بحيرات مصر... سحر ينبعث من بين جبال الصحراء ورمالها

انعكاسات الشمس تلون مياهها وأملاحها ترمم العظام

TT

بحيرات مصر... سحر ينبعث من بين جبال الصحراء ورمالها

في حين يتوجه غالبية السياح إلى مصر للمنتجعات السياحية على سواحل البحر الأحمر والبحر المتوسط، تطل من بين جبال وصحراء مصر بحيرات تسحر العيون، وتحيل الأمكنة التي تحتضنها إلى قبلة للباحثين عن وجهات غير معتادة لقضاء إجازتهم وسط روعة المناظر الطبيعية، في جو معتدل معظم أوقات العام.
فهذه البحيرات يتمتع كل منها بطابع خاص يأخذ ملامحه من جغرافيتها وتاريخها وطبيعة المكان الذي يضمها.
فمن سيناء إلى الصحراء الغربية إلى الفيوم، تختلف البحيرات، وتتنوع معها أوقاتك ونشاطاتك بين الاطلاع على الحياة البرية والبحرية، وممارسة الغطس أو السباحة أو الاستمتاع برياضة التحليق بالمظلات.

- بحيرة «وادي الوشواش»
من أروع هذه البحيرات بحيرة «وادي الوشواش» التي تكونت من مياه السيول بين الجبال في فصل الشتاء، لتصبح بمثابة مسبح طبيعي جاذب لهواة السباحة في المياه الدافئة، وتزدان بجبال الفيروز والجرانيت التي تحيط بها.
تقع البحيرة على بعد نحو 4 كيلومترات عن منطقة رأس شيطان، شمال مدينة نويبع جنوب سيناء، ومن أجمل الأشياء التي يمكنك فعلها عند التوجه إلى الوادي وبحيرته «أن تلقي بنفسك من فوق أحد زوايا قمم الجبال إلى البحيرة للاستمتاع بالغوص، والتنقل بين العيون العذبة الثلاث التي يضمها الوادي، و«أروعها العين الثالثة التي يطلق عليها البحيرة الخضراء للونها الذي تعكسه أحجار الجرانيت المحيطة بها»، بحسب الخبير السياحي كمال الديب الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «عند التوجه للبحيرة، لا تفوتك الطبيعة الصحراوية البدوية في نويبع التي تسكنها الكهوف والسهول».

- «البحيرة المسحورة»
هي مسحورة وساحرة معاً! فبجانب سحرها المرتبط بالطبيعة الخلابة لها، فإنها أيضاً «مسحورة»، كما يطلق عليها البدو، بسبب درجات ألوانها التي تتغير على مدار اليوم 7 مرات، بحسب شدة أشعة الشمس. وتقع البحيرة على بعد نحو 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، وتوجد بجزيرة في محمية رأس محمد.
«الأمر لن يكلفك كثيراً»، كما يقول سعيد رؤوف المرشد السياحي بالمنطقة، موضحاً: «كل ما ستنفقه هو رسم دخول المحمية، بينما ستستمتع بالكثير والمثير»، ويتابع: «هناك، ستتعرف على الأساطير والحكايات المرتبطة بها، ومن ذلك أنها تحقق الأمنيات لمن يُلقي فيها الحجارة، لذلك يطلق عليها البدو أيضاً اسم (بحيرة التمني)، وهم يؤكدون لك أن أمنيتك ستتحقق».
الأمر لا يقتصر على الأساطير والأمنيات، لكنها تمثل كذلك مقصداً سياحياً مهماً للباحثين عن العلاج الطبيعي للأمراض الروماتيزمية، حيث «تحتوي على نسبة مرتفعة من المعادن».
ويتابع رؤوف: «البحيرة تلبي شغف الشباب والمغامرين المحبين للحياة المائية، ففيها يمكنهم ممارسة الغطس لتأمل روعة الأحياء المائية النادرة، والسلاحف المائية المهددة بالانقراض، والأسماك والشعاب المرجانية متعددة الأشكال والألوان».
وإذا كنت من محبي الحياة البرية، فستجد أيضاً بغيتك هنا، لأنها ستقودك لجولة داخل محمية تعد موطناً لأنواع شتى من الطيور والحيوانات النادرة، مثل الماعز الجبلي والوعل النوبي الجبلي، والثدييات الصغيرة كالثعالب والضباع والأرانب الجبلية والغزلان، وحفريات يتراوح عمرها بين 75 ألف عام و20 مليون عام. وأمام البحيرة، ستبهرك إطلالة أشجار المانجروف النادرة التي لا تُوجد سوى في 4 أماكن بالعالم، وهو نوع غير مألوف من الأشجار يمتص الملح من المياه، ويظهر الملح على أوراقه الخضراء.

- «البحيرة المسحورة» بالفيوم
وفي وسط الفيوم، على بعد نحو 150 كيلومتراً من القاهرة، تقع بحيرة مسحورة أخرى أكثر شهرة من رأس محمد. واختلفت الآراء حول اكتسابها هذا الاسم «فهناك من يقول إنه بسبب سحر مكانها، حيث تقع في قلب الصحراء بين منطقتي وادي الريان ووادي الحيتان، وسط رمال ذهبية ناعمة؛ وهناك من يرى أنه بسبب تغير لون مياها شديدة العذوبة حين تسطع الشمس عليها هي أيضاً؛ وربما أطلق عليها هذا الاسم لأن المصدر الرئيسي المكون لمياها غير معروف»، وفقاً لمنظم الرحلات هيثم عبد الرحيم الذي يضيف: «بصرف النظر عن سر تسميتها، فإنها تسحر عشاق المناظر الطبيعية الخلابة، إذ يحيط بها جبل (المشجيجة) الذي يتيح للزائرين التمتع برؤية بانورامية لوادي الريان، إضافة للكثبان الرملية ذات الأعماق والأحجام المختلفة».
ويتابع: «وهي أيضاً الاختيار الأفضل لهواة ممارسة رياضة التزحلق على الرمال، وتسلق الجبال، وركوب عربات الدفع الرباعي والمظلات».

- بحيرة قارون
لا يمكن أن تزور الفيوم دون أن تتجه لبحيرة قارون، فهي الوجهة الأولى لمحبي السياحة البيئية ومراقبة الطيور وصيد الأسماك، حيث تتميز بوجود تكوينات جيولوجية مهمة علمياً وتاريخياً، وبها مجموعات نباتية متنوعة، ويتوافد إليها كثير من الطيور المهاجرة، إضافة إلى كثير من الحكايات التاريخية التي تحاك حولها، وتعود لعهد الدولة المصرية القديمة.

- بحيرات سيوة
يقول المغامر أحمد عماد: «سواء كنت تفكر في السفر من أجل السياحة العلاجية وتحقيق راحة استثنائية لجسدك، أو السفر للمتعة وحدها، لا يجب أن تفوتك بحيرات الملح في واحة سيوة، على بعد نحو 800 كيلومتر عن القاهرة، وعددها 9 بحيرات». وقد عرفت بهذا الاسم لأن مياهها تعوم على كنوز من الملح الصخري، ومن أشهرها بحيرات أغوري والمراقي والزيتون، وتحتوي مياهها النقية على عناصر تساعد على الاستشفاء من كثير من الأمراض العضوية والنفسية، مثل الصدفية والاكتئاب، إضافة إلى ما تبثه من طاقة تساعد على تخلص الجسم من التعب والإرهاق، لكن عليك أن تستمع جيداً إلى نصيحة السكان المحليين لسيوة كي يتحقق ذلك، وهي أن تسبح في بحيراتها لمدة 45 دقيقة يومياً لمدة 3 أيام متتالية، وذلك كله ما يرشحها بقوة لمنافسة دول تحتفي بالسياحة العلاجية في كهوف الملح، مثل بولندا.
لكن لا يتوقف الأمر في بحيرات سيوة على هذا الجانب، فعند زيارتها تكتشف كم أن لها سحراً غريباً، حتى لتشعر وكأنك وسط لوحة مرسومة أضفت الألوان الطبيعية على تكويناتها وعناصرها جمالاً خاصاً، تستشعره حين تشاهد امتزاج تكوينات الملح الأبيض مع انعكاس الجبال على مياه البحيرات. ولأنها تتميز بمياهها الكثيفة الناتجة عن وجود الملح الصخري بها، فإنها كذلك تُعد مقصداً ملائماً لراغبي السباحة الهادئة، أو لهؤلاء الذين لا يجيدون السباحة.


مقالات ذات صلة

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
سفر وسياحة كازينو مونتي كارلو يلبس حلة العيد (الشرق الأوسط)

7 أسباب تجعل موناكو وجهة تستقبل فيها العام الجديد

لنبدأ بخيارات الوصول إلى إمارة موناكو، أقرب مطار إليها هو «نيس كوت دازور»، واسمه فقط يدخلك إلى عالم الرفاهية، لأن هذا القسم من فرنسا معروف كونه مرتعاً للأغنياء

جوسلين إيليا (مونتي كارلو)
يوميات الشرق تنقسم الآراء بشأن إمالة المقعد في الطائرة (شركة ليزي بوي)

حق أم مصدر إزعاج؟... عريضة لحظر الاستلقاء على مقعد الطائرة

«لا ترجع إلى الخلف عندما تسافر بالطائرة» عنوان حملة ساخرة أطلقتها شركة الأثاث «ليزي بوي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق افتتاح تلفريك جديد في جبال الألب (إ.ب.أ)

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

افتُتح تلفريك جديد مذهل في جبال الألب البرنية السويسرية. ينقل تلفريك «شيلثورن» الركاب إلى مطعم دوار على قمة الجبل اشتهر في فيلم جيمس بوند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
TT

السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)

في خطوة لتنوع مسارات قطاع السياحة في السعودية، جهزت هيئة المساحة الجيولوجية 3 كهوف بأعماق مختلفة لتكون مواقع سياحية بالتنسيق مع الجهات المعنية، فيما تعمل الهيئة مع وزارة الاستثمار لاستغلال موقعين جيولوجيين ليكونا وجهة سياحية تستقطب الزوار من داخل وخارج المملكة.

قال الرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجية في السعودية، المهندس عبد الله بن مفطر الشمراني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه جرى تحديد موقعين هما «جبل قدر، ومطلع طمية المعروف بـ(فوهة الوعبة)، والعمل جارٍ مع وزارة الاستثمار لاستغلالها، كاشفاً عن أن الهيئة تقوم بتجهيز عدد من المواقع الجديدة لتكون وجهة سياحة خلال الفترة المقبلة».

وأضاف أن عدد الكهوف يتجاوز مائة وخمسين كهفاً تنتشر في مواقع مختلفة، من بينها كهف (أم جرسان) وطوله 1.5 كيلومتر ويقع بالقرب من المدينة المنورة (غرب المملكة)، ويتميز بجماليات طبيعية تتناغم مع تاريخه وتكوينه، كذلك كهف «أبو الوعول» الذي يحتوي على هياكل عظمية لحيوانات انقرضت، لافتاً إلى أن السعودية غنية بالمعالم الجيولوجية المنتشرة في المواقع كافة.

ينتشر في السعودية أكثر من 150 كهفاً يترقب أن تكون وجهات سياحية (هيئة المساحة)

وأضاف: «على مدار الـ25 عاماً الماضية كان التركيز على الدرع العربي، أما الآن فالتركيز على 4 محاور رئيسة تتمثل في الاستثمار في كفاءات الجيولوجيين السعوديين، ومسح ما تبقى من مواقع الغطاء الرسوبي والبحر الأحمر، كذلك زيادة رفع المعلومات عن المخاطر الجيولوجية التي تحيط بالسعودية لمعرفة التعامل معها، مع استخدام التقنيات المختلفة لربط المعلومات الجيولوجية وإخراج قيمة مضافة منها واستخدامها في شتى الجهات».

وسيفتح هذا الحراك بين القطاعات الحكومية نافذة جديدة على السياحة، فيما ستكون لهذا التعاون تبعات كبيرة في تنشيط ما يعرف بالسياحة الجيولوجية من خلال توافد المهتمين والباحثين عن المغامرات من مختلف دول العالم، وسيساهم ذلك في رفع إيرادات الأنشطة السياحية، خاصة مع تنامي الاكتشافات في مسارات مختلفة، منها الأحافير، التي وصلت إلى أكثر من 100 موقع أحفوري رئيس في المملكة خلال السنوات الماضية.

فوهة الوعبة من أكبر الفوهات ويتجاوز عمرها المليون عام (هيئة المساحة)

وتحتوي هذه الاكتشافات على «خسف عينونة» بشمال غربي المملكة، و«تلة السعدان» شمال الجموم، و«فيضة الضبطية» في المنطقة الشرقية، و«طعس الغضا»، و«البحيرة الوسطى» جنوب غربي النفوذ الكبير، و«جبال طويق»، و«فيضة الرشاشية» في شمال المملكة. هذا بالإضافة إلى ما تم تسجيله في المملكة إلى اليوم من الأحافير المختلفة القديمة.

وهذه الاكتشافات يمكن الاستفادة منها من خلال جمعها تحت سقف واحد، وهو ما أشار إليه رئيس هيئة المساحة لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق: «الأحافير يستفاد منها في المتاحف الجيولوجية، ويمكن العمل في هذا الجانب مع وزارة السياحة، لضم هذه الأحافير، وبعض المكونات التي تعطي نبذة عن الجيولوجيا في السعودية، وأنواع من الأحجار المختلفة الموجودة في البلاد، وهذا يعطي بعداً علمياً واستثمارياً».

ويأتي عرض موقعي «فوهة الوعبة»، و«جبل القدر» على وزارة الاستثمار، لأهميتهما. فجبل القدر، يقع في حرة خيبر التابعة لمنطقة المدينة المنورة، ويتميز بارتفاعه الذي يصل إلى نحو 400 متر، وهو أكبر الحقول البركانية، وآخر البراكين التي ثارت قبل 1000 عام، وقد اختير في وقت سابق ضمن أجمل المعالم الجيولوجية العالمية، وفق تصنيف الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية (IUGS) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).

جبل القدر من أحد أهم الاكتشافات الجيولوجية (واس)

في المقابل تغوص «فوهة الوعبة» في التاريخ بعمر يتجاوز 1.1 مليون عام، وهي من أكبر الفوهات البركانية في العالم، وهي جزء من حقل بركاني أحادي المنشأ يضم 175 بركاناً صغيراً، أعمارها بين بضع مئات الآلاف من السنوات إلى مليوني سنة، فيما تغطي مساحة بنحو 6000 كيلومتر مربع، وتتميز بعمق يصل إلى نحو 250 متراً وقطر يبلغ 2.3 كيلومتر، وهو ما يقارب 3 أضعاف متوسّط أقطار البراكين الأخرى، كما تحتوي على حوض ملحي أو بحيرة ضحلة تشكّلت بسبب تجمع مياه الأمطار.

وتعد الاكتشافات الجيولوجية في مساراتها المختلفة ثروة من الثروات المعدنية والسياحية والبيئية نادرة الوجود، والتي يجب المحافظة عليها وحمايتها، حيث يمكن الاستفادة من هذه الاكتشافات للدراسات الأكاديمية والأبحاث العلمية، وكذلك استغلالها في النواحي السياحية، وإمكانية الاستفادة منها بوصفها ثروة اقتصادية، تفتح المجال لمشاريع اقتصادية جديدة وتوفير الفرص الوظيفية للمواطنين، وكذلك فتح مجال أوسع للتعليم الأكاديمي ونشر الأبحاث الوطنية.