قماش الجينز، ذلك النسيج ذائع الصيت وشائع الاستخدام، والذي صار من الأساسيات في خزانة الجميع تقريبا، يجري الآن إعادة ابتكاره في الهند.
مجموعة من المصممين يعكفون في الآونة الأخيرة على إعادة تعريف الهوية الهندية من خلال تطوير الأثواب الأجنبية ونسجها يدويا مثل «كادي دنيم». بدأ المصمم الهندي «راجيش براتاب سينغ»، في أول خط للجينز الهندي اليدوي قبل أكثر من سبع سنوات بقليل. وكان هناك خط مماثل للمصممة «ديبيكا غوفيند» من بنغالور، والمصمم «شاني هيمانشو». وفي عام 2014 أطلقت شركة «ليفايس» الرائدة في عالم الجينز أول خطوط جينز الكادي اليدوي.
وتجدر الإشارة إلى أن الكادي ظل مرتبطا بالنضال الهندي من أجل الاستقلال طويلا، إذ إنه وثيق بسلالة غاندي. وعلى مر السنين، اتخذ ألوانا مختلفة، وبدأ في الوجود بصورة ملحوظة على خطوط الموضة كأحد عناصر الأزياء الراقية.
وتُخاط كافة أنسجة الجينز الكادي بطريقة يدوية 100 في المائة، ويشرف على ذلك حرفي يوقع اسمه عليه ويلحق بها رقما مسلسلا معينا. وهذا ما يزيد من تكلفته وارتفاع سعره النهائي. وبصرف النظر عن العمالة المستخدمة، هناك الكثير من النفقات التي يجري توجيهها إلى جهود البحث والتطوير المستمرة.
- المنسوجات الأصلية 100 في المائة
ظهر خط أزياء «دنيم غرين» للمصممة الهندية «ديبيكا غوفيند» في بنغالور من عام 2012 بعد 4 أعوام من الأبحاث والتطوير. وكانت مجموعة الجينز المنسوجة يدويا قد صُبغت باللون النيلي الخالص، ولا تزال ضمن أولى مجموعات مشروعها الكبير، وشهادة وثيقة تؤكد على التزامها بكل ما هو طبيعي في أعمالها.
تقول المصممة إنها «لاحظت أن نحو 20 من أصل 25 لترا من المياه تُهدر لكل بنطلون من الجينز منذ بداية العملية وحتى وصولها إلى الرفوف»، لهذا اختارت الاستعانة بالقطن العضوي، وبالأصباغ النباتية الطبيعية، والتخلص تماما من الغسيل الحمضي. واليوم، يجذب «دنيم غرين» أصحاب الأذواق الكلاسيكية، وهو يخرج من غسيل شجرة الشاي ذات الرائحة العطرية، مع الغسيل المضاد للبكتيريا، كما أنه يُباع بالأزرار الفضية البراقة النقية.
بدوره قال المصمم الهندي «راجيش براتاب سينغ» إن الأمر ليس مجرد تقديم منتج جديد من منتجات الموضة والأزياء. فالكادي إرث هندي على المصمم أن يحترمه بمنحه الاستمرارية من خلال تصاميم كلاسيكية تبدو رائعة اليوم في العاصمة دلهي، وبعد مرور 10 سنوات من الآن مناسبة في مدينة نيويورك وغيرها من العواصم.
المصمم «شاني هيمانشو»، الذي كان يعمل مستشارا لبيوت أزياء راقية معنية بصناعة منتجات الجينز مثل «ديزل»، و«ليفايس»، و«غاز جينز»، كانت خبراته هي الأساس لإطلاق مجموعته الخاصة من الجينز المنسوج يدويا. بداية دخل المجال بالتعاون مع شركة «أرفيند ميللز» لصناعة المنسوجات، وكانت مجموعته مصنعة يدويا بالكامل، مع الاستعانة بالقليل من الكهرباء لتعزيز التزامه بأزياء مستدامة. ويتخصص المصمم «شاني هيمانشو» في منتجات جينز الكادي المصنوعة من القطن العضوي والأصباغ النباتية الطبيعية للجنسين. وتشمل الأقمشة التي يستخدمها أيضا على «كالا كوتون»، وهو القطن العضوي المزروع في منطقة «كوتش» في ولاية غوجارات، إضافة إلى أن كل منتج يحمل تاريخ التصنيع والتوقيع والرقم المسلسل بواسطة الحرفي الذي أشرف على إنتاجه.
يقول شاني هيمانشو: «عملية صنع الجينز من قطن الكالا بنسبة 100 في المائة، بقطف القطن لمدة 4 شهور تقريبا. ثم يمر على مئات الأيادي ذوي الاختصاصات المختلفة، من الذين يعملون على الحصاد والغزل والنسج، إلى الصباغة». ويتابع: «فرغم أن هذه العملية بطيئة للغاية، لم نكن نريد أن نتسرع باستعمال ماكينات الحياكة، بل أردنا الاحتفاء بتنفيذ منتجات بشكل يدوي».
سيدهارث موهان نير، مهندس بيئي بالغ من العمر 28 عاما، يعمل في مجال الكادي اليدوي منذ أكثر من 7 سنوات، حيث أطلق علامة تجارية باسم «ديزيتود كادي دنيم». انطلق من فلسفة المهاتما غاندي المتمثلة في استكشاف الذات والتمسك بكل ما هو هندي أصيل، وسرعان ما حاز على شعبية لا سيما أن منتجاته تتميز بوزنها الخفيف ومرونتها. ومع كل عملية بيع، توضع شتلة من القطن هدية للإعراب عن العودة إلى الطبيعة الأصيلة.
وكانت المصممة «سامانت تشوهان»، بعد عملها على خط رائد لإنتاج الجينز اليدوي مع وزارة المنسوجات الهندية ونادي الجينز الهندي، قد نجحت في إطلاق مجموعة خاصة بها.
في مدينة جايبور، أسس هارش أغاروال علامة تجارية باسم «هاراغو» تتوجه للرجل. يعتمد فيها على نسج الجينز بطريقة غزل فريدة تجعل من الأقمشة خفيفة للغاية. ويسمح له الجينز اليدوي، كما يقول، بصناعة المعاطف الطويلة والصدريات، وحتى البنطلونات الخالية من سحابات، التي لم تكن مرتبطة بهذا النسيج.
ما هو جينز الكادي وكيف يتم الحصول عليه؟
لكي يُطلق اسم «كادي» على نسيج الجينز فلا بد أن يكون مصنوعا من الخيوط المغزولة والمنسوجة على النول اليدوي، في بناء نسيجي كثيف من ثلاثة خيوط لأعلى وخيط واحد لأسفل.
وتتم كافة التفاصيل يدويا من دون الاستعانة بأي محركات تعمل بالكهرباء. يكتفي النساج - سواء كان رجلا أو امرأة - باستخدام يديه وقدميه فقط.
أما الأصباغ المستخدمة في التلوين فهي نباتية، مستخرجة من نباتات النيلة وقشور الرما، وأوراق شجرة الصمغ وقشور البصل.
وكانت شركة صغيرة تسمى «سوراشترا راتشناك ساميتي» من مدينة راجكوت قد أطلقت الجينز اليدوي في عام 2011، يقول رئيسها التنفيذي، دافيندرا ديساي، أن انخفاض مبيعات الجينز اليدوي إضافة إلى تناقص النساجين دفع بهم إلى منح أسلوب الكادي لمسة حداثية.
هذا المفهوم العصري للجينز اليدوي كان عاملا مساعدا في جذب انتباه شركة «أرفيند ميللز» لصناعة المنسوجات - وهي من أكبر الشركات الهندية العاملة في مجال صناعة الجينز - إلى شركة «سوراشترا راتشناك ساميتي» والتعاون معها.
وعلى نحو مماثل، بدأ تحالف النساجون الهنود، الذي يورد المنسوجات إلى علامات كبيرة، في تجربة الجينز منذ عام 2017 ومنطقة عملياتهم هي جواهاتي بولاية أسام، بعيداً عن تركيز مصانع الجينز في ولايتي غوجارات ومادهيا براديش. يقول ساومار شارما مؤسس تحالف النساجون الهنود، إنه اختار الجينز لأنه متعدد الاستعمالات، ومناسب للأسواق، وبالتالي عليه طلب منتظم، الأمر الذي يُوفر فرص عمل للنساجين. ويتخصص التحالف في صناعة الجينز من حرير «Eri» لتنويع النسيج وإخراجه من التقليدي.
جينز الكادي ينافس بيوت الأزياء العالمية بشخصيته ومواده الطبيعية
انطلق مع المهاتما غاندي وأصبح مادة دسمة للمصممين الهنود
جينز الكادي ينافس بيوت الأزياء العالمية بشخصيته ومواده الطبيعية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة