كيف تتنفس للسيطرة على القلق المرتبط بكورونا؟

طاقم طبي يقوم بتمارين اليوغا والتنفس في وحدة العناية المركزة باحد مستشفيات برشلونة (أرشيف-رويترز)
طاقم طبي يقوم بتمارين اليوغا والتنفس في وحدة العناية المركزة باحد مستشفيات برشلونة (أرشيف-رويترز)
TT

كيف تتنفس للسيطرة على القلق المرتبط بكورونا؟

طاقم طبي يقوم بتمارين اليوغا والتنفس في وحدة العناية المركزة باحد مستشفيات برشلونة (أرشيف-رويترز)
طاقم طبي يقوم بتمارين اليوغا والتنفس في وحدة العناية المركزة باحد مستشفيات برشلونة (أرشيف-رويترز)

يؤثر الخوف والقلق أثناء جائحة فيروس كورونا على صحتنا العقلية والجسدية. ووسط أزمة الصحة العقلية المتزايدة هذه، يصف بعض الأطباء الآن تقنية التنفس العميق للمرضى والأطباء على حد سواء، والتي يطلق عليها «بوكس بريثينغ» أو «تنفس الصندوق».
ومن المعروف أن تمارين التنفس العميق المتعمدة تقلل من الشعور بالتوتر. وحدد الخبراء الذين قابلتهم شبكة «إيه بي سي نيوز» تقنية «تنفس الصندوق» كنوع من طرق التنفس التي تستخدم خصيصاً للتغلب على نوع القلق الذي يعاني منه الناس خلال هذه الأوقات العصيبة.
في البداية، استخدم المقاتلون هذا التكتيك لمكافحة الإجهاد في زمن الحرب، وأصبحت تقنية التنفس هذه الآن منتشرة بين العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يكافحون جائحة فيروس كورونا.
وتقوم تقنية «تنفس الصندوق» على الاستنشاق ببطء وعمق من خلال أنفك حتى العد إلى أربعة. لفعل ذلك، عليك استنشاق الهواء وحبسه لمدة أربع ثوان والقيام بالزفير لمدة أربع ثوان ثم تكرر ذلك في أربع ثوان. وعند ممارسة ذلك بانتظام، فقد ثبت أنه يهدئ الجسم عن طريق تحفيز الجهاز العصبي السمبتاوي، أو استجاباتنا «للراحة والهضم» - التي تنتج شعوراً بالاسترخاء.
وقال الدكتور جون شارب، الطبيب النفسي والأستاذ بكلية الطب بجامعة هارفارد: «إذا تمكنت من القيام بهذه التقنية لبضع دقائق، فيمكنك حقاً أن تدخل نفسك في حالة أكثر تركيزاً. نحن نعلم أنه عندما يتعرض الناس للتوتر، يمكن أن ينجح ذلك - ومثل أي شيء، كلما مارسته أكثر، نجح أكثر».
ولأنها معروفة جيداً للجيش، يتم استخدام تقنية «تنفس الصندوق» في التدريب من قبل العديد من الفرق لتطوير الانضباط العاطفي. ويقول مارك ديفين، القائد السابق لقوات البحرية الأميركية إنه كان يعلم طريقة التنفس هذه لمتدربي البحرية منذ عام 2007.
وأوضح: «أفضل المحاربين وأكثرهم فاعلية يمارسون شكلاً من أشكال التنفس المتحكم به، خاصة أثناء القتال».
وأشار ديفين إلى أن طريقة التنفس هذه تساعد في صفاء الذهن، وهو أمر بالغ الأهمية لاتخاذ قرارات جيدة تحت الضغط.
وقال: «ليس فقط أنك تشعر بالهدوء، ولكن في الحقيقة ستقل كمية الأفكار التي لديك».
ويدعم العلم هذه التقنية أيضاً، حيث وجدت إحدى الدراسات أن المشاركين الذين أجروا تمارين التنفس العميق بانتظام لديهم مستويات أقل من الكورتيزول - وهو هرمون في الجسم يتم إطلاقه استجابة للتوتر.
وشرح ديفين: «نقوم بذلك قبل كل اجتماع في شركتي. نحن نؤدي خمس دقائق معاً كفريق. أفعل ذلك قبل وبعد كل تمرين، أفعل ذلك في سيارتي، أفعل ذلك في أي وقت أشعر فيه بأي نوع من الضغط أو التوتر الإضافي. أعتقد أنه الشيء الوحيد الأكثر أهمية يمكن للجميع القيام به للسيطرة على حياتهم داخلياً».
والآن، قام المجال الطبي بتكييف طريقة التنفس هذه لتحقيق فوائد مماثلة. ويعمل الدكتور ستيفن ميلر، طبيب طب الطوارئ وأستاذ مشارك في المركز الطبي بجامعة فرجينيا كومنولث، مع فريق من الأطباء الذين يحققون في قياس الإجهاد وإدارته بين مقدمي الرعاية الصحية في قسم الطوارئ.
وقال ميلر: «لقد بدأنا في استخدام تقنية تنفس الصندوق في طب الطوارئ، حيث نمر بلحظات مرهقة للغاية وغير متوقعة في التعامل مع مواقف الحياة أو الموت. لقد قمنا بتنفيذ هذا التدريب في برنامج الإقامة الخاص بنا لمساعدة المتعلمين على التعرف على علامات الإجهاد بما في ذلك اليدين المتعرقة، وسرعة ضربات القلب، وربما حتى رؤية نفق صغيرة، ثم استخدام التنفس لتهدئة أنفسهم من أجل المساعدة في التركيز والقيام بأداء عالي خلال رعاية المرضى».
وفيما يتعلق بوباء كورونا، قال ميلر: «أعتقد أننا جميعاً نشعر بالإرهاق الشديد من كل ما يحدث في التعامل مع كورونا. في أي وقت نرى أنفسنا أننا بدأنا بالشعور بهذا التوتر والقلق، ما علينا فعله هو أن نأخذ نفساً لطيفاً وهادئاً وعميقاً».


مقالات ذات صلة

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية قد يساعد مرضى الشلل على المشي (رويترز)

أقطاب كهربائية بالدماغ تمكّن مصابين بالشلل من المشي مسافات قصيرة

خلصت دراسة وشهادة، نُشرتا أمس (الاثنين)، إلى أن التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية يمكن أن يساعد بعض المصابين بالشلل على المشي.

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك يرصد البحث أن ارتفاع مستويات الدهون الحشوية يرتبط بانكماش مركز الذاكرة في الدماغ (رويترز)

دهون البطن مرتبطة بألزهايمر قبل 20 عاماً من ظهور أعراضه

أفاد بحث جديد بأن نمو حجم البطن يؤدي إلى انكماش مركز الذاكرة في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الخضراوات الورقية تعدّ من الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم (رويترز)

مفتاح النوم ومحارب القلق... إليكم أفضل 10 أطعمة لتعزيز مستويات المغنيسيوم

إنه مفتاح النوم الأفضل والعظام الأكثر صحة والتغلب على القلق، ولكن انخفاض مستويات المغنيسيوم أمر شائع. إليك كيفية تعزيز تناولك للمغنيسيوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ استدعت شركة «صن فيد بروديوس» الخيار المعبأ في حاويات من الورق المقوى بكميات كبيرة (إدارة الغذاء والدواء الأميركية)

سحب شحنات من الخيار بعد تفشي السالمونيلا في ولايات أميركية

تحقق السلطات الأميركية في تفشي عدوى السالمونيلا التيفيموريوم المرتبطة بتناول الخيار في ولايات عدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».