«عمارة 651 المدور» في منطقة الجميزة ببيروت تتحول آثارها إلى أحجية فنية

كُرّمت بلوحات معرض «إعادة بناء الذكريات»

النصب التركيبي الفني لناجي راجي الذي يقدم لزوار المعرض ذكرى من حجر ضخم لعمارة «651 المدور»
النصب التركيبي الفني لناجي راجي الذي يقدم لزوار المعرض ذكرى من حجر ضخم لعمارة «651 المدور»
TT

«عمارة 651 المدور» في منطقة الجميزة ببيروت تتحول آثارها إلى أحجية فنية

النصب التركيبي الفني لناجي راجي الذي يقدم لزوار المعرض ذكرى من حجر ضخم لعمارة «651 المدور»
النصب التركيبي الفني لناجي راجي الذي يقدم لزوار المعرض ذكرى من حجر ضخم لعمارة «651 المدور»

لا يشبه معرض «إعادة بناء الذكريات» في غاليري «آرت لاب» في منطقة الجميزة، أيا من المعارض الفنية التي سبق وشهدتها العاصمة اللبنانية. فهو يلقي تحية تكريمية لعمارة تراثية (651 المدوّر)، انهارت في أبريل (نيسان) من عام 2017، فاستحضرها 11 فناناً لبنانياً من خلال قطع جمعوها من آثارها وحولوها إلى لوحات فنية.
أحجار ناطقة بذكريات عبقت بها العمارة المذكورة لنحو مائة عام، زينت جدران هذا المعرض الذي يشبه بأغراضه متحفاً أثرياً قيماً. أمّا الفنانون من رسامين ومصورين فوتوغرافيين وموسيقيين، فقد أخذوا على عاتقهم إعادة إحياء هذا المبنى، كل على طريقته، مستوحين من أساسه تارة ومن بلاط أرضيته تارة أخرى، موضوعات للوحاتهم التي رووا فيها قصصاً مؤثرة وأخرى تبعث على الأمل.
«الفكرة جاءتني عندما رأيت العمارة تنهار أمامي بسبب أعمال هدم لم تعزز هيكلها الرئيسي»، قال عفيف ديمتري حداد، منظم المعرض وصاحب فكرة إقامته في حديث لـ«الشرق الأوسط». وأضاف: «كنت أسكن في العمارة المقابلة لمبنى المدور، وجاء ردّ فعلي عفوياً تجاهها، عندما رحت ألملم قطعاً من أحجارها من دون أن أعرف ماذا أفعل بها». فعفيف الذي كان يعيش في مدريد وفاجأه مشهد انهيار العمارة في اليوم نفسه الذي عاد فيه إلى بيروت، قرّر أن يملأ الفراغ الذي خلّفه غيابها على طريقته. «رحت أبحث عن سكان المبنى، وبعد أن تعرفت إلى غالبيتهم وإلى الذكريات التي يحملونها عنها، قرّرت أن أقيم هذا المعرض، واتصلت بعدد من الفنانين طالباً منهم إنجاز قطع فنية ترتبط ارتباطاً مباشراً بـ(651 المدور)».
لبى نويل نصر، وساشا حداد، ومارك صوايا، وليا بو حبيب، وكلارا قصيفي، وطارق مراد، إضافة إلى 5 غيرهم نداء عفيف، فساهموا جميعهم بإقامة معرض «إعادة بناء الذكريات»؛ خصوصاً أنه لاقى دعماً من جمعية «أنقذ تراث بيروت» التي لعبت دوراً في قضية إيقاف هدم العمارة لإنشاء أخرى جديدة مكانها من قبل مستثمر عقاري. فتوصلت يومها (في عام 2014)، إلى إصدار قرار من قبل محافظة بيروت، أمر بإيقاف عملية هدم المبنى غير القانوني، إلا أنّ المستثمر العقاري حصل بعد 3 سنوات على قرار من مجلس شورى الدولة ووزارة الثقافة بإكمال أعمال الهدم، مع الحفاظ على الواجهة الأساسية له لتبقى معلماً تراثياً. وبسبب إهمال الأعمال الهندسية الجارية وعدم تعزيز هيكلية الواجهة بالشكل الصحيح انهار المبنى.
«أشارك في المعرض من خلال نصب فني مركب (installation)، وهو كناية عن قطعة حجرية من أحد الأعمدة الأساسية للمبنى، وضعتها خلف ستارة من قماش أخضر يستخدم عادة في ورش البناء، مع مطرقة وإزميل، فيتسنى لكل زائر للمعرض أن يحمل قطعة منها، ويحتفظ بها كذكرى، وكأنّها جوهرة أو كنز كان في أحد الأيام يلمع على أرض بيروت». قال ناجي راجي عضو في جمعية «أنقذ تراث بيروت» وأحد المشاركين في المعرض.
أمّا كلارا قصيفي فأخذت على عاتقها جمع مقاطع مصورة داخل بيوت هذا المبنى زوّدها بها سكانها القدامى، لتشكل فيلماً وثائقياً (مدته 5 دقائق)، يشاهده زوار المعرض ليتعرفوا إلى الذكريات التي عاشها سكان المبنى في أفراحهم وأتراحهم. «لقد تأثرت كثيراً بما أخبروني به من قصص وذكريات، وكنت أشعر بصعوبة في تقطيع المشاهد المصورة وحذف بعض منها، لأنجز عملية المونتاج لفيلم قصير». قالت كلارا في سياق حديثها.
وخلال جولتنا في المعرض التقينا بواحدة من سكانه القدامى، سميرة باخوس، فقالت: «لا أستطيع وصف فرحتي عندما رأيت أوصال بنايتنا المقطعة أعيد جمعها من جديد، في معرض فني يعبق بذكرياتنا الحلوة. فكل حجر معروض فيه يعني لي الكثير، ويشعرني بالحنين لأيام خلت».
لوحات فنية مربعة بقياس واحد(50 في 50) أرادها عفيف رمزاً لبلاط أرضية المبنى، عبر فيها الفنانون المشاركون عن أفكار استلهموها من القطع التي لُملمت من ركام المبنى. فندى عاموس استعانت بالفنانة رينيه الديك لتقدم صورة فوتوغرافية معبرة تنفي مقولة «قلب من حجر»، إذ تبرز الفنانة تمد يدها لالتقاط قطعة حجر من مبنى (651 المدور) لاسترجاعه وكأنّه قطعة من قلبها.
وهنا طارق مراد، أخذ حجراً وطبع حدوده على مساحة بيضاء، ليبرز الفراغ الذي تركه غياب «651 المدور» عن شارع الجميزة. فيما عمل إيفان دبس وغابريال لطيف على رسم لوحة استوحياها من بلاط أحد مطابخ العمارة، تصور قدماً تدوس عليها ليصورا شعور سكان المبنى الذين أحسوا وكأنّه تم سحقهم، وسرقت ذكرياتهم منهم.
أمّا الرسام جاك فارتابيديان، فقد نحت أحد أحجار المبنى على شكل خريطة شارع الجميزة، منوهاً لموقع العمارة بنقطة سوداء. فيما رسمت الفنانة ليا بو حبيب انطلاقا من قطعة حجر لأرضية صالة حمام زهرية، مشهد احتكاك أقدام أحد الأشخاص بها، لإبراز الحميمية التي كانت تربط ما بين سكان المبنى المنهار وأقسام منازلهم.
ولعلّ مدخل غاليري «آرت لاب» الذي تمّ تثبيت مرآة على واجهته ليعكس مشهد المبنى المهدم مقابله (يفصل بينهما شارع غورو)، شكل لوحة فنية بحد ذاته، كونه يدفع المارة وزوار المعرض ليتذكروا تراث بيروت عندما يقفون أمامها.
شمل تكريم «عمارة 651 المدور» في معرض «إعادة بناء الذكريات» 4200 مبنى تراثي هُدمت في بيروت خلال الـ23 سنة الأخيرة، والتي كانت ترمز إلى المدينة القديمة بكل ما فيها من تفاصيل تصبّ في فن العمارة البيروتية الأصيلة، التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى غبار ينثر حكاياته بصمت، عن ذكريات افتقدتها جدرانها، بعد أن جرى اقتلاع جذورها الإنسانية برمشة عين.



الذكاء الاصطناعي يكشف عن أولى علامات سرطان الثدي

تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
TT

الذكاء الاصطناعي يكشف عن أولى علامات سرطان الثدي

تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)

أظهرت طريقة فحص جديدة تجمع بين التحليل بالليزر والذكاء الاصطناعي إمكانية التعرف على أولى علامات الإصابة بسرطان الثدي؛ ما قد يُسهم في تحديد الإصابة في مرحلة مبكرة جداً من المرض.

وتكشف التقنية غير الجراحية التي طوّرها فريقٌ من الباحثين من جامعة إدنبرة بالتعاون مع عددٍ من باحثي الجامعات الآيرلندية، عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من المرض، التي لا يمكن اكتشافها بالاختبارات الحالية، وفق الفريق البحثي.

وقال الدكتور آندي داونز، من كلية الهندسة في جامعة إدنبرة، الذي قاد الدراسة: «تحدث معظم الوفيات الناجمة عن السرطان بعد تشخيصٍ متأخرٍ بعد ظهور الأعراض، لذلك يمكن لاختبارٍ جديدٍ لأنواع متعدّدة من السرطان أن يكتشف هذه الحالات في مرحلة يُمكن علاجها بسهولة أكبر».

وأضاف في بيان، الجمعة، أن «التشخيص المبكّر هو مفتاح البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، وأخيراً لدينا التكنولوجيا المطلوبة. نحتاج فقط إلى تطبيقها على أنواع أخرى من السرطان وبناءِ قاعدة بيانات، قبل أن يمكن استخدامها بوصفها اختباراً لكثيرٍ من الأورام».

ويقول الباحثون إن طريقتهم الجديدة تُعدّ الأولى من نوعها، ويمكن أن تحسّن الكشف المبكر عن المرض ومراقبته وتمهد الطريق لاختبار فحص لأشكال أخرى من السرطان.

نتائجُ الدراسة التي نشرتها مجلة «بيوفوتونيكس» اعتمدت على توفير عيّنات الدم المستخدمة في الدراسة من قِبَل «بنك آيرلندا الشمالية للأنسجة» و«بنك برِيست كانسر ناو للأنسجة».

ويُمكن أن تشمل الاختبارات القياسية لسرطان الثدي الفحص البدني أو الأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية أو تحليل عينة من أنسجة الثدي، المعروفة باسم الخزعة.

وتعتمد استراتيجيات الكشف المبكّر الحالية على فحص الأشخاص بناءً على أعمارهم أو ما إذا كانوا في مجموعات معرّضة للخطر.

باستخدام الطريقة الجديدة، تمكّن الباحثون من اكتشاف سرطان الثدي في أقرب مرحلة ممكنة من خلال تحسين تقنية التحليل بالليزر، المعروفة باسم مطيافية «رامان»، ودمجها مع تقنيات التعلّم الآلي، وهو شكلٌ من أشكال الذكاء الاصطناعي.

وقد جُرّبت طرق مماثلة لفحص أنواع أخرى من السرطان، ولكن أقرب وقت يمكن أن يُكتشف فيه المرض كان في المرحلة الثانية، كما يقول الباحثون.

وتعمل التقنية الجديدة عن طريق تسليط شعاع الليزر أولاً على بلازما الدم المأخوذة من المرضى. ومن ثَمّ تُحلّل خصائص الضوء بعد تفاعله مع الدم باستخدام جهازٍ يُسمّى مطياف «رامان» للكشف عن تغييرات طفيفة في التركيب الكيميائي للخلايا والأنسجة، التي تُعدّ مؤشرات مبكّرة للمرض. وتُستخدم بعد ذلك خوارزمية التعلم الآلي لتفسير النتائج، وتحديد السمات المتشابهة والمساعدة في تصنيف العينات.

في الدراسة التجريبية التي شملت 12 عينة من مرضى سرطان الثدي و12 فرداً آخرين ضمن المجموعة الضابطة، كانت التقنية فعّالة بنسبة 98 في المائة في تحديد سرطان الثدي في مرحلة مبكرة جداً من مراحل الإصابة به.

ويقول الباحثون إن الاختبار يمكن أن يميّز أيضاً بين كلّ من الأنواع الفرعية الأربعة الرئيسة لسرطان الثدي بدقة تزيد على 90 في المائة، مما قد يُمكّن المرضى من تلقي علاج أكثر فاعلية وأكثر شخصية، بما يُناسب ظروف كل مريض على حدة.