اتهام «المركزي» الليبي بـ«تسييس» قطاع النفط

من خلال رفضه تسييل ميزانية القطاع لشهور طويلة

رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله (المكتب الإعلامي للمؤسسة)
رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله (المكتب الإعلامي للمؤسسة)
TT

اتهام «المركزي» الليبي بـ«تسييس» قطاع النفط

رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله (المكتب الإعلامي للمؤسسة)
رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله (المكتب الإعلامي للمؤسسة)

وسط مناكفات على خلفية تجاذبات سياسية، عاد النفط الليبي مجددا إلى إكراهات فرض «القوة القاهرة»، وذلك بعد تعطيل عملية إنتاج وتصدير الخام عبر ميناء الحريقة، إحدى أكبر المنشآت المعنية بتصديره في خليج طبرق (شرق). وفي غضون ذلك اتهم رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، المصرف المركزي بطرابلس، بقيادة الصديق الكبير، بـ«تسييس قطاع النفط، من خلال سيطرته غير القانونية على أموال الدولة».
وهذه ليست المرة الأولى التي يتوقف فيها ميناء الحريقة عن العمل؛ إذ سبق أن أقدم حرس المنشآت النفطية على غلقه، احتجاجاً على تأخر أجورهم، متوعدين بإغلاق جميع الموانئ بالمنطقة الشرقية في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم.
وأعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، مساء أول من أمس، حالة «القوة القاهرة» بالميناء، وتوقف عمليات إنتاج وتصدير شحنات النفط الخام عبر الميناء، وأرجعت ذلك إلى «رفض مصرف ليبيا المركزي تسييل ميزانية قطاع النفط لشهور طويلة».
وقالت إن هذه الإجراءات التي يتخذها المصرف المركزي، والتي يسعى من خلالها إلى «تسييس قطاع النفط الوطني»، أدت إلى تفاقم مديونية بعض الشركات، وعلى رأسها شركة «الخليج العربي»، مما أفقدها القدرة على الوفاء بالتزاماتها المالية والفنية، واضطرها لخفض إنتاج النفط الخام بحوالي 280 ألف برميل يومياً. وسعت «الشرق الأوسط» للحصول على تعليق من المصرف المركزي، لكن دون رد.
وقال أحد الفنيين بميناء الحريقة لـ«الشرق الأوسط» إن الأوضاع المعيشية للعاملين بالقطاع «أصبحت صعبة ولا تُحتمل، وذلك بسبب عدم صرف الرواتب في موعدها»، وتساءل مندهشاً: «كيف نعمل في قطاع يدرّ المليارات على البلاد، ونحرم حتى من تقاضي مرتباتنا بسبب تعنت بعض الأطراف؟».
من جهتها، قالت المؤسسة الوطنية للنفط في بيان أمس، إن حجب المصرف المركزي للترتيبات المالية اللازمة قد يؤدي إلى الرجوع بالبلاد للمربع الأول، حيث الإغلاقات وتدني الإيرادات.
وفي الوقت الذي التمست فيه المؤسسة العذر لحكومة «الوحدة الوطنية»، بسبب تأخر اعتماد الميزانية المقررة للعام 2021 ألقت بالمسؤولية القانونية الكاملة على عاتق مصرف ليبيا المركزي، بحجة أنه «رفض تسييل الترتيبات المالية المعتمدة من الحكومة السابقة، وقالت بهذا الخصوص: «نذكر الجميع أن ما يقوم به المصرف المركزي يعتبر قفزاً على الجهود الاستثنائية، التي بذلها العاملون بالقطاع لمعاودة الإنتاج إلى مستوياته السابقة، ولأغراض لا تخدم مصلحة الاقتصاد الوطني».
بدوره، قال صنع الله: «انطلاقاً من المسؤولية المهنية والأدبية فإن المؤسسة خاطبت وزارة النفط والغاز، وأحاطتها بالموقف المالي المتردي لقطاع النفط، والأخطار المحدقة به بسبب عدم تسييل الميزانيات الضرورية»، مؤكداً أحقية الشركات الوطنية المملوكة للمؤسسة بالكامل في تسلم الترتيبات المالية، المعتمدة من المجلس الرئاسي لحكومة (الوفاق الوطني) السابقة، والمقدرة بحوالي 1.048 مليار دينار، وخاصة بعد ترتيبات رفع حالة (القوة القاهرة) في سبتمبر (أيلول) الماضي، الأمر الذي يكلف الميزانية العامة نتيجة هذه التوقفات ملايين الدولارات.
وتابعت المؤسسة الوطنية: «نحيط عموم الشعب الليبي، وحكومة الوحدة الوطنية بأن مصرف ليبيا المركزي، يسعى بمثل هذه التصرفات إلى تسييس قطاع النفط الوطني، من خلال سيطرته غير القانونية على أموال الدولة». وحذرت أنها ستأخذ موافقة الحكومة للجوء إلى ترتيبات قانونية في ضوء ما وصفته بـ«العجز الواضح» من المصرف المركزي، مشيرة إلى أنها تعي بواعثه في إدارة الأزمة الحالية. وقالت إنها ستطالب مكتب النائب العام رسمياً «بمحاسبة كل المعرقلين لعمليات المؤسسة بشكل مباشر، أو غير مباشر، واتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية حيال كل من تسول له نفسه المساس بمقدرات البلاد، وإلحاق الضرر بالمصدر الوحيد للدخل في ليبيا».
وأضافت المؤسسة أن محافظ البنك المركزي (الصديق الكبير) «تعامل مع إيرادات النفط كسلعة منحها لبعض التجار بأسعار بخسة خلال عام 2020 والأعوام التي مضت، مما أفقد الدولة مليارات الدولارات، كان يتعين عليه ضخها في التنمية، وبأسعار السوق الفعلية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.