علاج إشعاعي متطور للأورام السرطانية

مزايا أشعة ألفا الموجهة تفتح آفاقاً جديدة للقضاء على الأورام المقاومة

علاج إشعاعي متطور للأورام السرطانية
TT

علاج إشعاعي متطور للأورام السرطانية

علاج إشعاعي متطور للأورام السرطانية

اختتمت قبل أيام الندوة وورشة العمل التي عقدت في مدينة أوسلو في النرويج حول المستجدات في العلاج الإشعاعي للأورام السرطانية واستخدام أشعة ألفا الموجهة (مناقشة الأبحاث القائمة في هذا المجال). ونظم هذا الحدث الطبي شركة باير العالمية للأدوية. وحضرت «صحتك» بجريدة «الشرق الأوسط»، حصريا، هذه المناسبة بدعوة من اللجنة المنظمة كصحيفة تمثل منطقة الخليج والشرق الأوسط.

تقنية علاجية
ما هي تقنية تي إيه تي TaT؟ تحدث إلى «صحتك» الدكتور فولكر فاغنر Volker Wagner (نائب الرئيس، ورئيس مجموعة التطوير السريري العالمي لمنطقة بازل، سويسرا، الخبير في علاج الأورام والطب في أوروبا والولايات المتحدة، وأحد المتحدثين في الندوة - فأوضح أولا أن العلاج الكيميائي في كثير من الأحيان يكون غير فعال ضد الأورام المنتشرة (metastasis)، ما حفز العلماء للعمل على التغلب على دفاعات الخلايا السرطانية في هذه الأورام باستخدام الإشعاع (radiation)، حيث يتم توجيه المكون الإشعاعي عبر الجسم حتى يصل إلى موقع الهدف، ثم يُصْدِر إشعاعاً مستهدفاً لتدمير الورم في هذا الموقع المحدد.
وقد يكون هذا النهج الجديد للعلاج الإشعاعي مصدراً لأمل جديد للمرضى الذين يعانون من سرطان العقد اللمفاوية أو سرطان البروستاتا أو سرطان الثدي. وأضاف أن تقنية العلاج الإشعاعي الموجه باستخدام موجات ألفا، تي إيه تي (Targeted alpha Therapy، TaT) تعتمد على توجيه نوع محدد من الإشعاع وهي أشعة ألفا، ومن المعروف أن هناك ثلاثة أنواع من الأشعة تصدر عندما تتحلل النظائر المشعة، فإما أن تصدر أشعة غاما أو أشعة بيتا أو أشعة ألفا. وتتميز أشعة ألفا بأن لها تأثيرا أقوى على الخلايا السرطانية ما يمكنها من تدمير الحمض النووي دي إن إيه DNA لتلك الخلايا. والمعروف أن هذا الحمض موجود في صورة شريطين مزدوجين، وقد وُجد أن أشعة ألفا تستطيع أن تدمر الشريطين معا مما يصعب معه أن تعود هذه الخلايا لتجدد نفسها مرة أخرى، بينما نجد أن أشعة بيتا تدمر شريطا واحدا فقط من الاثنين مما يجعل الأمر سهلا على الورم كي يجدد نفسه مرة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، فإن أشعة ألفا تتميز أيضا بقصر المدى الاختراقي مما يحصرها فقط داخل الخلية السرطانية للورم، بينما أشعة بيتا وأشعة غاما تستطيع أن تتعدى حدود الورم إلى الخلايا المجاورة مما ينتج عنه بعض الآثار غير المرغوب بها.
عمل أشعة ألفا
كيف تعمل أشعة ألفا؟ تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة آنا مينشوم Dr Anna Minchom الاستشارية في علم الأورام الطبي وعالمة سريرية تابعة لوحدة تطوير الأدوية، ومعهد أبحاث السرطان، ووحدة الرئة في مستشفى مارسدن الملكي the Royal Marsden Hospital في بريطانيا والمتحدثة في هذه الندوة العلمية - فأوضحت أن هناك طريقتين لتوجيه هذه الأشعة (ألفا) لتدمير الخلايا السرطانية. هما:
•الطريقة الأولى: باستخدام نظائر مشعة هي في حد ذاتها لديها توجه لأنسجة معينة. وعلى سبيل المثال نأخذ عنصر الراديوم 223 (Radium - 223)، وهو من النظائر المشعة وهو يشبه الكالسيوم، ومن المعروف أن الكالسيوم يتوجه إلى العظام، فعندما نعطي هذا النظير المشع (راديوم - 223) للمريض فإنه يتوجه مباشرة ليتراكم داخل العظام وبذلك يسهل عليه معالجة الأورام السرطانية المنتشرة (metastasis) في العظام وهذا هو الاستخدام، حاليا، لعنصر الراديوم 223 ويعتبر هو المثال الوحيد لتقنية TaT المستخدمة في الإنسان، حاليا.
•الطريقة الثانية: إنها تعتمد على أن نربط هذا النظير المشع مع ما يسمى بالأجسام المضادة ذات النسيلة الأحادية (monoclonal antibodies) والتي من خواصها أنها ترتبط بشيء واحد فقط، فإذا تعرفنا إلى شيء يحدث مثلا في أورام الثدي أو أورام الرئة أو أي ورم آخر، وأخذنا هذا الجسم المضاد وركبنا عليه النظير المشع فإن هذا الجسم المضاد سوف يحمل النظير المشع ويتوجه به إلى الخلية السرطانية فقط ولا يذهب لأي مكان آخر في الجسم، وبهذه الكيفية نستطيع توجيه هذا النظير المشع إلى ورم محدد في مكان محدد من جسم الإنسان، وهناك يبدأ هذا النظير المشع بالتحرر وإطلاق أشعة «ألفا» لتدمير الخلايا السرطانية. وهذا ينطبق على الراديوم - 223 وهو موجود حاليا في دواء واحد فقط هو ألفا رادين لعلاج سرطان البروستاتا المتقدم.
العلاج الإشعاعي بين الماضي والحاضر
تحدث إلى «صحتك» الدكتور خالد عبد الحليم إبراهيم: المدير الطبي لشركة باير الشرق الأوسط قسم الأورام - فأوضح أن العلاج الإشعاعي مَرَّ بتطورات كثيرة منذ أكثر من 100 عام من بداياته، فقد بدأ التعرف على العلاج الإشعاعي في عام 1895 وكان في صورة أشعة إكس (x ray) المعروفة. واستمر تطور العلاج الإشعاعي حتى وصل إلى أن يكون علاجا موجها بصفة خاصة تجاه الخلايا السرطانية ومن دون أن يؤثر على الخلايا الطبيعية السليمة.
والمشكلة الكبرى التي تواجهنا في علاج الأورام سواء بالعلاج الكيميائي أو بالعلاج الإشعاعي، أن يذهب العلاج إلى الخلايا السرطانية وفي نفس الوقت يذهب أيضا إلى الخلايا السليمة فيكون الضرر أحيانا أبلغ من الفائدة المرجوة. وعليه جاء التطور للانتقال من العلاج الإشعاعي العام الموجه للجسم كله إلى العلاج الإشعاعي الموجه نحو الورم السرطاني فقط، بل ووصل التطور في هذا المجال لأن يكون العنصر المشع موجها ليستقر داخل الورم ومن ثم يبدأ الإشعاع.
وبعد عام 1895 كان اكتشاف العالمة الشهيرة ميري كيوري للراديوم سنة 1898 والذي مهد الطريق لاستخدام النظائر المشعة، وكان اليود المشع (أيودين - 131) هو من النظائر المشعة التي استخدمت في علاج الأورام، وهو يستخدم إلى الآن في علاج أورام الغدد الدرقية. وبحلول عام 1950 جاءت أشعة غاما أو ما يعرف بأشعة غاما لايت واستخدمت تحديدا في علاج أورام الدماغ. ومن نحو ست سنوات بدأ التعرف على ما يعرف بالعلاج الموجه بأشعة ألفا وكان ذلك في عام 2013. إن هذا النوع من العلاج يمكن أن يكون مصدر أمل وعلى وجه الخصوص للمرضى الذين يعانون من أورام مقاومة refractory tumors.
مقارنات ومفاضلات
أوضح الدكتور خالد عبد الحليم أن العلاج الإشعاعي بالطريقة القديمة كان يؤثر على الخلايا السرطانية وأيضا على الخلايا السليمة ابتداء من الجلد في منطقة الورم وعلى النخاع العظمي الذي يقوم بإنتاج معظم خلايا الدم ومنها الخلايا الحمراء فيصاب المريض بالأنيميا والخلايا البيضاء فيصاب المريض بضعف في المناعة وأيضا الصفائح الدموية فيكون أكثر عرضة للنزف.
وأضاف أنه مع العلاجات الحديثة الموجهة استطعنا الآن أن نحصر وجود المادة المشعة داخل الورم فقط من دون أي تأثير على الخلايا المجاورة السليمة، كما أننا قبل استخدام العلاج الموجه لم نكن نستطيع أن نعطي جرعات عالية من المادة المشعة خوفا على المريض من الآثار الجانبية فكان التأثير الطبي المرجو من العلاج ضعيفا. أما الآن ومع العلاجات الموجهة استطعنا بكل أريحية أن نعطي المريض جرعات أعلى تفيد في القضاء على الورم بشكل أفضل وفي نفس الوقت تكون آمنة على الخلايا المجاورة السليمة.

{راديوم - 223}
يقول الدكتور خالد عبد الحليم إن أول العلاجات الموجهة من مجموعة (TaT) والتي سجلت بإدارة الغذاء والدواء الأميركية هو ما يعرف باسم راديوم - 223 أو «ألفا رادين» وقد سجل أيضا في نحو 50 بلدا آخر في العالم ومنها المملكة العربية السعودية، حيث إنه سجل في هيئة الغذاء والدواء السعودية، ويستخدم في علاج سرطان البروستاتا في مراحله المتقدمة، والتي تكون فيه الخلايا السرطانية قد انتشرت إلى العظام.
يقول الدكتور خالد عبد الحليم إن هناك مضاعفات وآثارا جانبية قد يعاني منها المريض ولكنها بسيطة وتزول عادة مع الوقت وأهمها التأثير على الجهاز الهضمي مثل القيء والإسهال وقد يحدث أيضا انخفاض في الخلايا الدموية سواء الحمراء أو البيضاء وقد يحدث تورم في الأطراف سواء في اليدين أو الرجلين.
وحيث إن العلاج المتوفر والمستخدم حاليا هو «ألفا رادين» والذي يعطى فقط لعلاج سرطان غدة البروستاتا (أي عند الرجال) فهنا يجدر التنبيه على زوجة المريض الرجل الذي يستخدم هذا العلاج، أن تستخدم هي إحدى وسائل منع الحمل الآمن كي تتجنب إصابة الجنين بتشوهات لأن الحيوانات المنوية لهذا الرجل المصاب قد تعرضت للإشعاع.
وسوف تزول الآثار الجانبية البسيطة خلال أسابيع، أما التأثير على الحيوانات المنوية فقد يستمر لشهور، وكما نعلم أن دورة تكوين الحيوان المنوي تستغرق 72 يوما أو قريبا من ثلاثة أشهر فلذلك يجب الامتناع عن الحمل لمدة ثلاثة أشهر بعد الانتهاء من العلاج، علما بأن العلاج يستغرق ستة أشهر، حيث يعطي على شكل حقنة بالوريد كل 4 أسابيع، وبعد انتهاء العلاج يجب استمرار الزوجة في استعمال موانع الحمل لمدة ثلاثة أشهر أخرى حتى يتم التأكد من خلو النطف الذكرية من أي آثار إشعاعية.
*استشاري طب المجتمع



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».