بأنامل رقيقة، ومبصرة، تعكف فتيات وسيدات كفيفات مصريات على صناعة مشغولات وقطع منزلية من أعواد وقش البامبو، قبل عرضها للجمهور في معرضها الدائم بميدان المحكمة، بحي مصر الجديدة (شرق القاهرة)، برعاية جمعية «النور والأمل للكفيفات».
الإبداعات التي تعمل الفتيات على تنفيذها يومياً، تتنوع بين الأطباق، وحوامل القوارير، فضلا عن الحقائب النسائية، وخزانات الملابس، والمطابخ، وعلب الماكياج، وغيرها. نصرة النجار، المديرة التنفيذية لجمعية «النور والأمل»، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «المنتجات المختلفة التي تجذب الجمهور في المعرض، بدءاً من البامبو أو القش كما يسمونه، حتى السجاجيد والأكلمة، تقدمها بنات الجمعية من الكفيفات، وإن بعضهن أعضاء في فرقة موسيقى النور والأمل، التي تتجول بإبداعاتها بين البلدان المختلفة، ومن بين هؤلاء أكبر العضوات سناً زينب إبراهيم، والتي بدأت العمل في تشكيل القش وصناعة الكثير من المقتنيات المنزلية قبل 26 عاما».
اكتسبت «زينب» من خلال توزيع وقتها بين فنون البامبو، ومنتجاته المتعددة، مهارات عمل أطباق الخبز بأحجامها المختلفة، وخزانات الأحذية، والحوامل المختلفة، وأسبتة الغسيل، المدعومة بـ«الفورفورجيه»، فضلا عن صواني الفاكهة والخضراوات التي لا يستغني عنها المصريون.
ظلت زينب تتنقل بين مصنعي المنسوجات والقش، حتى استقرت بعد ستة أشهر من الانضمام للجمعية، على البامبو ومشغولاته، وبررت ميلها ذلك بتنوع المنتجات وكثرتها، فضلا عن السرعة التي اكتسبتها في الإنجاز، فهي تستطيع أن تنتهي من صناعة قفص الغسيل بتضفيراته المعقدة، خلال يوم واحد، وهو وقت قياسي، إذا وضعنا في الاعتبار أن العمل في المكان لا يزيد على ست ساعات يومياً.
تعمل زينب بأناملها على تضفير خيوط القش خلال الأذرع الحديدية للقفص، وتسعى بحرص وتأن على أن تكون الأعواد منتظمة تماما بلا منافذ أو تعرجات، فهي ترى بأصابعها وقلبها، وتستحضر الحفلات الموسيقية التي تشارك فيها بصحبة زميلاتها، وتشعر أنها تعزف على آلات جديدة أوتارها من فروع البامبو.
وقالت زينب لـ«الشرق الأوسط»: إنها «تقدم منتجات مبتكرة لا تقف عند أقفاص الملابس، لكنها تتجاوز ذلك إلى تصميمات أخرى متنوعة وكثيرة، يعود الفضل فيما وصلت إليه من خبرة، لأول شخص استقبلها في ورشة البامبو، وهو الأسطى عزيز، والذي جعلها تعشق منتجاته، وتضع يدها على أسرار صناعته».
تتكون الورشة من مجموعة من الطاولات، تجلس حولها 45 فتاة وسيدة، يشكلن قوة العمل بها، وعلى يسار مدخلها كانت هناء عبد الله، وهي واحدة من أقدم العاملات في الجمعية، في آخر مراحل الانتهاء من حامل زجاجات. قالت وهي تضع لمساتها الأخيرة عليه، أنها تعمل منذ ساعات قليلة، وهو لا يحتاج إلى وقت كثير، بقدر ما يحتاج إلى مهارة، وقد اكتسبتها بعد قضاء نصف عام تقريبا من العمل في الورشة، التي تعمل بها منذ ربع قرن من الزمان.
ويتنوع ما تقدمه هناء من مشغولات بين قواعد كراسي الأطفال الهزازة، وحوامل الهواتف المنزلية، وصناديق المهملات، وصواني الشوك والسكاكين والملاعق، وهناك شانون أدراج مصمم لعدة أغراض، ويمكن لسيدة المنزل أن تستخدمه في حفظ مخزونها من الفول والعدس، وغير ذلك من احتياجات تواجه بها متطلبات أيامها.
كل هذه الأشياء أتقنت «هناء» صناعتها لأنها حسب تعبيرها، أحبتها، وأحبت تفاصيل العمل بها، وقد أدى إتقانها لأدق تفاصيل صناعة البامبو، لاختيارها لتقديم أنواع كثيرة من فنونه وسط التجمعات والمعارض المفتوحة، وهي عروض كشفت لها حب الناس لما تقوم به، وانبهارهم بها.
ويتشابه معظم الموجودين في ورشة البامبو في ظروف كثيرة، وبينهم رضا أحمد، مدير الورشة الذي جاء إليها منذ 35 عاما، وتدرب على يد الأسطى عزيز معلمها الأول، الذي كان له فضل تعليم الكثير من العاملين فنونها وأسرارها، ويعتبر رضا، المبصر الوحيد في الورشة، ويشير إلى أنه يقوم باستكمال دور من سبقه، وينقل خبراته إلى الفتيات، وهو جزء من رسالة كبيرة يقوم بها، أساسها جذب الفتيات الكفيفات لحب البامبو، وإتقان أسراره.
وكشف «رضا» عن وجود مصنع آخر ملحق بالورشة، يعمل به مجموعة من الرجال، المهرة، يقومون بإنجاز منتجات معقدة من البامبو، مثل كراسي الاستقبال، والمصايف، وهي ذات أشكال مختلفة وتصاميم متنوعة، وتحتاج إلى قدرات خاصة، فضلا عن التعامل مع مواقد النار، التي تستخدم لتطويع أعواد وقواعد ومساند المقاعد قبل تضفيرها بالقش.
وتخرج عملية تسعير منتجات البامبو عن سلطة المعلم رضا، فهي مهمة يقوم بها المسؤولون في الجمعية، وتتوقف على أسعار مدخلاتها، والتي تأتي من نوع من الأشجار لا يتم زراعته داخل مصر، يأتي من بلدان جنوب شرقي آسيا، مثل سنغافورة وفيتنام، والصين، لذلك تخضع أسعاره لتقلبات السوق، لكن المنتجات لا تقارن بأسعار المصانع الخاصة.
من جهتها، قالت صافيناز أحمد، المشرفة على معرض المنتجات، إن «المشغولات تلقى دائما رواجاً أينما اطلع عليها الجمهور في النوادي، والفنادق، والمعارض المفتوحة، كما أن منتجات البامبو يزيد عليها الطلب بشكل كبير قبل الإجازات، وخروج المصريين إلى المصايف والشواطئ، وذكرت أن أسعارها تبدأ بـ70 جنيها أقل من أربعة دولارات، وتتدرج في الارتفاع حتى تصل إلى 70 دولارا نحو 1200 جنيه تقريبا».
كفيفات مصريات يبدعن بأنامل مبصرة مشغولات من البامبو
المنتجات متعددة الأغراض وتلقى رواجاً قبل موسم الإجازات الصيفية
كفيفات مصريات يبدعن بأنامل مبصرة مشغولات من البامبو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة