هل تكون النساء ضحايا السلام في أفغانستان؟

نساء أفغانستان يخشين عودة الزمن إلى الوراء بعد اتفاق سلام بين الولايات المتحدة الأميركية و«طالبان»
نساء أفغانستان يخشين عودة الزمن إلى الوراء بعد اتفاق سلام بين الولايات المتحدة الأميركية و«طالبان»
TT

هل تكون النساء ضحايا السلام في أفغانستان؟

نساء أفغانستان يخشين عودة الزمن إلى الوراء بعد اتفاق سلام بين الولايات المتحدة الأميركية و«طالبان»
نساء أفغانستان يخشين عودة الزمن إلى الوراء بعد اتفاق سلام بين الولايات المتحدة الأميركية و«طالبان»

بدأت شرائح من المجتمع الأفغاني في التخوف من مستقبل البلاد ما بعد أي اتفاق سلام بين الولايات المتحدة الأميركية و«طالبان»، وانعكاس ذلك بسيطرة «طالبان» على مقاليد الحكم في أفغانستان. فقد بدأت الكثير من النساء العاملات، خصوصاً في العاصمة كابل، في التخوف من مستقبل غامض قد يطيح بأعمالهن خارج المنزل، آخذات بعين الاعتبار ما كانت عليه سياسة «طالبان» فترة حكمها السابقة.
فقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن نساء في العاصمة كابل تخوفهن من أن التوصل إلى اتفاق سلام مع «طالبان»، قد يفضي إلى التخلي عن الكثير من حقوقهن، ويرين أن من السذاجة الاعتقاد بإمكانية تغيير تفكير «طالبان»، كما قالت ليلي إحدى الموظفات في كابل.
ونقلت الوكالة عن ليلى حيدري المسؤولة عن حركة «أنا أيضاً أفغانستان» التي تناهض عودة «طالبان»، وجود أشرطة فيديو تتعرض فيها النساء للضرب في المناطق التي تسيطر عليها «طالبان». وتدير ليلى حيدري مطعماً يرتاده الشباب والفتيات الأفغان معاً، وقالت «إن عادت (طالبان) للحكم، سيتوجب على النساء التوقف عن ارتياد الأماكن العامة».
أما مينا رضائي التي تدير مقهى في كابل، تعزف فيه الموسيقى، فقالت: «لا نريد العودة إلى الوراء والتخلي عن حريتنا».
وتخشى الكثير من النساء اللواتي حصلن على أعمال أو يدرن أعمالاً خاصة بهن في كابل من أي سحب لقوات حلف شمال الأطلسي، حسبما أعلن في مسودة الاتفاق مع «طالبان»، يؤدي لإمكانية عودة «طالبان» وفق اتفاق سلام يتم التوصل إليه لاحقاً. وكانت «طالبان» منعت الاختلاط في التعليم إبان فترة حكمها، ومنعت عمل المرأة في كثير من المهن التي فيها اختلاط بالرجال، وأبقت عليهن في مجال التمريض والطب ومدارس محدودة للبنات، حيث قالت «طالبان» آنذاك إن الموارد المالية لها لا تسمح بأكثر من ذلك.
وقالت نفيدة بيات من إقليم جاغوري وسط أفغانستان إنها ما زالت تتذكر إحراق مدرستها أمام أعينها على يد قوات «طالبان» حين سيطرت على أفغانستان.
وأشارت تقديرات أميركية إلى أن مثل هذه الممارسات لا تزال تقع في المناطق الواقعة خارج سيطرة الحكومة، حيث أشارت التقديرات الأميركية إلى عدم ذهاب الفتيات إلى المدارس، وعدم عمل النساء إلا في القطاعات الحكومية. وأشارت الباحثة هيذر بار إلى حق الأفغانيات في توخي الحذر، لأنهن كن مستبعدات، حسب قولها، من عملية التفاوض مع «طالبان»، مضيفة: «إنْ تحسن سلوك (طالبان) حيال النساء في 2001 فإنه لا يزال بعيداً عن المساواة في الحقوق، كما نص عليه الدستور الأفغاني». وحظيت النساء في حكم الرئيس السابق كرزاي والحالي أشرف غني بمشاركة أوسع في العمل السياسي وغيره من المهن الحكومية والخاصة، حيث أسندت للنساء ثلاث حقائب وزارية، وحظين حسب الدستور بنسبة 27.7 في المائة من مقاعد البرلمان. وأشار تقرير للأمم المتحدة إلى وجود 2.5 مليون طالبة أفغانية من بين 8 ملايين طفل في المدارس، كما ارتفعت نسبة النساء العاملات لتصل إلى 19 في المائة من مجموع القوى العاملة عام 2016، لكن رغم برامج المساعدات السخية للدول الغربية، والدعاية المؤيدة والتشجيع من القوى الغربية لا تزال أفغانستان مصنفة حتى العام الماضي في المرتبة الأخيرة في «مؤشر جورجتاون للنساء»، ومنظمة «سلام وأمان» لقياس وضع النساء ومدى حصولهن على استقلاليتهن. وتعيش غالبية الأفغانيات المتعلمات في المدن، ويشكلن أقلية صغيرة جداً في هذا البلد، حيث تقدر نسبة النساء المتعلمات بـ17 في المائة لتنخفض في الولايات النائية إلى أقل من 2 في المائة.
وتشعر النساء المقيمات في الأرياف بالقلق نفسه وهن ضحايا الفقر وانعدام الأمن ومستويات قياسية من الوفيات لدى الولادة، وحقوقهن محدودة نتيجة التقاليد المحافظة جداً.
ويتناقض كلام نساء كابل مع ما ذكرته وكالات أنباء غربية، نقلاً عن نساء في ولاية قندوز التي يسيطر مقاتلو «طالبان» على غالبية مناطقها، من أن قوات «طالبان» لا تفرض عليهن غطاء الوجه، أو ما يسمى في الثقافة الأفغانية «البرقا»، كما لا تمنع قوات «طالبان» النساء من العمل في الدوائر الحكومية أو الأعمال الخاصة.
وكانت «طالبان» ألمحت في عدد من بياناتها ورسائلها إلى أنها ستعمل على إشراك جميع شرائح الشعب الأفغاني في الحكم في أفغانستان، والاستفادة من كل الطاقات الأفغانية في إعادة بناء البلاد، وقال ذبيح الله مجاهد الناطق باسم «طالبان» إن ما تسعى إليه «طالبان» إن عادت إلى الحكم لن يكون كما كانت عليه حين الإطاحة بحكمها عام 2001، حين غزت القوات الأميركية أفغانستان.
وقالت ربة الأسرة حسينة (32 عاماً) التي تعيش في منطقة ريفية من ولاية هلمند التي تشهد معارك، «من المؤكد أن القيود ستزداد مع عودة (طالبان)». وأضافت: «إننا قلقات ونخشى من تعرض حياتنا للخطر».
من جهتها أعلنت ناديا رضائي، ربة منزل من منطقة ريفية وسط البلاد لجأت إلى غزنة بسبب المعارك: «الحرب منعتني من الذهاب إلى المدرسة، لا أريد أن ينشأ أولادي دون تعليم، ولا أن يمنعني متمردو (طالبان) من الخروج من المنزل دون زوجي». لكن ناشطات أفغانيات يأملن في أن البلاد تغيرت، ولن تسمح الأفغانيات بحرمانهن من حقوقهن دون تحريك ساكن، كما قالت ناشطات مدافعات عن حقوق المرأة لوكالة الصحافة الفرنسية. وقالت فوزية كوفي رئيسة لجنة النساء وحقوق الإنسان في البرلمان، «المرأة الأفغانية باتت أقوى وأقل جهلاً وأكثر تعلماً من أي وقت مضى، ولن يقبل أحد، بمن فيهم الرجال، بعودة أفغانستان إلى 1998».
وتؤكد أنها ترغب في «السلام قبل كل شيء لكن ليس على حساب أوضاع النساء». وتؤيد عطية مهربان وهي في العشرين من العمر، هذا الرأي. وقالت: «إذا اعتقدتم (طالبان) أن بإمكانكم العودة إلى الآيديولوجيا نفسها، وأن تمنعونا من التعلم والعمل فأنتم على خطأ!».
وتؤكد حساي أندار، وهي امرأة أعمال في الأربعين من عمرها أنها تبقى «متفائلة». وتضيف: «لا أعتقد أن العالم سيتخلى عنا مرة أخرى. سيكون ذلك معيباً».


مقالات ذات صلة

عملية بقيادة أميركية تحرر إيزيدية من غزة بعد 10 سنوات في الأسر

المشرق العربي فوزية أمين سيدو امرأة إيزيدية اختطفها «داعش» في العراق وتم إنقاذها بعملية في غزة (وزارة الخارجية العراقية)

عملية بقيادة أميركية تحرر إيزيدية من غزة بعد 10 سنوات في الأسر

قال مسؤولون عراقيون وأميركيون إن شابة إيزيدية عمرها 21 عاماً اختطفها مسلحون من تنظيم «داعش» في العراق قبل أكثر من عقد تم تحريرها من قطاع غزة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا تم تجريم ختان الإناث في إنجلترا وويلز في عام 2003 ويُعرف بأنه شكل من أشكال العنف (رويترز)

الحكم بسجن رجل في بريطانيا للتآمر على ختان فتاة في العراق

قضت محكمة بريطانية على رجل يبلغ من العمر 47 عاماً بالسجن أربعة أعوام ونصف العام بعد إدانته بالتآمر لختان فتاة عن طريق إرسالها إلى العراق لخضوعها للإجراء هناك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تشكل النساء نسبة 33 % من فريق مفتشي البيئة وقادته في «محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية» (الشرق الأوسط)

الجولة رقم 5000 في محمية «محمد بن سلمان الملكية» بإشراف «العنقاوات»

سيّرت «هيئة تطوير محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية» الجولة رقم 5000. بإشراف أول فريق نسائي من مفتشي البيئة في السعودية، والأكبر في الشرق الأوسط.

غازي الحارثي (الرياض)
المشرق العربي سيدات جنوبيات نازحات إلى أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

من «جنّاتهنّ الصغيرة» إلى غرف الإيواء... شهادات نازحاتٍ جنوبيّات في لبنان

خرجن من بيوتهنّ إلى التهجير مباشرةً من دون أن يتمكّنّ من تحضير الحقائب. النازحات اللبنانيات يفتقدن احتياجاتهن الأساسية وكثيراً من الخصوصية.

كريستين حبيب (بيروت)
الولايات المتحدة​ «السيدة الأولى» الأميركية جيل بايدن (أ.ف.ب)

وزارة الدفاع الأميركية تخصص 500 مليون دولار سنوياً لصحة المرأة

أعلنت «السيدة الأولى» الأميركية جيل بايدن، الاثنين، أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ستخصص 500 مليون دولار سنوياً للبحوث المتعلقة بصحة المرأة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ماكرون يأسف لخيارات نتنياهو في لبنان خصوصاً «العمليات البرية»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يأسف لخيارات نتنياهو في لبنان خصوصاً «العمليات البرية»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

أسف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (السبت)، لما قام به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من «خيار» لجهة التدخل العسكري في لبنان، خصوصاً القيام بـ«عمليات برية»، مع تأكيده مجدداً على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

وقال ماكرون خلال المؤتمر الصحافي الختامي للقمة التاسعة عشرة للمنظمة الفرنكوفونية في باريس: «آسف لكون رئيس الوزراء نتنياهو قام بخيار آخر (بدل وقف إطلاق النار الذي اقترحته باريس وواشنطن)، وتحمل هذه المسؤولية، خصوصاً (تنفيذ) عمليات برية على الأراضي اللبنانية».

وأكد أن فرنسا «متضامنة مع أمن إسرائيل»، لافتاً إلى أنه سيستقبل الاثنين، عائلات الضحايا الفرنسيين - الإسرائيليين الذين سقطوا في هجوم حركة «حماس» الفلسطينية في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وأعلن ماكرون أن الأعضاء الـ88 في المنظمة الدولية للفرنكوفونية، وبينهم فرنسا وكندا وبلجيكا، يطالبون «بالإجماع»، بوقف «فوري ودائم» لإطلاق النار في لبنان، العضو بدوره في المنظمة، مع استمرار الغارات الإسرائيلية الكثيفة على مناطق لبنانية عدة.

وقال ماكرون في مؤتمر صحافي اختتم به القمة الـ19 للمنظمة: «أعربنا بالإجماع عن تأييدنا لوقف فوري ودائم لإطلاق النار، وأكدنا التزامنا احتواء التوترات في المنطقة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتوجه ماكرون بالشكر إلى أعضاء المنظمة «بعدما وافقوا على أن تنظم فرنسا مؤتمراً دولياً لدعم لبنان» في أكتوبر.