أشارت دراسة استطلاعية أجرتها إحدى الشركات المتخصصة في التوظيف الإلكتروني، إلى أن الغالبية العظمى من النساء السعوديات، 82 في المائة، يعتزمن قيادة السيارة هذا العام، وأشارت إلى أن سوق العمل السعودية ستشهد بداية لتحولات تاريخية مع تطبيق القرار. وبحلول عام 2020، من المتوقع أن يبلغ عدد النساء السعوديات ممن يستطعن قيادة السيارة نحو 3 ملايين، حسب أبحاث سوقية أجرتها شركة «برايس ووتر هاوس كوبرز»، المتخصصة في أعمال التدقيق.
وبحسب الدراسة التي أجرتها شركة «غلف تالنت» فإن قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة سيساهم في زيادة عدد النساء اللواتي يحصلن على مناصب وظيفية عليا كانت حكراً على الرجال، بالإضافة إلى دعم الكثير منهن لتحقيق التقدم من خلال الحصول على وظائف أعلى أجراً تقع في مناطق تبعد عن أماكن إقامتهن.
كما بينت الدراسة، أن القرار سيساهم في عثور النساء العاطلات عن العمل على فرص عمل جديدة، وسيعزز بشكل كبير من فرص تطورهن في مجال عملهن عبر منحهن إمكانية التنقل بأريحية أكثر، وبخاصة صاحبات المناصب الإدارية وإزالة العوائق كافة أمامهن.
ويمثل التقديم المهني عاملاً رئيسياً في مجال تمكين المرأة، وهو أحد أهداف «رؤية السعودية 2030»، حيث أظهرت الدراسة أن القرار سيدعم عملية ارتقاء النساء السعوديات العاملات إلى وظائف ذات مردود مادي أكبر، وسيوفر لهن درجة أعلى من التطابق بين مهاراتهن ومتطلبات العمل.
وقالت هلا، مديرة الموارد البشرية الإقليمية في إحدى شركات الإنشاءات بمدينة الدمام، لـ«غلف تالنت»: «ترتكز مهام المناصب العليا في معظم الأحيان على التواصل والاجتماع مع الموظفين المتواجدين في مختلف مواقع العمل، سواء كانت في داخل الدولة أو خارجها، حيث كان ذلك أمراً أكثر صعوبة في الماضي. وسيتسنى للنساء السعوديات، بعد هذا القرار، الترشح لمناصب قيادية تتطلب السفر إلى المكاتب كافة التابعة للشركة».
يتوافق حديث مديرة الموارد البشرية مع تجربة أغلبية النساء السعوديات اللاتي شاركن في الدراسة، حيث قالت مي، وهي مهندسة مشروع في مدينة جدة: «بعد السماح لي بقيادة السيارة، سيكون في استطاعتي تولي منصب مدير المشروع؛ لأن هذا المنصب يحتاج إلى التنقل باستمرار بين المكتب ومواقع المشروعات للإشراف على سير العمل».
وأشارت الدراسة إلى أن نساء كثيرات عملن في السابق بوظائف أعطتهن أجراً أقل مما يستحققن حسب مؤهلاتهن، أو عملن في وظائف بعيدة عن اهتمامهن ومجال دراستهن؛ وذلك بسبب مشكلة لا علاقة لها بمصالحهن ودراساتهن؛ نظراً لوجود قيود التنقل. وأكدت مشاركِات كثيرات ممن شملتهن الدراسة أنهن سيبحثن عن فرص مهنية أفضل حالما يتمكنّ من قيادة السيارة.
وقالت سارة، الحاصلة على شهادة في علوم الكومبيوتر وتتمتع بخبرة 6 سنوات في مجال عملها كمحللة مبتدئة في مدينة جدة: «اضطررت إلى القبول بوظائف ذات رواتب أقل مما تخولني مؤهلاتي العلمية الحصول عليها لكي أبقى قريبة من مكان إقامتي. أما الآن، فسأتمكن من البحث عن عمل أفضل».
وأكد هذا الرأي الكثير من أصحاب الأعمال الذين شملتهم الدراسة، حيث قال أحد مديري الموارد البشرية في جدة لـ«غلف تالنت»: «سنتمكن بعد تطبيق هذا القرار من توظيف أعداد أكبر من النساء في مجال المبيعات ووظائف أخرى التي تتطلب العمل خارج المكتب».
وتهدف «رؤية السعودية 2030» إلى تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل ورفع نسبتها من 22 في المائة إلى 30 في المائة، ومن المتوقع أن تساهم الفرص الجديدة التي تتولد من رحم القرار الجديد في تحقيق هذا الهدف.
وحسب دراسة «غلف تالنت»، ستتمكن شريحة كبيرة من النساء السعوديات في القرى والبلدات الصغيرة، حيث يعمل كثير منهن في مجال التعليم، من الاستفادة من قرار السماح للمرأة بقيادة للسيارة؛ لأنهن في حاجة إلى التنقل والعمل في المدن الكبيرة؛ إذ إن خيارات وسائل المواصلات العامة للمسافات الطويلة محدودة وتكلفتها عالية؛ ما أدى إلى عدم تمكّن هؤلاء النساء من الخوض في سوق العمل في الماضي. وقال تركي الماضي، مؤسس ورئيس شركة «تاڤي» الاستثمارية في العاصمة الرياض: «سيتيح هذا القرار إمكانية السفر والتنقل بأريحية أكثر من المناطق البعيدة إلى مواقع العمل الواقعة في المدن، كما يفعل الموظفون الرجال منذ سنوات طويلة».
وقالت إحدى المشاركات في الدراسة، واسمها لينا، والتي تسكن بالقرب من العاصمة الرياض: «سأتمكن من التنقل بسيارتي للعمل في مدن أخرى دون الخوف من الجلوس في سيارة مع رجل لا أعرفه وليس من عائلتي».
وبناءً على نتائج تلك الأبحاث، من المتوقع أن يشهد قطاع السيارات في المملكة العربية السعودية ارتفاعاً كبيراً في الطلب؛ ما يؤدي إلى خلق وظائف جديدة في هذا القطاع للكادر النسائي تلبية لاحتياجات الجيل الجديد من مُلّاك السيارات من النساء. كما أعلنت شركتا «كريم» و«أوبر» اللتان تقدمان خدمات الحجز الإلكتروني لمركبات الأجرة، خططاً لتوظيف آلاف من السائقات.
يذكر أن الدراسة اعتمدت على استطلاع إلكتروني شمل 400 امرأة سعودية وعلى لقاءات مع 25 امرأة سعودية من داخل المملكة، بالإضافة إلى 10 موظفين تنفيذيين من جهات مختلفة في الدولة. وتراوحت أعمار المشاركات في الدراسة بين 20 و60 سنة، ومنهن نساء عاملات وأخريات يبحثن عن فرص عمل. أجريت الدراسة خلال شهر يونيو (حزيران) الحالي، قبل الموعد الرسمي بتطبيق قرار السماح بقيادة المرأة للسيارة.
82 % من السعوديات يعتزمن القيادة في 2018
القرار سيسهم بخلق وظائف وتحولات تاريخية في سوق العمل
82 % من السعوديات يعتزمن القيادة في 2018
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة