ملتقى شعري تحت مظلة «ناجي» و«السياب»

شارك فيه 100 شاعر وناقد من 15 دولة

من حفل ختام الملتقى
من حفل ختام الملتقى
TT

ملتقى شعري تحت مظلة «ناجي» و«السياب»

من حفل ختام الملتقى
من حفل ختام الملتقى

بعد أربعة أيام من البحث النظري حول قضايا الشعر وآفاق الشعرية العربية، وبعد انتقادات أصبحت ملازمة له في كل دورة أختتم أخيراً ملتقى القاهرة للشعر العربي فعاليات دورته الخامسة التي نظمها المجلس الأعلى للثقافة بمصر، تحت عنوان «الشعر وثقافة العصر»، كما حملت الدورة اسم الشاعرين، إبراهيم ناجي، وبدر شاكر السياب، بمشاركة أكثر من 100 شاعر وناقد من 15 دولة.
تضمن الملتقى 5 جلسات بحثية ومائدتين مستديرتين و7 أمسيات شعرية، كان من أبرزها ما طرح في الجلسة الأولى التي أدارها الدكتور جابر عصفور، منتقداً إغفال أمانة المؤتمر دعوة بعض الشعراء العرب، ومنهم الشاعر السوري أدونيس، وقال: «كنت أرجو أن أصافح وجوه الكثيرين من الشعراء العرب، كنت أتمنى أن تتم دعوتهم، حتى لو كانت لديهم نية للاعتذار»، من جهته، رد الناقد الدكتور محمد عبد المطلب رئيس اللجنة العلمية المعدة للملتقى، بأن هناك شخصيات لم تدع للمشاركة، وسوف يكون لهم بالتأكيد مشاركات في المستقبل.
وعن «الشعر وتحديات الزمن الجديد» تحدث الناقد التونسي عبد السلام المسدي، عن مدى تماهي الزمن الشعري والزمن التاريخي، في إنتاج الوظيفة الجمالية والوظيفة المجتمعية، موضحاً مدى أثر ذلك في بنية القول الشعري، وصوغ شعرية مجمع عليها في زمن معين. ونبه المسدي أن «ورقته تتوسل بنهج الأسئلة أكثر مما تتوسل بالأجوبة الجاهزة، وهي أسئلة مغيبة في أغلب الأحيان ومسكوت عنها» فـ«الحديث عن الشعر وثقافة العصر هو سعي لتنزيله في سياقه الفكري والثقافي والمعرفي، وتساءل: لماذا منذ عشر سنوات لم يكن بوسع واحد منا أن يراهن على وقوع ما قد وقع في وطننا العربي الذي يمر بزمن جديد يخرج عن دائرة التوقع، وهو طبقاً لعلم المستقبليات يكسر معادلة الرصد، والانتظار، وهو ما يعيد طرح سؤال علاقة الشعرية بالتاريخ، ويعد من أقوى التحديات التي تواجه الشعر والشاعر والناقد أيضاً».
وأشار المسدي إلى أنه مضى الزمن الذي كان فيه الشعر هو المتمرد على التاريخ، واليوم يتمرد التاريخ عليه، وترك الشاعر يبحث عن نجمته القطبية الضائعة، بعد أن مضى زمن فاتحة الفواتح التي قالها قدامة بن جعفر بأن الشعر هو الكلام الموزون المقفى، ومضت الأزمنة التي كان فيها قريض الشعر وقفاً على أغراض محددة وكان لها أب هو المدح، وشاعت مقولة «أعذب الشعر أكذبه»، وهو كذب التخييل والإبداع.
وذكر المسدي أنه في تلك الأيام البعيدة كانوا يعتبرون الفخر والغزل والرثاء ضروباً من المدح، أما الهجاء فهو مدح منقوض، وما نعنيه بما نقول هو أننا في هذا الموضوع لسنا في حقل تاريخ الأدب ولا النقد ولا في باحة التاريخ الثقافي الخالص، وإنما نحن في مجال علم العلم، أي معرفية القول النقدي معطوفاً على القول الشعري، وهنا لا تهمنا الأغراض الشعرية بقدر ما يهمنا ما حصل من مدركات أو تمثلات لدى القارئ والناقد والشاعر أيضاً».
وفي ورقته «نحو حركة ثانية لقصيدة الحداثة» ذكر الناقد ياسين النصير أن الحركة الشعرية التي انبثقت في أواخر أربعينيات القرن الماضي لم تبق ضمن أشكالها التعبيرية الأولى، فقد جرت عليها تغييرات جذرية في بنية الشكل والمحتوى مكنتها من أن تبدع أشكالاً شعرية جديدة، من بينها البنية الدرامية كما في شعرية صلاح عبد الصبور والشكل المدور للقصيدة الحديثة كما في شعرية حسب الشيخ جعفر، وهناك الأشكال الجديدة والتي استثمرت البعد الأسطوري المثيولوجي كما عند محمد عفيفي مطر وآخرين، فضلاً عن قصيدة النثر لدى أدونيس والماغوط.
أما الناقد السعودي سعد البازعي فناقش في دراسته «قول القصيدة في وجه السلطة» ثلاثة خطابات شعرية تتمحور حول العلاقة بين الشعر والسلطة، وهي تنتظم عدداً من الأعمال الشعرية لشعراء مثل أدونيس ومحمد الماغوط وسعدي يوسف وأمل دنقل ومحمد الثبيتي، وقال البازعي: «في أعمال هؤلاء نجد قصائد تنحو إلى الخطاب المأساوي الساخر، أو الخالي من السخرية، وذلك في تعامل هؤلاء الشعراء مع القوى المؤثرة في المجتمع، وهي ليست سياسية فحسب، وإنما اجتماعية دينية أو آيديولوجية واقتصادية تمارس التسلط بطرائق متباينة».
وذكر البازعي أن الخطابات الشعرية لدى هؤلاء الشعراء استعادت نماذج تراثية حيناً وشخصيات أسطورية حيناً آخر، كما أنها توجهت في أحيان مباشرة إلى الوطن، وذلك عبر مجازات وصور تتلاءم مع الخطاب الموظف، والذي يشتعل بألم ممض صامت حيناً ومعلن حيناً آخر، تجاه ما آلت إليه الأحوال في بلادهم.
وفي ورقته «القش والإبرة» حاول الناقد العراقي الدكتور علي جعفر العلاق مقاربة النص الشعري الحديث دون تحديد صارم لنوعه، سواء كان قصيدة تفعيلية أو نثرية، غير أنه حسب ما أشار لم تجر محاولته نفسها في مسار سالك حتى نهايته، فهناك جملة من المعوقات التي تحول، على اختلاف في الطبيعة وتباين المكونات، دون الوصول إلى ما خطط له، وهي معوقات بعضها منهجي بامتياز يتعلق فيما يتصل بقصيدة النثر تحديداً، بطبيعة النشأة، ومسوغات الحال، وقد يدعو هذا إلى شقاق مفاهيمي وجمالي حين يذهب بكلية النقاش إلى فضاء تبشيري حيناً ونقابي شديد الضيق حيناً آخر، لكنه لا يجد في الحالتين ما يسعفه على تقديم البراهين الجمالية المفحمة.
ومنح المؤتمر جائزته للشاعر البحريني قاسم حداد، لأنه، حسب الدكتور جابر عصفور، «يمتلك لغة شعرية متميزة، ورؤيا متوهجة وعميقة للإنسان، وخصوصاً العربي في عراكه مع الحياة، وأشواقه للحرية والسلام». وتكونت لجنة التحكيم من عدد من الشعراء والنقاد المصريين والعرب، منهم من مصر الشاعر محمد سليمان، والناقد محمد بدوي والناقد الأردني نبيل حداد، والناقدة السورية رشا ناصر العلي، والناقد السعودي سعد البازعي، والناقد التونسي عبد السلام المسدي». ومن جهتها، أعلنت وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم في افتتاح الملتقى عن رفع قيمة الجائزة إلى مائتي ألف جنيه مصري.



«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
TT

«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)

للمرّة الأولى، تجتمع في باريس، وفي مكان واحد، 200 قطعة من تصاميم الإيطاليَيْن دومنيكو دولتشي وستيفانو غبانا، الشريكَيْن اللذين نالت أزياؤهما إعجاباً عالمياً لعقود. إنه معرض «من القلب إلى اليدين» الذي يستضيفه القصر الكبير من 10 يناير (كانون الثاني) حتى نهاية مارس (آذار) 2025.

تطريز فوق تطريز (إعلانات المعرض)

وإذا كانت الموضة الإيطالية، وتلك التي تنتجها ميلانو بالتحديد، لا تحتاج إلى شهادة، فإنّ هذا المعرض يقدّم للزوار المحطّات التي سلكتها المسيرة الجمالية والإبداعية لهذين الخيّاطَيْن الموهوبَيْن اللذين جمعا اسميهما تحت توقيع واحد. ونظراً إلى ضخامته، خصَّص القصر الكبير للمعرض 10 صالات فسيحة على مساحة 1200 متر مربّع. وهو ليس مجرّد استعراض لفساتين سبقت رؤيتها على المنصات في مواسم عروض الأزياء الراقية، وإنما وقفة عند الثقافة الإيطالية واسترجاع لتاريخ الموضة في ذلك البلد، وللعناصر التي غذّت مخيّلة دولتشي وغبانا، مثل الفنون التشكيلية والموسيقى والسينما والمسرح والأوبرا والباليه والعمارة والحرف الشعبية والتقاليد المحلّية الفولكلورية. هذه كلّها رفدت إبداع الثنائي ومعها تلك البصمة الخاصة المُسمّاة «الدولتشي فيتا»، أي العيشة الناعمة الرخية. ويمكن القول إنّ المعرض هو رسالة حبّ إلى الثقافة الإيطالية مكتوبة بالخيط والإبرة.

للحفلات الخاصة (إعلانات المعرض)

عروس ميلانو (إعلانات المعرض)

هذا المعرض الذي بدأ مسيرته من مدينة ميلانو الساحرة، يقدّم، أيضاً، أعمالاً غير معروضة لعدد من التشكيليين الإيطاليين المعاصرين، في حوار صامت بين الفنّ والموضة، أي بين خامة اللوحة وخامة القماش. إنها دعوة للجمهور لاقتحام عالم من الجمال والألوان، والمُشاركة في اكتشاف المنابع التي استمدَّ منها المصمّمان أفكارهما. دعوةٌ تتبع مراحل عملية خروج الزيّ إلى منصات العرض؛ ومنها إلى أجساد الأنيقات، من لحظة اختيار القماش، حتى تفصيله وتزيينه بالتطريزات وباقي اللمسات الأخيرة. كما أنها مغامرة تسمح للزائر بالغوص في تفاصيل المهارات الإيطالية في الخياطة؛ تلك التجربة التي تراكمت جيلاً بعد جيل، وشكَّلت خزيناً يسند كل إبداع جديد. هذه هي باختصار قيمة «فيتو آمانو»، التي تعني مصنوعاً باليد.

دنيا من بياض (إعلانات المعرض)

رسمت تفاصيل المعرض مؤرّخة الموضة فلورنس مولر. فقد رأت في الثنائي رمزاً للثقافة الإيطالية. بدأت علاقة الصديقين دولتشي وغبانا في ثمانينات القرن الماضي. الأول من صقلية والثاني من ميلانو. شابان طموحان يعملان معاً لحساب المصمّم كوريجياري، إذ شمل دولتشي صديقه غبانا برعايته وعلّمه كيف يرسم التصاميم، وكذلك مبادئ مهنة صناعة الأزياء وخفاياها؛ إذ وُلد دولتشي في حضن الأقمشة والمقصات والخيوط، وكان أبوه خياطاً وأمه تبيع الأقمشة. وهو قد تكمَّن من خياطة أول قطعة له في السادسة من العمر. أما غبانا، ابن ميلانو، فلم يهتم بالأزياء إلا في سنّ المراهقة. وقد اعتاد القول إنّ فساتين الدمى هي التي علّمته كل ما تجب معرفته عن الموضة.

الخلفية الذهبية تسحر العين (إعلانات المعرض)

الأحمر الملوكي (إعلانات المعرض)

عام 1983، ولدت العلامة التجارية «دولتشي وغبانا»؛ وقد كانت في البداية مكتباً للاستشارات في شؤون تصميم الثياب. ثم قدَّم الثنائي أول مجموعة لهما من الأزياء في ربيع 1986 بعنوان «هندسة». ومثل كل بداية، فإنهما كانا شبه مفلسين، جمعا القماش من هنا وهناك وجاءا بعارضات من الصديقات اللواتي استخدمن حليهنّ الخاصة على منصة العرض. أما ستارة المسرح، فكانت شرشفاً من شقة دولتشي. ومع حلول الشتاء، قدَّما مجموعتهما التالية بعنوان «امرأة حقيقية»، فشكَّلت منعطفاً في مسيرة الدار. لقد أثارت إعجاب المستثمرين ونقاد الموضة. كانت ثياباً تستلهم الثقافة الإيطالية بشكل واضح، وكذلك تأثُّر المصمّمين بالسينما، لا سيما فيلم «الفهد» للمخرج لوتشينو فيسكونتي. كما أثارت مخيّلة الثنائي نجمات الشاشة يومذاك، مثيلات صوفيا لورين وكلوديا كاردينالي. وكان من الخامات المفضّلة لهما الحرير والدانتيل. وهو اختيار لم يتغيّر خلال السنوات الـ40 الماضية. والهدف أزياء تجمع بين الفخامة والحسّية، وأيضاً الدعابة والجرأة والمبالغة.

جمال الأزهار المطرَّزة (إعلانات المعرض)

اجتمعت هذه القطع للمرّة الأولى في قصر «بالازو ريالي» في ميلانو. ومن هناك تنتقل إلى باريس لتُعرض في واحد من أبهى قصورها التاريخية. إنه القصر الكبير الواقع على بُعد خطوات من «الشانزليزيه»، المُشيَّد عام 1897 ليستقبل المعرض الكوني لعام 1900. وعلى مدى أكثر من 100 عام، أدّى هذا القصر دوره في استضافة الأحداث الفنية الكبرى التي تُتقن العاصمة الفرنسية تقديمها.