عليها لأنها المشروعية التي تعبر عن الشرعية والدولة! ليس هناك ما يمنع سوى توفر الظروف الطبيعية، وقد كان هذا الهدف من عودة الحكومة وتطبيع الأوضاع، ثم بعد ذلك عودة الرئيس وكل مؤسسات الدولة، من الرئاسة والبرلمان.
> بحكم معرفتك بالحوثيين، بعضهم يتحدث عن جناحين في الحركة، سياسي وآخر عسكري، يوجد صراع بينهما، ما مدى دقة ذلك؟
- اليوم، هناك ما يعرف بالحوثيين والمتحوثنين، فالحوثيون عندما تحولوا لسلطة أمر واقع تحوث كثيرون للاستفادة، سواء ترهيباً أو ترغيباً؛ لا شك أنها ليست مجموعة متماسكة، لكن الحركة نفسها هي حركة عنف واستيلاء تسلطية، تعتقد أنها صاحبة الحق ورؤيتها حتمية نهائية كونية إلهية، ويجب أن تفرض ذلك على الآخرين، وهذا يجعلها عصية على القبول بالحلول؛ عندما يواجهون أي إخفاق يعدون ذلك اختباراً إلهياً يجب اجتيازه، وعندما يحققون تقدماً في تبة واحدة يعدون ذلك نصراً إلهياً.
طوال السنوات الماضية، يوجد جناح في الحركة لا يمكننا تسميته (معتدل)، ويجب علينا الحذر في إطلاق مثل هذه العبارات على حركة عنيفة مثل الحوثيين، لكن يمكننا تسميته جناح من تمرس السياسة. ويدرك هؤلاء أن هناك مجالات سياسية يمكن الخوض فيها، لكنهم دائماً يصطدمون بالمجموعة التي لا ترى الأمور سوى أبيض أو أسود، وهي صاحبة القرار.
ولا يمكننا كذلك إغفال أن كثيراً من القيادات الحوثية اليوم أصبحت مستفيدة بشكل كبير من استمرار الحرب، وليس من مصلحتها إيقافها، ويعلمون أن عودة الدولة يعني إيقاف كل هذه الممارسات.
> كيف تنظرون للدور الإيراني في اليمن، ووصول رئيس جديد يوصف بأنه الأكثر تشدداً في تاريخ رؤساء إيران؟
- في إيران، تغيير الرئيس لا يغير شيئاً. فمنذ عام 1979، كان المرشد الأعلى هو الحاكم الفعلي لإيران، وهناك فقرة في الدستور تتحدث عن دولة بطابع طائفي، وأمر أخطر، وهو تصدير الثورة. وبالتالي، فمهما تعاقبت الحكومات، مرة بوجه إصلاحي ومرة محافظ، فإن ما لمسناه منذ ذلك الوقت مع تغير الوجوه دائماً يظل الإشكال: إيران دولة كبيرة ودولة جوار، وليس لدينا معها -الحضارة والشعب والجغرافيا- أي مشكلة؛ مشكلتنا الرئيسية في هذا النهج الذي يعتقد أنه صاحب حق في تصدير ثورته ورؤيته إلى دول الجوار، ونحن في اليمن أكثر ما نعاني منه هو «الحرس الثوري» المرتبط بالمرشد.
> يتداول اليوم توجه لإصدار قرار جديد من مجلس الأمن بحجة أن (2216) أصبح غير صالح للمرحلة الحالية... هل أنتم مستعدون لمناقشة أي تسوية تستبعد هذا القرار؟
- أعتقد أن قرار (2216) يوفر أساساً قانونياً يتسق مع القانون الدولي، وكل قرارات الأمم المتحدة، وأي حديث خارج هذا الإطار يشكل سابقة دولية لا يمكن للمجتمع الدولي أن يجابه نتائجها، ليس فقط في اليمن بل على مستوى العالم؛ القرارات الدولية عادة تستند إلى منظومة من الأسس والقوانين، و(2216) يصف واقع الأمر كما هو، ويتحدث عن آليات التحول الديمقراطي واحترام قوانين الدول وسيادتها والانتخابات والدستور، وهل يجب مكافأة جماعة آيديولوجية تأتي بالسلاح وتحتل العاصمة؟ هل المجتمع الدولي يمكن أن يغير هذه المفاهيم التي تنظم طبيعة العلاقات الدولية؟ أعتقد هذا حديث خارج السطر.
كذلك الحديث عن أن (2216) يشكل عائقاً حديث عجيب، ففي الكويت ناقشنا تفصيلاً حلول متعلقة بالمستقبل والشراكة، وقبول الحوثي بصفتهم جماعة، وترتيبات أمنية وعسكرية وسياسية، ولم يكن القرار هو العائق، بل كانت إرادة الحوثيين نحو السلام، وإرادة إيران بالدفع نحو هذا التوجه؛ الحديث في هذا الموضوع يتجاوز أساس المشكلة. واليوم، هناك مقترح عملي بسيط يأخذ بكل شواغل الحوثيين، ويجمع عليه كل العالم، وهو مطروح، ومن يرفضه هم الحوثيون، ولا علاقة لقرار (2216) بالأمر.
> انتقل لاتفاق الرياض والجهود السعودية الأخيرة لتجاوز الخلافات مع المجلس الانتقالي الجنوبي: أين وصلتكم؟ وهل هناك عودة قريبة للحكومة إلى عدن؟
- بداية، الحكومة عادت إلى عدن، بحسب اتفاق الرياض، على أساس تنفيذ كل بنوده المعلنة. وأصدر الرئيس قراراً بتعيين محافظ ومدير أمن، ولم يمُّكن مدير الأمن المعين من قبلنا، وتم تغييره، وقبلنا وذهبنا لتوفير أرضية مشتركة للعمل، وأمضينا أشهر في عدن، وقدمنا تشكيل الحكومة على الجانب العسكري والأمني خلافاً للاتفاق حرصاً منا على التنفيذ، كما عدنا من دون أي ترتيبات أمنية من قبلنا، وتعاملنا مع الأمر بكل أريحية، واتسم عمل الحكومة بمستوى عالٍ من الإيجابية، لكن واجهنا التحدي الأمني وتصعيد الخطاب الإعلامي، وتطور الأمر لحادثة اقتحام قصر معاشيق، لذلك غادرت الحكومة مجبرة، ولم تخرج كاملة، فهناك عدد كبير من الوزراء في عدن من كل الأحزاب، لكن كان لا بد من معالجة هذا الإشكال، خاصة الجانب الأمني والعسكري.
واليوم، هناك جهود كبيرة تبذل، وأجواء إيجابية على مستوى النقاش لم تنعكس بعد على مستوى التنفيذ، ويمكنني القول إن أفكاراً إيجابية تناقش بمستوى عالٍ من المسؤولية، لكنها لم تصل إلى تفاهمات نهائية بعد، ثم الانتقال إلى مستوى التطبيق، ونحن نثق ونراهن على دور أشقائنا في السعودية، بصفتهم راعياً لهذا الاتفاق، وعلى حرص كل مكونات الشرعية، بما فيها الانتقالي الذي أصبح جزءاً أصيلاً من الشرعية، على ذلك، وسنبذل كل الجهود المطلوبة لبناء الثقة، والمضي قدماً في استكمال تنفيذ الاتفاق.
> معالي الوزير، هل يمكنكم توضيح ما أثير مؤخراً بشأن الجزر اليمنية وقضية السيادة، لا سيما سقطرى وميون؟
- بداية، استكمال تنفيذ اتفاق الرياض وفقاً للصيغة المتفق عليها التي تضمن وجود مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية سيعالج كل هذه القضايا، بما فيها الوضع في سقطرى، والثابت لدينا هو سيادة اليمن على كل مدنه وجزره وأجوائه وبحاره، وسبق أن أكدت عدم وجود أي اتفاقية عقدت بين الجمهورية اليمنية وأي طرف آخر في مسألة الجزر أو المعسكرات؛ هذا أمر لم يتم. وإذا تم يجب أن يكون من خلال المؤسسات الدستورية، ممثلة بمجلس النواب، لكن بالتأكيد هناك تعاون كبير جداً ضمن التحالف العربي وعمليات عسكرية مشتركة، ومعارك قائمة تستلزم بعض الترتيبات، ونؤكد أن اليمن حريص على سيادته على كامل أراضيه ووحدته الترابية، لكن هناك شراكة وتنسيقاً في معركة قائمة قد تتطلب جملة من التنسيقات ليس المجال لذكرها.
> إلى أي حد يؤثر ملف الفساد في الحكومة على أدائها وتعامل الخارج معها؟
- علينا الإقرار بأن الدولة اليمنية تعاني تاريخياً من إشكالات هيكلية حتى قبل ثورة 2011. فقد كان هناك ضعف في البنية الرقابية، فما بالك بعد سقوط الدولة إثر الانقلاب، إذ عانت الدولة من تهتك مؤسساتها وأجهزتها الرقابية. نعم، هناك خلل في هذه المنظومة، ونحن في حكومة الكفاءات السياسية كان أحد أهم المبادئ تقوية الأداء الرقابي لمؤسسات الدولة ومكافحة الفساد، لكن في المقابل هناك مبالغة كبيرة في هذا الأمر. وكما تعلمون، فإن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة أصدر تقريراً، وبنى قراراته على كثير مما يدار في الصحف وبعض الوشايات، ثم بمسؤولية تواصلنا معه وزودناه بكل المعطيات، ولأول مرة، في سابقة على مستوى الأمم المتحدة، سحب الجزء المتعلق بكل الاتهامات السابقة.
كذلك فإن كل مليارات المساعدات التي تأتي لليمن لا تمر عبر الجهاز الحكومي ليكون هناك شبهة فساد، كلها تنفذ عبر هيئات أممية ودولية ومشاريع وصناديق، حتى ما ينفذ عبر الأشقاء يتم عبر إجراءات حوكمة ورقابة كاملة.
ويبقى حجم ما هو تحت يد الحكومة الشيء اليسير جداً؛ حجم تصديرنا النفطي لا يذكر. ومع ذلك، نعتقد أن مكافحة الفساد مسألة مهمة يجب معالجتها بشكل جذري، وأن نظهر مجموعة من السياسيات للتعاطي الجاد مع هذه المسألة، لنقدم نموذجاً لشعبنا ثم للهيئات الدولية التي تتعامل معنا. لكن في المقابل، أعتقد أن هناك مبالغة كبيرة فيما يتم تداوله حول هذا الموضوع.
> ماذا عن ملف السلك الدبلوماسي الذي تعرض هو الآخر لكثير من التدخلات؟ هل لديكم برنامج واضح لإصلاحه؟
- نعم، هناك برنامج تقييم كامل للأداء الدبلوماسي ومراجعات كبيرة، خاصة تقليل الأعداد والتركيز على الكفاءة، ومعالجة أي اختلالات حدثت خلال الفترة الماضية. ومنذ عام 2015، خفضنا الأعداد بأكثر من 45 في المائة، إذ كان هناك تضخم في السلك الدبلوماسي، ونحن نحاول الحصول على فرق أكثر كفاءة في البعثات، وتطوير للاستراتيجيات، والمقاربات السياسية التي يجب أن ننتهجها في كل قارة وكيفية التحرك. وسأكون في ألمانيا نهاية الشهر الحالي، وسيكون لي لقاء مع سفرائنا في أوروبا لمناقشة آلية تفعيل الدبلوماسية اليمنية هناك.
وأعتقد أنه كانت هناك موجة اغتيال للمؤسسات الدبلوماسية اليمنية، وهجوم كان جزء كبير منه برأيي غير مبرر. ومن دون مبالغة، أقول إنني أفخر بكادرنا الدبلوماسي، فخلال 6 سنوات من الحرب استطاعت هذه المؤسسة المحافظة على وحدتها، ولم يخرج صوت دبلوماسي واحد في أي عاصمة عن الشرعية، رغم أنهم يعملون في ظروف أقل ما يقال عنها إنها صعبة! هل تعلم أنه منذ 10 أشهر، لم يتسلم الدبلوماسيون رواتبهم، ومع ذلك يعملون بصمت؟! نحن نعمل بموازنات لا تشكل 10 في المائة من الموازنات التشغيلية التي كانت سائدة قبل الحرب، وأغلب دبلوماسيينا من دون تأمين صحي؛ هناك صورة نمطية خاطئة عن الدبلوماسيين في الخارج.
> ماذا عن تعيين السفراء في الدول التي ما زالت شاغرة؟
- هناك نقاش وخطوات في هذا المجال، وجهود مرتبطة بترشيحات وقبول الدول التي سيعمل فيها السفراء، ونتوقع إنجاز ذلك خلال أشهر قليلة.
> ماذا عن القراءة واهتماماتك الثقافية والأدبية؟
- في حياتي الدراسية، كنت أقرأ كثيراً، ليس فقط في تخصصي بل في مجالات كثيرة. وفي كل صيف، كنت أختار موضوعاً معيناً للتركيز عليه. ومع الأسف، فقدت جزءاً كبيراً من مكتبتي مرتين: الأولى في بغداد إبان دراستي الدكتوراه هناك، حيث تركتها على أمل إرسالها لليمن، لكنها ذهبت أدراج الرياح بعد الحرب هناك، والمرة الثانية بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء ونهبهم المكتبة. لكن في فترة وجودي في أميركا بدأت برنامج قراءة مختلف، يركز على السياسة الخارجية والعلاقات الدولية نظراً لطبيعة عملي. وفي الأشهر الأخيرة، أصبح وقت القراءة بسيطاً، ربما في أثناء السفر فقط عبر الهاتف المحمول.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».