ديبوراه بيركس... طبيبة تسير على حبل مشدود بين الولاء لترمب وصحة الأميركيين

منسّقة الاستجابة لفيروسات «كورونا» في فريق عمل البيت الأبيض

ديبوراه بيركس... طبيبة تسير على حبل مشدود بين الولاء لترمب وصحة الأميركيين
TT

ديبوراه بيركس... طبيبة تسير على حبل مشدود بين الولاء لترمب وصحة الأميركيين

ديبوراه بيركس... طبيبة تسير على حبل مشدود بين الولاء لترمب وصحة الأميركيين

عندما شكل البيت الأبيض، في 27 من يناير (كانون الثاني) الماضي، فريق العمل الخاص لمواجهة الفيروس التاجي (كورونا) المستجد المسبب لمرض «كوفيد-19»، فإنه عين على رأسه طبيبين موثوقين يتمتعان بخبرات دبلوماسية عالية، هما: الدكتورة ديبوراه بيركس منسقة الاستجابة للفيروسات التاجية (كورونا)، والدكتور أنتوني فاوتشي مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المُعدية.
ولكن على الفور بدت الفوارق واضحة بينهما، على الأقل في طريقة تعاملهما مع رئيس أميركي كدونالد ترمب، يمكن أن تتحوّل العلاقة معه في لحظة إلى مباراة في اللعب على حبل مشدود، قد تطيح «الثقة» و«الولاء» اللذين يعدهما أولوية مع مسؤولي إدارته، إذ بينما لوحظ على فاوتشي التكلم بصراحة، كانت بيركس أكثر مداراة، بل مسايرة، للرئيس في جل ما يقوله.
ينظر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وكثير من المسؤولين في البيت الأبيض، إلى الدكتور أنتوني فاوتشي بدرجة من الشك، معتقدين أنه يميل أكثر من اللازم إلى شخصيته العامة، وأنه «مارق» في الرسائل التي يمرّرها. وفي المقابل، يعدون أن الدكتورة ديبوراه بيركس أكثر استعداداً للتحلي بالصبر مع ثقافة الرئيس ونظرياته الطبية. ولقد برز هذا الاختلاف بشكل واضح خلال الأسبوعين الماضيين، حين أثارت تعليقات بيركس عن أنه لا صحة للمعلومات حول نقص أجهزة التنفس وأسرة المستشفيات، وإشادتها بدور الرئيس واهتمامه بالتفاصيل، عدداً من التساؤلات عن مدى استقلاليتها، وسط أعداد الإصابات التي ترتفع متجاوزة دول العالم كلها تقريباً.
نشير هنا إلى أن نائب الرئيس مايك بنس، الذي يتولى رئاسة فريق العمل، كان قد بادر بشكل مبكر إلى تسميتها «ذراعه اليمنى»، في حين أن فاوتشي، ووفق كل الاستطلاعات، تحوّل إلى مصدر الثقة الأول لمعرفة الأخبار حول الوباء على المستوى الشعبي. وفي حين أشاد الجمهوريون ببيركس، ووصفوها بأنها «مقاتلة حقيقية أوقفت الهستيريا السائدة»، اتهمها منتقدو ترمب ومعارضوه بتبديد المصداقية التي طوّرتها بصفتها مسؤولة عن الصحة في الإدارات الجمهورية والديمقراطية المتعاقبة.
وحقاً، أثارت تعليقات بيركس حفيظة كثير من خبراء الصحة العامة، الذين شكّكوا بإمكانية مواجهة الوباء مستقبلاً، في ظل توقع موجة جديدة لانتشاره مع قدوم الخريف المقبل، ما لم يجر بناء مخزون كافٍ حقيقي من المعدات والأجهزة اللازمة لمعالجة المرضى، وهذا بالتزامن مع شكوك تحيط بإمكانية إنتاج الأجهزة في الوقت المناسب لمساعدة المستشفيات المنهكة، إذ حذر الدكتور هوارد بوشنر، رئيس تحرير مجلة الجمعية الطبية الأميركية، من حدوث «تسونامي محتمل». وقال الدكتور رايان ستانتون، عضو مجلس إدارة الكلية الأميركية لأطباء الطوارئ، إن الدكتورة بيركس بدت مثل «بناة السفينة تايتانيك الذين قالوا إن السفينة لا يمكن أن تغرق».
-- لعبة الحبل المشدود
بالطبع، هذا لا يقلل من أهمية دور الدكتورة بيركس وشخصيتها وتجربتها. وهي في سيرها على هذا الحبل المشدود، كانت مُجبرة على التأرجح بين الأطراف المتنافسة أحياناً في مجموعة العمل، التي تضم مجموعة من الأطباء والعلماء الذين شكّكوا في كثير من الأحيان بسياسة البيت الأبيض تجاه التعامل مع الوباء. ثم إنها أيدت في مناقشاتها الخاصة موقف أعضاء المجموعة الذين عملت معهم لعقود، في دفع وزارة الخارجية لإصدار توجيهات تمنع الرحلات البحرية. كذلك شاركت في إبداء تحفظاتها على تبني إدارة ترمب عقاقير الملاريا علاجاً محتملاً للوباء.
لكنها، في المقابل، علناً حافظت على هدوئها على منصة المؤتمر الصحافي اليومي الذي يعقده الرئيس، رغم نفيها وجود أزمة على صعيد التجهيزات الطبية للمستشفيات، أو وجود توجيهات للمستشفيات بعدم تقديم العناية الطبية لبعض المصابين بالوباء ممن يعانون من أمراض خطيرة، وهو الأمر الذي أكدته الوقائع في الأيام الأخيرة، ودافع عنه ترمب في بداية الأسبوع، قائلاً: «لم يحتج أحد لسرير في مستشفى وحُرم منه، ولا أحد احتاج إلى جهاز تنفس ولم يجر توفيره له». ولكن وفقاً لجمعية طب الرعاية الحرجة، يوجد حالياً 160 ألفاً إلى 200 ألف جهاز للتنفس في الولايات المتحدة، بينما يحتاج ما يصل إلى مليون مريض لاستخدام الأجهزة في أثناء تفشي المرض.
وفي هذه الأثناء، جدد ترمب هجومه على وسائل الإعلام وساسة الحزب الديمقراطي، قائلاً إنهم يستهدفونه بشكل خاص، ويروّجون أنه عنصري معاد للأجانب، واصفاً ذلك بـ«الأخبار الزائفة». وقال: «أنا أسجل كل ذلك لأن الأخبار الزائفة كثيرة، قيل عني أنني أكره الأجانب مثلما قالت (نانسي) بيلوسي (رئيسة مجلس النواب) وجو بايدن (المرشح الديمقراطي)».
-- توتر ترمب - فاوتشي
كانت شبكة «سي إن إن» قد أعلنت، الأسبوع الماضي، أن مكتب نائب الرئيس مايك بنس منع كلاً من ديبوراه بيركس وأنتوني فاوتشي من الظهور على شاشتها، ما لم توافق الشبكة على بث الإحاطات الإعلامية اليومية كاملة عن فيروس «كوفيد-19» في البيت الأبيض. وللعلم، في وقت سابق أوقفت الشبكة نقل وقائع الشق الذي يتحدث فيه ترمب، ويجيب عن أسئلة الصحافيين. والسبب، حسب كثير من المعلقين، تحول النقل اليومي إلى منصة لحملة ترمب السياسية والانتخابية، يتحدث فيه عن كل شيء، خصوصاً لمخاطبة قاعدته الحزبية، فيما خصمه الديمقراطي جو بايدن قابع في منزله يجاهد لمخاطبة جمهوره.
ورغم عدم صدور نفي أو تأكيد من البيت الأبيض عن هذه الواقعة، فإن ظهور فاوتشي، يوم الأحد الماضي، على شاشة الشبكة، أسقط هذا الاتهام. لكن مقابلته هذه كلفته تغريدات وتعليقات طالبت بطرده، وأعاد ترمب نشرها، بعد قوله إن التصدي المبكر للوباء كان يمكن أن يحفظ أرواحاً كثيرة. ورغم التوضيحات المتبادلة من البيت الأبيض وفاوتشي حول «سوء فهم تعابيره»، بدا واضحاً أن مستقبله مع الرئيس بات موضع شك.
-- الحفاظ على سمعتها وإرضاء ترمب
وفي أي حال، بنت الدكتورة بيركس سمعتها طيلة سنوات بصفتها مسؤولة صحية كبيرة مقبولة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. واستوعبت الرياح السياسية الأخيرة عبر توجيه الإطراء لترمب الذي يطلبه من مساعديه. وقالت في مقابلة تلفزيونية: «لقد كان منتبهاً للغاية للتفاصيل والبيانات، وأظهر قدرة على تحليل البيانات ودمجها بشكل مفيد خلال مناقشاتنا حول القضايا الطبية».
كثير من المتخصصين والمسؤولين الطبيين أعربوا على الأثر عن تعاطفهم معها، إذ قال الدكتور توماس فريدن، الذي عمل معها عندما كانت تدير مراكز التصدي لفيروس الإيدز «إن تسخير الإرادة السياسية لتنفيذ توصيات كبار خبراء الصحة العامة في أمراض الجهاز التنفسي في البلاد، وتنظيم الحكومة لإدارة الاستجابة بشكل فعّال أمر صعب، فكثير من الأرواح تعتمد على تحقيق هذا التوازن الصحيح».
-- بطاقة شخصية
ولكن من هي بيركس؟
ديبوراه ليا بيركس طبيبة دبلوماسية عقيد في الجيش الأميركي، متخصصة في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (الإيدز) وأبحاث اللقاحات والصحة العالمية. في الفترة من 2014 إلى 2020، عملت بيركس سفيرة متجولة ومنسقة عالمية لـ«الإيدز»، داخل الولايات المتحدة وخارجها، حيث كانت مسؤولة عن خطة الرئيس الطارئة لبرنامج الإغاثة من «الإيدز» في 65 دولة تدعم علاج فيروس نقص المناعة المكتسب، وبرامج الوقاية منه.
ولدت بيركس عام 1956، في مقاطعة لانكستر بولاية بنسلفانيا. والدها دونالد بيركس، عالم رياضيات مهندس كهربائي، ووالدتها أديل سباركس بيركس، مدربة التمريض. وتعيش الآن مع والديها وزوجها وأحد أفراد عائلة ابنتها في منزل العائلة.
تلقت علومها الأولى في مدرسة وثانوية لامبيتر في ستراسبورغ. وقدّمت عام 1971 مشروعها العلمي الأول في معرض لانكستر سيتي كاونتي للعلوم، عن علم النبات القديم.
وفي العام التالي، احتلت بيركس -التي كانت آنذاك طالبة في المدرسة الثانوية- المركز الثالث في المعرض نفسه، مع مشروع أكثر عمقاً حول علم النبات والصخور. وفي مقابلة معها عام 1972، أوضحت بيركس اهتمامها بموضوع مشروعها، قائلة «أوافق على أن التاريخ قد لا يساعدك في التنبؤ بالمستقبل، لذلك أحب الصخور؛ إنها أكثر ثباتاً من الناس».
ثم انتقلت عائلة بيركس إلى مدينة كارلايل في بنسلفانيا، حيث تخرجت من مدرستها الثانوية. وعام 1976، حصلت على درجة البكالوريوس في الكيمياء من كلية هوتون. وفي عام 1980، حصلت على الدكتوراه في الطب من مركز هيرشي الطبي في جامعة ولاية بنسلفانيا.
وبين عامي 1980 و1994، عملت بيركس ضابط احتياط نشط في الجيش الأميركي. ومن عام 1994 إلى عام 2008، عملت في الجيش النظامي، وحصلت على رتبة عقيد.
ثم من عام 1980 إلى عام 1989، عملت بيركس طبيباً في مركز «والتر ريد» الطبي العسكري، مع الإشارة إلى أنها في عام 1981، أكملت فترة تدريب لمدة عام واحد، وعملت لمدة عامين في الطب الباطني. وبين عامي 1983 و1986، أكملت زمالتين في علم المناعة السريري في مجالات الحساسية والتشخيص، حيث عملت في مختبر الدكتور أنتوني فاوتشي.
-- تخصصها نقص المناعة
من عام 1985 إلى عام 1989، كانت ديبوراه بيركس مساعد رئيس خدمة مركز والتر ريد للحساسية والمناعة. وبعدما بدأت حياتها المهنية طبيبة في علم المناعة، فإنها ركزت في نهاية المطاف على أبحاث لقاح فيروس نقص المناعة. ومن عام 1986 إلى عام 1989، عملت في المعاهد الوطنية للصحة (NIH) محققاً متخصصاً في علم المناعة الخلوي.
وعادت بيركس إلى والتر ريد، حيث عملت في الفترة من 1989 إلى 1995 في قسم أبحاث الفيروسات القهقرية، رئيساً مساعداً ثم رئيسة القسم. وكانت مديرة مختبر في تطوير لقاح نقص المناعة المكتسب (HIV-1) لمدة سنة. وأصبحت مديرة برنامج أبحاث فيروس نقص المناعة البشرية العسكري للولايات المتحدة في معهد والتر ريد للأبحاث التابع للجيش، وهو المنصب الذي شغلته لمدة 9 سنوات، من عام 1996 إلى 2005. وقادت من منصبها هذا التجربة السريرية للقاح (RV-144) لفيروس نقص المناعة البشرية، أول دليل داعم على فعالية أي لقاح في الحد من خطر الإصابة بهذا الفيروس.
وخلال الفترة من 2005 إلى 2014، عملت بيركس مديرة لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في قسم فيروس نقص المناعة البشرية - الإيدز العالمي (DGHA)، وهو جزء من مركز الصحة العالمية التابع للوكالة. وفي يناير (كانون الثاني) 2014، رشح الرئيس السابق باراك أوباما بيركس لتكون سفيرة عامة ومنسقة عالمية لـ«الإيدز» في الولايات المتحدة، كجزء من خطته الطارئة للإغاثة من «الإيدز» (PEPFAR).
ويوم 4 أبريل (نيسان) 2014، ثبت مجلس الشيوخ تعيينها، ووصفت دورها سفيرة للمساعدة في تحقيق أهداف الوقاية والعلاج من فيروس نقص المناعة البشرية التي حددها أوباما في عام 2015 لإنهاء وباء الإيدز بحلول عام 2030. وكجزء من عملها للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية، أنشأت بيركس برنامجاً سمي «دريمز» (DREAMS) في اختصار لكلمات «عازم ومرن وممكّن وخالي من الإيدز وموجه ومأمون» بالإنجليزية، وهو شراكة بين القطاعين العام والخاص يركز على تقليل معدلات الإصابة بين المراهقين والشبان.
-- موقعها الحالي
في عهد الرئيس دونالد ترمب، في 27 فبراير (شباط) 2020، عينها نائب الرئيس مايك بنس في منصب منسقة الاستجابة للفيروسات التاجية (الكورونا) في فريق العمل الذي أسسه البيت الأبيض. وفي مارس (آذار) 2020، أصبحت عضوة في مجلس إدارة الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا.
وأخيراً، على صعيد التقديرات والأوسمة، حصلت بيركس عام 1989 على وسام الاستحقاق، وعام 1991 على وسام الجدارة من وزارة الدفاع الأميركية. وعام 2008، حصلت على وسام المدير المتميز من المجلس التنفيذي الاتحادي. وفي عام 2011، على جائزة الإنجاز مدى الحياة من الجمعية الأفريقية للطب المخبري، وعام 2014 على وسام الامتياز من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.


مقالات ذات صلة

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».