مجلة «الثقافة الشعبية» البحرينية: الفولكلور لغة لتواصل الحضارات

مجلة «الثقافة الشعبية» البحرينية: الفولكلور لغة لتواصل الحضارات
TT

مجلة «الثقافة الشعبية» البحرينية: الفولكلور لغة لتواصل الحضارات

مجلة «الثقافة الشعبية» البحرينية: الفولكلور لغة لتواصل الحضارات

صدر عدد جديد من مجلة «الثقافة الشعبية» البحرينية، وهي مجلة فصلية، علمية، محكمة تصدرها مؤسسة «الثقافة الشعبية للدراسات والنشر» بالتعاون مع المنظمة الدولية للفن الشعبي.
في افتتاحية العدد كتب رئيس التحرير علي عبد الله خليفة عن المؤتمر العلمي الرابع عشر للدول الأوروبية الذي نظمته المنظمة الدولية للفن الشعبي بمدينة أندروف النمساوية أخيرا وشاركت فيه مجموعة من علماء الفولكلور من مختلف الدول الأوروبية، وطرحت فيه أوراق عمل تضمنت أبحاثاً مختلفة تناولت موضوعا مهماً وآنياً هو توطين المهاجرين من عدة لغات وثقافات، وما يمكن أن يتركه ذلك من مؤثرات على الثقافة الشعبية في مجمل الدول الأوروبية.
وضم العدد الكثير من البحوث والدراسات ومنها «الفولكلور لغة لتواصل الحضارات» للدكتورة سوزان يوسف، باعتبار الفولكلور هو «الموروث الثقافي الذي ينتقل من جيل عن طريق النقل الشفاهي، أو النصوص المكتوبة أو المسجلة، ويشتمل على الموسيقى والأدب، والدراما، والبصريات التي تظهر في الفنون والحرف، والتصورات الفكرية والتأملات، التي تظهر في الأدب الشعبي، وأيضاً في الممارسات».
وكتب د. رشيد وديجي عن «الحكاية الشعبية في البنية والدلالة»، وما تشكله من نمط متمايز إلى جانب «الحكاية العجيبة والحكاية المرحة والحكاية الخرافية»، فهي ليست «نوعاً عاماً تدخل تحت مظلته الأنواع السابقة الذكر كما ذهب إلى ذلك بعض الباحثين».
وتناول د. فرج قدري الفخراني «العناصر اليهودية في كتاب (منبع أصول الحكمة)»، ونشر د. عبد القادر المرزوقي موضوعا بعنوان «أغاني الأطفال الشعبية»، قال فيه إنه لابد، قبل الحديث عن أغاني الأطفال الشعبية، من معرفة النمو النفسي والبيئي عند الأطفال، ومن ثم تحديد مفهوم صفة الشعبية التي توصف بها أغاني الأطفال من حيث اللهجة العامية والمشافهة ومجهولية المؤلف. ومن الدراسات الأخرى، ترجم عبد القادر عقيل دراسة لشاعرة وباحثة أكاديمية هندية هي د. سليمة ناندا عن «صورة المرأة في الحكايات الشعبية»، وكتبت د. سامية الدريدي الحسني مقالة عن «ملامح الثقافة الشعبية في أشعار بشار بن برد» تحدثت فيها عن ما سمي بالشعر المولد في النصف الأول من القرن الثاني وفيه ظهرت «أغراض مستحدثة جديدة استطاعت أن تدك أحيانا كثيرة ما استقر في الذاكرة العربية وما تعودت عليه الذائقة منذ الجاهلية».
وعن الأمثال والأقوال المأثورة، ترجم عبد الحميد بورايو مقالاً للدكتور أ. ج. غريماص، وساهم الباحث الجزائري إبراهيم بن عرفة بموضوع عن «العواشر، والفأل، والعولة»، باعتبارها طقوساً وممارسات واحتفالات تشكل جزءاً من المعتقدات الشعبية. وغير ذلك من المقالات والأبحاث الرصينة.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.