ملاحظات سودانية على مسودة الحلو في مفاوضات جوبا

TT

ملاحظات سودانية على مسودة الحلو في مفاوضات جوبا

سلم وفد الحكومة السودانية لمفاوضات السلام، رداً مكتوباً على مسودة الاتفاق الإطاري، التي دفع بها فصيل عبد العزيز آدم الحلو في «الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال»، للقضايا محل التفاوض. وطلبت الحركة إمهالها يوماً لدراسة موقف الحكومة والتعقيب عليه في جلسة الغد، فيما سادت أجواء إيجابية طاولة المفاوضات.
وطالبت الحركة في مسودة الاتفاق الإطار بتقسيم الفترة الانتقالية في البلاد إلى جزأين، تبدأ بمدة 6 أشهر لإنشاء المؤسسات والآليات المنصوص عليها في اتفاق السلام، على أن يبدأ النصف الثاني من الفترة الانتقالية بالانتخابات وينتهي بتقييم وتقويم أداء الحكومة المنتخبة.
وجاء في النص المقترح أن شعوب جبال النوبة وولاية غرب كردفان والفونج لها الحق في المشاركة العادلة في الحكومة القومية، والسيطرة على شؤون الحكم في أقاليمها من خلال السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية.
واقترحت «الشعبية»، بحسب المسودة التي حصلت «الشرق الأوسط»، على نسخة منها، خلال مدة الستة أشهر قبل الفترة الانتقالية، الاتفاق على وقف الأعمال العدائية ووقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن، وإنشاء آليات لمراقبة تنفيذ ومراقبة اتفاق السلام، إضافة إلى طلب المساعدة الدولية.
ودعت إلى تشكيل مفوضية التقييم والتقويم بممثلين اثنين عن كل طرف، على أن تعمل منظمة دول «الإيغاد» ودول الترويكا (بريطانيا وأميركا والنرويج) والبعثة الأممية وبرنامج الغذاء العالمي، مع المفوضية بهدف تحسين المؤسسات والترتيبات التي تم إنشاؤها بموجب الاتفاقية لجعل وحدة السودان جاذبة لشعوب إقليمي جبال النوبة ودارفور.
وتضمنت المسودة موقف «الحركة الشعبية» بفصل الدين عن الدولة، والفصل بين الهويات الثقافية والإثنية واللغوية والجهوية عن الدولة. وطالبت بتقسيم السودان إلى 8 أقاليم، وإنشاء إقليم جبال النوبة - غرب كردفان، وإقليم الفونج، على أن يكون حكام الأقاليم نواباً لرئيس الجمهورية، وتكوين مجلس رئاسي يقوم بمهام وسلطات الرئيس، بجانب رئيس وزراء يقوم بالإشراف على أداء الجهاز التنفيذي.
وشددت المسودة على دستور دائم يتوافق مع جميع القوانين التي تنظم العلاقات بين مستويات الحكم، ولا يجوز تعديله أو إلغاؤه إلا بإجراءات خاصة وأغلبية من أجل حماية أحكام اتفاق السلام.
واستؤنفت جولة جديدة بين الحكومة السودانية والحركة، أمس، في مقر المفاوضات بمدينة جوبا، عاصمة جنوب السودان، بحضور فريق وساطة جنوب السودان لمحادثات السلام برئاسة المستشار الخاص لرئيس حكومة الجنوب توت قلواك.
وقال المتحدث باسم وفد الحكومة السودانية خالد عمر يوسف، في تصريحات صحافية عقب الجلسة، إن «مقترحات الحركة الشعبية مقبولة وإيجابية بشكل عام، وتصلح كأساس متين لوضع اتفاق إطار يؤسس لما سيليه من اتفاق سلام». لكنه أضاف أن «لدينا ملاحظات على بعض القضايا والموضوعات سنناقشها بروح إيجابية ومنفتحة خلال الأيام المقبلة من أجل الوصول إلى توقيع الاتفاق الإطاري بأسرع فرصة ممكنة».
وأشار إلى أن الوصول إلى اتفاق سلام في جوبا «بمثابة اعتذار عن السنوات والعقود التي عانت فيها البلاد بسبب سياسات الإقصاء والتمييز والهيمنة التي أدت إلى شطر البلد إلى شمال وجنوب»، مضيفاً: «سنعمل على الاستقرار والسلام في البلدين».
وأوضح المتحدث باسم «الحركة الشعبية - شمال»، كوكو جقدول، أن الحركة تسلمت عبر الوساطة رداً مكتوباً من وفد الحكومة، وستعكف على دراسته لمواصلة المفاوضات الأربعاء المقبل. وأضاف أن الأجواء على طاولة المفاوضات «مفعمة بالتفاؤل، ونستطيع الوصول إلى سلام دائم وشامل في البلاد».
وقال في تصريح صحافي: «لم نطلع بعد على رد الحكومة السودانية، لكن المتحدث باسم الوفد الحكومي، أبدى ملاحظات على ما ورد في مسودة الحركة، وسنقوم بمراجعتها ونتفاوض حول المختلف عليه للوصول إلى حل».
وأكد عضو فريق الوساطة ضيو مطوك أن الوساطة وافقت على طلب «الحركة الشعبية» برفع المفاوضات لمدة 48 ساعة، لتتسنى لها دراسة نقاط الخلاف والتباين في رد الحكومة. وأضاف أن وفدي الحكومة و«الشعبية» سيعودان إلى التفاوض المباشر في نقاط الخلاف في المسودتين غداً.
وأشار إلى أن الورقة المقدمة من الحركة «توسيع لإعلان المبادئ الموقع بين الطرفين، ولا يوجد خلاف كبير في الورقة. الخلاف في بعض الكلمات، إذ يريد كل طرف أن تظهر في الاتفاق بشكل محدد». وأكد أنه «لا يوجد خلاف جذري»، متوقعاً «الوصول إلى اتفاق خلال فترة قليلة».
وقال: «إذا تم التوقيع على اتفاق الإطار سنسلم الورقة النهائية من الحركة الشعبية للحكومة السودانية، لإعطاء فرصة كافية للوفد الحكومي للعودة إلى الخرطوم لدراسة الاتفاق لمدة أسبوعين، ومن ثم العودة إلى طاولة المفاوضات».
وأضاف أن المفاوضات ستمضي بعد التوقيع على اتفاق الإطار في المرحلة النهائية لمناقشة القضايا السياسية والإنسانية، وربما يتأخر التفاوض في ملف الترتيبات الأمنية إلى وقت لاحق.
إلا أن مصادر أبلغت «الشرق الأوسط» بأن الوفد الحكومي لمّح إلى وجود «تباين كبير في وجهات النظر في بعض النقاط المطروحة من جانب الحركة». وأفادت بتمسك قيادات بارزة في وفد الحركة بمبدأ علمانية الدولة خلال جولة المفاوضات الحالية، باعتبارها قضية رئيسية لها في سبيل التوصل إلى اتفاق سلام.
ويرأس وفد الحكومة المفاوض عضو مجلس السيادة الانتقالي شمس الدين كباشي، ويضم عضو المجلس محمد حسن التعايشي، ووزير الرئاسة في مجلس الوزراء خالد عمر يوسف.
وكانت «الحركة الشعبية - شمال» تقدمت عقب الجلسة الافتتاحية للمفاوضات، الخميس الماضي، بورقة تحتوي عدداً من القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية للتفاوض حولها مع الجانب الحكومي. وتتضمن مسودة الحركة ترجمة لإعلان المبادئ الموقع مع الحكومة السودانية في مارس (آذار) الماضي الذي تجاوز به الطرفان خلافاتهما حول علاقة الدين بالدولة وملف الترتيبات الأمنية.
وينص إعلان المبادئ على تأسيس دولة مدنية ديمقراطية، وألا تتبنى الدولة ديناً رسمياً، وتضمن حريات الأديان وممارستها، بالإضافة إلى تكوين جيش قومي مهني واحد، يعمل وفق عقيدة عسكرية موحدة جديدة. وتأمل الحكومة السودانية في أن ينضم رئيس «حركة تحرير السودان» عبد الواحد محمد أحمد النور إلى عملية السلام.



الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.