المنظومة المصرفية الألمانية في مرمى الانتقادات

TT

المنظومة المصرفية الألمانية في مرمى الانتقادات

أعلنت شركة التصنيف الائتماني الدولية «موديز» عن تحوّل نظرتها إلى النظام المصرفي الألماني، من مُستقرّة إلى سلبية. وفي خبر غير سارٍّ لحكومة برلين، أعلن خبراء هذه الوكالة العالمية أن أرباح المصارف الألمانية، في الأعوام 12 إلى 18 المقبلة، ستتراجع إلى حدٍّ أبعد، جرّاء أسعار الفائدة السلبية التي ما زالت تفرض سلاسلها الثقيلة على القارة الأوروبية.
ويصطف الخبراء الألمان مع وكالة «موديز» متّهمين سياسة المصرف المركزي الأوروبي التي أقرّت بأسعار الفائدة السلبية منذ شهور عدّة، ومن دون إعادة البتّ بها عمداً، ما قد يساهم في تقليص أرباح المصارف الألمانية بين 30 و40 في المائة في العام 2020.
وحسب الخبير برنارد هيل، من وكالة التصنيف الائتماني «موديز»، فإنّ المصارف الألمانية صغيرة الحجم هي الأكثر تضرّراً من أسعار الفائدة، التي ترسو حالياً عند ما دون الصفر، لأنها تتموّل عادة بمساعدة ودائعها لدى المصرف الأوروبي المركزي. وبدلاً من تسجيل الفوائد على هذه الودائع تجد هذه المصارف نفسها أمام حقيقة مختلفة كلياً تحثّها على دفع الفوائد على ودائعها، بدلاً من تحصيلها. أما المصارف الكبرى كما «دويتشه بنك» و«كوميرسبنك» و«أليانس» فهي تواجه مشكلات أعظم متعلّقة بتموضعها التجاري. وهذا يضع المنظومة المصرفية الألمانية برمتها تحت الانتقادات.
ويضيف أن مشكلة المصارف الألمانية تكمن في نموذج تجاري حالي، يجعلها حسّاسة للغاية أمام أسعار الفائدة المتدنية التي تلعب دوراً في تقليص أرباحها. وفي الوقت الحاضر، يوجد عدد كبير من هذه المصارف يُعّول على نموذج تجاري تقليدي؛ حيث تُمثّل هوامش الفوائد قاعدة أساسية لجني الأرباح. لهذا السبب، أرسلت هيئة الرقابة المالية، التابعة للمركزي الأوروبي، إلى المصارف الألمانية وابلاً من التحذيرات حول ضرورة الانتقال إلى مصادر ربحية أخرى، انطلاقاً من الخدمات المصرفية ذات القيمة المُضافة. ويختم هيل: «إن مشكلة أسعار الفائدة المنخفضة التي يفرضها المصرف المركزي الأوروبي على مصارف دول منطقة اليورو، والتي تدفع بموجبها هذه المصارف فائدة 0.5 في المائة على ودائعها لدى المركزي الأوروبي، هي الأكبر. ومن جرّاء خسائر دفع الفوائد بدلاً من حصدها، باشر قسم كبير من المصارف الألمانية استحصال جزء منها عبر حسابات عملائها المصرفية. فأكثر من 60 في المائة من المصارف الألمانية تلقي عبء أسعار الفائدة السلبية على حسابات عملائها من الشركات. كما أن أكثر من 20 في المائة منها بدأ يلقي هذا العبء على حسابات التجار المصرفية».
في سياق متصل، يشير البروفسور رافايل فينيغر، في جامعة ميونيخ، إلى أن أسعار الفائدة السلبية كارثة حقيقة تستهدف قلب المنظومة المصرفية الألمانية التي لم تنجُ من انتقادات كبار الاقتصادين المحليين.
ويضيف أن آثار أسعار الفائدة هذه تدميرية على ألمانيا، بل هي أكبر مجزرة مصرفية تعيشها القارة الأوروبية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. عموماً، تعيش الدول الغربية اليوم مرحلة من الاقتصاد الاصطناعي، الذي يعطي انطباعاً سطحياً بأن كل شيء على ما يرام. مع ذلك، نجحت أسعار الفائدة هذه في توليد فُقاعة أسعار مضارباتية من جراء انتفاخ التضخّم المالي. فأسعار الأسهم والبيوت والأراضي قفزت أوروبياً. إذ كلما تدنّت أسعار الفائدة كلما زادت هذه الأسعار في الأسواق الأوروبية.
ويختم: «ستظهر هذه الآثار على الاقتصاد الأوروبي تدريجياً. فالنمو الاقتصادي يترنّح في موازاة احتدام الصراعات السياسية العالمية حول كيفية توزيع الثروات بين الدول. ومقابل تعاظم نفوذ الدول أكثر فأكثر، نرى تراجعاً في الحريات التجارية. وعلى صعيد ألمانيا، ينعكس الأداء الاقتصادي الضعيف سلباً على أسعار الأسهم والسندات في بورصة فرانكفورت. هكذا، تتآكل أرباح الشركات بسرعة قياسية، وتتراجع القوة الشرائية لدى المواطنين، عدا تسريح آلاف العُمّال في صيف العام 2019».


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

صندوق النقد الدولي وإثيوبيا يتوصلان إلى اتفاق بشأن المراجعة الثانية لبرنامج التمويل

منظر عام لأفق أديس أبابا (رويترز)
منظر عام لأفق أديس أبابا (رويترز)
TT

صندوق النقد الدولي وإثيوبيا يتوصلان إلى اتفاق بشأن المراجعة الثانية لبرنامج التمويل

منظر عام لأفق أديس أبابا (رويترز)
منظر عام لأفق أديس أبابا (رويترز)

قال صندوق النقد الدولي إن موظفيه والحكومة الإثيوبية توصلا إلى اتفاق بشأن المراجعة الثانية لبرنامج التمويل البالغ 3.4 مليار دولار للبلاد.

وحصلت إثيوبيا على البرنامج في يوليو (تموز)، بعد ساعات من اتباعها لتوصية رئيسية من صندوق النقد الدولي بتعويم عملتها، البير، في سوق الصرف الأجنبية، وفق «رويترز».

وقال صندوق النقد الدولي في بيان إن المراجعة التي أجراها المجلس التنفيذي للصندوق ستسمح لإثيوبيا بالوصول إلى نحو 251 مليون دولار من الدفعات.

وجاء في البيان أن «برنامج الإصلاح الاقتصادي في إثيوبيا، بما في ذلك الانتقال إلى سعر صرف تحدده السوق، يواصل التقدم بشكل جيد».

وأضاف البيان: «في ظل استقرار الاقتصاد الكلي المدعوم بالسياسات الحكيمة وتأثير إصلاح سوق الصرف على التضخم المنخفض حتى الآن، تشير الظروف إلى آفاق واعدة للنمو الاقتصادي في الفترة المقبلة».

وتم الاتفاق مع موظفي الصندوق في سبتمبر (أيلول) على المراجعة الأولى للبرنامج، التي ركزت على جوانب مثل احتياطيات النقد الأجنبي والديون الخارجية، ووافق عليها مجلس الإدارة الشهر الماضي.

وبعد إجراء مراجعات سريعة غير مسبوقة لبرنامج إثيوبيا حتى الآن، التي كانت تهدف إلى رصد تأثير الإصلاحات، بما في ذلك تحرير سوق الصرف، ينتقل صندوق النقد الدولي الآن إلى جدول مراجعة كل ستة أشهر.