ظاهرة تأجيل وقت النوم لـ«الانتقام» خلال الإغلاق... ماذا تعرف عنها؟

الحرمان من النوم لفترات طويلة قد تكون له تداعيات مهما كانت الأسباب (أرشيفية - رويترز)
الحرمان من النوم لفترات طويلة قد تكون له تداعيات مهما كانت الأسباب (أرشيفية - رويترز)
TT
20

ظاهرة تأجيل وقت النوم لـ«الانتقام» خلال الإغلاق... ماذا تعرف عنها؟

الحرمان من النوم لفترات طويلة قد تكون له تداعيات مهما كانت الأسباب (أرشيفية - رويترز)
الحرمان من النوم لفترات طويلة قد تكون له تداعيات مهما كانت الأسباب (أرشيفية - رويترز)

رافقت العزلة التي اختبرناها جميعاً منذ بداية وباء «كورونا»، صدمة أرق مفاجئة وحادة، بالنسبة إلى فيكتوريا ريتشاردز، وفقاً لصحيفة «إندبندنت». وقالت: «لا أجد صعوبة في النوم فحسب، لكنني أقوم بتدمير أي فرصة لديّ للحصول على ثماني ساعات كاملة من النوم. في الحقيقة، أنا بالكاد أحصل على أربع أو خمس ساعات وأحياناً أقل، وكل ذلك بسبب ظاهرة تُعرف باسم (تأجيل وقت النوم للانتقام)».
وتحدث هذه الظاهرة عند الأشخاص الذين لا يتمتعون بسيطرة كبيرة على حياتهم خلال النهار، «فيرفضون النوم مبكراً، من أجل استعادة بعض الشعور بالحرية خلال ساعات الليل المتأخرة»، وفقاً لريتشاردز. وأوضحت: «بفضل ثلاث عمليات إغلاق وطنية، وقيود فيروس (كورونا)، وتربية طفلين صغيرين، في أثناء العمل والتعليم المنزلي في نفس الوقت، لا أشعر في كثير من الأحيان أن لديّ أي سيطرة على حياتي خلال أوقات النهار». وتابعت: «وهذا يعني أن فكرة السهر لوقت متأخر، أحياناً للساعة الرابعة صباحاً، من الصعب جداً مقاومتها. من حين لآخر، أشاهد التلفاز. أحياناً أقرأ أو أستمع إلى الموسيقى. في أغلب الأحيان، وبخاصة في أثناء الإغلاق الأول، وجدت نفسي أتواصل مع آخرين مثلي، أي الأشخاص الذين لا ينامون إلا في أوقات متأخرة».
ويمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي خطيرة. فمثلاً، تجد دائماً شخصاً ما مستيقظاً على «تويتر» حتى لو كان في منطقة زمنية مختلفة تماماً.
وقالت ريتشاردز: «رغم أنني أعلم أنه سيتم إيقاظي من قِبل طفليّ الصغيرين في الساعة 6 صباحاً؛ لكنني ببساطة لا أهتم». وأضافت: «أنا أعلم جيداً أنني أعمل على تدمير (مستقبلي الذاتي)، وأن السهر سيجعلني متعبة وسريعة الانفعال في صباح اليوم التالي، وسأجد صعوبة في التركيز وسينتهي بي الأمر إلى تناول الطعام بشكل سيئ (وشرب الكثير من الكافيين) لمحاولة البقاء مستيقظة... لكنني أشعر بسعادة خلال تلك الساعات الضئيلة من الحرية. ولست وحدي من يستمتع بها».
وتابعت ريتشاردز: «لقد غرّدت حول هذا الموضوع، وأخبرني عدد الردود التي تلقيتها أنها ليست ظاهرة نادرة على الإطلاق - إنها في الواقع شائعة إلى حد ما».
ومهما كان السبب، فمن المؤكد أن الحرمان من النوم لفترات طويلة قد تكون له تداعيات. على مدار العام الماضي، شعرت ريتشاردز بالطريقة التي لم تشعر بها منذ أن كان طفلاها صغيرين جداً: هوس مع الأرق، وفرط النشاط ودوار، حتى إنها فقدت الوزن. ليس من المستغرب أن تتزامن فترات قلة النوم مع تجارب الاكتئاب واعتلال الصحة العقلية.
وقالت ستيفاني كارتي، استشارية علم النفس الإكلينيكي، لريتشاردز، إن دافعنا الجماعي لـ«تدمير النظام الذاتي» أو التسويف، في وقت متأخر من الليل، يزداد بشكل خاص في الوقت الحالي.
وأوضحت كارتي: «مع وضعنا المتمثل في الافتقار إلى السيطرة والاختيار، بفضل قيود (كوفيد - 19)، من الطبيعي أن نسعى لخلق حريتنا ووقت للراحة على الرغم من تكلفة الأمر». وأضافت: «قد يقترن ذلك بنظام إجهاد متزايد، مما يبقينا في حالة من التعب... في هذا الوضع، لا يترافق الإرهاق مع النوم، بل يكون نوعاً من الطاقة العصبية التي قد نحاول استخدامها (بشكل جيد)».
وقالت كارتي: «يمكن أن تكون هناك قيم متنافسة بالنسبة لنا في الرغبة بتحقيق أقصى استفادة من الوقت الحالي، مقابل الرغبة في الاهتمام بصحتنا ورفاهيتنا. بينما نسعى إلى هذا الإشباع المتمثل في تمديد النهار (أو الليل) إلى سيطرتنا الخاصة لتشتيت الانتباه، وإيجاد المتعة والتواصل مع الآخرين والتعويض عن الوقت الضائع، هناك ثمن يجب دفعه في اليوم التالي».


مقالات ذات صلة

بعد 5 سنوات من الجائحة... «كورونا» أصبح مرضاً متوطناً

الولايات المتحدة​ سيدة تقوم باختبار «كوفيد» في الفلبين (أ.ب)

بعد 5 سنوات من الجائحة... «كورونا» أصبح مرضاً متوطناً

بعد 5 سنوات من بدء جائحة «كورونا»، أصبح «كوفيد-19» الآن أقرب إلى المرض المتوطن، وفقاً لخبراء الصحة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك هل يقي فيتامين «أ» من الحصبة فعلاً؟

هل يقي فيتامين «أ» من الحصبة فعلاً؟

شهدت الولايات المتحدة مؤخراً تفشياً كبيراً لمرض الحصبة، الذي امتد إلى 12 ولاية وأصاب أكثر من 220 شخصاً حتى 7 مارس (آذار).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق التأمل قد يساعدنا في فهم سبب غضبنا ومعالجة المشاكل الكامنة (رويترز)

التنفيس عن الغضب لا يقلّل منه... فما الحل الأفضل؟

تبدو فكرة التنفيس عن الغضب منطقية ومفيدة بالنسبة للعديد من الأشخاص. وتشير الحكمة التقليدية إلى أن التعبير عن الغضب يمكن أن يساعدنا على إخماده.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يختار حبات من الفواكه في إحدى الأسواق (أرشيفية-رويترز)

لمرضى السكري... ابتعدوا عن هذه الفواكه في الصيف

يمثل داء السكري حالة صحية مزمنة يعاني منها الجسم عندما يكون هناك كثير من الغلوكوز بالدم، بسبب نقص حاد في الإنسولين الذي ينتجه البنكرياس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك سياح يستريحون بالقرب من مجرى مائي أثناء سيرهم عبر وادي كوسيليسكا في جبال تاترا جنوب بولندا (إ.ب.أ)

دراسة تؤكد: النظر إلى الطبيعة يخفف الألم

أظهرت دراسة جديدة أن مشاهدة فيلمك الوثائقي المفضل عن الطبيعة أو النظر إلى الحياة البرية يمكن أن يخفف الألم جسدياً.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

مبادرات شبابية للفوز بإفطار الصائمين على الطرقات في جدة

عدد من الفتيات والشباب يقومون بتوزيع وجبات الإفطار على المارة في منطقة الكورنيش (تصوير: عدنان مهدلي)
عدد من الفتيات والشباب يقومون بتوزيع وجبات الإفطار على المارة في منطقة الكورنيش (تصوير: عدنان مهدلي)
TT
20

مبادرات شبابية للفوز بإفطار الصائمين على الطرقات في جدة

عدد من الفتيات والشباب يقومون بتوزيع وجبات الإفطار على المارة في منطقة الكورنيش (تصوير: عدنان مهدلي)
عدد من الفتيات والشباب يقومون بتوزيع وجبات الإفطار على المارة في منطقة الكورنيش (تصوير: عدنان مهدلي)

يردد الصائمون مع رفع أذان المغرب وقبل أن يتسلل الطعام إلى جوفهم قول الرسول الكريم «ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله»، هذه هي الحالة التي يخرج بها الصائم من يوم طويل لينهي صيامه برشفة ماء وحبات من التمر.

جانب من توزيع الإفطار في المدينة التاريخية بجدة (تصوير: عدنان مهدلي)
جانب من توزيع الإفطار في المدينة التاريخية بجدة (تصوير: عدنان مهدلي)

غير أن كثيراً من الصائمين يُداهمهم وقت الإفطار وهم في مواقع مختلفة من مسارات الحياة في الأسواق أو في الطرقات العامة، فتجدهم يهرولون -كل حسب وجهته- للوصول إلى منازلهم قبل الأذان، ومنهم من يُسعفه الحظ في ذلك، وآخرون جُلّ أمانيهم أن يجدوا في طريقهم مَن يطلق عليهم تسمية «زوار المساء»، الذين ينتشرون قبل الأذان بساعة.

«زوّار المساء» هم مجموعات من الشباب من الجنسين، ينتشرون على كامل مِساحة محيطهم في مدينة جدة، حاملين معهم الماء والتمر ليقدموها للمارة والسائقين الذين داهمهم وقت الإفطار، قبل وصولهم إلى منازلهم. تجد هذه المجموعات عادة في مواقع جرى تحديدها بعناية، مثل عند إشارات المرور أو المراكز التجارية، وفي الشوارع الرئيسية، وغيرها من المواقع.

إحدى الفتيات تُقدم وجبة الإفطار للمارة قبل صلاة المغرب (تصوير: عدنان مهدلي)
إحدى الفتيات تُقدم وجبة الإفطار للمارة قبل صلاة المغرب (تصوير: عدنان مهدلي)

هذا المشهد ليس جديداً على المجتمع السعودي، فقد ألفه كثير على مدار الأعوام الماضية، وتغنَّى به كل من وفد للبلاد من معتمرين وزوّار، إلا أن هناك إضافات وتغييرات تتعلق بكيفية تقديم هذه الأطعمة على المارة، فقد خرجت هذه الأعمال الخيرية من نطاق الفردية للمشاركة الجماعية، وزاد على ذلك أن كثيراً من المؤسسات الأهلية دخلت هذا السباق بأفكار وطرق مستحدثة بدعم ومشاركة الشباب.

عدد من الفتيات والشباب يقومون بتوزيع وجبات الإفطار على المارة في منطقة الكورنيش (تصوير: عدنان مهدلي)
عدد من الفتيات والشباب يقومون بتوزيع وجبات الإفطار على المارة في منطقة الكورنيش (تصوير: عدنان مهدلي)

قبل أعوام كانت المجهودات فردية وبسيطة في شكلها، ولكنها تحمل معاني كبيرة، فتجد شاباً أو أكثر هنا وهناك يحملون عبوات المياه وحبات التمر المغلفة على نحو تقليدي، يهرولون من موقع إلى آخر، لعلهم يكونون سبباً في إفطار صائم.

وجبة الإفطار أيضاً تغيَّرت من الأساسيات، وهي الماء والتمر، لتضاف إليها عناصر أخرى، مثل اللبن الرائب أو العصير وعبوات للبسكويت.

تقول مريم أحمد، إحدى المشاركات في تقديم وجبات الإفطار، إن الفكرة تبلورت قبل شهر رمضان مع بعض صديقاتها، ومن ثم جرى الاتفاق مع شركة لإنتاج العبوات، وتضيف: «ومن ثم بدأنا بتحديد مكونات العبوة والعدد اليومي المراد توزيعه في مواقع مختلفة من مدينة جدة»، موضحة أنها تقوم مع صديقاتها بتوزيع وجبات الإفطار؛ بهدف المشاركة وكسب الأجر.