وجود روسيا وأميركا في ليبيا... توسيع نفوذ أم تغيّر في بوصلة الحرب؟

إعلان واشنطن عن موقف صريح من حرب طرابلس يطرح تساؤلات عن دور موسكو في الأزمة

قوات الجيش الوطني في بنغازي تنقل معتقلين من المرتزقة السوريين أسروا خلال قتالهم في صفوف {الوفاق} بغرب البلاد (أ.ف.ب)
قوات الجيش الوطني في بنغازي تنقل معتقلين من المرتزقة السوريين أسروا خلال قتالهم في صفوف {الوفاق} بغرب البلاد (أ.ف.ب)
TT

وجود روسيا وأميركا في ليبيا... توسيع نفوذ أم تغيّر في بوصلة الحرب؟

قوات الجيش الوطني في بنغازي تنقل معتقلين من المرتزقة السوريين أسروا خلال قتالهم في صفوف {الوفاق} بغرب البلاد (أ.ف.ب)
قوات الجيش الوطني في بنغازي تنقل معتقلين من المرتزقة السوريين أسروا خلال قتالهم في صفوف {الوفاق} بغرب البلاد (أ.ف.ب)

بات الموقف الأميركي تجاه حرب العاصمة الليبية أكثر وضوحاً من ذي قبل، وذلك بعد فترات من التردد والضبابية، سواء في ردهات مجلس الأمن الدولي، أو على مسار الدفع بالعملية السياسية قُدماً بعيداً عن الخيارات العسكرية، وهو ما يعيد طرح السؤال التالي: ما هي أسباب تبدّل موقف الإدارة الأميركية حيال ما يجري على أطراف طرابلس من قتال دام؟ وهل هناك ارتباط بين هذا التوجه وما يثار عن دور روسي في تلك الحرب؟
بداية، هناك من يرى أن موقف واشنطن المتذبذب طوال الشهور الثلاثة عشر الماضية هو الذي شجع أطرافاً خارجية، ومن بينها موسكو، على لعب دور أكثر بروزا في الأزمة السياسية الليبية، وذلك منذ اليوم الأول لانطلاق العملية العسكرية؛ وأن البيت الأبيض ارتضى بهذا الوضع، مكتفياً بحركة نشطة يقوم بها السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند في غرب البلاد. لكن مع تزايد الوجود الروسي في البلاد اضطرت أميركا إلى إعلان موقف صريح من الحرب.
وسبق للولايات المتحدة عرقلة صدور قرار من مجلس الأمن الدولي في بداية العملية العسكرية، يدعو لوقف الحرب؛ لدرجة أن الموقف الأميركي بدا رخواً، قبل أن ينشط لاحقا بإرسال مسؤولين إلى مدينة الرجمة (شرق ليبيا) حيث يقيم حفتر، لدعوته إلى التهدئة، ووقف الهجوم العسكري على العاصمة.
وبعد أقل من 24 ساعة على نشر تقرير أممي، أول من أمس، تحدث عن دور قوات روسية خاصة في الحرب الليبية، بدأت الردود الأميركية الرافضة تتوالى وتتصاعد، مودعة فترة الصمت والإشارات من بعيد، وذلك بعد شهور من المكالمة الهاتفية الوحيدة التي أجراها الرئيس دونالد ترمب مع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني».
ورأى مسؤولان أميركيان بارزان أن الولايات المتحدة «لا تدعم الهجوم على العاصمة الليبية، وتعتقد أن روسيا تعمل مع الرئيس السوري بشار الأسد لنقل مقاتلين وعتاد إلى ليبيا». فيما أشار نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي هنري ووستر، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف، مساء أول من أمس، إلى أن الهجوم على العاصمة «يحول الموارد بعيداً عما يعتبر أولوية لنا، وهو محاربة الإرهاب». واعتبر ووستر، المسؤول عن شمال أفريقيا في الخارجية الأميركية أنّ موسكو «لا تبدو على استعداد للانسحاب من ليبيا التي أصبحت بالنسبة إليها بعد سوريا جزءاً من استراتيجيتها للتأثير في المنطقة».
وفي تصريحات مماثلة للصحافيين في ذات المؤتمر الصحافي، قال مبعوث أميركا الخاص بشأن سوريا، جيم جيفري، إن «ميدان المعركة قد يشهد مزيداً من التعقيد». وأضاف موضحا «نعرف ذلك. وبالتأكيد يعمل الروس مع الأسد على نقل مقاتلين، ربما من دولة ثالثة، وربما من سوريا إلى ليبيا، إضافة إلى العتاد».
ما ذهب إليه المسؤولان الأميركيان يعبر عن موقف أكثر مباشرة لبلديهما، وقد يفهم منه أنه يصب بشكل غير مباشر في صالح قوات طرابلس، التي لم يأتيا على ذكرها. لكن الجهود التي يبذلها سفير الولايات المتحدة نورلاند لتشجيع «الجيش الوطني» الليبي وحكومة «الوفاق» على العودة إلى العملية السياسية سريعاً تبدد تلك النظرة. وقالت السفارة الأميركية في ليبيا، عبر تغريدة لها على موقع «تويتر» أمس، إن الولايات المتحدة «ستستمر في الضغط على روسيا وتركيا... لتشجيع (الجيش الوطني) الليبي وحكومة الوفاق الوطني على العودة إلى مفاوضات الأمم المتحدة»... الولايات المتحدة تتطلع إلى وقف دائم لإطلاق نار اتفق عليه الطرفان في جنيف في فبراير (شباط) الماضي.
وليبيا ميدان قتال مضطرب مع تزايد انخراط مقاتلين أجانب فيه. فيما يقول دبلوماسيون إن الولايات المتحدة والأمم المتحدة حذرتا من تزايد وجود قوات من المتعاقدين العسكريين الروس، في حين نشرت تركيا طائرات مسيرة.
وكان تقرير سري للأمم المتحدة أفاد بأن مجموعة (فاغنر) العسكرية الروسية الخاصة نشرت قرابة 1200 فرد في ليبيا لتعزيز قوات «الجيش الوطني»، وهو الأمر الذي نفاه في أكثر من مؤتمر صحافي اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش.
وجاء في التقرير المؤلف من 57 صفحة، والذي أعده مراقبو العقوبات المستقلون، وقُدّم للجنة العقوبات الخاصة بليبيا، التابعة لمجلس الأمن الدولي، وفقا لوكالة «رويترز»، أن «الشركة الروسية المتعاقدة نشرت قوات في مهام عسكرية متخصصة تشمل فرق قناصة». ودخلت وزارة الخارجية الأميركية على الخط، أول من أمس، حيث وجهت اتهامات لموسكو بتصعيد حدّة النزاع في ليبيا، كما نقلت وكالة أنباء «بلومبرج» عن مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية أن موسكو تساعد (المرتزقة) الروس والسوريين في ليبيا «كوسيلة لتوسيع نفوذها في المنطقة، على حساب تفاقم النزاع». لكن موسكو دافعت عن نفسها مرات عدة، وقالت إنه «ليس لديها قوات تحارب في ليبيا».
وكانت موسكو قد جمعت حفتر والسراج في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي لتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار. لكن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال إن القائد العام للجيش الليبي غادر البلاد دون أن يوقع على الاتفاق.



تحذير يمني من خطر التنسيق القائم بين الحوثيين و«القاعدة»

عناصر حوثيون خلال حشد في ميدان السبعين في صنعاء (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون خلال حشد في ميدان السبعين في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

تحذير يمني من خطر التنسيق القائم بين الحوثيين و«القاعدة»

عناصر حوثيون خلال حشد في ميدان السبعين في صنعاء (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون خلال حشد في ميدان السبعين في صنعاء (أ.ف.ب)

حذر وزير يمني من خطر التنسيق القائم بين الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة»، داعياً إلى موقف دولي للتصدي لهذا الخطر، وذلك في أعقاب قيام الجماعة المدعومة من إيران بإطلاق سراح عناصر من التنظيم على رأسهم متهم بهجوم أدى إلى مقتل عشرات الجنود اليمنيين.

وطالب معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حازمة للتصدي لهذه التهديدات، عبر تجفيف موارد «ميليشيا الحوثي» والشروع الفوري في تصنيفها كـ«منظمة إرهابية عالمية»، ودعم جهود الحكومة في استعادة سيطرتها على كامل أراضيها وتعزيز قدراتها لمكافحة الإرهاب والتطرف بكل أشكاله وصوره.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني إن قيام الحوثيين بإطلاق سراح عناصر في تنظيم «القاعدة» على رأسهم القيادي «أبو عطاء»، المعتقل منذ عام 2012؛ لمسؤوليته عن هجوم إرهابي استهدف العرض العسكري في ميدان السبعين في صنعاء، وأسفر عن مقتل 86 جندياً، هو امتداد لتنسيق ميداني مستمر برعاية إيرانية، بهدف تقويض سيادة الدولة اليمنية وزعزعة استقرار اليمن والمنطقة، وتهديد المصالح الدولية.

وحذر الوزير اليمني في تصريحات رسمية من خطر استمرار التحالف بين الحوثيين و«القاعدة»، وقال إن ذلك يعزز من إعادة ترتيب الجماعات الإرهابية لصفوفها وتمكينها من استعادة قدراتها بعد الضربات الأمنية التي تعرضت لها منذ 2015.

وتابع بالقول: «هذا التنسيق الخطير سيؤدي إلى خلق بيئة خصبة للعنف والتطرف في اليمن، مما يضع أمن الخليج العربي والأمن الإقليمي بأسره في دائرة الخطر، ويهدد استقرار طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، مع ما لذلك من تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي».

ودعا الإرياني المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في التصدي لتهديدات ميليشيا الحوثي الإرهابية المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وحذر من التساهل الدولي مع هذا التنسيق، ومن حجم الخطر والتهديد الذي قد يدفع العالم ثمنه باهظاً.

تأكيد أممي

كان الخبراء الأمميون التابعون لمجلس الأمن في شأن اليمن ذكروا في تقريرهم الحديث أن الجماعة الحوثية تنسق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه.

وعدّ التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرية، هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

الجماعة الحوثية متهمة بإطلاق سجناء «القاعدة» من السجون في صنعاء ضمن صفقة للتعاون المتبادل (إ.ب.أ)

وحذر التقرير الأممي من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

وأبلغت مصادر فريق الخبراء الدوليين أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في عام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون متنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن من الساحل الصومالي؛ لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.