سينما «الأكشن» والغموض تهزم أفلام «المقاولات» في موسم الأضحى

«أولاد رزق 2» و«الفيل الأزرق 2» تصدرا قائمة الإيرادات

بوستر فيلم «الفيل الأرزق 2»
بوستر فيلم «الفيل الأرزق 2»
TT

سينما «الأكشن» والغموض تهزم أفلام «المقاولات» في موسم الأضحى

بوستر فيلم «الفيل الأرزق 2»
بوستر فيلم «الفيل الأرزق 2»

للعام الثاني على التوالي، تحقق أفلام الأكشن والغموض ذات الإنتاج الضخم في السينما المصرية، نجاحاً جماهيرياً كبيراً، تسبب في هزيمة «أفلام المقاولات» ذات المستوى المتردي على المستوى الفني والإنتاجي.
وحققت الأفلام القوية أرقاماً قياسية في شباك التذاكر، إذ وصلت إيرادات فيلم «الفيل الأزرق 2» في موسم الأضحى السينمائي الحالي، إلى 95 مليون جنيه، (الدولار الأميركي يعادل 16.5 جنيه مصري) وهو رقم يتحقق للمرة الأولى، وفي المقابل اختار الجمهور العزوف عن أفلام «المقاولات» ذات الإنتاج المحدود، التي تعتمد بشكل أساسي على خلطة تجارية تضم راقصة ومطرباً شعبياً دون تقديم مضمون جيد، حسب وصف النقاد، وهو ما انعكس بشكل لافت في إيرادات فيلم «انت حبيبي وبس» الذي لم تصل إيراداته هذا الموسم إلى 3 ملايين جنيه.
الناقد السينمائي خالد محمود، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الأفلام الصغيرة أو التي يمكن وصفها بأفلام «المقاولات»، لن تعود مرة أخرى لصدارة شباك التذاكر، مؤكداً أن هناك عدة أسباب لذلك، في مقدمتها، اختلاف مناخ المشاهدة والتذوق، فوجود أفلام عالمية طوال العام في دور العرض غيّر من مزاج الجمهور المصري، وجعله يفضل الذهاب إلى نوعيات الأفلام ذات الجودة العالية مثل «الفيل الأزرق 2» و«ولاد رزق 2»، وهذا التغير في مزاج الجمهور يمثل خطراً حقيقياً وجرس إنذار لكل نجم لا يطوّر من نفسه، وليس فقط للأفلام الصغيرة، خصوصاً أن فيلم مثل «الجوكر» الذي عُرض مؤخراً في مهرجان «فينيسيا»، سيُطرح في مصر يوم 2 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، أي قبل طرحه في أميركا بيومين.
ويرى محمود أن استحواذ الأفلام الكبيرة على معظم مجمعات دور العرض ذات أسعار التذاكر المرتفعة في المولات، انعكس بشكل أساسي على مجمل الإيرادات، يضاف إلى ذلك أن عدداً من نجوم الشباك عادوا للمنافسة فاستحوذوا على اهتمام الجمهور، مثل كريم عبد العزيز وأحمد حلمي وأحمد عز، فلم يعد السوق مقتصراً على أفلام أحد المنتجين المشهورين بإنتاج تلك الأفلام، كما كان الحال في سنوات ما بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011.
وتنافَست في موسم عيد الأضحى 5 أفلام، تصدر إيراداتها «الفيل الأزرق 2» بطولة كريم عبد العزيز، بإيرادات بلغت 95 مليون جنيه، وجاء في المركز الثاني فيلم «ولاد رزق 2»، بطولة أحمد عز، بإيرادات بلغت 86 مليون جنيه، واحتل المركز الثالث فيلم «خيال مآتة» بطولة أحمد حلمي بـ34 مليون جنيه، وجاء في المركز الرابع فيلم «الكنز 2» بطولة محمد سعد ومحمد رمضان، بإيرادات بلغت 6 ملايين جنيه، بينما تزيل القائمة فيلم «انت حبيبي وبس» بطولة المطربين الشعبيين محمود الليثي وبوسي والراقصة صوفينار، بإيرادات بلغت 3 ملايين جنيه فقط.
ويؤكد نقاد سينمائيون أن الإنتاج الضخم لم يكن وحده سبب نجاح أفلام الأكشن والغموض هذا الموسم، من بينهم الناقد السينمائي طارق الشناوي الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المسألة ليست مرتبطة بالإمكانات الضخمة، بدليل أن فيلم مثل (حملة فرعون) فشل وسقط في موسم عيد الفطر الماضي رغم أن المنتج وفّر له كل الإمكانات، ولكن الفشل جاء لعدم قدرة مخرجه رؤوف عبد العزيز على أن يكون على نفس موجة الجمهور»، موضحاً في الوقت نفسه «أن جمهور السينما حالياً لديه ثقافة الصورة المرئية بحكم الزمن الذي نعيشه، فمن يذهب لمشاهدة الأفلام حالياً هو جيل الكومبيوتر والمحمول، أبناء العشرينات».
وأوضح الشناوي أن فيلمي «الفيل الأزرق 2» و«ولاد رزق 2» حققا إيرادات كبيرة ليس فقط لأن إنتاجهما ضخم، ولكن لأن مخرجيهما مروان حامد وطارق العريان، نجحا في اللعب بشكل صحيح على توجهات هذا الجمهور، فقدما له صورة مبهرة، كانت أبعد من خياله وأكبر من حجم توقعاته للسينما المصرية، فالأفلام لعبة بين المخرج والجمهور، وأساس النجاح يتلخص في قدرة المخرج على التواصل مع هذا الجمهور وفك شفرته، أما مسألة الميزانية الضخمة، فربما تمثل عاملاً مساعداً في تقديم جودة تقنية أفضل.
وعن تراجع فيلم «انت حبيبي وبس» في قائمة الإيرادات، قال الشناوي إن مشكلة أفلام «المقاولات» تعود إلى تشبع الجمهور من «الطبخة» التي تقدمها، ومنتج هذه الأفلام لم يفهم أن زمن هذه الأفلام انتهى، والجرعة التي يقدمها زادت على الحد، وبالتالي أصبح مطالباً بتغيير الخلطة التي يعمل بها في السينما خلال الفترة المقبلة.


مقالات ذات صلة

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

يوميات الشرق بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في "إيفرست"، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

أصدر النجم ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق ‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

مثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات أنها استعادتها

«الشرق الأوسط» (ولينغتون)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير

إيمان الخطاف (جدة)

مصطفى الجارحي: أغنياتي مُحمّلة بطاقات شعرية لا تخضع لحسابات السوق

الشاعر المصري مصطفى الجارحي (الشرق الأوسط)
الشاعر المصري مصطفى الجارحي (الشرق الأوسط)
TT

مصطفى الجارحي: أغنياتي مُحمّلة بطاقات شعرية لا تخضع لحسابات السوق

الشاعر المصري مصطفى الجارحي (الشرق الأوسط)
الشاعر المصري مصطفى الجارحي (الشرق الأوسط)

كان لأغنيات الشاعر مصطفى الجارحي التي لحنها وغناها الفنان مصطفى رزق، مطرب الجاز المصري، حضور كبير في النسيج الدرامي لمسلسل «ولاد الشمس»، الذي قام ببطولته الفنان محمود حميدة، حيث كانت من ضمن أدواته لتعميق الشخصية وإثراء الدراما والأحداث.

وقد لحن له الموسيقار نصير شمة خمس أغنيات، واستعان المخرج خالد يوسف بأغنية «بتميل» ليكون لها حضورها في فيلمه «إنت عمري» الذي قامت ببطولته الممثلة نيللي كريم وهاني سلامة، وعن حكايتها يقول الجارحي لـ«الشرق الأوسط»: «البداية كانت بالصدفة حين التقيت المطرب محمد حمام قبل وفاته بفترة قصيرة، وكان استمع لبعض قصائدي، وطلب مني كتابة أغنية له، فكانت (بتميل)، لكن المشروع أُجهض بوفاته».

الجارحي بصحبة المطرب مصطفى رزق والملحن أحمد الصاوي (الشرق الأوسط)

ويضيف الجارحي: «أخذت الأغنية طريقها للمطرب محمد بشير، ولحنها أكرم مراد، لكنها تعطلت أيضاً. ثم بعدها تركت القاهرة للإقامة بالإسكندرية، ولم يكن لي عنوان معروف أو تليفون. في هذه الأثناء بحث عني المنتج صبري السماك (وكان يعمل مدير إنتاج لأفلام يوسف شاهين) بعد ترشيحي لكتابة أغاني فيلم (إسكندرية نيويورك)، هكذا أخبرني حين استطاع أخيراً أن يعرف طريقي، قال لي وقتها إنهم يجهزون لفيلم (إنت عمري)، وإن الشاعرة كوثر مصطفى تعاقدت على الأغاني، وتقاضت أجرها وانتهى الأمر. لكن في استراحة التصوير كان أكرم مراد يدندن مطلع (بتميل)، ورأى المخرج خالد يوسف أنها الأنسب للاستعراض، فأخبره أكرم أنه نسي كلماتها، ولما علم خالد يوسف أنني كاتبُها تذكر موضوع اختفائي، لكن صبري السماك طمأنه بأنه سيفعل المستحيل هذه المرة ليجدني وهو ما حدث».

يطرب الجارحي لصوت الفنان الراحل نجيب الريحاني (الشرق الأوسط)

وعن مشاركته في كتابة أغنيات لأفلام أخرى، يقول الجارحي كتبت أغنية (وومان ومان) في فيلم (مش رايحين في داهية) بطولة بشرى وإخراج أحمد صالح. وكتبت أغنيات لبعض الأفلام الكنسية أهمهما كان فيلم (بداية تاني) بطولة النجم ماجد الكدواني.

وعن علاقته بالفنان النوبي حمزة علاء الدين، قال الجارحي: «إنه كان فناناً جميلاً. يهتم بالشعر أكثر، وهو ما أسعدني، ولما طلب أن أكتب له لم أتردد، فكانت أغنية (الزمان لحظة) وفرح بها كثيراً».

ورداً على شعوره بعدما عرف أن أغنياته مع المغني مصطفى رزق مستخدمة في مسلسل (ولاد الشمس)، وهل كانت موظفة درامياً ومناسبة لشخصية محمود حميدة؟ أشار الجارحي إلى أن فرحته لم تكتمل، موضحاً: «هي بعض من كلمات أغانيَّ يستمع إليها الملايين ولا أحد يعرف أنني صاحبها. كان خطأ من إدارة الإنتاج، تم تعويضي مالياً، لكن غاب التعويض الأدبي. والمدهش أن كاتب السيناريو وظّفها بشكل درامي رائع، فلم تكن مجرد زخارف إنما بدت من نسيج العمل».

يقول الجارحي إن الموسيقار نصير شمة لحّن له ست أغنيات (الشرق الأوسط)

وعن سر ذهاب الكثير من أغنياته للمطرب مصطفى رزق، قال: «رغم علاقتي الوطيدة به منذ سنوات فإنني لم أكتب له منذ البداية. لكنه حين قرر تغيير جلده كنت أنا في الموعد؛ لأنني أرفع شعار (كتابة مختلفة حتى لو لم تكن جيدة)، فمع الوقت والتراكم سيأتي التجويد، المهم أن أبتعد عن تقليد النماذج السائدة المستهلكة. كما أنني أهتم بصناعة (ستايل) للمطرب، ووجدنا ضالتنا في البلوز والجاز، وهو ما جعل إطلالة رزق أكثر اتساقاً مع شخصيته بوصفه فناناً، وكان معنا الموزع الموسيقي المتفرد أحمد الصاوي، فقدمنا ألبوم (باب اللوق)».

وقال إنه رغم أعماله الكثيرة مع مصطفى رزق فإن له الكثير من الأغنيات مع الفنان فايد عبد العزيز، وهو صاحب النصيب الأكبر في تلحين أغنياتي، لكن معظمها لم تعرف طريقها للإنتاج بعد، كما أن الموسيقار نصير شمة لحن لي ست أغنيات؛ خمس منها في برنامج للفضائية المصرية.

جهات الإنتاج الساعية للربح على حساب الذوق العام هي سبب أزمة الأغنية

مصطفى الجارحي

وعن فائدة الشعر في كتابة أغنية مختلفة، قال الجارحي إن الشعر يجبره على كتابة أغنية مختلفة لا تتعاطى مع متطلبات السوق، وأوضح: «كلما فكرت في التنازل يعيدني الشعر إلى صوابي، فمن شروط أغنيتي أن تكون محملة بطاقات شعرية نابعة من أرض القصيدة».

مؤكداً إعجابه بشعراء أغانٍ يتبنّون المنطق نفسه، «ومن بينهم بديع خيري ومرسي جميل عزيز وحسين السيد وعبد الرحيم منصور ومجدي نجيب، وبعض أغنيات عصام عبد الله، فضلاً عن كتابات علي سلامة وإبراهيم عبد الفتاح، وجميعهم يقف على أرضية الشعر أولاً»، وفق قوله.

الشاعر مصطفى الجارحي مع الملحن أحمد فايد (الشرق الأوسط)

وعن رأيه في الأغنية الجماعية، وهل يمكنها أن تحل أزمة الأغنية المصرية، قال: «لن يتوقف الحديث عن أزمة الأغنية. رفع المنتجون لافتة مضللة (الجمهور عايز كده)، في حين أن الجمهور يستقبل الأغاني الجيدة ويحتفي بها. وما زال يستمع إلى أم كلثوم وعبد الوهاب وفيروز ومحمد قنديل ومحمد فوزي وعبد المطلب، لكن بعض جهات الإنتاج الساعية للربح على حساب الذوق العام داخل وخارج مصر هي سبب الأزمة، فهي تفرض ذائقة هدامة، فيما تخلت جهات الإنتاج الرسمية عن دورها».

وتابع: «ربما يكون بعض الحل في الأغنية الجماعية، أنا شخصياً أعشقها وأعشق الدويتو، وأستمتع حتى الآن بأغنيات (الثلاثي المرح) الخفيفة المبهجة والمدروسة. لكن لي وجهة نظر مختلفة، وأرى أن المطرب مجرد آلة ضمن آلات الأوركسترا فقط يجب توظيفه جيداً.

فماذا يفيد الصوت الجميل حين يغني هراء. يطربني كثيراً صوت نجيب الريحاني. انظر كيف وظفه عبد الوهاب مع ليلى مراد في (عيني بترف) من كلمات حسين السيد، وكيف وظف كمال الطويل صوت عبد المنعم مدبولي في (طيب يا صبر طيب) التي كتبها مرسي جميل عزيز».


أمين هاشم: حان الوقت لتصدير ثقافتنا العربية الأصيلة إلى العالم

يؤكد هاشم أن مُشاهد «عنتر وعبلة» سيخوض تجربة فنية فريدة من نوعها (المكتب الإعلامي للفنان)
يؤكد هاشم أن مُشاهد «عنتر وعبلة» سيخوض تجربة فنية فريدة من نوعها (المكتب الإعلامي للفنان)
TT

أمين هاشم: حان الوقت لتصدير ثقافتنا العربية الأصيلة إلى العالم

يؤكد هاشم أن مُشاهد «عنتر وعبلة» سيخوض تجربة فنية فريدة من نوعها (المكتب الإعلامي للفنان)
يؤكد هاشم أن مُشاهد «عنتر وعبلة» سيخوض تجربة فنية فريدة من نوعها (المكتب الإعلامي للفنان)

في كل خطوة فنية، يقدم عليها التينور أمين هاشم، يحدث المختلف. فهو صاحب خلفية موسيقية وغنائية غنية، صقلها بالعمل والعلم ليأخذ من الفن الأوبرالي طريقاً له.

أخيراً، أصدر أغنية «غناك القلب»، وجاء خصيصاً من مكان إقامته في أميركا لتصويرها في لبنان. واختار كازينو لبنان لتدور فيه كاميرا مخرج العمل شقيقه أندرو.

قدّم هاشم أغنيته بالفصحى بأسلوب أوبرالي متقن، جمع فيه بين الأصالة والحداثة مقدماً عملاً من ألحانه وغنائه يعيد الاعتبار إلى اللغة العربية. أما التنفيذ الموسيقي للأغنية فجمع بين الأوركسترا الفيلهارمونية الأوكرانية وجوقة الأوبرا في كييف. كما شارك في الغناء كورال عربي من لبنان. ويستطرد: «الأغنية لا تمثل ثقافة واحدة، بل تحلّق فوق صحاري السعودية والأردن، وتُدخلنا في مسارات حضارات قديمة؛ من لبنان والمغرب العربي فالأندلس، لتطبعها الموسيقى الشرقية من مقام الحجاز وسواه».

يشكّل عمله الغنائي الأوبرالي «غناك القلب» خطّاً فنيّاً جديداً (المكتب الإعلامي للفنان)

ويروي أمين هاشم لـ«الشرق الأوسط» قصة ولادة هذه الأغنية: «يعود الفضل بتقديمها إلى المهندس إلياس بدور. كتب قصيدة لزوجته رزان بعنوان (رزانتي)، وطلب مني غناءها ليقدمها كهدية لها. ولولا هذه التجربة لما ولدت عندي فكرة الغناء بالفصحى بأسلوب أوبرالي ومن ألحاني، كانت لحظة خير، ولا سيما أني جلست أعزف اللحن على البيانو مباشرة، فولد على إيقاع أحرف اسم رزان».

ويضيف: «بعدها تطورت الفكرة في ذهني، وتبلورت ملامحها موسيقياً وشعرياً. طلبت من والدتي فاديا سكاف تحديث هذه الأغنية بقصيدة جديدة من تأليفها، لأصدر العمل بقالب آخر. فتكون معانيه أوسع، ويحاكي الجمهور العربي. فكانت أغنية (غناك القلب) التي تحولت إلى تجربة فنية تحمل بصمة العائلة والإنسانية معاً».

تلاقي الأغنية نجاحاً كبيراً ويشاهدها اللبنانيون عبر شاشات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي. استطاع أمين هاشم من خلالها استقطاب مختلف الشرائح الاجتماعية. فجذب بأدائه الكبار، كما الصغار. وشكّلت موسيقى الأغنية وكلامها عملاً فنياً، ولّد نبضاً فنياً مختلفاً على الساحة. وحضّ كثيرين على التعرّف إلى خط فني جديد لا يشبه غيره.

ويرى هاشم أنه لمس من خلال هذه الأغنية انفتاحاً واسعاً على تقبّل الأغنية بالفصحى، بقالب أوبرالي شرقي وعصري. يضيف: «الفصحى حين تقدّم بإحساس صادق وأسلوب حديث، تتحول إلى لغة موسيقية تستسيغها الأجيال الجديدة».

أما الرسالة التي أراد إيصالها من خلال هذه الأغنية فهي: «إن الموسيقى قادرة على توحيد القلوب. كما أن اللغة العربية لا تقل جمالاً وأناقة عن أي لغة عالمية. وأعتبر (غنّاك القلب) دعوة للاحتفاء بالهوية والحب والجمال. وهي تجسد الروح الإنسانية التي تتجاوز بمعانيها الحدود والاختلافات الثقافية».

يعوّل أمين هاشم كثيراً على هذا العمل ليجول به في أميركا (المكتب الإعلامي للفنان)

ويكشف أمين هاشم أن «غنّاك القلب» ليست سوى بداية لمسار فني جديد. ويستطرد: «أعمل حالياً على تطوير مشروع موسيقي كامل بالفصحى. أدمج فيه بين الفن الأوركسترالي العالمي وروح الشرق. فأنا على قناعة بأن الفكر العالمي يمكن أن يقدّم بلغتنا العربية. فهي من أجمل اللغات في العالم، وأعدّها لغة الفن والخلود». ومن ناحية ثانية، يستعدّ أمين هاشم لدخول تجربة فنية أخرى، تتمثل في مشاركته بالعمل المسرحي الأوبرالي «عنتر وعبلة».

تتألف المسرحية من فصلين، ومدة عرضها نحو 90 دقيقة، تروي حكاية «عنتر وعبلة» من خلال الغناء الأوبرالي الملوّن ببعض المقاطع الشعرية، تعود للفارس العربي عنترة بن شداد.

أما نهاية القصّة التي بقيت مبهمة تاريخياً، فتركت على حالها، لكن مع تحميلها رسائل اجتماعية تتناول الشجاعة، والتمييز العنصري، والحب، وغيرها. ويعود توقيعها الموسيقي للمايسترو مارون الراعي. ويعلّق الفنان اللبناني: «لقد كان المايسترو الراعي أستاذي في المعهد الوطني للموسيقى. وأنا معجب جداً بالألحان والموسيقى التي يؤلفها. وطلبت منه للمشاركة في هذا العمل تعديل دور عنتر لينسجم مع الغناء الأوبرالي. وكذلك ضرورة القيام بإعادة توزيع الموسيقى والنظرة العامة للمسرحية. وكان شرطه ألا يتم تغيير الشعر الذي كتبه أنطوان معلوف».

ومنذ يونيو (حزيران) الفائت، بدأت التحضيرات لهذا العمل لصياغته في قالب جديد. وتحول إلى قطعة فنية أوبرالية كلاسيكية بامتياز. صارت بذلك توازي بتقنيتها العمل الأوبرالي العالمي. ويتولى السينوغرافيا إيلي زيدان، فيما يوقع إخراجها أندرو هاشم.

يعوّل أمين هاشم كثيراً على هذا العمل ليجول به في أميركا: «نحاول من خلاله بناء ثقافة فنية للمستقبل. وكوني أغني في 8 لغات مختلفة، فمن البديهي أن أفكر بذلك. كما أن العربية الفصحى تستأهل منا هذا الاهتمام. وأن ننقلها إلى دول العالم في قالب فني مختلف وجديد. فقد حان الوقت لتصدير ثقافتنا العربية إلى الغرب وبالمستوى المطلوب».

ويرى هاشم أن المطلوب منا اليوم العمل الفني بحرفية كبيرة، قائلاً: «تصلني أصداء دولية عن اهتمام كثيرين بهذا النوع من الأعمال».

يلعب أمين هاشم دور عنترة، فيما تجسد مريم معوّض دور عبلة. ويوضح هاشم، في سياق حديثه: «بحثت عن عبلة، وأخيراً وجدتها في سان دياغو ـ أميركا. وهي من مدينة زحلة البقاعية، تغني بشكل ممتاز، وتؤدي أغاني للسيدة فيروز بصوت رائع، وتتمتع من ناحية أخرى، بلغة جسد من الطراز الأول، فتقدم لوحاتها التمثيلية بجدارة. وهي حائزة على جائزة عن مغناها في أميركا. ووجدتها مناسبة جداً للقيام بهذا الدور، كونها ملمّة بالموسيقى الشرقية والغربية».

ويؤكد هاشم أن مُشاهد «عنتر وعبلة» سيخوض تجربة فنية فريدة من نوعها، ويعيش تلك الحقبة بكل تفاصيلها، وجرى الاستعانة بتكنولوجيا متطورة لتشكّل أدوات بصرية بمستوى رفيع. وهو ما سيولّد مفهوماً فنياً معاصراً وحديثاً.


دارين حدشيتي لـ«الشرق الأوسط»: المسؤولية على الفنانين كبيرة

تثق باختياراتها الفنية بعيداً عن الـ"ترندات" الرائجة اليوم (دارين حدشيتي)
تثق باختياراتها الفنية بعيداً عن الـ"ترندات" الرائجة اليوم (دارين حدشيتي)
TT

دارين حدشيتي لـ«الشرق الأوسط»: المسؤولية على الفنانين كبيرة

تثق باختياراتها الفنية بعيداً عن الـ"ترندات" الرائجة اليوم (دارين حدشيتي)
تثق باختياراتها الفنية بعيداً عن الـ"ترندات" الرائجة اليوم (دارين حدشيتي)

بعد غياب دام نحو 14 عاماً، تعود الفنانة دارين حدشيتي بألبوم «مش ناطرة»، ويتألّف من 7 أغنيات باللبنانية، و4 أخرى بالخليجية والمصرية.

يشكّل هذا العمل بالنسبة لها العودة المنتظرة. فمنذ خسارتها لمدير أعمالها جورج أنستاسيادس اختفت عن الساحة، وامتنعت عن إصدار أغنيات جديدة أو أي إطلالات إعلامية. تقول في هذا الصدد لـ«الشرق الأوسط»: «مررت بأوقات عصيبة. وعشت خيبات أمل وإحباطات. كما أن رحيل مدير أعمالي جورج أنستاسيادس أثّر بي كثيراً، فخسارته لم تكن بالأمر السهل قط. كان الأب والرفيق والسند. وعندما رحل تملّكتني مشاعر الحزن».

تتنوع موضوعات ألبومها الجديد بين الرومانسية والطرب الشعبي وأنماط موسيقية مختلفة (دارين حدشيتي)

وتشير حدشيتي التي حصدت شهرة واسعة منذ إصدارها «قدّام الكل» في عام 2005 إلى أن تبدّل الساحة لعب أيضاً دوره، إذ أخّر عودتها، لا سيما أنه شابها هبوط في مستوى الأعمال المنتجة.

وعن سبب عودتها اليوم تردّ: «تم تسريب أغنيات ألبومي (مش ناطرة). تفاجأت بالأمر في بادئ الأمر، ولكن عندما لمست تجاوب الناس مع أغانيه، قررت المضي في الترويج له. فالفرصة كانت سانحة لهذه العودة التي أجّلتها أكثر من مرة».

وتروي دارين حدشيتي مراحل إنجازها لهذا الألبوم: «الأغاني اخترتها مع مدير أعمالي قبل أن يرحل بفترة. نفّذناه بدقة كي يكون على المستوى المطلوب. وتم تسجيل أغانيه في بيروت وفي القاهرة. ومنذ ذلك الوقت والألبوم ينتظر أن يرى النور».

وتصف الفنانة اللبنانية ألبومها الجديد بأنه من الانتاجات التي تطلّبت الجهد والعمل. وتستطرد: «لم أحزن لتسريب أغانيه، ولكنني كنت أرغب في تقديمه ضمن عملية تسويق تليق به. لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. والمسؤولية تقع على عاتقي الآن أكثر مما كانت عليه من قبل».

تستعد لتصوير أغانيها وتدرس هذه الخطوة بشكل جيد (دارين حدشيتي)

وعما إذا ما كانت خائفة من السير في مشوارها بسبب هذا الغياب الطويل. توضح: «لا أخاف بتاتاً. ما زلت أملك الحضور والصوت المطلوبين، وعندي الحماس نفسه، وحب الغناء كما في السابق. كما أنني واثقة بأن خياراتي ممتازة، ولا تمت بأي صلة إلى الـ(ترندات) الرائجة اليوم».

أكثر ما يزعجها اليوم، هو كيفية التعاطي مع الفنانات. «تواجه المرأة المغنية تحديات كثيرة، يطلب منها تنازلات مقابل إحياء الحفلات أو الإصدارات الجديدة. بالنسبة لي الفن لا يعني الربح الوفير أو مصدراً للمال السهل. لا أستطيع تقديم أغان هابطة كي أساير أجواء الساحة. تربيت على الأصالة، وأسعى دائماً لتقديم الأفضل. ولا أعدّ أنني ابتدأت المشوار من جديد، لا بل أكمله بكل ما عندي من مواصفات حقيقية».

تؤكد بأن الساحة الفنية تبدّلت تماماً (دارين حدشيتي)

برأيها أن الشهرة صارت سهلة، ويمكن لأي شخص أن يصبح نجماً بين ليلة وضحاها. هناك فنانون يقدمون على خطوات ناقصة، فقط لأجل الاستمرارية. وتعلّق: «لا بأس في أن يغيب الفنان لفترة، كي يقوم بالخيارات المناسبة فلا ينجرف وراء المبتذل».

يتألف ألبوم «مش ناطرة» من 11 أغنية تتنوع موضوعاتها بين الرومانسية والطرب الشعبي وأنماط موسيقية مختلفة. من بين الأغنيات: «زي كل مرة» كلمات وسام صبري وألحان تامر علي وتوزيع جان ماري رياشي، و«مش عندك» كلمات إلياس ناصر وألحان جورج كرم وتوزيع عادل عايش، و«تاركني لمين» من كلمات منير بو عساف وألحان زاهر البابا، و«ليه الدنيا» من تأليف الشيخ الصباح ناصر الصباح وألحان الدكتور يعقوب الخبيزي، وكذلك «فاكرها سهلة» من كلمات وسام صبري وألحان ناصر علي. فيما أغنية الألبوم «مش ناطرة» من كلمات حياة آسر وألحان يعقوب الخبيزي.

الفن لا يعني لي الربح الوفير ولا أستطيع تقديم أغانٍ هابطة كي أساير أجواء الساحة

وتؤكد حدشيتي أنها ورغم غيابها، وانقطاع أي علاقة لها مع الإذاعات، لا تزال أغانيها تبث وتلاقي الدعم والنجاح.

«لم ينسني الناس، وكنت مطالبة دائماً منهم بالعودة إلى الساحة. قد لا يحقق الألبوم النجاح المنتظر، ولكنني سأثابر وأستمر وسأعمل على أغنيات جديدة».

وعما لاحظته وهي بعيدة عن الساحة تردّ: «كنت أستغرب ما أسمعه. فالمحتوى اختلف تماماً حتى لدى بعض نجوم الغناء، حتى إن أعمالهم لا تليق بتاريخهم الجميل». وتتابع: «مع أن الجمهور العربي الواسع يتذوق الفن الأصيل. وعندما يقارن بين أعمال البارحة واليوم يلاحظ التراجع، فيوجّه النقد للفنان. لذلك أردد دائماً بأن مسؤولية كبيرة تقع على الفنان نفسه. وهو من يصنع الفن الأصيل وعكسه. وأنا شخصياً ما زلت أستمع إلى الأعمال القديمة. فالجديد منها لا يعجبني ولا يروي شغفي الفني أو يحفزّني على الإصغاء».

وتشير إلى أنها تستعد لتصوير أغانيها، ولكن بعد درس هذه الخطوة بشكل جيد. فهي تعاني من خسارة مدير أعمالها الذي كان يشكّل البوصلة بالنسبة لها ويوجهها نحو الجهة التي تناسبها. وتضيف: «كان بمثابة أبي الروحي إذ كان يمدّني بالقوة. وأنا متمسّكة بكل ما علّمني إياه، ولذلك لم ولن أصدر إلا العمل الجيد وعلى المستوى المطلوب. فقد كان يحب الفن الراقي، ويعمل من أجل استمراريته».