مدرعات بريطانية للجيش اللبناني لضبط الحدود مع سوريا

نائب معارض يرى أن الأسلحة لن تفيد والمطلوب قرار سياسي

TT

مدرعات بريطانية للجيش اللبناني لضبط الحدود مع سوريا

في خطوة يفترض أن تساهم في ضبط الحدود اللبنانية السورية، رغم أنها تتطلب قراراً سياسياً مرافقاً لتطبيق هذا الأمر، سلّمت بريطانيا للجيش اللبناني مائة مدرعة عسكرية للتصدي لخطر الإرهاب والتهريب، وذلك ضمن برنامج بريطاني مخصص لمساعدة لبنان.
وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن هذه الهبة التي سلمت إلى أفواج الحدود البرية التابعة للجيش اللبناني والتي تقوم بدوريات في المنطقة قادرة على التعامل مع التضاريس الحدودية السورية الوعرة ويمكن تركيبها بأسلحة ثقيلة لمراقبة الحدود عن كثب ومنع المتطرفين الذين يحاولون دخول لبنان والذين قد يحاولون بعد ذلك السفر إلى أوروبا، إضافة إلى مهربي الأسلحة والمخدرات الدوليين، حيث يتم نقل المواد والأسلحة غير المشروعة عبر لبنان إلى أجزاء أخرى من العالم.
وأشارت إلى «أن لواء من قوات الهجوم الجوي مكون من 16 شخصاً حضر إلى لبنان لتدريب الجيش على استخدامها».
وقال وزير القوات المسلحة في الحكومة البريطانية جيمس هيبي إن تقديم هذه المركبات يدل على التزام المملكة المتحدة بالأمن والاستقرار في المنطقة، حيث إن استقرار الحدود بين لبنان وسوريا يصب في مصلحة المملكة المتحدة الوطنية، لا سيما أن للبلدين عدواً مشتركاً هو تنظيم «داعش». ولفت إلى أنه سيتم تدريب العسكريين على هذه الآليات في فصل الربيع لضمان حصول الجيش اللبناني على أفضل تأثير تكتيكي وتشغيلي، لافتاً إلى أنه سيتم أيضاً تقديم الدعم المادي لتصليح المركبات وتغيير قطعها.
من جهتها، قالت مصادر عسكرية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الهبة هي ضمن البرنامج الذي كانت قد بدأته بريطانيا لمساعدة الجيش اللبناني وهذه الآليات تساعد بشكل كبير على سرعة التحرك بين أبراج المراقبة التي سبق أن بناها البريطانيون لمساعدة لبنان على ضبط تسلّل الإرهابيين والتهريب على حد سواء، لا سيما أنها تلائم الطبيعة الجغرافية في المنطقة خاصة عند الحدود الشرقية، مشيرة إلى أن المشكلة تكمن في الحدود الشمالية حيث تداخل الحدود مع سوريا.
وفيما سيتولى فريق بريطاني تدريب العسكريين على هذه الآليات، تلفت المصادر إلى معضلة بدأ يعاني منها الجيش وهي حاجته للمزيد من العناصر في ظل المهام الملقاة عليه في هذه المرحلة وقرار وقف التطوع في الجيش. في المقابل، ورغم ثنائه على الخطوة البريطانية، اعتبر النائب في «حزب القوات اللبنانية»، والعميد المتقاعد وهبي قاطيشا أن مسألة التهريب في لبنان هي سياسية وليست عسكرية، وبالتالي مهما استحضر من آليات وعسكريين لن يتم ضبط الحدود ما لم يتخذ القرار السياسي، لا سيما أنه من المعروف من هي الجهة التي تسيطر عليها. لكنه قال في الوقت عينه في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «المساعدات العسكرية التي تقدم للبنان هي مبادرات جيدة وتظهر عبر دول عدة، وذلك في إطار تحضير الجيش واستعداده للمهمات اللاحقة، من ضبط الحدود وغيرها، عند اتخاذ هذا القرار السياسي، الذي لا يبدو أنه بات بعيداً.
من هنا يقلّل قاطيشا من أهمية الحديث عن تداخل الحدود بين لبنان وسوريا، مؤكداً أن ضبط الحدود لا يعني نشر العسكريين، إنما ملاحقة المهربين والرؤوس المدبرة التي يعرفها الجميع ويعرفون أسماء المعابر ومن يديرها، في القرى الحدودية كما الأجهزة الأمنية، لكن عدم اتخاذ القرار السياسي يمنع توقيفهم.
والتهريب عبر المعابر غير الشرعية مسألة متجذرة في لبنان يجمع السياسيون بمن فيهم موالون لسوريا أن القرار بشأنها سياسي، فيما يقدر عددها بحوالي 150 معبراً، وتطرح هذه القضية بشكل كبير في المرحلة الأخيرة لا سيما مع تزايد الظاهرة نتيجة تهريب المواد المدعومة من الدولة على اختلاف أنواعها ولا سيما منها المحروقات والطحين وغيرها، وعرضت تقارير وصور أظهرت هذا الواقع بشكل واضح، ما أدى إلى عقد اجتماعات موسعة شملت رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة وقادة الأجهزة الأمنية واتخذت قرارات مرتبطة بتكثيف المراقبة والملاحقة وتشديد العقوبات وتطبيقها بحق المخالفين، لكن من دون أن ينعكس هذا الأمر نتائج واضحة على الأرض.
وعام 2019 أعلن رئيس الحكومة آنذاك سعد الحريري أن هناك نحو 150 معبراً غير شرعي، بعد كلام لوزير المال علي حسن خليل تحدث خلاله في جلسات مناقشة موازنة عام 2019 عن 136 معبراً غير شرعي ومعروفة بأسماء أشخاص، فيما كان تأكيد من وزير الدفاع في تلك الفترة إلياس بو صعب أن حل قضية المعابر غير الشرعية على الحدود هو الحل السياسي، أي ترسيم الحدود مع سوريا، والتعاون بين الجيش اللبناني والجيش السوري في هذا الشأن للحد من التهريب.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».