جدل في البرلمان المغربي حول حقوق الإنسان بسبب «الطوارئ»

مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان في المغرب
مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان في المغرب
TT

جدل في البرلمان المغربي حول حقوق الإنسان بسبب «الطوارئ»

مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان في المغرب
مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان في المغرب

دافع مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، أمس، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، عن السياسة التي انتهجتها السلطات لمواجهة المخالفين لحالة الطوارئ المعلنة لمواجهة جائحة كورونا.
وقال الرميد رداً على انتقادات فرق نيابية حول المس بحقوق الإنسان خلال تدخلات الأجهزة الأمنية، إن من حق الدول «تقييد بعض الحقوق والحريات من أجل ضمان الحق في الحياة». لكن يجب أن يكون ذلك «في حدود معينة»، معتبراً أن «الأهم هو احترام الشرعية والمشروعية»، باحترام القانون عند الاعتقال والمتابعة.
وشدد الرميد على أنه بصفته وزير دولة مكلفاً حقوق الإنسان، تصل إليه شكاوى عدة، لكن تبين من خلال معالجتها أن «تدبير ملف حقوق الإنسان، وإن شابه شيء في مثل هذه الظروف، يبقى مقبولاً، وليس هناك من مؤاخذات جوهرية وكبرى تسجل عليه، بخلاف ما يشاع»، حسب قوله.
وكشف الرميد، عن أن عدد المخالفين الذين تمت متابعتهم في إطار قانون حالة الطوارئ الصحية، بلغ عددهم 162 ألفاً و444 شخصاً، معظمهم متابعون في حالة سراح، في حين أن عدد القضايا التي يتابع فيها أشخاص رهن الاعتقال وصل إلى 799 قضية.
ورداً على الانتقادات التي وجهها بعض النواب لسياسة الحكومة في ظل حالة الطوارئ، دون احترام حقوق الإنسان، رد الوزير قائلاً «لا توجد في العالم صيغة مثالية، تم فيها التوفيق في ظل الجائحة بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحق في الحياة والصحة»، متسائلاً «كيف تطلبون منا ما لا يوجد في أي دولة؟».
وبخصوص احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أكد الوزير المغربي، أن حماية الحقوق فرضت تعزيز قدرات المنظومة الصحية على مستوى الاستقبال والتكفل بالحالات المصابة، مشيراً إلى تخصيص الحكومة ثلاثة مليارات درهم (300 مليون دولار) من الصندوق الذي أحدثته الحكومة، والمسمى «صندوق تدبير جائحة كورونا»، تضاف إلى ميزانية القطاع التي بلغت 23 مليار درهم (2.3 مليار دولار) في القانون المالي لسنة 2021، فضلاً عن تخصيص 5500 منصب شغل للقطاع الصحي، وذلك بزيادة 1500 منصب مقارنة مع السنة المالية 2020. وبخصوص البرامج الاجتماعية، أكد الرميد، أن الحكومة تنكب على توسيع التغطية الاجتماعية في أفق تعميمها على مدى خمس سنوات، وذلك بتعميم التغطية الصحية لـ22 مليون مغربي في أجل قريب، وتعميم التعويضات العائلية لتشمل 7 ملايين طفل في سن التمدرس، والانخراط في نظام التقاعد لصالح 5 ملايين شخص، ثم نظام التعويض عن فقدان الشغل. معتبراً أن كل هذه المشاريع الاجتماعية «غير مسبوقة»، وإذا ما تحققت «ستكون إنجازاً تاريخياً يحق للمغاربة الافتخار به».
من جهة أخرى، أطلقت وزارة الصحة المغربية أمس «الحملة الوطنية للوقاية من الإنفلونزا»، التي تستهدف الأشخاص المعرّضين لخطر الإصابة بمضاعفات خطيرة، مرتبطة بالإنفلونزا قد تؤدي إلى الوفاة.
ويتعلق الأمر بالنساء الحوامل، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كـالفشل الكلوي المزمن، والسكري، وأمراض القلب، والأمراض الرئوية المزمنة، وكذا كبار السن الذين يبلغون من العمر 65 عاماً وأكثر، والأطفال الأقل من 5 سنوات.
وأوصت الوزارة بهذا التلقيح بشدة لدى مهنيي الصحة «لأنه يمكّن، بالإضافة إلى حمايتهم وحماية محيطهم الأسري والمهني»، من منع انتقال المرض إلى المرضى، الذين يتم استقبالهم بمؤسسات الرعاية الصحية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».