«ضرب الرمل» يرصد «التغيرات» التي طرأت على المجتمع السعودي

خالد عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: تجربتي في المسلسل قريبة من شخصيتي

«ضرب الرمل» يرصد «التغيرات» التي طرأت على المجتمع السعودي
TT

«ضرب الرمل» يرصد «التغيرات» التي طرأت على المجتمع السعودي

«ضرب الرمل» يرصد «التغيرات» التي طرأت على المجتمع السعودي

ربما يكون شهر رمضان مختلفاً لدى الجماهير عامة والخليجية على وجه الخصوص، مع مفاجأة المغني الجماهيري خالد عبد الرحمن الوسط الفني بتقديم مسلسل فني في رمضان قام ببطولته، وهو الجانب الذي لم يشتهر فيه المطربون السعوديون، بخلاف بعض التجارب القليلة، مقارنة بمطربي مصر مثلاً، إذ إن دخولهم عالم التمثيل جزء مماثل لدورهم كمطربين. الفنان السعودي خالد عبد الرحمن أو «مخاوي الليل» كما يلقبه بعض محبيه، يعد فناناً يملك جماهيرية كبيرة ومن نوعية خاصة. إذ إن معظم جماهير خالد لا يشركون معه فناناً آخر، وقد يعود السبب في ذلك كون عبد الرحمن يقدم نوعية خاصة من الفن تستهدف جمهوراً معيناً، ولكن ذلك جعل من جماهيرية خالد عبد الرحمن ظاهرة داخل السعودية ودول الخليج، بل إن عدداً من الفنانين العمالقة في الخليج أمثال الراحل طلال مداح ومحمد عبده أقروا بالجماهيرية العريضة للفنان خالد عبد الرحمن. كل تلك الجماهيرية كان لها وقعها الكبير في أن يتوجه خالد عبد الرحمن إلى تجربة التمثيل، بل ربما أن أي منتج لا يعد نفسه مغامراً إذا ما فكر في إنتاج مسلسل فني يكون بطله الفنان خالد عبد الرحمن. والسبب بسيط في ذلك، فإن لم ينجح المسلسل فنياً، فهو ناجح جماهيرياً بكل تأكيد. المسلسل الذي يشارك فيه الفنان خالد عبد الرحمن بعنوان «ضرب الرمل» من تأليف محمد المزيني، وإخراج ماجد الربيعان، وتدور أحداثه على مدى 3 عقود، ويرصد «التغيرات التي طرأت على المجتمع السعودي، خلال هذه الفترة، وانعكاساتها». البرومو الخاص بالمسلسل كان جذاباً لجمهور خالد عبد الرحمن، كون بدايته جاءت لمقطع يؤديه عبد الرحمن لشخصية من البادية وتجر خلفها ناقة في منطقة تاريخية تشمل على بيوت الطين المعروفة قديماً في السعودية ودول الخليج. وما زاد الانطباع الجيد لمتابعي عبد الرحمن أنه اشتهر ببساطته في حياته الواقعية، وولعه بالصيد والخروج في البر، وهو ما حاول تطبيقه في تجربته التمثيلية.
المسلسلات السعودية والخليجية الأخرى برز منها مسلسل «أم هارون»، واستوحت قصته من أحداث تاريخية في المنطقة، وهو من بطولة الفنانة الكويتية المخضرمة حياة الفهد، وحظي المسلسل الذي تعرضه شبكة MBC، بنقاشات عدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث عن تفاصيله وأحداثه التاريخية في المنطقة.
أما الفنان السعودي الكبير عبد الله السدحان، أحد المؤثرين في تاريخ التمثيل السعودي ولا سيما الكوميدي، واصل إصداراته الفنية من خلال مسلسل «كسرة ظهر» الذي يتحدث بصورة تراجيدية عن حياة أحد رجال الأعمال الذي انقلبت حياته رأساً على عقب، بعد تغير وضعه المادي ليواجه عقبات في مواجهة الحياة.
أوضح الفنان خالد عبد الرحمن في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، أنه تلقى عرضاً سابقاً للمشاركة في مسلسلات، إلا أنه لا يجد نفسه في التمثيل، في المقابل حينما اطّلع على تفاصيل مسلسل «ضرب الرمل» الذي يُعرض حالياً على قناة «SBC» السعودية، وجدها قريبة من شخصيته الواقعية، وبالتالي استحسن الفكرة، الأمر الذي شجعه على إتقان الدور بكل سهولة.
وأضاف: «تجربة التمثيل في المسلسل كانت رائعة» بالنسبة إليه، على الرغم من أنه أعاد عدداً ليس بقليل من المشاهد كما هو الحاصل بصورة طبيعية مع الممثلين والممثلات، وقال إن التعامل مع الكاميرا بالنسبة إليه جانب اعتاد عليه منذ تصويره عدداً كبيراً من الأغاني الفنية بصيغة الفيديو كليب.
وأكد الفنان خالد عبد الرحمن، أن تقييم رد فعل الجمهور ليس مقياسه في الوقت الحالي، حيث إن المسلسل لم تُعرض منه إلا حلقتان، فالجمهور يحتاج إلى وقت كي يندمج مع المسلسل ويتعرف على أحداثه، حتى يعطي رأيه ويتقبل تجربة الفنان خالد عبد الرحمن، وهل أجاد القيام بالدور بشكل ممتاز أو دون ذلك.


مقالات ذات صلة

«الجلابية» سمة رمضانية تتربع على عرش الموضة كل عام

«الجلابية» سمة رمضانية تتربع على عرش الموضة كل عام

«الجلابية» سمة رمضانية تتربع على عرش الموضة كل عام

يتنافس مصممو الأزياء كل عام لتقديم تصاميم تتوافق مع الموضة، وبين أحدث صيحات الموضة وصرعاتها، تحافظ الجلابية الرمضانية على مكانتها بين الأزياء في شهر رمضان بدول الخليج وأغلب الدول الإسلامية، وهو ما لفت أنظار أغلب دور الأزياء العالمية، وجعلها تعتمدها ضمن قائمة الأزياء التي لها طابع تراثي خاص يتوافق مع الموضة، بعد أن أصبحت سمة رمضانية متعارفاً عليها، ولها إقبال بين النساء. وترى مصممة الأزياء وخبيرة المظهر منال الجديبي، أن لرمضان في السعودية خصوصية تميزه عن بقية البلدان الإسلامية، من خلال الطقوس الخاصة، والعادات التي تتميز بها كل منطقة، وفي هذا الشهر الفضيل اعتادت السيدات والفتيات ارتداء الجلابيات

أسماء الغابري (جدة)
كمال أبو رية لـ«الشرق الأوسط»: أسعى لتنويع أدواري

كمال أبو رية لـ«الشرق الأوسط»: أسعى لتنويع أدواري

يشارك الفنان المصري كمال أبو رية في مسلسلَي «عملة نادرة»، و«الكبير أوي 7» خلال موسم رمضان، ويقول إنه «يسعى لتنويع أدوراه». وأكد أبو رية لـ«الشرق الأوسط» أن «(عملة نادرة) يضم عدداً من نجوم الدراما مثل نيللي كريم، وجمال سليمان، وأحمد عيد، وجومانا مراد، ومحمد لطفي، وفريدة سيف النصر، والشركة المنتجة للمسلسل قامت ببناء قرية كاملة على مساحة 30 فداناً، وكان هناك اهتمام شديد من صُناع المسلسل بالتفاصيل الصغيرة سواء على مستوى الملابس أو الديكورات».

رشا أحمد (القاهرة)
يوميات الشرق هل تشهد مسلسلات رمضان حشداً لضيوف الشرف؟

هل تشهد مسلسلات رمضان حشداً لضيوف الشرف؟

تصدَّر الفنان المصري أحمد السقا، محرك البحث «غوغل»، بعدما كشف البرومو الدعائي لمسلسل «الكبير أوي» الجزء السابع، عن مشاركته في إحدى الحلقات كضيف شرف، ولاقى ذلك تفاعلاً كبيراً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث أعرب الكثيرون عن ترحيبهم بالسقا وانتظارهم للحلقة، بينما أبدى آخرون قلقهم على صحة السقا بسبب إطلالته في البرومو. تفاعُل الجمهور تجاه السقا أثار حديثاً في «السوشيال ميديا» عن ظهور عدد من الفنانين كضيوف شرف خلال موسم دراما رمضان هذا العام. وحسبما أُعلن، تظهر الفنانة سوسن بدر في مسلسل «بابا المجال» ضيفة شرف، إذ تؤدي دور والدة مصطفى شعبان خلال أحداث المسلسل.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
رمضانيات «لمّة رمضان» ببيروت يفتقدها الشهر الفضيل في البيوت

«لمّة رمضان» ببيروت يفتقدها الشهر الفضيل في البيوت

تبدلات كثيرة يشهدها الشهر الفضيل في لبنان، وتشمل تقاليد وعادات مختلفة، كانت منذ زمن قريب تشكل رموزاً له. وأبرز هذه التغييرات تمثلت بغياب الدعوات إلى موائد الإفطار المعروفة بـ«لمّة رمضان» في البيوت. هذه المناسبة كان ينتظرها الكبار كما الصغار كي يلتئم شمل العائلة، فينظم الأهل والأقارب جلسات بيتوتية حول المائدة، وتتبارى ربات المنازل خلالها على صنع أطباق من أصناف مختلفة. كما كان الضيف يحمل معه الحلوى والهدايا لأصحاب الدعوة مشاركة منه في المناسبة. اليوم باتت مائدة الإفطار تقتصر على أفراد العائلة الواحدة، فلا جيران ولا أهل ولا أقارب يدعون إليها.

أولى جدة تستعيد المسحراتي... والحكواتي

جدة تستعيد المسحراتي... والحكواتي

ينطلق، اليوم، في متحف عبد الرؤوف خليل بجدة، مهرجان «ليالي جدة الرمضانية»، وهو إحدى الفعاليات التي يقيمها أبناء مدينة جدة لإحياء ذكريات الماضي، بما في ذلك استعادة ظاهرة المسحراتي والحكواتي. ويحاكي المهرجان، الذي يُقام تحت إشراف وزارة الثقافة والهيئة العامة للترفيه، مظاهر حياة أقدم خمس حارات في جدة؛ باب مكة وحارة المظلوم وحارة البحر وحارة الشام وحارة اليمن، وأبرز العادات والتقاليد الاجتماعية في تلك الأماكن. عند دخولك من بوابة ساحة المتحف، تبدأ رحلة الاستمتاع بأجواء التاريخ، بدءاً من باب مكة الذي يستقبلك فيه وليد دياب أحد سكان البلد، مرحباً بك بالقهوة السعودية وبأشهر العبارات الترحيبية الحجازية،

أسماء الغابري (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».