«توصيات صينية» تزلزل سوق السندات الأميركية

العائدات تقفز لأعلى مستوى في 10 أشهر ... والدولار يهوي أمام الين

لدى الصين أكبر احتياطيات من النقد الأجنبي في العالم وهي أكبر حائز أجنبي للسندات الحكومية الأميركية (رويترز)
لدى الصين أكبر احتياطيات من النقد الأجنبي في العالم وهي أكبر حائز أجنبي للسندات الحكومية الأميركية (رويترز)
TT

«توصيات صينية» تزلزل سوق السندات الأميركية

لدى الصين أكبر احتياطيات من النقد الأجنبي في العالم وهي أكبر حائز أجنبي للسندات الحكومية الأميركية (رويترز)
لدى الصين أكبر احتياطيات من النقد الأجنبي في العالم وهي أكبر حائز أجنبي للسندات الحكومية الأميركية (رويترز)

قالت بلومبيرغ نيوز أمس الأربعاء نقلا عن مصادر مطلعة إن مسؤولين صينيين يراجعون حيازات بلادهم من النقد الأجنبي، قد أوصوا بإبطاء شراء سندات الخزانة الأميركية أو وقفه ... وهو التقرير الذي أدى إلى تغيرات واسعة أمس بأسواق السلع والعملات والمعادن والأسهم، إضافة إلى بلوغ عائدات سندات الخزانة الأميركية ذات أجل 10 سنوات أعلى مستوياتها في عشرة أشهر.
ولدى الصين أكبر احتياطيات من النقد الأجنبي في العالم، وهي أكبر حائز أجنبي للسندات الحكومية الأميركية، ومن شأن أنباء تتصل بوقف شراء العملاق الصيني للسندات الأميركية أن يكون مزلزلا للأسواق. وقالت المصادر وفقا للتقرير إن سوق السندات الحكومية الأميركية أصبحت أقل جاذبية مقارنة مع أصول أخرى، وأشارت أيضا إلى التوترات التجارية مع الولايات المتحدة كمبرر لإبطاء مشتريات السندات.
وأشار متعاملون إلى التقرير كسبب لصعود عائدات سندات الخزانة الأميركية مجددا خلال التعاملات الأوروبية، حيث ارتفع العائد على السندات الأميركية لأجل عشر سنوات إلى 2.593 في المائة، مسجلا أعلى مستوياته في عشرة أشهر، ومتجاوزا مستوى 2.55 في المائة للمرة الأولى منذ مارس (آذار) 2017. كما صعد العائد على السندات لأجل 30 عاماً مُسجلاً 2.93 في المائة.
وإثر الإعلان عن التقارير، هبط الدولار بنحو 0.6 في المائة مقابل سلة من عملات، مسجلا أكبر انخفاض يومي خلال شهر، فيما كانت أكبر خسائر العملة الأميركية مقابل الين.
وكان الدولار متراجعا قبل نشر التقرير مع تحرك البنك المركزي الياباني صوب خفض مشترياته من السندات الحكومية الطويلة الأجل في وقت سابق من هذا الأسبوع، وهو ما ألقى بظلاله على أسواق العملات.
وبشكل عام سجلت عوائد السندات الحكومية الرئيسية أعلى المستويات في عدة أشهر أمس مع إعادة تقييم المستثمرين لاحتمال استمرار سياسات التيسير النقدي من قبل أكبر البنوك المركزية في العالم بعد تحرك بنك اليابان.
وسجل الدولار أكبر خسارة له أمام الين، حيث تراجع بما يزيد على 1.2 في المائة إلى 111.3 ين، مسجلا أدنى مستوياته منذ أواخر نوفمبر (تشرين الثاني).
ويلقي ضعف الدولار الضوء على تأثر العملة الأميركية بتحركات البنوك المركزية الأخرى لتطبيع سياساتها النقدية، وهو ما بدأ في عام 2017 وظل يضغط على الدولار في أول أسبوعين من العام الجديد.
وفي المقابل، قفز الذهب إلى أعلى مستوى في نحو أربعة أشهر أمس مع هبوط الدولار إلى أدنى مستوى في ستة أسابيع مقابل العملة اليابانية وانخفاضه أمام اليورو، مما جعل الأصول المقومة بالعملة الأميركية ترتفع، وبدد أثر ارتفاع عوائد السندات.
وتسبب الإجراء الذي اتخذه بنك اليابان في ارتفاع العائد على السندات في أنحاء العالم، وهو بوجه عام عامل سلبي للذهب، حيث يزيد تكلفة الفرصة البديلة الضائعة على حائزي المعدن الأصفر الذي لا يدر عائدا... بيد أن انخفاض الدولار فاق في أثره ذلك العامل.
وبحلول الساعة 07:08 بتوقيت غرينيتش، كان السعر الفوري للذهب مرتفعا 0.9 في المائة إلى 1324.40 دولار للأوقية (الأونصة)، بعد أن لامس في وقت سابق أعلى مستوى منذ 15 سبتمبر (أيلول) عند 1326.56 دولار للأوقية. وارتفعت عقود الذهب الأميركية الآجلة تسليم فبراير (شباط) بمقدار 11.50 دولار للأوقية إلى 1325.20 دولار للأوقية.
وانخفض البلاديوم 0.1 في المائة إلى 1098.50 دولار للأوقية، بعد أن سجل يوم الثلاثاء مستوى قياسيا عند 1111.40 دولار. وارتفعت الفضة 1.2 في المائة إلى 17.16 دولار للأوقية، بينما زاد البلاتين 0.1 في المائة إلى 965.90 دولار للأوقية.
وفي سوق الأسهم، فتحت الأسهم الأوروبية أمس على انخفاض طفيف مع هبوط معظم القطاعات باستثناء أسهم القطاع المالي في ظل تنامي المخاوف بشأن اتجاه سوق السندات.
وهبط المؤشر «ستوكس 600» لأسهم الشركات الأوروبية 0.3 في المائة، حيث تراجعت جميع البورصات الكبرى. وسجل العائد على السندات الألمانية التي أجلها عشر سنوات أعلى مستوياتها منذ اجتماع البنك المركزي الأوروبي في أكتوبر (تشرين الأول)، عندما أعلن صناع السياسات للمرة الأولى تمديد برنامج شراء السندات.
وحققت أسهم البنوك مكاسب، حيث من شأن ارتفاع أسعار الفائدة تحقيق المزيد من العائد والأرباح للبنوك. وارتفع سهم رويال بنك أوف سكوتلاند (آر بي إس) 2.5 في المائة، بينما زاد سهم «دويتشه بنك» اثنين في المائة، وإتش إس بي سي 1.5 في المائة.



الصين تهرع لدعم اليوان وأسواق الأسهم النازفين

لوحة الكترونية تعرض حركة الاسهم على جسر للمشاة وسط الضاحية المالية في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
لوحة الكترونية تعرض حركة الاسهم على جسر للمشاة وسط الضاحية المالية في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
TT

الصين تهرع لدعم اليوان وأسواق الأسهم النازفين

لوحة الكترونية تعرض حركة الاسهم على جسر للمشاة وسط الضاحية المالية في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
لوحة الكترونية تعرض حركة الاسهم على جسر للمشاة وسط الضاحية المالية في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

سارعت البورصات الصينية والبنك المركزي إلى الدفاع عن اليوان وأسواق الأسهم المتدهورين يوم الاثنين، في محاولة لتهدئة المستثمرين القلقين بشأن عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وقدرة بكين على إنعاش الاقتصاد.

وقبل أسبوعين فقط من بدء ترمب رئاسته الثانية للولايات المتحدة، هزت تهديداته بفرض رسوم جمركية كبيرة على الواردات الصينية اليوان، ودفعت عائدات السندات في البر الرئيسي إلى الانخفاض وأدت إلى بداية صعبة للأسهم في عام 2025.

ويوم الاثنين، ضعف اليوان الصيني الخاضع لسيطرة مشددة إلى أدنى مستوياته في 16 شهرًا، بينما لامس مؤشر الأسهم القيادية أضعف مستوياته منذ نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث انخفض بنسبة 0.9 بالمائة خلال اليوم، قبل أن يغلق منخفضًا بنسبة 0.2 بالمائة. وانخفض المؤشر بنسبة 5 بالمائة خلال الأسبوع الماضي ليسجل أكبر خسارة أسبوعية له في أكثر من عامين.

وقالت ثلاثة مصادر مطلعة على الأمر لرويترز إن البورصات الصينية طلبت من صناديق الاستثمار المشتركة الكبيرة تقييد بيعها للأسهم في بداية العام، مما يؤكد المزاج المتوتر في السوق.

وتلقت أربعة صناديق استثمار مشتركة كبيرة على الأقل مكالمات من بورصتي شنغهاي وشنتشن في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي و2 و3 يناير (كانون الثاني) الجاري، تطلب منهم شراء المزيد من الأسهم مما يبيعونه كل يوم.

وقالت بورصتا شنغهاي وشنتشن يوم الأحد إنهما اجتمعتا مؤخرًا مع مؤسسات أجنبية، وأكدتا للمستثمرين أنهما ستواصلان فتح أسواق رأس المال الصينية. وأفادت وكالة أنباء "ييكاي" المملوكة للدولة يوم الاثنين أن بنك الشعب الصيني قد يصدر المزيد من سندات اليوان في هونغ كونغ في يناير (كانون الثاني) الجاري، في إشارة إلى أن السلطات تريد امتصاص سيولة العملة لتخفيف المضاربة. وقالت فاينانشال نيوز، وهي مطبوعة للبنك المركزي، إن بنك الشعب الصيني لديه الأدوات والخبرة للرد على انخفاض قيمة اليوان.

وقال تشارو تشانانا، كبير استراتيجيي الاستثمار في "ساكسو": "إن منع الانخفاض الحاد في قيمة اليوان سيكون أمرًا بالغ الأهمية لتعافي الصين. أي انتعاش تكتيكي هذا العام سيحتاج إلى أكثر من مجرد تدابير تحفيزية، وخاصة ما إذا كانت الصين قادرة على التفاوض على صفقة مع الرئيس المنتخب ترمب".

وعانى ثاني أكبر اقتصاد في العالم على مدى السنوات القليلة الماضية، حيث أدى تباطؤ سوق العقارات وتباطؤ الدخل إلى استنزاف الطلب الاستهلاكي وإلحاق الضرر بالشركات. كانت الصادرات واحدة من النقاط المضيئة القليلة، لكنها قد تواجه تعريفات جمركية أميركية باهظة في ظل إدارة ترمب الثانية.

وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 4 بالمائة، بينما انخفض مؤشر "سي إس آي 300" الصيني بنسبة 4.3 بالمائة منذ الانتخابات الأميركية في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يسلط الضوء على المخاوف بشأن الرسوم الجمركية، فيما استقرت الأسهم الأوروبية في نفس الفترة.

وقدمت السلطات الصينية تدابير دعم مختلفة منذ سبتمبر (أيلول)، بما في ذلك مخططات المبادلة وإعادة الإقراض بقيمة إجمالية 800 مليار يوان (109 مليارات دولار)، لدعم ثقة المستثمرين ووضع حد أدنى للأسهم.

وكان اليوان يسجل بشكل روتيني أدنى مستوياته في عدة أشهر منذ فوز ترمب بالانتخابات الأميركية حيث أدى التهديد بالرسوم الجمركية إلى جانب المخاوف بشأن التعافي الاقتصادي البطيء للصين إلى تدفقات رأس المال إلى الخارج.

وبلغ سعر اليوان الفوري 7.3301 مقابل الدولار يوم الاثنين، وهو أضعف مستوى له منذ سبتمبر 2023، بعد اختراق العتبة الرئيسية البالغة 7.3 مقابل الدولار لأول مرة منذ عام 2023 يوم الجمعة. وانخفض اليوان بنسبة 2.8 بالمائة مقابل الدولار في عام 2024، وهو الانخفاض السنوي الثالث له، مما يعكس صراع معظم العملات ضد الدولار القوي.

وعلى الرغم من جهود الصين لوقف انخفاض اليوان من خلال المعايير اليومية التي تحددها، فإن انخفاض العائدات المحلية وقوة الدولار الواسعة النطاق قوضت جهودها.

وقال استراتيجيو "بنك أوف أميركا" في مذكرة، إن احتياطيات النقد الأجنبي الصينية البالغة 3.3 تريليون دولار قد يكون لها بعض أثر الحماية لتدفقات رأس المال الخارجة، على الرغم من أن الاستهلاك والتدفق الخارجي سيكونان سلبيين لمعنويات سوق الأسهم الصينية.

وأضافوا: "التوترات الجيوسياسية والسياسات الأميركية المحتملة قد تؤدي إلى ارتفاع تكلفة رأس المال وخفض التصنيف مرة أخرى في عام 2025. ومع ذلك، نعتقد أن أسوأ عمليات بيع في سوق الصين كان يجب أن تنتهي".

وحذر البنك المركزي يوم الجمعة مديري الصناديق من دفع عائدات السندات إلى مستويات أدنى، وسط مخاوف من أن فقاعة السندات قد تعيق جهود بكين لإحياء النمو وإدارة اليوان.

وفي إشارة إلى التباطؤ الاقتصادي والضغوط الانكماشية المتجذرة، تتداول العائدات على السندات قصيرة الأجل، التي تستحق بعد سبع سنوات أو أقل، عند مستويات أقل من سعر الفائدة الرسمي، وهو سعر إعادة الشراء العكسي لمدة سبعة أيام. كما وصلت العائدات طويلة الأجل إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.

وقال فريد نيومان، كبير الاقتصاديين في آسيا لدى "إتش إس بي سي": "في حين وعد المسؤولون الصينيون بمزيد من التحفيز، مما يشير إلى المزيد من التيسير النقدي والمالي، ينتظر المستثمرون إشارات ملموسة على استجابة الطلب"، مؤكدا أنه "بعد العديد من التقلبات على مدار العام الماضي، هناك حاجة إلى أدلة أكبر على أن اقتصاد الصين يستجيب لإجراءات الاستقرار". وأضاف أن الاختبار الرئيسي لثقة المستهلك سيكون احتفالات رأس السنة القمرية الجديدة الوشيكة، والتي تبدأ في 29 يناير (كانون الثاني) الجاري.