تحديات تواجه توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا

مسؤول عسكري: لن نقبل بدمج «العناصر الإرهابية» بالجيش

TT

تحديات تواجه توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا

طرح العرض العسكري الذي أقامه «الجيش الوطني» في شرق ليبيا، مؤخراً، مجموعة من الأسئلة المتعلقة بما تحقق من توحيد المؤسسة العسكرية إلى الآن، والتحديات التي تواجه «الجيش الوطني» خصوصاً في ظل ما تعانيه البلاد من حدود مفتوحة وغياب أمني واسع.
واستهل اللواء خالد المحجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش، حديثه بأن العرض العسكري كان «رسالة للجميع بأن القوات المسلحة لن تتوقف عن بناء قدراتها لتتمكن من أداء مهامها في الحفاظ على سيادة ليبيا وأمنها واستقرارها».
وفيما تحدث المحجوب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن قدرات الجيش القتالية، وأن تعداد أفراده يقارب الآن مائة ألف مقاتل، تطرق إلى «الإشاعات» التي يطلقها أعداء الجيش، خصوصاً تنظيم الإخوان مؤخراً، حول وجود توتر في علاقة المشير بالولايات المتحدة، وتارة أخرى حول تعرض القائد العام لمتاعب صحية.
وتابع: «الفترة الأخيرة كانت هذه الإشاعات هي الشغل الشاغل للإخوان، ونحن نقول لهم وللجميع رغم أهمية دور المشير حفتر وكونه قائداً أدبياً وروحياً قبل أن يكون قائداً عسكرياً، فالجيش مؤسسة نظامية».
وتطرق المحجوب إلى التحديات التي تواجه المؤسسة العسكرية، وقال إن «حظر التسليح في مقدمة هذه التحديات التي تواجه الجيش راهناً، وتليها مواجهة قوى الإرهاب، والتحدي الثالث يتعلق بتنفيذ مخرجات اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) خصوصاً في القضاء على المجموعات المسلحة خارج إطار القانون».
ورد المحجوب على تأخر توحيد المؤسسة العسكرية، وقال إن «توحيد المؤسسة العسكرية لا يعني بأي حال القبول والتساهل بدمج عناصر إرهابية أو إجرامية بها».
وحول علاقة «الجيش الوطني» بحكومة «الوحدة الوطنية»، قال إن «مهمة الحكومة هي توحيد المؤسسات والتمهيد لإجراء الانتخابات، وبالطبع هي لديها قدرات ولا تستطيع القيام بكل شيء، ونحن نعطي لها المساحة الكافية لتعمل بحرية».
وشهدت علاقة «الجيش الوطني» والحكومة توتراً بعد إلغاء أول اجتماع وزاري لها في مدينة بنغازي، اعتراضاً من سلطات مطار بنينا الدولي على الوفد الأمني الذي أُرسل من العاصمة لتأمين زيارة الحكومة.
من جانبه، سعى المدعي العام العسكري بـ«الجيش الوطني»، اللواء فرج الصوصاع، إلى تبديد تصور البعض حول اعتماد الجيش بشكل كلي على دعم قبائل المنطقة الشرقية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نسبة كبيرة جداً من أبناء الجيش من سكان المنطقة الغربية، وهؤلاء اقتنعوا إلى جوار أبناء بنغازي بقرار المشير حفتر باقتلاع الإرهاب من جذوره في كل أنحاء البلاد، وأدركوا أن الإخوان ليسوا سوى أبواق مأجورة»، مستبعداً «نجاح أي محاولات لتحييد دور الجيش أو التقليل منه مستقبلياً».
وتحدث رئيس مجموعة العمل الوطني والمحلل السياسي الليبي، خالد الترجمان، عن إمكانية البعض من أعداء الجيش استغلال العرض العسكري وتصويره على أنه عمل مستفز لأجواء التهدئة والسلام، معتبراً ذلك «حلقة جديدة من سلسلة المؤامرات ضد الجيش وقياداته والتي لم تتوقف يوماً ما».
وأشار الترجمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه بجانب حظر تسليح الجيش هناك تحديات أخرى تواجهه، «أقلها أهمية دأب الإخوان والميليشيات على الإيحاء بأن حفتر ليس إلا إعادة لتدوير نظام الحكم الفردي أو استنساخ جديد لحقبة معمر القذافي ومحاولته لتوريث الحكم»، مستكملاً: «الإخوان والميليشيات لا يتوقفون عن إطلاق الإشاعات التي تركز البعض منها حول موقع ونفوذ أبناء المشير بالجيش، والتخويف من أنهم قد يرثون أباهم بأعلى سلم القيادة العسكرية، بل والزج بأسماء بعض القبائل في هذا الصدد، أملاً في خلخلة الحاضنة الاجتماعية للجيش».
واستكمل: «هذا لم يعد ينطلي على أحد، فأولاد المشير مجرد ضباط برتب عادية ولديهم رؤساء، وشاركوا كغيرهم في أغلب المعارك الميدانية للجيش».
أما عضو مجلس النواب، علي التكبالي، فيرى أن التحدي الأكبر هو علاقة الجيش بحكومة «الوحدة الوطنية»، خصوصاً مع ما سماه «انحيازها مبكراً للتشكيلات المسلحة في طرابلس واعتبارها جيشاً بديلاً»، بالإضافة «لعدم النظر بجدية لدور الجيش وتضحياته التي قدمها خلال محاربته الإرهاب».
وحذر التكبالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من نتائج «السياسات المزدوجة التي تمارسها الولايات المتحدة في البلاد»، موضحاً: «أميركا تدرك أن الجيش كيان عسكري منظم ويعد القوة الحقيقية التي يمكن الاعتماد عليها في محاربة الإرهاب والتطرف بالبلاد، والموقف كذلك بالنسبة للميليشيات في الغرب، وهذا يرجع إلى أنها لا تريد وضع البيض كله في سلة واحدة».
ويرفض التكبالي ما يطرح عن أن «تقرب الجيش من روسيا هو السبب المباشر وراء أي توتر قد ينتج في علاقته بالولايات المتحدة»، قائلاً: «أميركا هي من دفعت الجيش للاعتماد على روسيا، ولم تبدِ أي اعتراض يذكر على هجوم الميليشيات على العاصمة في أعقاب خسارة التيار الإسلامي لنتائج الانتخابات عام 2014».
واختتم التكبالي حديثه محذراً من تحدٍ داخلي متمثل في الوضع الأمني ببعض المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش، وقال: «الليبيون لديهم ثقة كبيرة بالجيش ويتعاملون معه بكونه حامي الحمى وباسط الأمن بمواقع سيطرته هناك، وعليه فإن وجود أي خلل أمني قد يؤثر على سمعة الجيش».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.