لن تستطيع أن تمر في ساحة خان أنطون في أسواق بيروت من دون أن يستوقفك نموذج مبتكر عن الهندسة المعمارية الرقمية المنتشرة حاليا في بلدان عدة.
فهذا النموذج الذي يجري تنفيذه في مختبر التصنيع الرّقمي التابع لكلية العمارة في جامعة بيروت العربية، تحت عنوان «موجة»، أنجزه طلابها مستخدمين أدوات وتقنيات هذه الهندسة المتقدمة، فاستعملوا منصات ترميز وذراعاً روبوتية ذات 6 محاور وتصاميم نماذج حاسوبية وأجهزة القطع بالليزر والطّابعات ثلاثية الأبعاد وآلات الحفر باستخدام الحاسب الآلي. النموذج هو كناية عن هيكلية معمارية تؤلف بتضاريسها تلّة رملية على شكل أمواج تضاء أوتوماتيكيا عندما يتم الجلوس عليها من قبل المارة.
«إنّ الهدف من عرض هذا النّموذج يكمن في تأمين التفاعل الممتع مع المارة» يقول خالد صادق أستاذ محاضر في كلية العمارة في جامعة بيروت العربية. ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن وضع هذا النّموذج في ساحات المدينة فتولد أجواء مميزة مع محيطها. وهي عادة ما يجري استيحاؤها من روحية المكان المتواجدة فيه، وهو ما قمنا به بالنسبة لموقع خان أنطون وسط بيروت، حيث نُفّذ النموذج بشكل يتلاءم مع جامع الأمين ومبنى زها حديد المحيطين به».
وتأتي هذه المبادرة من كلية العمارة في جامعة بيروت العربية بالتعاون مع معهد الهندسة المعمارية المتقدمة في مدينة كاتالونيا (IAAC) المعروفة بمشاريعها الهندسية والتكنولوجية الرّائدة في مجال تغيير شكل المدن.
ولكن إلى من تعود الفائدة في عرض هذا النموذج في أسواق بيروت؟ يردّ: «سيستفيد بالدرجة الأولى منه المارة فهو أنجز ليكون في خدمتهم فكلّما كان المنتج المعماري يلامس ذوق النّاس ويجتذبهم ويتفاعلون معه بشكل أكبر كلما حققنا التواصل الذي نرغب فيه. ومن المستفيدين أيضا طلاب العمارة في مختلف الجامعات بلبنان، إضافة إلى الأشخاص العاديين والمحترفين هواة فن العمارة بشكل عام، فهم يقفون من خلاله على أحدث التطورات التي يشهدها مجال الهندسة المعمارية».
يعد عرض هذا النّموذج الأول من نوعه في لبنان والعالم العربي، ويعتمد على هيكلية معمارية خارجة عن المألوف بحيث يكون مقدمة للإبداع البشري غير المحدود الذي يمكن أن يؤلف أشكالا هندسية ترتكز على استعمالات تكنولوجية متطورة بواسطة رجل آلي (روبوت) يأخذ على عاتقه مهمة القص والحفر وغيرها من متطلبات إنجاز تصميم هندسي. ويُصبّ الإسمنت على هيكلية من الفلين مثلا بشكل عمودي أو أفقي وقطري، ودائما حسب التصميم المرغوب به، فيأتي مطواعا حسب نوعية الأرضية المستخدمة فيه. وبذلك تكون الهندسة الرّقمية قد أفلتت من أسس تقليدية في مجال «صبيّة الإسمنت» بعيدا عن تلك الكلاسيكية المعروفة كالحجر والحديد.
ويأتي تأمين موقع خاص لعرض هذا المنتج المعماري من قبل شركة «سوليدير» من ضمن سياستها الدّاعمة والمشجعة باستمرار للأعمال الإبداعية التي يقدمها الشّباب اللبناني.
وفي هذا الإطار تجري دورة تدريبية مكثفة على مدى أسبوعين تابعة للمدرسة الصيفية العالمية (IAAC Global summer) ومركزها الرئيس في مدينة برشلونة التي يواكبها في إعطاء هذا النوع من الصّفوف 12 بلدا حول العالم، وبينها باريس ونيويورك ولبنان الذي استحدث مقرا لها في مختبر التصنيع الرّقمي التابع لكلية العمارة في حرم جامعة بيروت العربية في منطقة الدبية (في الشوف).
ويكتسب المنتسبون إلى هذه الصّفوف المعرفة العلمية النّظرية والعملية في مجال التصميم والتصنيع الرّقمي. ويشرف على هذه الحصص الدراسية أساتذة وخبراء واختصاصيون وأكاديميون محترفون في المجالات التي تؤمنها هذه الدورة.
8:6 دقيقة
«الهندسة الرّقمية» في ضيافة وسط بيروت
https://aawsat.com/home/article/1335691/%C2%AB%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%86%D8%AF%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%91%D9%82%D9%85%D9%8A%D8%A9%C2%BB-%D9%81%D9%8A-%D8%B6%D9%8A%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%AA
«الهندسة الرّقمية» في ضيافة وسط بيروت
«الهندسة الرّقمية» في ضيافة وسط بيروت
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة