السلفادور تتطلع إلى إحياء تراث زراعة الكاكاو

السلفادور تتطلع إلى إحياء تراث زراعة الكاكاو
TT

السلفادور تتطلع إلى إحياء تراث زراعة الكاكاو

السلفادور تتطلع إلى إحياء تراث زراعة الكاكاو

عندما اشترى المهاجر الألماني هيرمان هيشت وابن أخيه مزرعة في السلفادور في أواخر القرن التاسع عشر، كرسا حياتهما لزراعة البن الذي كان يتم تصديره بنجاح إلى أوروبا والولايات المتحدة.
كما تم تخصيص مساحات صغيرة من الأرض داخل هذه المزرعة الكائنة تحت سفح بركان إيزالكو، على بعد 60 كيلومتراً غربي العاصمة سان سلفادور، لزراعة أشجار الكاكاو لاستخدام حبوبها للاستهلاك المحلي.
وبعد مرور أكثر من مائة عام من الزمان يسعى الآن رافاييل تريجورس هيشت، وهو سليل عائلة هيشت المهاجر الألماني، لتوسيع نطاق زراعة الكاكاو الذي يرى أن المسؤولين في السلفادور أهملوه.
ويقول تريجورس هيشت، وهو مهندس زراعي «إننا نتحدث عن إعادة ميلاد الكاكاو؛ لأنه كانت تتم زراعة الكاكاو منذ ثلاثة آلاف عام في هذه المناطق من السلفادور المعروفة باسم لوس إيزلاكوس، والكائنة تحت سفح البركان».
وقبل أن يصل الغزاة الإسبان إلى الأميركيتين منذ أكثر من خمسة قرون، كان الكاكاو يعد نباتاً مقدساً بالنسبة للسكان المحليين بالمكسيك وغواتيمالا والسلفادور، حيث كانت تزدهر حضارة المايان القديمة.
وكانت تتم زراعة الكاكاو في مساحات كبيرة، وتتم معالجة حبوب ثمره من أجل الاستهلاك والتجارة.
ولتأكيد أهمية هذا المحصول، يقول مايكل كو، أستاذ علم الإنسان الاجتماعي بجامعة ييل الأميركية، إن «الشوكولاته وحضارة المايان كانتا تسيران يداً بيد».
وأشارت وكالة الأنباء الألمانية إلى وجود دلائل على أن أبناء حضارة المايان القديمة كانوا يعدون شراب الشوكولاته في وقت مبكر يرجع إلى 2500 عام مضت، بل إن بعض الدلائل تشير إلى أن طريقة معالجة حبوب الكاكاو كانت معروفة بالفعل عام 1200 قبل الميلاد.
ويوضح البروفسور كو، أن أفضل المناطق لزراعة أشجار الكاكاو هي تاباسكو في المكسيك، ومنطقة سوكونوسكو الكائنة بين المكسيك وغواتيمالا، وسوشيتبكويز في غواتيمالا، ولوس إيزالكوس في السلفادور. وكان السكان المحليون في حضارة المايان يعلمون خصائص الكاكاو بصفته محفزاً للطاقة، كما كانت تستخدم حبوب الكاكاو عملةً لتبادل السلع مثل الأطعمة والملابس.
وتم عام 1574 تشييد رصيف ميناء في مدينة أكاخوتلا غربي السلفادور والمطلة على المحيط الهادي، حيث لا تزال تجمعات السكان الأصليين تحتفظ بالنمط التقليدي لحياتهم، وكانت السفن الإسبانية تبحر من هناك محملة بالبن والكاكاو، باعتبار أن هذه الحبوب هي المنتجات الأكثر قيمة في ذلك الزمان، حيث إن هذا الإقليم لم يكن ينتج الذهب أو الفضة.
ومع ذلك زرع الإسبان البن وقصب السكر في لوس إيزالكوس بدلاً من الكاكاو، كما أن الإقليم ضربته انفجارات بركانية عامي 1722 و1745؛ مما أدى إلى مزيد من تقليص المساحات المزروعة بالكاكاو في المنطقة. ويقول تريجورس هيشت، إنه تم «التخلي عن» زراعة الكاكاو في السلفادور لقرون عدة، ويرجع السبب في ذلك إلى أنه «لم تول أي حكومة اهتماماً به».
واتخذ هيرمان هيشت، العم الأكبر لتريجورس هيشت، الخطوة الأولى في إقامة مشروع تجاري، عن طريق المشاركة في تأسيس مشروع ناجح لتجارة الحديد، كما اشترى هيشت وابن أخيه برونو، وهو جد تريجورس هيشت، أرضاً زراعية خصبة في لوس إيزالكوس، وقاما بزراعة البن وقصب السكر والتبغ والخضراوات، لكن حصة الكاكاو من هذه الزراعات كانت صغيرة.
ولا يزال محصول الكاكاو نادر الزراعة في السلفادور، وفقاً لما يقوله تريجورس هيشت الذي أسس جمعية تعاونية لإحياء تراث زراعة الكاكاو القديم للمايان.
وتضم الجمعية التعاونية التي يبلغ عمرها عشرة أعوام وتسمى (إي.إس - .كاكاو) أكثر من 60 مزرعة يتم فيها زراعة الكاكاو بالطرق الحديثة، وتنتج الجمعية التي يعمل بها أكثر من 200 عامل نحو 23 طناً من الكاكاو سنوياً.
ويوضح تريجورس هيشت، أنه تتم زراعة نوع محلي من الكاكاو يعرف باسم كاكاو كريولي القديم الذي يرجع إلى عصر حضارة المايان.
ويقول «إننا نصدر الكاكاو بالفعل وليس مجرد الحبوب كما كان الحال من قبل، وإنما مسحوق الكاكاو المصنع»، مؤكداً على الفوائد الصحية لهذا النبات وقيمته في الحفاظ على الأنظمة البيئية المحلية.
وتتوجه الصادرات، التي لا تزال على مستوى متواضع، إلى الولايات المتحدة وبلجيكا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا ودول أخرى معروفة بتصنيع الشوكولاته الصافية.
ومن ناحية أخرى، يعاني البن وهو أحد المنتجات الرئيسية في السلفادور من أزمة، بعد انخفاض أسعاره وتعرض نباتاته للأمراض.
ويرى تريجورس هيشت، أن محصول الكاكاو يمكن أن يساعد على تنويع المحاصيل الزراعية بالسلفادور ويتيح فرصا للعمل.


مقالات ذات صلة

شرب القهوة قد يضيف عامين إلى عمرك

صحتك فنجان قهوة (أ.ب)

شرب القهوة قد يضيف عامين إلى عمرك

كشفت دراسة علمية جديدة، عن أن شرب القهوة قد يطيل العمر، حيث يضيف عامين تقريباً إلى العمر.

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
صحتك شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء (إ.ب.أ)

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

كشفت دراسة جديدة عن أن شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء ويعزز نمو البكتيريا المفيد بها، الأمر الذي يؤثر بالإيجاب في صحتنا ككل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك القهوة غنية بمضادات الأكسدة (أ.ف.ب)

فوائد تناول البروتين مع القهوة في الصباح

يمكن للقهوة والبروتين تعزيز صحتك بطرق متنوعة، فالقهوة غنية بمضادات الأكسدة ويمكن أن تساعد في مقاومة الإجهاد التأكسدي، الذي يرتبط بالإصابة بالأمراض المزمنة.

صحتك لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

ماذا يحدث لجسمك عند تناول رشفة من الكافيين؟

يرصد التقرير كيف يؤثر الكافيين علينا ويسبب تغيراً بيولوجياً في أجسامنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد نائب أمير منطقة جازان يدشن المركز وإلى جانبه نائب الرئيس للشؤون العامة في «أرامكو» خالد الزامل (أرامكو)

«أرامكو» تدشّن مركز تطوير البن السعودي في منطقة جازان

دشّنت «أرامكو السعودية» مركز تطوير البن السعودي في جازان ضمن مبادرات المواطنة التي تقدمها لدعم زراعة وإنتاج البن في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الظهران)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.