عون يؤكد رغبة لبنان في نجاح مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل

قال للوسيط الأميركي إن الصعوبات يمكن تذليلها «أو درس بدائل أخرى»

عون مجتمعاً أمس مع الوسيط الأميركي في المفاوضات مع إسرائيل والسفيرة الأميركية في بيروت (دالاتي ونهرا)
عون مجتمعاً أمس مع الوسيط الأميركي في المفاوضات مع إسرائيل والسفيرة الأميركية في بيروت (دالاتي ونهرا)
TT

عون يؤكد رغبة لبنان في نجاح مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل

عون مجتمعاً أمس مع الوسيط الأميركي في المفاوضات مع إسرائيل والسفيرة الأميركية في بيروت (دالاتي ونهرا)
عون مجتمعاً أمس مع الوسيط الأميركي في المفاوضات مع إسرائيل والسفيرة الأميركية في بيروت (دالاتي ونهرا)

انطلقت محادثات الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل في بيروت أمس، بإعلان لبنان عن رغبته في نجاح المفاوضات، إذ أكد الرئيس اللبناني ميشال عون الذي استقبل الوسيط الأميركي جون ديروشيه أنه «يمكن التغلب على الصعوبات» التي ظهرت في جلسة المفاوضات الأخيرة، وذلك بعد تأجيل أحدث جولة منها كانت مقررة أمس.
وأجرى السفير جون ديروشيه محادثات ثنائية مع الرئيس عون، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، ورئيس الوفد المفاوض العميد الركن بسام ياسين، إضافة إلى أعضاء الوفد اللبناني. وجاءت هذه المحادثات في إطار جهود الوساطة المستمرة للسفير ديروشيه بشأن ترسيم الحدود البحرية اللبنانية - الإسرائيلية. وكانت المناقشات مثمرة وسمحت بتبادل صريح لوجهات النظر حول الخطوات اللازمة للتوصل إلى اتفاق طال انتظاره يفيد الطرفين.
وأبلغ الرئيس ميشال عون السفير ديروشيه خلال استقباله في قصر بعبدا، أن «لبنان المتمسك بسيادته على أرضه ومياهه، يريد أن تنجح مفاوضات الترسيم البحرية؛ لأن ذلك يعزز الاستقرار في الجنوب، وسيمكِّن من استثمار الموارد الطبيعية من غاز ونفط».
وقال عون: «إن الصعوبات التي برزت في الجولة الأخيرة للتفاوض، يمكن تذليلها من خلال بحث معمق يرتكز على الحقوق الدولية ومواد قانون البحار، وكل ما يتفرع عنها من نصوص قانونية».
وأشار إلى أن «الوفد اللبناني المفاوض لديه تعليمات واضحة يفاوض على أساسها»؛ لافتاً إلى «ضرورة استمرار هذه المفاوضات لتحقيق الغاية من إجرائها، وإذا تعثر ذلك لأي سبب كان، فيمكن درس بدائل أخرى».
وعرض ديروشيه خلال اللقاء المراحل التي قطعتها عملية التفاوض والدور الأميركي فيها، متمنياً استمرارها لما فيه مصلحة الجميع.
وبدأت المفاوضات في أكتوبر (تشرين الأول) باجتماع وفدين من البلدين، في قاعدة للأمم المتحدة في رأس الناقورة جنوبي لبنان، تحت علَم الأمم المتحدة وحضورها ورعايتها، وبوساطة وتسهيل أميركيين، وذلك في محاولة لحل نزاع بشأن الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل الذي عرقل التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة التي يحتمل أن تكون غنية بالغاز.
لكن الجلسة التي كان من المقرر عقدها أمس الأربعاء تأجلت، على أن يجري مسؤولون أميركيون بدلاً من ذلك اتصالات منفصلة مع الجانبين.
وطالبت واشنطن التي تضطلع بدور الوسيط والمسهل، بتأجيل جلسة أمس، واستبدال اجتماع ثنائي بها، يعقده الدبلوماسي الأميركي ديروشيه الذي يضطلع بدور المسهل في الجلسات، في الموعد نفسه مع الجانب اللبناني في بيروت، ضمن جولة محادثات ثنائية مكوكية، يلتقي بعدها بالمسؤولين الإسرائيليين في تل أبيب، بهدف إيجاد «مساحة مشتركة بين الطرفين» تُستأنف على أساسها المفاوضات.
وذكر وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، يوم الاثنين، أنه جرى الاتفاق مع الأميركيين على تأجيل المحادثات بضعة أسابيع.
وتعد المحادثات تتويجاً لجهود دبلوماسية من جانب واشنطن على مدى ثلاث سنوات. وعطَّلت الخلافات على الحدود البحرية التنقيب عن النفط والغاز قرب الخط المتنازع عليه.
ووصلت المحادثات بعد أربع جلسات إلى حائط مسدود، على خلفية رفع الطرفين سقوف الشروط. فقد طالب لبنان خلال جلسات التفاوض بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومتراً مربعاً تشمل جزءاً من حقل «كاريش» الذي تعمل فيه شركة «إنرجيان» اليونانية، تُضاف إلى الـ860 كيلومتراً بحرياً التي كان الخلاف على أساسها منذ عام 2010، ما يعني أن لبنان يطالب بـ2290 كيلومتراً بحرياً ضمن الخرائط التي قدمها في جلسات التفاوض، في مقابل الخرائط الإسرائيلية.
وفي الجلسة الرابعة، رفع الوفد الإسرائيلي سقف شروطه، مطالباً بمساحة أكبر تقضم مساحات إضافية في البلوكين البحريين 8 و9 للتنقيب عن النفط في المياه الاقتصادية اللبنانية، ما يعني أنها طالبت بمئات الكيلومترات الإضافية، وهو ما ضاعف التعقيدات ووضع العراقيل أمام استمرار المباحثات التي هددتها بالتوقف وإعادتها إلى المربع الأول الذي كانت عليه قبل عشر سنوات.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.