مجلس قيادة ثورة جديد في سوريا من 100 فصيل لترتيب الداخل

محمد علوش لـ («الشرق الأوسط») المجلس مفتوح لأي فصيل غير إسلامي

مقاتلون في الجيش الحر يصلّون بالقرب من قذائف مورتر على جبهة حندرات، قرب حلب (رويترز)
مقاتلون في الجيش الحر يصلّون بالقرب من قذائف مورتر على جبهة حندرات، قرب حلب (رويترز)
TT

مجلس قيادة ثورة جديد في سوريا من 100 فصيل لترتيب الداخل

مقاتلون في الجيش الحر يصلّون بالقرب من قذائف مورتر على جبهة حندرات، قرب حلب (رويترز)
مقاتلون في الجيش الحر يصلّون بالقرب من قذائف مورتر على جبهة حندرات، قرب حلب (رويترز)

بعد 4 أشهر من العمل في مبادرة «واعتصموا» بين فصائل المعارضة السورية العاملة على الأرض، تم الإعلان، أول من أمس، في مدينة غازي عينتاب التركية عن تشكيل «مجلس قيادة الثورة»، بحضور أكثر من مائة ممثل عن الفصائل الفاعلة على الأرض في سوريا.
وانتخب المستشار والقاضي قيس الشيخ رئيسا للمجلس، وهو الذي كان مرشحا لوزارة العدل في حكومة أحمد طعمة المؤقتة، واستقال منها لينضم إلى هذا الجسم الجديد. وانتخب المؤتمر مجلسا تنفيذيا برئاسة ممثل المنطقة الجنوبية صبحي الرفاعي (من مدينة القنيطرة)، وثلاثة رؤساء هيئات في مجلس قيادة الثورة، حيث تم اختيار محمد علوش رئيسا للهيئة السياسية، واللواء محمد الحاج علي رئيسا للهيئة العسكرية، بالإضافة لرامي الحبيب رئيسا للهيئة المدنية.
وجاء الإعلان بعد اجتماعات وجلسات تشاورية عُقدت على مدار 3 أيام، مدة انعقاد المؤتمر. كما انتُخب أحمد الراغب نائبا للرئيس، وناجي النهار أمينا للسر.
وتشكلت هيئة عامة للمجلس تضم 219 عضوا عن كامل سوريا، بينهم 73 عضوا للقيادة العامة (معينون من قبل جبهاتهم)، وقد اختار هؤلاء المكتب التنفيذي الذي يضم 17 عضوا، وتم توزيع التمثيل في المجلس إلى 6 مناطق، وهي المنطقة الشمالية (19 مقعدا)، المنطقة الوسطى (12 مقعدا)، المنطقة الجنوبية (12 مقعدا)، المنطقة الشرقية (7 مقاعد)، المنطقة الساحلية - اللاذقية (8 مقاعد)، دمشق وريفها 15 مقعدا.
محمد علوش رئيس الهيئة السياسية قال لـ«الشرق الأوسط» إن تشكيل هذا الجسم الجديد تم بناء على حاجة داخلية تنظم العمل داخل البلاد، فالحكومة المؤقتة غير مستقرة، ولم تعلن تشكيلتها الأخيرة حتى الآن.
وقال إن معايير تشكيل هذا المجلس «تختلف عن معايير تشكيل المجلس الوطني والائتلاف، فلم يعنه البحث عن تمثيل كل المكونات بالمطلق، بل اعتمد على عنصري المشاركة بالثورة والعمل على الأرض. لذا فإن محافظة مثل طرطوس غير موجودة في التمثيل، لأنها محافظة غير ثائرة».
وعند سؤاله عن مدى التعاون أو التناقض الذي قد يحدث مع الحكومة المؤقتة التي يرأسها د. أحمد الطعمة، قال: «هناك حالتان تنظيميتان للسوريين الآن؛ حالة خارج البلاد (الشتات)، وحالة قائمة داخل البلاد. والحكومة السورية المؤقتة تقيم خارج الأراضي السورية ولا يمكنها إدارة الوضع داخله».
ويشير علوش إلى أن أحد أشكال الاختلاف مع الحكومة المؤقتة اعتمادها القوانين السورية التي يعتمدها النظام السوري، وبحسب هذه القوانين يمكن تجريم 9 ملايين سوري.. «كيف يمكن تطبيق قوانين العدو على المنتفضين عليه؟». أما القوانين البديلة، بحسب رئيس الهيئة السياسية للمجلس، فهو القانون العربي الموحد مع إدخال بعض التعديلات عليه.
ولدى المجلس تجارب، مثل المحاكم الشرعية ومجلس القضاء الموحد في الغوطة، والمحاكم تتوزع على المدني، الشرعي، والجزائي. وأضاف أن التعاون والتفاهم رغم ذلك سيكونان مفتوحين مع الحكومة السورية المؤقتة.
ويتطلع المجلس لأن يكون أول أعماله تأسيس قوة مركزية لم يتم الاتفاق على تفاصيلها بعد، وذلك متروك لأعمال المجلس للتوافق حولها.
وعن غلبة المكون الإسلامي على المجلس وعلاقته بالمكونات السورية الأخرى، قال محمد علوش الذي هو أيضا مسؤول التنسيق السياسي في «جيش الإسلام»، وابن الغوطة الشرقية في ريف دمشق، إنه «كما تعايش المسلمون لمدة 1400 سنة شوهها حزب البعث والرئيس حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار الأسد، سيكون المسيحيون وبقية المكونات مواطنون متساوين أمام القضاء، ولن تُهضم حقوقهم». وقال: «لو أن أي فصيل مسيحي أو غيره تكون على الأرض، فيمكنه أن ينضم للمجلس».
وتأسيس مجلس قيادة الثورة نتاج تحضيرات واجتماعات استمرت عدة أشهر، قام بها مجموعة من العلماء تحت اسم مبادرة «واعتصموا»، التي هدفت إلى توحيد القوى والفعاليات الثورية في الداخل السوري، للوصول إلى قرار سوري موحد ومستقل، بعيدا عن الضغوط التي تمارسها القوى الدولية على معظم تشكيلات الثورة السورية.
وجمع الجسم الجديد أكثر من 100 فصيل عسكري معارض في كيان واحد، ليس بينهم جبهة «النصرة» ولا «داعش» بالطبع.
ويقول علوش إن المبادرة أرسلت خطابا في بداية انطلاقتها لقادة النصرة كي يلتحقوا بها، إلا أنهم لم يستجيبوا بأي رد.
ومن الألوية المعروفة التي دخلت إلى المجلس جيش الإسلام، الجبهة الإسلامية، جيش المجاهدين، الزنكي، أجناد الشام، أحرار الشام، فيلق حمص، لواء الحق، ثوار تلبيسة، جبهة ثوار سوريا، حزم، جبهة التركمان، الجبهة الكردية (إسلامية)، صقور الشام، الفرقة الأولى، الفرقة 13. لواء الإيمان، فصائل حوران (10 فصائل عسكرية تساهم للمرة الأولى في مكون كبير مثل هذا).
ردود الأفعال حول تشكيل هذا الجسم غلب عليها الترحيب به. وقال د. برهان غليون المفكر السوري والرئيس السابق لأول جسم سياسي شكلته المعارضة السورية بعد الثورة (المجلس الوطني السوري)، في اتصال لـ«الشرق الأوسط»، إن «وجود هذا المجلس سيعمل على ضبط الفصائل على الأرض، وضبط الأمن والانفلات من سرقات وغيرها وضبط القضاء»، وإن الأسماء المعلنة في التشكيل تمثل فصائل مهمة على الأرض.
ويعتقد د. برهان غليون أن هذا الاتفاق يستجيب لحاجتين أساسيتين: توحيد الصف، وإعطاء دور أكبر ووزن أهم للفصائل الثورية الفاعلة على الأرض في أي قرار يمس مصير الثورة والبلاد، إذ يؤكد المجلس في ميثاقه على أهداف يجمع عليها كل السوريين الأحرار، وهي التصدي لجميع صور الإرهاب التي يمارسها النظام وحلفاؤه ضد الشعب السوري، وقف الممارسات الخاطئة والمضرة بالناس، بما في ذلك ظاهرة التكفير بغير حق. أيضا حشد الحاضنة الشعبية وتعبئتها لمواصلة الثورة. والعمل على ضمان وحدة سوريا أرضا وشعبا، ورفض جميع مشاريع التقسيم وكل ما يمهد لها، وسعيه لإدارة المناطق المحررة بما يخدم مصالح المواطنين.
وعن رأيه في إمكانية تصادم هذا الجسم مع الحكومة المؤقتة، يرى غليون أن مهمة الحكومة خلق مشاريع للمناطق المحررة ولن يتعارض هذا مع مهام «مجلس قيادة الثورة» التي تشكل على أساسها.



تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
TT

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)

كشف فريق الخبراء الأُمميّين المعنيين باليمن أن الحوثيين متورّطون بتحالفات وثيقة مع تنظيمات إرهابية، وجماعات مسلحة في المنطقة، متهِماً الجماعة بابتزاز وكالات الشحن البحري مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية؛ للحصول على مبالغ قُدّر بأنها تصل إلى 180 مليون دولار شهرياً.

وذكر الخبراء الأُمميّون في تقريرهم السنوي الذي رفعوه إلى مجلس الأمن، أن الجماعة الحوثية تنسّق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه، مؤكداً استخدامه الطائرات المسيّرة، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، لتنفيذ هجماته على القوات الحكومية في محافظتي أبين وشبوة جنوب البلاد.

التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرّية، عَدّ هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

وحذّر التقرير من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدّداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يُدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدّم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنّها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

مصادر فريق الخبراء الدوليين أبلغت أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادُل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب؛ سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في العام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون مُتنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وخليج عدن من الساحل الصومالي، لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.

تعاون مع الإرهاب

أورد الفريق الأممي معلومات حصل عليها من الحكومة اليمنية عن أنشطة تهريب متزايدة بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية، يتعلق معظمها بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، مشيراً إلى امتلاك الجماعتين أسلحة من نفس الطرازات، وبأرقام تسلسلية من نفس الدفعات، ما يرجّح توريدها ونقلها بصورة غير مشروعة بينهما، إلى جانب وجود مورّد مشترك إلى كلتيهما.

وقال الفريق إنه يواصل تحقيقاته بشأن أوجه التعاون المتزايدة بين الجماعة الحوثية و«حركة الشباب» في تهريب الأسلحة، لزعزعة السلام والأمن في اليمن والمنطقة.

ووصف التقرير هذا التعاون بـ«ثمرة تصاعد وتيرة العنف بعد حرب غزة، والتأثير السلبي في جهود السلام اليمنية».

وسبق للحكومة اليمنية الكشف عن إطلاق الجماعة الحوثية سراح 252 من عناصر تنظيم «القاعدة» كانوا محتجَزين في سجون جهازَي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) اللذَين سيطرت عليهما الجماعة الحوثية عقب انقلابها، بما في ذلك إطلاق سراح 20 عنصراً إرهابياً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

الحكومة اليمنية حذّرت أكثر من مرة من تعاون الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة» (غيتي)

وأعادت الحكومة اليمنية، في تصريحات لوزير الإعلام معمر الإرياني، التذكير بخطر تعاون الجماعتين، واستهدافهما الدولة اليمنية، وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحرَّرة، وتوسيع نطاق الفوضى، مما يهدّد دول الجوار، ويشكّل خطراً على التجارة الدولية وخطوط الملاحة البحرية.

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم وفوري لمواجهة هذه التحركات، وضمان السلام والأمان للشعب اليمني والمنطقة والعالم بأسره، «عبر تصنيف الجماعة الحوثية تنظيماً إرهابياً عالمياً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، ودعم استعادة سيطرة الدولة على كامل الأراضي اليمنية».

تقرير الخبراء لفت إلى تزايُد التعاون بين الجماعة الحوثية وجماعات مسلحة عراقية ولبنانية، واستغلالها التصعيد في المنطقة لتعزيز تعاونها مع «محور المقاومة» التابع لإيران، وتَلقّي مساعدات تقنية ومالية وتدريبات من إيران والجماعات المسلحة العراقية و«حزب الله» اللبناني، و«إنشاء مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلاً حوثياً».

جبايات في البحر

يجري تمويل الجماعة الحوثية من خلال شحنات النفط التي تُرسَل من العراق إلى اليمن وفقاً للتقرير الأممي، ويتلقى المقاتلون الحوثيون تدريبات عسكرية تحت إشراف خبراء من «الحشد الشعبي» في معسكرات خاصة، مثل مركز بهبهان التدريبي بمنطقة جرف الصخر.

الناطق باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام يعمل على تنسيق التعاون بينها وبين محور إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وتنظم جماعات مسلحة عراقية حملات تبرعات لدعم الجماعة الحوثية، بإشراف قيادات محلية بارزة، مثل أمير الموسوي؛ المتحدث باسم «تجمّع شباب الشريعة»، الخاضع لسيطرة «كتائب حزب الله»، ويتم تدريب المقاتلين الحوثيين على استهداف السفن، ويجري نقلهم باستخدام جوازات سفر مزوّرة منذ إعادة فتح مطار صنعاء خلال العام قبل الماضي.

ومما كشف عنه تقرير الخبراء أن الجماعة الحوثية تجني مبالغ كبيرة من القرصنة البحرية، وابتزاز وكالات وشركات الشحن الدولية التي تمرّ سفنها عبر البحر الأحمر، وفرض جبايات عليها، مقدِّراً ما تحصل عليه من خلال هذه الأعمال بنحو 180 مليون دولار شهرياً.

ووصف سلوك الجماعة ضد وكالات وشركات الشحن البحرية بالابتزاز الممنهج، حيث تفرض الجماعة رسوماً وجبايات على جميع وكالات الشحن البحري للسماح بمرور سفنها التجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل عدم استهداف سفنها أو التعرض لها.

ما يقارب 180 مليون دولار تجنيها الجماعة الحوثية شهرياً من ابتزاز وكالات النقل البحري مقابل عدم استهداف سفنها (أ.ب)

وأضاف التقرير أن هذه المبالغ «الضخمة» تسهم بشكل كبير في تمويل الأنشطة الحوثية «الإرهابية»، حسب وصفه، كشراء الأسلحة والذخيرة وتدريب المقاتلين.

ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، فياض النعمان، أن «الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تُغرق اليمن والمنطقة في المزيد من الفوضى والاضطرابات، من خلال ممارساتها وأعمالها العدائية، وتُسهم في إذكاء الصراع الخطير بالمنطقة».

وأضاف النعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «التقرير الأممي يكشف عن أكاذيب الميليشيات الحوثية التي تدّعي نصرة القضية الفلسطينية، بينما تستغل هذا الصراع لتوسيع نفوذها وزيادة ثرواتها، من خلال الجبايات على المواطنين، وابتزاز وكالات الشحن الدولية».