انسحاب رئيس حزب الحل يهدد بتصدع تحالف البناء في العراق

الكربولي عزا ذلك إلى عدم تطبيق كل ما تم الاتفاق عليه لمشروع وطني

عراقيون يضيئون شموعاً من أجل الضحايا الذين سقطوا في ذكرى سقوط بغداد عام 2003 أمام القوات الأميركية (أ.ب)
عراقيون يضيئون شموعاً من أجل الضحايا الذين سقطوا في ذكرى سقوط بغداد عام 2003 أمام القوات الأميركية (أ.ب)
TT

انسحاب رئيس حزب الحل يهدد بتصدع تحالف البناء في العراق

عراقيون يضيئون شموعاً من أجل الضحايا الذين سقطوا في ذكرى سقوط بغداد عام 2003 أمام القوات الأميركية (أ.ب)
عراقيون يضيئون شموعاً من أجل الضحايا الذين سقطوا في ذكرى سقوط بغداد عام 2003 أمام القوات الأميركية (أ.ب)

أعلن الزعيم السني جمال الكربولي رئيس حزب الحل انسحابه من تحالف البناء بعد نحو 6 شهور على تشكيل تحالفي البناء والإصلاح والإعمار اللذين ألغيا مفهوم الكتلة الأكبر طبقا للدستور العراقي ومهدا لترشيح رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي.
وفي بيان له في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس الأربعاء قال الكربولي إن «انضمامي إلى كتلة البناء كان بناء على نيات طبيعة في سبيل تحقيق السبق في صياغة مظلة وطنية جامعة تعلو على كل الانتماءات الضيقة». وأضاف أن «طموحنا في صناعة أفق سياسي وطني بمعناه الحقيقي لم يتحقق منه شيء منذ ما يقرب على العام لذلك أعلن انسحابي من تحالف البناء كخطوة أولى لتصحيح المسار في إطار البحث عن مشروع وطني يعمل بجد لعراق مزدهر يتساوى فيه جميع العراقيين».
من جهته قال لـ«الشرق الأوسط» محمد الكربولي عضو البرلمان العراقي ورئيس كتلة الحل في المحور الوطني وشقيق جمال الكربولي إن «انسحاب أخي جاء بسبب عدم تطبيق كل ما تم الاتفاق عليه في إطار المشروع الوطني الذي ما زلنا نعمل من أجل تحقيقه».
وردا على سؤال فيما إذا كان قرار الكربولي نهائيا أم قابلا للتراجع قال الكربولي: «الأساس في العمل السياسي هو المرونة وبالتالي لا توجد تقاطعات حادة بحيث لا يمكن التفاهم بشأنها»، مؤكدا «وجود مباحثات تقودها أطراف في البناء من أجل حمل الكربولي على التراجع».
وكان قيادي في تحالف البناء أكد من جانبه أن تحالف البناء دخل في حوارات مع رئيس حزب الحل جمال الكربولي من أجل إعادته إلى تحالف البناء، وذكر القيادي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه في تصريح صحافي أمس الخميس إن «قيادات تحالف الفتح، بدأت بحوارات واتصالات مع رئيس حزب الحل جمال الكربولي من أجل إرجاعه إلى تحالف البناء». وأضاف أنه «لغاية الآن لا نعرف سبب إعلان الكربولي انسحابه من تحالف البناء، فالحوارات مستمرة معه، لغرض معرفة السبب والتوصل إلى نتائج من أجل إرجاعه إلى التحالف مجدداً».
في ذات السياق أوضح لـ«الشرق الأوسط» عبد الله الخربيط عضو البرلمان العراقي عن المحور الوطني ضمن تحالف البناء أن «الدكتور جمال الكربولي يحمل شهادة في الطب لكنه في الواقع سياسي محترف»، مبينا أن «انسحاب الكربولي ما لم يتم تداركه من قبل قيادات البناء فإن هذا سيكون بداية تفككه ويبدو أن الكربولي أراد تحقيق هدفه عبر هذا الانسحاب في وقت مهم جدا».
وكان الكربولي أعلن انسحابه من تحالف البناء عقب اجتماع عقده التحالف مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الذي كان اجتمع قبل نحو أسبوعين مع تحالف الإصلاح والإعمار. وتشكل التحالفان (البناء ويضم الفتح بزعامة هادي العامري ودولة القانون بزعامة نوري المالكي) و(الإصلاح والإعمار الذي يضم تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر والحكمة بزعامة عمار الحكيم والنصر بزعامة حيدر العبادي والوطنية بزعامة إياد علاوي) بعد مرور نحو أربعة شهور على ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في العراق في الشهر الخامس من العام الماضي والتي فاز فيها تحالف «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري بالمرتبة الأولى تلاه تحالف الفتح، غير أن تلك التحالفات لم تتمكن من تشكيل الكتلة الأكبر بسبب اختلاف التفسيرات الدستورية لمفهوم الكتلة الأكبر وعدم حسم المحكمة الاتحادية للأمر.
وبعد مباحثات بين الكتل من أجل تشكيل الكتلة الأكبر فقد تم تشكيل تحالفين وهما البناء والإصلاح والإعمار ادعى كل واحد منهما بأنه هو الكتلة الأكبر طبقا لتفسير المحكمة الاتحادية. غير أن الأخيرة رفضت إعطاء تفسير جديد لمفهوم الكتلة الأكبر بغير ما أفتت به خلال عامي 2010 و2014. وعلى أثر ذلك تم التوافق على ترشيح شخصية توافقية لرئاسة الحكومة مع تعذر تشكيل الكتلة الأكبر التي ترشح من بينها رئيسا للوزراء. وعبر تفاهم قاده زعيم سائرون مقتدى الصدر وزعيم الفتح هادي العامري تشكلت الحكومة الحالية التي لا تزال أربع وزارات منها شاغرة وهي الدفاع والداخلية والتربية والعدل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.