الشيف شيرمين مؤنس: الطعام الصحي يؤثر على طريقة التفكير

من الفنون الجميلة إلى ابتكار وصفات متخصصة في السلطات

الشيف المصرية شيرمين مؤنس
الشيف المصرية شيرمين مؤنس
TT

الشيف شيرمين مؤنس: الطعام الصحي يؤثر على طريقة التفكير

الشيف المصرية شيرمين مؤنس
الشيف المصرية شيرمين مؤنس

رغم دراستها للفنون الجميلة، فإن المصرية شيرمين مؤنس حوّلت وجهتها إلى عالم الطهي، واختارت قبل 7 سنوات أن تحمل لقب «شيف» وتتخصص في الطعام الصحي، وتحديداً السّلطات، التي غيرتها من كونها طبقاً فرعياً إلى وجبة كاملة العناصر الغذائية، وفي الوقت نفسه خفيفة وشهية ومليئة بالألوان والنكهات.
ورغم هذه السنوات القليلة في عالم الطهي، فإن شيرمين أصبحت من أشهر مدربات فنون الطهي في مصر، من خلال تأسيسها مشروعاً لخدمات الأغذية بعنوان «Twisted Beyond Salads»، تقدم من خلاله ورشات للطهي للكبار والصغار، للمصريين والأجانب في مصر، إلى جانب تقديم خدمات «الكاترينغ»، لتزويد المواد الغذائية وتنسيق وتخطيط قوائم الطعام للمنازل والحفلات والمؤسسات، بالإضافة إلى مشاركتها في الكثير من الفعاليات الغذائية في مصر وخارجها.
وبعد فترة توقف بفعل فيروس كورونا، عاودت الشيف شيرمين نشاطها في عالم الوصفات، وورشات الطهي، وابتكاراتها الصحية في قوائم السّلطات الخاصة بها... وهي الأنشطة التي تتحدث عنها في نص الحوار:
> لماذا اخترتِ السّلطات تحديداً للتخصص فيها؟
أؤمن بمبدأ التخصص في كل شيء، حتى في الطعام، وقد تعلمت من الشيفات الذين درّسوا لي هذا المبدأ؛ لأنه يجعل هناك تركيزاً فيما أقدمه للناس، وفكرة تقديمي السّلطات بشكل خاص والمقبلات بشكل عام، ليست فقط لأنها طعام خفيف، ولكن أريد أن أقدم هذا النوع كوجبة كاملة العناصر الغذائية وفي الوقت نفسه خفيفة، يستطيع أي فرد أن يتناولها في أي مكان ولا يشعر بالثقل، مثلما يحدث مع تناول الوجبات الأخرى.
> حدثينا عن فكرة مشروعك Twisted beyond salads، ولماذا اخترتِ هذا الاسم؟
«Twisted» باللغة الإنجليزية كلمة تعبر عن الاختلاف أو الجنون أو التحوير، وهذه هي فكرة مشروعي باستخدام السّلطات والمقبلات، وتقديمها بوصفات مختلفة غير تقليدية ومقدمة بشكل مختلف، وتكون أيضاً سهلة في إعدادها، ومع ذلك تضيف قيمة غذائية.
> ما هو مجال «الكاترينغ»، وما أهميته؟
هو مجال يعتمد على تزويد المنازل والحفلات والمؤسسات وغيرها، بالمواد الغذائية، وأهمية الكاترينغ أنه يعطي للعميل فرصة جيدة لتوفير الوقت والمجهود، ويضمن في أغلب الأمر تزويده بنوع طعام شهي ونظيف، ومناسب لأي ذوق أو نظام غذائي متبع، وأهدف من خلال التخصص في السّلطات أن أقدم وصفات وقوائم من السّلطات في أي حفلة أو مناسبة.
> ما هو شكل الابتكار في أنواع السّلطات لديك؟
كل قائمة الطعام لدي مختلفة الوصفة وطريقة التقديم وحتى الاسم، فأنا شغوفة بالابتكار في تقديم أنواع جديدة مختلفة شهية ومليئة بالألوان والنكهات المختلفة والقيمة الغذائية العالية من أجود وألذ المكونات، وتقدم بطريقة وأسلوب مختلف عبر خلق وصفات جديدة.
> هل يمكن أن تشرحي لنا هذا الأسلوب؟
يعتمد على البساطة في دمج بعض المطابخ العالمية مع بعضها بعضاً، بجانب استخدام خامات جيدة مختارة بعناية شديدة، واستخدم فيها طرق طهي صحية، ومؤخراً بدأت بالاهتمام والتأثر بثقافة المطبخ المصري وتاريخه وخلق بعض الوصفات المستوحاة منه؛ وفلسفتي دائماً - ومن قبل العمل طاهيةً - هي التفكير خارج الصندوق، والنظر بعيداً عن الإطار التقليدي، والبداية من حيث انتهي الآخرون، مع الوضع في الاعتبار الأسلوب الخاص والخبرة والشخصية أثناء ابتكار أي وصفة جديدة، والتنوع في إرضاء جميع الأذواق والاحتياجات.
> وماذا عن مصادر ابتكاراتك؟
بجانب الدراسة الأكاديمية، الخبرة العملية المكتسبة، والاحتكاك المستمر بشيفات آخرين في المجال، وبالطبع القراءة المستمرة، والسفر للتعرف وتذوق الطعام من مطابخ عالمية مختلفة، والدراسة المستمرة، فهذه المهنة دائماً فيها جديد، والشيف الماهر هو من يحاول دائماً الاطلاع على كل ما هو جديد على الساحة الطهوية في العالم.
> ومن وجهة نظرك... ما هو مفهوم الطعام الصحي؟
دائماً ما أكرر أن الأكل الصحي ليس الخاص بالحميات الغذائية (الرجيم)، فهذه فكرة شائعة وخاطئة، لكن هو الطعام الذي يُلبي احتياجات جسم الإنسان، وأن يكون طعاماً نظيفاً، تم طهيه بطريقة صحية. فمن المهم أن يحتفظ الطعام بكل القيم الغذائية التي فيه، وبالتالي الطعام الصحي الذي يدخل للجسم يُحدث فرقاً في كل أنماط الحياة، سواء راحة النوم وطريقة التفكير ومعدل الذكاء، وغيرها.
> وكيف تحاولين نشر ثقافة الأكل الصحي؟
أحاول دائماً تقديم جلسات دورية باستضافة أطباء من مختلف التخصصات وجمهور من فئات متعددة، سواء لتشجيع تناول الطعام الصحي بما يعزز المناعة، أو لتقديم وصفات جديدة، إلى جانب دورات للتدريب على الطريقة الصحيحة للطهي بدلاً من الطرق المعتادة؛ وذلك للحفاظ على القيمة الغذائية للطعام؛ لأن لدينا عادات كثيرة خاطئة، وهذه الجلسات يكون لها صدى كبير لأن السيدات يردن فهم الأمور الصحيحة، وما سيضعنه على مائدة الطعام وما سيقدمنه لأولادهن.
> ولماذا تخصصت في السّلطات؟
جانب من عائلتي مقيم في الدنمارك وبالطبع أتردد عليهم دائماً، ولاحظت خلال زياراتي المتعددة أن الطعام الخفيف والصحي موجود لديهم في الشتاء والصيف، كما أن الطعام في الخارج مثل الملابس له موضة أو «تريند»، ومنذ فترة الطعام الصحي هو «موضة الطعام»، وهو مبني على ثقافة، فالناس لديها ثقافة في التعامل مع الطعام الذي يدخل جسدهم؛ لذا أردت أنقل جانباً من هذه الثقافة إلينا، وأن أحوّل طبق السلطة لأن يكون وجبة غذائية متكاملة تُشبع من يتناولها.
> وكيف استقبل الجمهور في مصر مأكولاتك؟
بالفعل كان ذلك تحدياً، وأنا أحب التحدي كثيراً، فعندما بدأت قبل نحو 7 سنوات كانت أطباق السّلطات جزءاً في قائمة طعام أي مطعم، وليس هناك قائمة متخصصة؛ لذا كان التحدي أن أقوم بذلك، وهو هدفي منذ البداية، وللحق إنني فوجئت أن هناك تفهماً لقيمة طبق السلطة، وأن هناك وعياً بما أقدمه، وجمهور كبير استقبل المنتج بردود فعل إيجابية للغاية.
> في رأيك... ما سر هيمنة الرجال على مهنة الشيف خصوصاً في المطاعم الكبرى؟
يهيمن الرجل لأن مهنتنا من أصعب المهن، فهي بجانب المجهود العضلي تحتاج إلى إعمال ذهني أيضاً، والرجال لديهم الوقت لمضاعفة المجهود في العمل، بخلاف السيدات، اللاتي لديهن ارتباطات عائلية مثل الأم والزوجة؛ لذا قد تُخلق مشكلات حياتية لأن كثيرات لا يستطعن تحقق التوازن بين العمل والمنزل، وبالتالي يهمن الرجال على الصناعة، ولا يقلل ذلك من كفاءتهم في المطبخ، وقد تعلمت عن نفسي على يد شيفات رجال.
> بخلاف السّلطات.. ماذا تفضلين أنتِ من أطباق؟ وأي المطابخ العالمية يروق لكِ؟
أنا أحب للغاية طعام الشارع، وأسافر حول العالم لأتذوقه؛ لأن بينه وبين طعام المنزل فارقاً كبيراً، كما أني مغرمة بأنواع الأجبان، وهي أكثر ما أفضّل شراءه خلال السفر، كما تروق لي مطابخ البحر المتوسط، خاصة الإيطالي والفرنسي، وتعلمنا منهم كثيراً من الأساسيات، خاصة النكهات وطرق الطهي، كما اعتبر المطبخ المصري من أثرى المطابخ، لكن مهدور حقه.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
TT

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)

في الماضي، كان الناس يخرجون لتناول الطعام في مطعمهم المفضل وتذوق طبقهم الألذ فيه، أما اليوم، وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي وتوفر كاميرا الهواتف الذكية في كل مكان وزمان، ونشر صور الطعام على منصات رقمية على رأسها «إنستغرام» أصبحت زيارة المطعم لالتقاط الصور ومشاركتها مع العالم، دون أكلها أحياناً. ولكن هل كل ما تأكله الكاميرا قبل المعدة لذيذ كما تراه في الصورة؟

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)

هناك فئة من المطاعم التي تحمل مصطلح «إنستغرامابل» Instagrammable وتعني أنها تبدو جميلة على صفحات «إنستغرام» نظراً للتركيز على شكل الأطباق وطريقة تقديمها واستخدام الألوان فيها، بعيداً عن التركيز عن النكهة والمنتج المستخدم فيها.

وفي دراسة نشرت أخيراً على موقع رقمي متخصص بأخبار المطاعم والطعام، تبين أن تصوير مأكولات (تبدو شهية مثل الكيك وأنواع الحلوى المنمقة) قد تزيد من نكهتها قبل أكلها، والسبب قد يعود إلى أن مقولة «العين تعشق قبل القلب أحياناً» صحيحة، وذلك لأن العين هنا تقع في حب الطبق قبل تذوقه، فقط بسبب الصور التي نلتقطها.

طبق شهير نشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام)

في الآونة الأخيرة، وفي تغير واضح في طريقة تصرف الذواقة في المطاعم أصبح التقاط صور الطعام أمراً مبالغاً به، لدرجة أنه أصبح من الضروري الاستئذان من الجالسين على طاولتك قبل مد يدك لتناول الأكل بسبب اهتمام بعضهم بالتقاط الصور ونشرها على الإنترنت، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كل ما تلتقطه الكاميرا وينشر على الشبكة العنكبوتية يتمتع بنكهة لذيذة توازي الشكل الجميل؟

ديكورات تلفت الانظار والمهتمين بنشر صور المطاعم (إنستغرام)

هذا السؤال يذكرني بحادثة وقعت معي، بعدما تحمست لزيارة أحد المطاعم الإيطالية في لندن، بعد رؤية العديد من المؤثرين ينشرون صوراً لثمار البحر يسيل لها اللعاب، فقررت الذهاب وتذوق تلك التحف الصالحة للأكل، وللأسف انتهى الحماس بمجرد تذوق أول لقمة من طبق الأسماك المشكلة الذي جئت حالمة بصورته وتذوقه، فالمذاق لم يكن على المستوى الذي توقعته، خاصة أن لائحة الانتظار للحصول على حجز في ذلك المطعم طويلة مما اضطرني للتكلم مع المدير المسؤول في هذا الخصوص، والاعتراض على نوعية المنتج.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)

الأكل في أيامنا هذه بالنسبة للأجيال الصاعدة مثل «جين زي» وجيل الألفية يعدّ نوعاً من التعبير عن المكانة الاجتماعية والمادية، فنشر صور الأكل بالنسبة لهم يتعدى مفهوم التهام الطعام والتمتع بمذاقه، وإنما يكون نوعاً من المفاخرة والتباهي في أوساط مجتمعاتهم ومعارفهم.

فالطعام نوعان؛ الأول يركز على المذاق والنكهة، أما الثاني فيعتمد على التصميم الخارجي، تماماً مثل ما حصل مع دوناتس قوز القزح، أقراص الحلوى التي غزت الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي، وسميت بـRainbow Food Craze فكل من تذوق هذه الحلوى بوصفة الدونات المعدلة والمبتكرة قال إن النوع التقليدي يتمتع بمذاق ألذ بكثير.

تاباس أسماك (إنستغرام)

هناك عدد من المطاعم حول العالم التي تشتهر بتقديم أطباق جميلة وجذابة بصرياً على «إنستغرام»، لكنها ليست بالضرورة لذيذة. غالباً ما يكون الهدف من هذه المطاعم هو جذب الانتباه من خلال الإبداع في العرض وتنسيق الألوان والتفاصيل الجمالية، ولكن عند تذوق الطعام قد يكون الطعم عادياً أو غير مميز.

فيما يلي بعض الأمثلة التي تُذكر عادة في هذا السياق، مثل مطعم «ذا أفو شو» في أمستردام المعروف بتقديم يعتمد بشكل كامل على الأفوكادو بطريقة مبهرة وجميلة، إنما هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن الطعم لا يرقى إلى مستوى العرض البصري.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)cut out

أما مطعم «سكيتش» في لندن ويعدّ من المطاعم ذائعة الصيت والمميز بديكوراته الجميلة وألوانه الزاهية، فهناك آراء كثيرة حول مذاق أطباقه الذي لا يكون على قدر التوقعات العالية التي يولدها المظهر الفاخر.

ومطعم «شوغر فاكتوري» في الولايات المتحدة الذي يملك فروعاً كثيرة، وشهير بحلوياته ومشروباته المزينة بألوان مشرقة على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يصفونه بأنه مجرد «سكر على شكل جميل»، ولا يقدم شيئاً مميزاً من حيث المذاق.

«إيل أند أن كافيه» في لندن، وهو غني عن التعريف، خاصة أنه من أكثر المطاعم التي تنشر صورها على «إنستغرام»، ومن بين أول المطاعم التي استخدمت أسلوب الديكور الذي يعتمد على الورود، فهناك من يعتقد أن أكله ليس جيداً على عكس الصور التي تنشر هنا وهناك.

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)cut out

«فيش أند بابلز» Fish & Bubbles الواقع في نوتينغ هيل بلندن، من المطاعم الإيطالية التي انتشرت بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور والفيديوهات التي نشرها المؤثرون جرّت الكثير للذهاب إلى المطعم وتذوق ثمار البحر كما رأوها في الصور، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك؛ لأن المذاق أقل من عادي والأسماك ليست طازجة، ومن زار هذا المكان فلن يزوره مرة ثانية.

ولمحبي البرغر فقد أغرتهم الصور في مطعم «بلاك تاب كرافت برغرز» في نيويورك بعد الشهرة التي حصل عليها على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يجدون أن النكهات عادية، ولا تتناسب مع الشهرة التي حصل عليها على الإنترنت. ولا يتفق الكثير من الذين زاروا «سيريال كيلار كافيه» Celear Killer Café في كامدن تاون بلندن، الذي يقدم حبوب الإفطار بألوان زاهية وتنسيقات مبتكرة تجعلها مثالية للصور، أن الطعم يوازي روعة الصور، مما عرّض المقهى للكثير من الانتقادات، خاصة أنه ليس رخيصاً.

لائحة أسماء المطاعم التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق أطباقها التي لا ترتقي للجودة المطلوبة لا تنتهي، والسبب وفي عصرنا هذا هو التسويق البصري والجذب السريع للزبائن، حيث يعتمد هذا النوع من التسويق بشكل كبير على الصور والفيديوهات القصيرة، خاصة على منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك». الأشخاص يتأثرون بالصور الجميلة والجذابة أكثر من أي شيء آخر. لذلك، عندما تكون الأطباق مصممة بشكل جميل ومبهج، يسارع الناس إلى تصويرها ونشرها، مما يوفVر للمطعم تسويقاً مجانياً وانتشاراً واسعاً.V

الكثير من الزبائن في يومنا هذا يسعون إلى أماكن مثالية لتصوير أطباقهم ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المطاعم تلبي هذا الاحتياج عبر تقديم أطباق مبهجة بصرياً، مما يجعل المطعم وجهة مفضلة رغم أن الطعم قد يكون عادياً.

في السنوات الأخيرة، بدأ الطعام يُعامل بوصفه نوعاً من الفنون البصرية. فهناك اتجاه كبير نحو تقديم الطعام بطريقة إبداعية وفنية، مما يجعل من الصعب أحياناً التوفيق بين الطعم والتصميم. فالبعض يرى أن تصميم الطبق الجميل يستهلك جهداً كبيراً قد يطغى على الاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بالطعم.

ولكن، وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، ويبقى هذا النوع من المطاعم التي تهتم بالشكل والديكور وطريقة تقديم الأطباق لتشد الكاميرا وتتحول إلى صور يتهافت عليها الزبائن حالة خاصة؛ لأنها ستكون مؤقتة وستجذب الزبون مرة واحدة على عكس المطاعم التي تعتمد على جودة المنتج ونوعية الطعام وطعمه. كما أنه لا يجوز وضع المسؤولية كاملة على كاهل المطاعم إنما يتحمل أيضاً الزبون وبعض المؤثرين المسؤولية في تضليل الرأي العام، والتسويق لمطعم لا يستحق الشهرة والانتشار.