تشابه في الأسماء يؤدي لتوقيف صحافي لبناني في اليونان

بتهمة المشاركة في اختطاف طائرة أميركية في العام 1985

من خطف طائرة {TWA} في بيروت (غيتي)
من خطف طائرة {TWA} في بيروت (غيتي)
TT

تشابه في الأسماء يؤدي لتوقيف صحافي لبناني في اليونان

من خطف طائرة {TWA} في بيروت (غيتي)
من خطف طائرة {TWA} في بيروت (غيتي)

أدى التباس في المعلومات الأمنية إلى توقيف صحافي لبناني في اليونان يوم الخميس الماضي بتهمة المشاركة في عملية اختطاف طائرة تابعة لشركة «تي دبليو إيه» العام 1985 وقتل مسافر أميركي، وفق بيان صدر أمس السبت عن الشرطة اليونانية.
وقالت الشرطة بأنه قبض على هذا الرجل البالغ من العمر 65 عاماً في جزيرة ميكونوس بموجب مذكرة توقيف أوروبية صدرت بحقه في ألمانيا، لكنها لم تفصح عن هويته. وتبحث ألمانيا عن الرجل بسبب خطف الطائرة وبسبب عملية خطف أخرى وقعت العام 1987. وقالت وسائل إعلام يونانية إنّ هذا اللبناني شارك في تحويل مسار طائرة «تي دبليو إيه 847» بعيد إقلاعها في 14 يونيو (حزيران) 1985.
وتبين أن الموقوف في أثينا، هو الصحافي محمد صالح، إذ تؤكد الوقائع أنه ليس الشخص الذي تبحث عنه ألمانيا، بحسب ما أكد صحافيون في لبنان.
وقال مصدر بارز في مدينة صيدا بأن محمد صالح الذي كان في رحلة سياحية في اليونان وتم إيقافه، كان مدير مكتب جريدة «السفير» في صيدا منذ إنشائها وحتى إقفالها في العام 2016. مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأكيد أن الرجل أوقف نتيجة «تشابه في الأسماء». وقال المصدر بأن صالح عضو في نقابة محرري الصحافة في لبنان، ولا ينتمي إلى أي حزب، وبعيد كل البعد عن الأجواء الحزبية والأمنية، وهو معروف على نطاق واسع في مدينة صيدا في جنوب لبنان. وقال بأن هناك اتصالات رسمية لبنانية مع السلطات اليونانية لإجلاء الموقف.
وأعلنت نقابة محرري الصحافة اللبنانية في بيان، أن «الزملاء في صيدا والجنوب وعائلة الزميل محمد علي صالح المسجل على الجدول النقابي، اتصلوا بنقيب المحررين جوزف القصيفي، وأعلموه بتوقيف الأخير من قبل السلطات الأمنية اليونانية، بينما كان برفقة عائلته في رحلة سياحية إلى إحدى الجزر. وفي المعلومات أن توقيفه - وفق ما نقل ذووه - عائد إلى تشابه في الأسماء».
ودعت النقابة «وزارة الخارجية والمغتربين، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والسلطات اللبنانية المعنية، والسفارة اليونانية في لبنان، إلى التحرك السريع من أجل جلاء كل الملابسات حول توقيفه والعمل على إطلاقه في أسرع وقت». وذكرت أن مجلس النقابة «كلف عددا من الزملاء بمتابعة القضية مع السفارة اليونانية والسلطات المختصة، من أجل ضمان سلامة الزميل محمد علي صالح وعودته سالما إلى ذويه وزملائه».
وفي السياق نفسه، أصدر إعلاميو مدينة صيدا بياناً استنكروا فيه توقيف السلطات اليونانية للصحافي محمد صالح وإلصاق تهم به لا تمت للحقيقة بصلة وهي بعيدة كل البعد عن صفات الزميل صالح طوال مسيرته المهنية. وناشدوا المنظمات الصحافية الدولية بذل جهودها للإفراج الفوري عنه. وطالبوا وزارة الخارجية اللبنانية ومديرية الأمن العام اللبناني «التحرك الفوري لإجلاء الملابسات التي أدت إلى توقيف زميلنا ظلما والعمل لإعادته سالما إلى لبنان».
وقال مسؤول بالشرطة اليونانية إن المشتبه به، وهو لبناني، نزل من سفينة سياحية على جزيرة ميكونوس يوم 19 سبتمبر (أيلول)، وأضاف أن اسمه ورد بوصفه مطلوبا لدى السلطات الألمانية. وذكر أن الجريمة التي ارتكبت في عام 1987 ربما كانت مرتبطة بإخلاء سبيله مقابل إطلاق سراح ألمانيين كانا محتجزين كرهينتين لدى شركاء له في لبنان. وتابع قائلا إن المشتبه به محتجز في سجن شديد الحراسة إلى أن تؤكد السلطات الألمانية أنه الشخص المطلوب. ومثل الجمعة أمام القضاء اليوناني الذي أمر باحتجازه ريثما يتم ترحيله إلى ألمانيا.
وكانت طائرة «تي دبليو إيه» متجهة من القاهرة إلى سان دييغو في الولايات المتحدة في العام 1985. في رحلة تشمل التوقف في مطارات أثينا وروما وبوسطن ولوس أنجليس. وتمّ تحويل مسارها بعد إقلاعها من العاصمة اليونانية.
واضطر قائد الطائرة جون تستراكي إلى الدوران فوق البحر الأبيض المتوسط لمدة 17 ساعةً، بينما كانت الطائرة تقل 153 مسافرا وأفراد طاقمها، من بيروت إلى الجزائر العاصمة، ثمّ في الاتجاه المعاكس. وتوقفت الطائرة ثلاث مرات في مطار بيروت قبل السماح لها ختاماً بالهبوط بصورة نهائية.
وفي 15 يونيو 1985، خلال التوقف الأول في العاصمة اللبنانية، تعرّض راكب يبلغ من العمر 23 عاماً ويعمل غطاساً في البحرية الأميركية، إلى التعذيب قبل قتله. وألقيت جثته على المدرج. وأوقف خاطف الطائرة المزعوم خلال عملية التدقيق بجوازات سفر ركاب على متن سفينة سياحية، وفق وكالة أنباء أثينا.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.