لم تجد مجموعة من الشباب في قطاع غزة، فرصة أفضل من تلك التي بدأوا بها في شهر رمضان من العام الماضي، لاستئناف نشاطاتهم الهادفة إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين والأيتام والأسر المعوزة، والعمل على مساعدتهم بكل السبل للتغيير من حياتهم، وتوفير القليل لهم لرسم البسمة على وجوههم في هذا الشهر الفضيل.
وعكفت المجموعة الشبابية، التي تضم العديد من الشبان والشابات من طلبة الجامعات والخريجين في الآونة الأخيرة، على جمع التبرعات لإنقاذ عوائل فلسطينية تآكلت أجسادها من المرض الذي ينهش كبيرها وصغيرها، وأخرى تعيش في فقر مدقع نال من حياتها كل معاني الحياة.
ويقول الشاب هاني حمدان، أحد أصحاب فكرة تأسيس مجموعة شبابية تتكون من 20 شاباً وشابة، إنه أقدم على تلك الخطوة في شهر رمضان من العام الماضي، وإنها لاقت ترحيب أصدقائه والمقربين منه، وبدأوا فعلياً في جمع التبرعات المالية، وكذلك المساعدات وتوزيعها، وتوثيق ذلك بالصور والفيديو لإرسالها للمتبرعين لزيادة الثقة بينهم. وأشار حمدان في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هناك عشرات الآلاف من العوائل بحاجة لمساعدات في ظل الظروف الحياتية الصعبة التي يعيشها سكان القطاع مع تراجع الوضع السياسي والاقتصادي، وتزايد حدة الانقسام، وفرض السلطة الفلسطينية إجراءات يرى البعض فيها عقابية من خلال خفض رواتب الموظفين إلى 50 في المائة، وغيرها ما زاد من عبء الحياة على السكان.
وذكر أن المجموعة التي عمل على تأسيسها مع عدد من الشبان، وتحمل اسم «شبان الخير»، لا تستطيع توفير احتياجات كل العوائل، لكنها تعمل بقدر المستطاع في توفير معونات غذائية وكذلك بعض الأموال للعوائل شديدة الفقر، مشيراً إلى أن هناك بعض التجار يساهمون من خلال التبرع بتلك المعونات لصالح العوائل المعوزة.
ولفت إلى أنه يعمل مع مجموعته على مساعدة العوائل بكثرة خلال فترة شهر رمضان والأعياد فقط، ولا يستطيع على مدار العام توفير مثل هذه المعونات للعوائل بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها السكان، وكثرة الطلبات وعدم قدرة التجار على توفيرها بشكل دائم، مشيراً إلى أن شهر رمضان يمثل شهراً مهماً بالنسبة للعوائل الفقيرة التي تكون بحاجة ماسة لتلبية طلبات أفرادها من مأكل ومشرب وغيره. فيما يقول مؤسس حملة «فكر بغيرك» الشاب كامل الهيقي، إنه يعمل مع مجموعته الشبابية على مدار العام من أجل توفير، ولو القدر البسيط، من احتياجات العوائل المحتاجة، خصوصاً من تعاني من فقر مدقع.
وأشار الهيقي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مجموعته مكونة من فريق إداري وتنفيذي واجتماعي يضم 10 أشخاص، وأكثر من 200 متطوع آخرين، وأن جميعهم لا يتلقون أي مبالغ مالية مقابل مساهمتهم في ذلك، مشيراً إلى أن المجموعة انطلقت في شهر رمضان منذ أربعة أعوام، واستمرت في حملاتها، وأنها لا تملك أي مقر، وإنما تعمل عبر الهاتف والإنترنت بالتنسيق بين الشبان والشابات.
ولفت إلى أن الحملة الشبابية تعتمد على مساعدات من أهل الخير في غزة وخارجها، وأنه يعمل على توثيق كل ما يقدمه للعائلات لإيصاله للمتبرعين، بهدف زيادة تبرعاتهم لعوائل أخرى تكون بحاجة لمساعدات مماثلة سواء عينية أو مادية. وقال إن الحملة تستهدف بالأساس العوائل الفقيرة والمسنين والأطفال المرضى وإعمار البيوت المتهالكة، بالإضافة لمشاريع أخرى وتوزيع السلة الغذائية على تلك العوائل.
وبيَّن أن فكرة الحملة بدأت تتبلور لديه من خلال شعوره بالوضع الذي يعيشه السكان في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق منذ أكثر من 11 عاماً، مشيراً إلى أنه كان يريد برسالته نشر ثقافة المشاركة الاجتماعية والتكافل الاجتماعي للتفكير بالغير من الفقراء وأصحاب الحاجة. فيما تقول الشابة هبة زعرب، التي أسست مع عدد من صديقاتها حملة باسم «اصنع سعادة»، أن الحملة التي أسستها منذ أشهر قليلة وصلت للكثير من العائلات المعدومة التي يقتلها المرض والفقر، ونجحت في توفير الجزء اليسير لها لمساعدتها للعيش في حال أفضل مما كانت عليه، مبينة أن الحملة ما زالت مستمرة حتى خلال شهر رمضان في البحث عن العوائل التي لا تجد من يعينها على الحياة أملاً في توفير ما تحتاجه، وإن كان ذلك باليسير.
وأشارت إلى أن الحملة عملت مؤخراً على توفير بعض احتياجات العوائل الفقيرة التي يعاني عدد من أفرادها من أمراض مختلفة، مشيرة إلى أنها وصديقاتها نفذن عدة مشاريع شملت توزيع طرود غذائية على عائلات فقيرة، وقسائم شرائية، وإيصالها لمنازل الفقراء، وذلك بمساعدة من بعض أولياء أمورهن.
ويعيش أكثر من 80 في المائة من سكان القطاع تحت خط الفقر. ويعتمد أكثر من مليون ونصف المليون على المساعدات من المؤسسات الإنسانية والدولية المختلفة.
شبان وشابات من غزة يقودون حملات لمساعدة الأسر المعوزة خلال رمضان
شبان وشابات من غزة يقودون حملات لمساعدة الأسر المعوزة خلال رمضان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة