كشف علماء في جامعة هارفارد أن القشعريرة تنظم الخلايا الجذعية، التي تعمل على تجديد بصيلات الشعر - بنية الخلايا والأنسجة الضامة التي تحيط بالشعر. ويقولون إن النتوءات الصغيرة التي تظهر على بشرتنا عندما نشعر بالبرد أو الخوف أو الحماس، هي طريقة الجسم في تنظيم نمو الشعر. حيث تنقبض العضلة في بصيلات الشعر استجابة للبرد، ما يؤدي إلى ظهور نتوءات صغيرة في جميع أنحاء الجلد؛ وذلك وفق دراسة نشرت في مجلة الخلية (Cell).
ويحاول العلماء فهم لماذا تم الحفاظ على هذا التفاعل البيولوجي لدى البشر، على الرغم من وجود كميات متفرقة نسبيا من الشعر حول الجسم. حيث تحمي القشعريرة الحيوانات ذات الفراء الكثيف من البرد، وخلصوا إلى أن نظامنا العصبي يطلق الناقلات العصبية التي تستهدف الخلايا الجذعية لبصيلات الشعر، ما يتسبب في تنشيط الشعر الجديد وتنميته، وذلك حسبما نشرت صحيفة (ديلي ميل) البريطانية.
من جانبه، قال يا-شيه هسو، في معهد الخلايا الجذعية في جامعة هارفارد "كنا مهتمين دائما بفهم كيفية تنظيم سلوك الخلايا الجذعية، من خلال المحفزات الخارجية. الجلد هو نظام رائع - يحتوي على العديد من الخلايا الجذعية محاطة بأنواع مختلفة من الخلايا، ويقع في الواجهة بين جسمنا والعالم الخارجي. لذا، يمكن لخلاياها الجذعية أن تستجيب لمجموعة متنوعة من المحفزات - من المكان أو الجسم كله أو حتى البيئة الخارجية".
وتعمل القشعريرة على حماية الحيوانات من البرد، عبر إنشاء طبقة موسعة من الهواء التي تحمي الجزء العلوي من كل شعرة، وتعمل كعازل.
ويعد انتصاب كل نتوء وشعر "منفصلين" استجابة للبرد، أكثر فاعلية بالنسبة للحيوانات ذات الفراء السميك. ولكن التفاعل البيولوجي ما يزال موجودا لدى البشر المعاصرين، على الرغم من قلة الحاجة إليه، بعد ما يقرب من 200 ألف سنة من استخدام المنسوجات لحماية أنفسنا من البرد، حسب تقديرات العلماء.
وكانت القشعريرة ذات أهمية بالنسبة إلى عالم الطبيعة البريطاني الشهير تشارلز داروين، الذي درسها في كتاباته حول التطور. وفي عمله عام 1872 (التعبير عن العواطف لدى الإنسان والحيوان)، أشار داروين إلى رد الفعل المماثل في فروة الرأس البشرية والجلد المرتبط بالخوف. ولكن في الوقت الحالي يطرح علماء هارفارد نظرية جديدة عن سبب كون هذه السمة التطورية مهمة للإنسان المعاصر.
وتتكون العديد من الأعضاء من 3 أنواع من الأنسجة - الظهارة واللحمة المتوسطة والأعصاب. وفي الجلد، يتم تنظيم هذه الأنواع الثلاثة بترتيب خاص.
ويعد العصب الودي مفتاح العملية في البشر، وهو جزء من نظامنا العصبي الذي يتحكم في توازن الجسم واستجاباتنا للمحفزات الخارجية.
وفي الجلد تحت الشعر، يتصل العصب الودي مع عضلة ناعمة صغيرة في اللحمة المتوسطة. وترتبط هذه العضلة الملساء بدورها بالخلايا الجذعية لبصيلات الشعر، وهو نوع من الخلايا الجذعية الظهارية الحرجة، لإعادة تكوين بصيلات الشعر وإصلاح الجروح.
وتعد العلاقة بين العصب الودي والعضلة معروفة جيدا، لأنها الأساس الخلوي وراء القشعريرة - البرد يحفز الخلايا العصبية الودية لإرسال إشارة عصبية، وتتفاعل العضلات عن طريق الانقباض وتسبب انتصاب الشعر عند النهاية.
ومن أجل معرفة المزيد، قام علماء هارفارد بفحص الجلد باستخدام الميكروسكوب الإلكتروني، والذي يتضمن أشعة من الإلكترونات المتسارعة كمصدر للإضاءة، لإنتاج صور عالية الدقة للغاية. ووجد فريق البحث أن العصب الودي لا يرتبط فقط بالعضلة، بل يشكل أيضا اتصالا مباشرا بالخلايا الجذعية لبصيلات الشعر. واكتشفوا أن الألياف العصبية ملفوفة حول الخلايا الجذعية لبصيلات الشعر "مثل الشريط".
واضاف هسو"يمكننا حقا أن نرى على مستوى البنية التحتية كيف يتفاعل العصب والخلايا الجذعية. حيث تميل الخلايا العصبية إلى تنظيم الخلايا القابلة للاستثارة، مثل الخلايا العصبية الأخرى أو العضلات ذات المشابك العصبية. ولكننا فوجئنا عندما وجدنا أنها تشكل هياكل تشبه المشابك مع خلية جذعية ظهارية، وهي ليست هدفا نموذجيا للغاية للخلايا العصبية". ويُنشّط الجهاز العصبي الودي عادة عند مستوى منخفض ثابت، للحفاظ على ما يسمى توازن الجسم - والحفاظ على ظروف فيزيائية وكيميائية داخلية ثابتة نسبيا في الجسم.
كما وجد الفريق أنه خلال هذا المستوى المنخفض من النشاط العصبي، تم الحفاظ على الخلايا الجذعية في حالة جاهزة للتجديد. وتحت البرد لفترة طويلة، تم تنشيط العصب على مستوى أعلى بكثير مع إطلاق المزيد من الناقلات العصبية، ما تسبب في تنشيط الخلايا الجذعية بسرعة، وتجديد بصيلات الشعر لينمو الشعر الجديد.
كشف مثير... القشعريرة تعيد نمو الشعر
كشف مثير... القشعريرة تعيد نمو الشعر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة